عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28 ربيع الأول 1432هـ/3-03-2011م, 10:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي دراسة [أن] الثنائية في القرآن الكريم

[أن] المصدرية الناصبة للمضارع هي أكثر الأنواع وقوعا في القرآن.
جاء بعدها المضارع في مئين من الآيات، ووصلت بالفعل الماضي المتصرف في مواضع تجاوزت الأربعين، وزعم ابن طاهر أن الموصولة بالماضي غير الموصولة بالمضارع ورد عليه ابن هشام [المغني/27-28].
ووصلت بفعل الأمر في آيات قاربت الأربعين.
وزعم أبو حيان أنها لا توصل بفعل الأمر، وأن كل شيء سمع من ذلك فإن فيه تفسيرية. قال ابن هشام: واستدل بدليلين:
أحدهما: أنها إذا قدرت بالمصدر فات معنى الأمر.
الثاني: أنهما لم يقعا فاعلا، ولا مفعولا، لا يصح: أعجبني أن قم، ولا كرهت أن قم؛ كما يصح ذلك مع الماضي ومع المضارع ثم أخذ برد عليه [المغني:1/ 28–29].
وقد عرض أبو حيان لهذا في غير موضع من كتابه «البحر المحيط»:
في [البحر:1/118]: «وتوصل بالماضي المتصرف، وذكروا أنها توصل بالأمر».
وفي [البحر:1/381]: «وقد تقدم لنا الكلام مرة في وصل [أن] بفعل الأمر، وأنه نص على ذلك سيبويه، وغيره. وفي ذلك نظر لأن جميع ما ذكر من ذلك محتمل، ولا أحفظ من كلامهم: عجبت من أن اضرب زيدا، ولا يعجبني أن أضرب زيدا، فتوصل بالأمر، ولأن انسباك المصدر يحيل معنى الأمر، ويصيره مستندا إليه، وينافي ذلك الأمر» وقال في [النهر:ص381]: «لأنه إذا انسبك من ذلك مصدر فات معنى الأمر». هذا ما قاله أبو حيان في الجزء الأول من كتابه، وتتبع كلامه، واستقراء أحاديثه يوقفنا على أنه تحول عن رأيه هذا وقال بمصدرية [أن] الداخلة على فعل الأمر فقد منع أن تكون [أن] مفسرة وقال إنها مصدرية لا غير في قوله تعالى:
1- {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [34: 10-11].
في [البحر:7/263]: «[أن] مصدرية، وهي على إسقاط حرف الجر، أي ألناه لعمل سابغات. وأجاز الحوفي وغيره أن تكون مفسرة، ولا يصح، لأن من شرطها أن يتقدمها معنى القول، و{أَلَنَّا} ليس فيه معنى القول، وقدر بعضهم قبلها فعلا محذوفا، حتى تصح أن تكون مفسرة. وتقديره: وأمرناه أن اعمل، أي اعمل، ولا ضرورة تدعو إلى هذا المحذوف».
2- {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [5: 117].
في [البحر:4/61]: «وما اختاره الزمخشري، وجوزه غيره من كون [أن] مفسرة لا يصح؛ لأنها جاءت بعد [إلا] وكل ما كان بعد [إلا] المستثنى بها فلابد أن يكون له موضع من الإعراب. و[أن] التفسيرية لا موضع لها من الإعراب».
ورجح أبو حيان المصدرية على التفسيرية، وعلى المخففة في قوله تعالى:
1- {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ} [10: 2].
في [البحر:5/122]: «[أن] تفسيرية أو مصدرية مخففة من الثقيلة، وأصله: أنه أنذر الناس قالهما الزمخشري.
ويجوز أن تكون [أن] المصدرية الثنائية الوضع، لا المخففة من الثقيلة؛ لأنها توصل بالماضي، والمضارع، والأمر، فوصلت هنا بالأمر، وينسبك معها مصدر تقديره: بإنذار الناس.
وهذا الوجه أولى من التفسيرية، لأن الكوفيين لا يثبتون لأن إن تكون تفسيرية، ومن المصدرية المخففة من الثقيلة؛ لتقدير حذف اسمها، وإضمار خبرها، وهو القول، فيجتمع فيها حذف الاسم والخبر، ولأن التأصيل خبر من دعوى الحذف بالتخفيف».
2- {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} [16: 2].
في [البحر:5/437] «[أن] مصدرية، وهي التي من شأنها أن تنصب المضارع، وصلت بالأمر، كما وصلت إليه في قولهم: كتبت إليه بأن قم.. وجعلها الزمخشري المخففة من الثقيلة، وأضمر اسمها وهو ضمير الشأن، وقدر إضمار القول، حتى يكون الخبر جملة خبرية... ولا حاجة إلى هذا التكلف مع سهولة كونها الثنائية التي من شأنها نصب المضارع» انظر [الكشاف:2/321].
3- {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [22: 26].
في [البحر:6/363–364] «[أن] مخففة من الثقيلة قاله ابن عطية. والأصل أن يليها فعل تحقيق، أو ترجيح كحالها إذا كانت مشددة. أو حرف تفسير قاله الزمخشري وابن عطية. وشرطها أن يتقدمها جملة في معنى القول. والأولى عندي أن تكون [أن] الناصبة للمضارع؛ إذ يليها الفعل المتصرف من ماض، ومضارع، وأمر، والنهي كالأمر».
ورجح أبو حيان المصدرية على التفسيرية لاقترانها بالواو في قوله تعالى:
1- {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [5: 48–49].
في [البحر:3/504] «وقيل: [أن] تفسيرية، وأبعد ذلك من أجل الواو.
ولا يصح ذلك بأن تقدر قبل فعل الأمر فعلا محذوفا فيه معنى القول، أي وأمرناك أن احكم؛ لأنه يلزم من ذلك حذف الجملة المفسرة بأن وما بعدها وذلك لا يحفظ من كلام العرب».
2- {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ} [6: 71–72].
في [البحر:4/160] «وإنما قلق عند ابن عطية لأنه أراد بقاء {أَنْ أَقِيمُوا} على معناها من موضوع الأمر. وليس كذلك ؛ لأن [أن] إذا دخلت على فعل الأمر؛ وكانت المصدرية انسبك منها ومن الأمر مصدر، وإذا انسبك منهما مصدر زال منها معنى الأمر.
وقد أجاز سيبويه والنحويون أن توصل [أن] المصدرية الناصبة للمضارع بالماضي وبالأمر. قال سيبويه: وتقول كتبت إليه بأن قم، أي بالقيام».
وقال في [النهر:ص159] «[أن] مصدرية ودخلت على الأمر، فينسبك منه مصدر، ولا يلحظ فيه معنى الأمر، ويكون معطوفا على قوله [لنسلم]».
وقد جوز أبو حيان المصدرية والتفسيرية كغيره من النحاة في قوله تعالى:
1- {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ} [3: 193].
في [البحر:3/141] «[أن] مفسرة... وجوزوا أن تكون مصدرية وصلت بفعل الأمر».
2- {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [4: 66].
في [البحر:3/285] «[أن] تحتمل هنا أن تكون مفسرة وأن تكون مصدرية على ما قررنا من أن [أن] توصل بفعل الأمر».
3- {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [4: 131].
في [البحر:3/366] «[أن] تحتمل أن تكون مصدرية، أي بأن اتقوا الله، وأن تكون مفسرة».
4- {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي} [5: 111].
5- {وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ} [7: 50].
في [البحر:4/305] «تحتمل [أن] أن تكون مصدرية ومفسرة».
6- {وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} [7: 117].
في [البحر:4/363] «و [أن] تحتمل أن تكون المفسرة وأن تكون الناصبة، أي بأن ألق».
7- {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ} [9: 86].
في [البحر:5/82] « {أن آمنوا} يحتمل [أن] أن تكون تفسيرية لأن قبلها شرط ذلك، ويحتمل أن تكون مصدرية، أي بأن آمنوا، أي بالإيمان».
8- {وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا} [10: 87].
في [النهر:5/185] «يجوز أن تكون تفسيرية بمعنى أي وأن تكون مصدرية».
9- {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [14: 5].
في [البحر:5/405] «يحتمل أن تكون [أن] تفسيرية وأن تكون مصدرية».
10- {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [16: 36].
في [النهر:5/489] «و [أن] يجوز أن تكون تفسيرية بمعنى أي، وأن تكون مصدرية.
11- {وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} [16: 68].
في [البحر:5/511] «[أن] تفسيرية ؛ لأنه تقدم معنى القول، وهو أوحي، أو مصدرية، أي باتخاذ».
12- {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [16: 123].
في [البحر:5/547] «[أن] تفسيرية، أو في موضع المفعول».
13- {فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [19: 11].
في [البحر:6/176] «وقال أبو البقاء: يجوز أن تكون مصدرية وأن تكون بمعنى أي».
14- {إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ} [20: 38-39].
في [البحر:6/241]: يجوز الوجهان وهما سائغان.
15– {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي} [20: 77].
في [البحر:6/263] «يحتمل أن تكون المفسرة، وأن تكون الناصبة للمضارع».
16– {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} [23: 32].
في [البحر:6/ 403] «يجوز أن تكون مفسرة وأن تكون مصدرية».
17– {وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [26: 10].
في [البحر:7/7] «و [أن] يجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون تفسيرية».
18- { فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [26: 16-17].
في [البحر:7/8-9] «و [أن] يجوز أن تكون تفسيرية لما في رسول من معنى القول وأن تكون مصدرية ؛ كما تقول: أرسلت الحجر من يدي، وأرسلت الصقر».
19- {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} [27: 45].
في [البحر:7/82] «يجوز أن تكون مفسرة، لأن أرسلنا يتضمن معنى القول، ويجوز أن تكون مصدرية، أي بأن اعبدوا الله».
20- {وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ} [28: 7].
في [البحر:7/105] «و [أن] تفسيرية أو مصدرية».
21- {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ} [31: 12].
في [البحر:7/186] «قال الزمخشري: [أن] هي المفسرة.... وقال الزجاج: المعنى: ولقد آتينا لقمان الحكمة لأن يشكر الله، فجعلها مصدرية، لا تفسيرية.
حكى سيبويه: كتبت إليه بأن قم».
22- {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [31: 14].
في [البحر:7/187] «[أن أشكر] في موضع نصب على قول الزجاج. وقال النحاس: الأجود أن تكون تفسيرية».
23- {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ} [38: 6].
في [البحر:7/385] «ويجوز أن تكون مصدرية، أي وانطلقوا بقولهم: امشوا.
وقيل الانطلاق هنا الاندفاع في القول، و[أن] مفسرة على هذا».
24- {وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [42: 13].
في [البحر:7/512] «يحتمل أن تكون مفسرة لأن قبلها ما هو بمعنى القول. وأن تكون مصدرية، فتكون في موضع نصب على البدل.. أو في موضع رفع».
25- {وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ} [44: 17-18].
في [البحر:8/35]: «يحتمل أن تكون تفسيرية، لأنه تقدم ما يدل على معنى القول، وهو {رَسُولٌ كَرِيمٌ} وأن تكون المخففة من الثقيلة، أو الناصبة للمضارع، فإنها توصل بالأمر».
26- {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [71: 1].
في [البحر:8/ 338]: «يجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون مفسرة».
وقال الرضي في [شرح الكافية:2/217] «لأن صلة المخففة كما لا تكون أمرا ولا نهيا، ولا غيرهما مما فيه معنى الطلب إجماعا فكذا صلة المصدرية على الأصح. وأجاز سيبويه كون صلة المصدرية ذلك، على معنى أن يكون معنى أمرت أن قم، أي بأن قم، أي بالقيام».


رد مع اقتباس