عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 30 ربيع الأول 1432هـ/5-03-2011م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي الاستبعاد

دراسة (ثُمَّ) في القرآن الكريم

الاستبعاد
من المعاني التي استعملت فيها (ثم) كثيرًا في القرآن استبعاد مضمون ما بعدها عن مضمون ما قبلها وعدم مناسبته له. وتارة يعبر عن هذا المعنى بتفاوت مرتبة ما بعدها عما قبلها.
قال الرضى في [شرح الكافية:2/341]: «وقد تجيء في الجمل خاصة لاستبعاد مضمون ما بعدها عن مضمون ما قبلها، وعدم مناسبته له... كقوله تعالى:
{خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} فالإشراك بخالق السموات والأرض مستبعد غير مناسب، وهذا المعنى فرع التراخي ومجازه، وكذا في قوله تعالى: {فلا اقتحم العقبة} ثم قال {ثم كان من الذين آمنوا} فإن الإيمان بعيد المنزلة من فك الرقبة والإطعام، بل لا نسبة بينه وبينهما. وكذا قوله: {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} فإن بين توبة العبد، وهي انقطاع العبد إليه بالكلية وبين طلب المغفرة بونا بعيدًا».

الآيات: للاستبعاد والتفاوت
1- {وأنتم تشهدون ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم} [2: 84-85]
في أبي السعود 1: 79: «خطاب خاص بالحاضرين فيه توبيخ شديد واستبعاد قوي لما ارتكبوه بعد ما كان من الميثاق والإقرار به والشهادة».
2- {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم} [3: 23]
في [أبي السعود:1/225]: «{ثم يتولى} استبعاد لتوليهم بعد علمهم بوجوب الرجوع إليه».
3- {ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرًا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون} [5: 32].
(ثم) للتراخي في الرتبة والاستبعاد. [أبو السعود:2/23].
4- {انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون} [6: 46].
«{ثم هم يصدفون} عطف على نصرف داخل في حكمه. و{ثم} لاستبعاد صدوفهم، أي إعراضهم عن تلك الآيات بعد تصديقها».
5- {وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون} [11: 113]
{ثم} لتراخي رتبة كونهم غير منصورين من جهة الله بعد ما أوعدهم بالعذاب. ويجوز أن يكون منزلا منزلة الفاء بمعنى الاستبعاد. [أبو السعود:3/48].
6- {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله} [2: 97]
نسبة المحرف إلى الله أشد شناعة من نفس التحريف. [أبو السعود:1/95].
7- {ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده} [2: 92]
{ثم} للتراخي في الرتبة، والدلالة على نهاية قبح ما صنعوا. [أبو السعود:1/102].
وفي [القرطبي:1/123]: «هذا يدل على أنهم فعلوا ذلك بعد مهلة من النظر والآيات، وذلك أعظم لجرمهم».
8- {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادًا لي من دون الله} [3: 79].
أتى بلفظ {ثم} التي هي للمهلة تعظيما لهذا القول، وإذا انتفى هذا القول بعد المهلة كان انتفاؤه بدونها أولى وأحرى. [البحر:2/504].
9- {لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} [3: 111]
{ثم} ليست للمهلة في الزمان، وإنما هي للتراخي في الإخبار. وقال الزمخشري: التراخي في المرتبة؛ لأن الإخبار بتسليط الخذلان عليهم أعظم من الإخبار بتوليهم الأدبار. [الكشاف:2/210]، [البحر:3/31].
10- {انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون} [5: 75].
في [الكشاف:1/365]: «فإن قلت: ما معنى التراخي في قوله: {ثم انظر}؟ قلت: معناه بعد ما بين العجبين، يعني أنه بين لهم الآيات بيانا عجيبا وأن إعراضهم عنها أعجب منه». [البحر:3/538].
11- {وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} [11: 3].
قال [الرضى:2/341]: «لاستبعاد مضمون ما بعدها مما قبلها، فإن بين توبة العبد، وهي انقطاع العبد إليه بالكلية وبين طلب المغفرة بونا بعيدًا».
وانظر [الكشاف:2/207]، [البحر:5/201]، [الجمل:2/374]، [القرطبي:4/31-32].
12- {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا} [16: 110]
{ثم} تدل على تباعد حال هؤلاء وهم عمار وأصحابه. [الكشاف:3/345].
13- {وإنه في الآخرة لمن الصالحين ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا} [16: 122-123]
دلت {ثم} على تباعد هذا النعت في المرتبة من بين سائر النعوت التي أثنى الله عليها بها. [الكشاف:2/348]، [البحر:5/547].
14- {ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يوذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون} [16: 84].
«يمنون بعد شهادة الأنبياء بما هو أطم منها، وهو أنهم يمنعون من الكلام، فلا يؤذن لهم في إلقاء معذرة، ولا إدلاء بحجة».
[الكشاف:2/340]، [البحر:5/525-526].
15- {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} [20: 82].
{ثم} دلت على تباين المنزلتين دلالتها على تباين الوقتين، منزلة الاستقامة على الخير مباينة لمنزلة الخير نفسه، لأنها أعلى منها وأفضل. [الكشاف:2/443]، [الرضى:2/342]، [البحر:6/266].
16- {لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق} [22: 23].
{ثم} للتراخي في الوقت، فاستعيرت للتراخي في الأحوال. [الكشاف:3/33]، [البحر:6/368].
17- {ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظامًا فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر} [23: 14].
عطف بثم للتفاوت بين الخلقين. [الجمل:3/186].
وقال [الرضى:2/341]: «نظرا إلى تمام صيرورتها علقة، وبالفاء {فخلقنا} نظرا إلى ابتداء كل طور – وبثم {ثم أنشأناه} إما نظرا إلى تمام الطور الأخير، وإما استبعادًا لمرتبة هذا الطور الذي فيه كمال الإنسان من الأطوار المتقدمة».
18- {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنًا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضًا يسيرًا} [25: 45-46].
{ثم} لباين تفاضل الأمور الثلاثة، كأن الثاني أعظم من الأول، والثالث أعظم منهما، تشبيهًا لتباعد ما بينهما في الفضل بتباعد ما بين الحوادث في الوقت. [الكشاف:3/99]، [البحر:6/503].
19- {أفمن وعداه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين} [28: 61].
{ثم} لتراخي حال الإحضار عن حال التمتيع، لا لتراخي وقته عن وقته. [الكشاف:3/175]، [البحر:7/127].
20- {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون} [30: 25].
عطف على قيام السموات والأرض بثم بيانا لعظم ما يكون من ذلك، واقتداره على مثله، وهو أن يقول: يا أهل القبور، قوموا، فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت. [الكشاف:3/201-202]، [البحر:7/168].
21- {لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا} [33: 60].
الجلاء عن الأوطان كان أعظم عليهم من جميع ما أصيبوا به فتراخت حاله عن حال المعطوف عليه. [الكشاف:3/247]، [البحر:7/251].
22- {خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها} [39: 6].
لم تخلق أنثى غير حواء من قصيرى رجل، فكانت أدخل في كونها آية، فعطفها بثم، للدلالة على مباينتها فضلاً ومزية، وتراخيها عنها فيما يرجع إلى زيادة كونها آية، فهو من التراخي في الحال والمنزلة، لا من التراخي في الوجود. [الكشاف:3/239]، [البحر:7/416]، [المغني:1/107].
23- {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة} [41: 30]
{ثم} لتراخي الاستقامة عن الإقرار في المرتبة، وفضلها عليه؛ لأن الاستقامة لها الشأن كله. [الكشاف:3/391]، [البحر:7/496].
24- {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا} [49: 15].
زوال الريب ملاك الإيمان، وعطف بثم تنبيها على مكانه. [الكشاف:4/17]، [البحر:8/117].
25- {قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر زقوم} [56: 49-52].
{ثم} للتراخي زمانا أو رتبة. [الجمل:4/271].
26- {خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه} [69: 31-32].
{ثم} للتفاوت في الأحوال، لا في الزمان. [الكشاف:4/136].
في [البحر:8/326]: «يمكن إبقاؤها على أصول موضوعها من المهلة في الزمان».
27- {فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر} [74: 19-23].
تكرير {ثم} الداخلة في الدعاء للدلالة على أن الكرة الثانية أبلغ من الأولى ونحوه: ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثمت اسلمي.
والمتوسطة للتراخي. [الكشاف:4/374]، [أبو السعود:5/209]، [البحر:8/374].
28- {الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيى} [87: 12-13].
الترجح بين الموت والحياة أفظع من الصلى، فهو متراخ عنه في مراتب الشدة. [الكشاف:4/205]، [البحر:8/459].
29- {أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر} [90: 17].
{ثم} لتباعد الإيمان في الرتبة والفضيلة عن العتق والصدقة، لا في الوقت [الكشاف:4/214]، [البحر:8/476].
30- {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم} [83: 15-16].
{ثم} لتراخي الرتبة، فإن صلى الجحيم أشد من الإهانة والحرمان من الرحمة والكرامة. [أبو السعود:5/247].
31- {إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم} [88: 25-26].
{ثم} للتراخي في الرتبة، لا في الزمان. [أبو السعود:5/260].
32- {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه} [39: 21].
{ثم} للتراخي في الرتبة، أو الزمان، وصيغة المضارع لاستحضار الصورة. [أبو السعود:4/306].
33- {ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع آمنتم به} [10: 50-51].
في [الرضى:2/342]: «وكذا تدخل همزة الإنكار على (ثم) المفيدة للاستبعاد كقوله تعالى: {ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع آمنتم به} فثم ها هنا مثلها في قوله تعالى: {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} لأن الإيمان بالشيء مستبعد من استعجاله استهزاء». وانظر [البحر:5/167]، و[المغني:1/108]، [2: 186].
34- {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} [47: 38]
{ثم} للدلالة على أن مدخولها مما يستعبده المخاطبون، لتقارب الناس في الأحوال واشتراكهم في الميل إلى المال. [الجمل:4/152].


رد مع اقتباس