عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 30 ربيع الأول 1432هـ/5-03-2011م, 02:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي موقف أبي حيان

موقف أبي حيان

بتتبع ما قاله أبو حيان في كتابه «البحر» نجد له مواقف ثلاثة بشأن إفادة (ثم) الاستبعاد والتفاوت:
الموقف الأول: لا يسلم فيه أن (ثم) تدل على الاستبعاد، ويرد على الزمخشري في هذه المواضع:
1- {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك} [2: 74].
في [الكشاف:1/76]: «معنى {ثم} استبعاد القسوة بعد ما ذكر مما يوجب تليين القلوب ورقتها».
في [البحر:1/261-262]: «هذا الاستبعاد لا يستفاد من العطف بثم وإنما يستفاد من مجيء هذه الجمل».
2- {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} [2: 199].
في [البحر:2/99]: «زعم الزمخشري أن (ثم) ليست للترتيب، وأن لها معنى سماه بالتفاوت والبعد لما بعدها مما قبلها، ولا نعلم أحد سبقه إلى إثبات هذا المعنى لثم». [الكشاف:1/124].
3- {الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم}. [2: 262].
في [الكشاف:1/160]: «معنى (ثم) إظهار التفاوت بين الإنفاق وترك المن والأذى، وأن تركهما خير من الإنفاق، كما جعل الاستقامة على الإيمان خيرا من الدخول فيه بقوله: {ثم استقاموا}».
في [البحر:2/307]: «وقد تكرر للزمخشري ادعاء هذا المعنى لثم، ولا أعلم له في ذلك سلفًا».
4- {الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} [6: 1]
في [الكشاف:2/2-3]: «معنى {ثم} استبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قدرته».
وفي [البحر:4/69]: «{ثم} لم توضع لذلك، إنما التوبيخ والاستبعاد مفهوم من سياق الكلام، لا من مدلول (ثم) ولا أعلم أحدًا من النحويين ذكر ذلك، بل (ثم) هنا للمهلة في الزمان».
5- {ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا} [71: 8-9].
في [الكشاف:4/42]: «معنى {ثم} الدلالة على تباعد الأحوال؛ لأن الجهار أغلظ من الإسرار، والجمع بين الأمرين أغلظ من إفراد أحدهما».
في [البحر:8/339]: «وكثيرًا كرر الزمخشري أن (ثم) للاستبعاد، ولا نعلمه من كلام غيره».
الموقف الثاني لأبي حيان: أنه كان ينقل كلام الزمخشري، ثم لا يتبعه بنقد أو اعتراض، فعل ذلك في هذه المواضع:
1- {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا} [16: 123]
في [الكشاف:1/348]: «دلت {ثم} على تباعد هذا النعت من بين سائر النعوت التي أثنى الله عليه بها».
نقل هذا أبو حيان من غير اعتراض. [البحر:5/547].
2- {ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعبتون} [16: 84].
[الكشاف:2/340]، [البحر:5/525-526].
3- {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنًا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} [25: 45-46]
في [الكشاف:3/99]: «{ثم} لبيان تفاضل الأمور الثلاثة، كأن الثاني أعظم من الأول، والثالث أعظم منهما، تشبها لتباعد ما بينهما في الفضل بتباعد ما بين الحوادث في الوقت» انظر [البحر:6/503].
4- {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون} [30: 25].
انظر [الكشاف:3/201-202]، [البحر:7/168].
5- {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها} [32: 22]
في [الكشاف:3/223]: «{ثم} للاستبعاد، المعنى إن الإعراض عن مثل آيات الله في وضوحها وإرشادها إلى سواء السبيل والفوز بالسعادة بعد التذكير بها مستبعد في العقل والعادة، كما تقول لصاحبك: وجدت تلك الفرصة ثم لم تنتهزها». [البحر:7/204].
6- {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة} [41: 30].
في [الكشاف:3/391]: «{ثم} لتراخي الاستقامة عن الإقرار في المرتبة وفضلها عليه، لأن الاستقامة لها الشأن كله...». [البحر:7/496].
7- {يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرًا كأن لم يسمعها} [45: 8].
في [الكشاف:3/437]: «آيات الله الواضحات الناطقة بالحق من تليت عليه وسمعها كان مستبعدا في العقول والعادة إصراره على الضلالة عندها واستكباره عن الإيمان بها». [البحر:8/44].
8- {ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد} [74: 14-15].
استبعاد واستنكار لطمعه وحرصه. [الكشاف:4/157]، [البحر:8/373].
9- {أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر} [90: 16-17]
(ثم) لتباعد الإيمان في الرتبة والفضيلة على العتق والصدقة. [الكشاف:4/214]، [البحر:8/476].
الموقف الثالث لأبي حيان: أنه أخذ كلام الزمخشري وارتضاه ولم ينسبه إليه، فعل ذلك في هذه المواضع:
1- {انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون} [5: 75]
في [الكشاف:1/356]: «معنى (ثم) بعد ما بين العجبين، يعني أنه بين لهم الآيات بيانا عجيبا وأن إعراضهم عنها أعجب منه».
وقال في [البحر:3/538]: «دخلت (ثم) لتراخي ما بين العجبين... فكونهم أفكوا عنها مع وضوحها أعجب».
2- {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} [20: 82].
كلمة التراخي دلت على تباين المنزلتين دلالتها على تباين الوقتين: منزلة الاستقامة على الخير مباينة لمنزلة الخير نفسه، لأنها أعلى منها وأفضل.
[الكشاف:2/443]، [البحر:6/266] أخذ كلام الزمخشري.
3- {لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق} [22: 33]
(ثم) للتراخي في الوقت فاستعيرت للتراخي في الأحوال. [الكشاف:3/33]، [البحر:6/368].
4- {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين} [28: 61]
(ثم) لتراخي حال الإحضار عن حال التمتيع، لا لتراخي وقته.
[الكشاف:3/175]. أخذه أبو حيان من غير أن ينسبه. [البحر:7/127].
5- {لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا} [32: 60]
في [الكشاف:3/247]: «الجلاء عن الأوطان كان أعظم عليها من جميع ما أصيبوا به، فتراخت حاله عن حال المعطوف عليه» أخذه في [البحر:7/251]، و[النهر:ص249].
6- {الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيى} [87: 12-13]
في [الكشاف:204]: «الترجح بين الموت والحياة أفظع من الصلى، فهو متراخ عنه في مراتب الشدة». نقله في البحر من غير نسبة [8/459].
كما نجد أبا حيان ينقل كلام ابن عطية في إفادة (ثم) الاستبعاد ولا يتبعه باعتراض وذلك في قوله تعالى: {قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون} [6: 64].
في [البحر:4/150]: «قال ابن عطية: عطف بثم التي تبين قبح فعلهم، أي ثم بعد معرفتكم بهذا كله وتحققه أنتم تشركون».


رد مع اقتباس