الاستثناء الذي يترجح فيه الانقطاع
1- {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} [19: 62].
استثناء منقطع؛ لأن سلام الملائكة ليس من جنس اللغو، [البحر:6/202]، [القرطبي:5/4165].
وأجاز الزمخشري فيه الاتصال بقوله: «لأن معنى السلام هو الدعاء بالسلامة، ودار السلام هي دار السلامة، وأهلها عن الدعاء بالسلامة أغنياء فكان ظاهره من باب اللغو وفضول الحديث لولا ما فيه من فائدة الإكرام». [الكشاف:2/416].
2- {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} [56: 25-26].
الظاهر أنه استثناء منقطع، لأنه لم يندرج في اللغو، ولا في التأثيم، ويبعد قول من قال إنه استثناء متصل. [البحر:8/206]، [بدائع الفوائد:3/69 –70]، [البرهان:3/51]، [الإحكام للآمدي:2/438]، [الكشاف:4/8]، العكبري:2/134]، [القرطبي:7/6376]، [الجمل:4/268].
3- {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [84: 24 –25].
الاستثناء منقطع عند الزمخشري. [الكشاف:4/199]، وعند [القرطبي:8/7073].
وعند ابن القيم: قال في [البدائع:3/71]: «فهذا يبعد تقدير دخوله فيما تقدم قبله جداً، وإنما هو إخبار عن حال الفريقين، فلما بشر الكافرين بالعذاب بشر المؤمنين بالأجر غير الممنون، فهذا من باب المثاني الذي يذكر فيه الشيء وضده».
أجاز [العكبري:2/152] أن يكون منقطعا ومتصلا.
4- {فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} [4: 97 –98].
في [البحر:3/325]: «الذي يقتضيه النظر أنه استثناء منقطع، لأن قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} إلى آخره يعود الضمير في {مَأْوَاهُمْ} إليهم، وهم على أقوال المفسرين إما كفار، وإما عصاة بالتخلف عن الهجرة وهم قادرون فلم يندرج فيهم المستضعفون المستثنون، لأنهم عاجزون، فهو منقطع، وهو كذلك عند [العكبري:1/108].
ويظهر من كلام الفراء والزمخشري والقرطبي أنه متصل لأنهم جعلوه مستثنى من ضمير {مَأْوَاهُمْ}. [معاني القرآن:1/284]، [الكشاف:1/293]، [القرطبي:3/1916].
5- {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [4: 157].
استثناء منقطع عند سيبويه [كتابه:1/365]، [الكشاف:1/312]، [ابن يعيش:2/80]، و[الرضي:1/210]، [البرهان:1/285]، [العكبري:1/113]، [القرطبي:3/2005 –2006]، [بدائع الفوائد:3/66].
وقال ابن عطية: هو استثناء متصل، إذ الظن والعلم يضمهما أنهما من معتقدات اليقين، وقد يقول الظان على طريق التجوز: علمي في هذا الأمر أنه كذا، وهو يعني ظنه.
ورد عليه أبو حيان في [البحر:3/391]: «وليس كما ذكر، لأن الظن ليس من معتقدات اليقين، لأنه ترجيح أحد الجائزين، وما كان ترجيحاً فهو ينافي اليقين.. وعلى تقدير أن الظن والعلم يضمهما ما ذكر، فلا يكون أيضا استثناء متصلا، لأنه لم يستثن الظن من العلم، فليست التلاوة، ما لهم به من علم إلا الظن: وإنما التلاوة إلا اتباع الظن، والاتباع للظن لا يضمه والعلم جنس ما ذكر».
6- {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [6: 145].
في [البحر:4/241]: «استثناء منقطع، لأنه كون، وما قبله عين».
وفي [العكبري:1/147]: «استثناء من الجنس، وموضعه نصب، أي لا أجد محرما إلا الميتة».
7- {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [22: 40].
استثناء منقطع عند [سيبويه:1/366]، [العكبري:2/76]، [البرهان:4/237].
وأجاز فيه الفراء الانقطاع وأن يكون مردودا على الباء في {بِغَيْرِ حَقٍّ} [معاني القرآن:2/227]، وتبعه الزجاج و[القرطبي:5/4461]، وجعله الزمخشري بدلا من [حَقٍّ] [الكشاف:3/34]، وضعف أبو حيان البدلية من [غَيْرِ] ومن [حَقٍّ] [البحر:6/374].
8- {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [26: 88 –89].
في [القرطبي:6/4830]: «هو استثناء من الكافرين، أي لا ينفعه ماله ولا بنوه.
وقيل: هو استثناء من غير الجنس، أي لكن من أتى الله بقلب سليم ينفعه لسلامة قلبه».
الاتصال يظهر إذا قدرنا المستثنى منه محذوفا تقديره: أحدا، والانقطاع على أنه بدل من فاعل {يَنْفَعُ}. انظر [الكشاف:3/118]، [العكبري:2/88].
[البحر:7/26-27]، [الجمل:3/284]. وجعله بعضهم استثناء مفرغا، فمن مفعول.
9- {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [27: 65].
يظهر من كلام الفراء أنه استثناء متصل. قال في [معاني القرآن:2/298]: «رفعت ما بعد [إلا]، لأن في الذي قبلها جحدا، وهو مرفوع، ولو نصبت كان صوابا. وفي إحدى القراءتين: {مَا فعَلوهُ إلا قلِيلاً مِنهُم} [4: 66] بالنصب، وفي قراءتنا بالرفع. وكل صواب..».
والاستثناء متصل عند ابن مالك على وجهين:
(أ) تعليق {فِي السَّمَاوَاتِ} بفعل كون خاص، أي يذكر.
(ب) صحة الجمع بين الحقيقة والمجاز. وجعل ابن القيم الاستثناء متصلا بإرادة العموم في {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} كأنه قال: لا يعلم أحد. [البدائع:3/62 –64].
والاستثناء منقطع عند الزمخشري، جاء على لغة تميم في إبدال المستثنى من المستثنى منه. [الكشاف:3/149].
وفي [البحر:7/91] " استثناء منقطع؛ لعدم اندراجه في مدلول لفظ [من] وجاء مرفوعا على لغة تميم.. ولا يقال: إنه مندرج في مدلول [من] فيكون في السموات والأرض ظرفا حقيقيا للمخلوقين، ومجازيا بالنسبة إلى الله تعالى، أي هو فيهما بعلمه؛ لأن في ذلك جمعا بين الحقيقة والمجاز، وأكثر العلماء ينكر ذلك، وإنكاره هو الصحيح. ومن أجاز ذلك فيصح عندي أن يكون استثناء متصلا، وارتفع على البدل أو الصفة..».
وانظر [المغني:2/83]، [البرهان:1/285 –286]، [العكبري:2/91]، [القرطبي:6/4942].
10- {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ} [44: 56].
استثناء منقطع، أي لكن الموتة الأولى ذاقوها في الدنيا، وذلك تنبيه على ما أنعم الله به عليهم من الخلود السرمدي. [البحر:8/40].
وقال الزمخشري: «كيف استثنيت الموتة الأولى المذوقة قبل دخول الجنة من الموت المنفي؟
قلت: أريد أن يقال: لا يذوقون فيها الموت البتة فوضع قوله: {إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ} موضع ذلك، لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل».
[الكشاف:3/435].
وفي [العكبري:2/121]: «قيل: الاستثناء منقطع، أي ماتوا الموتة.
وقيل: هو متصل؛ لأن المؤمن عند موته في الدنيا بمنزلته في الجنة، لمعاينته ما يعطاه منها، أو ما يتيقنه من نعيمها. وقيل: [إلا] بمعنى بعد؛ وقيل بمعنى سوى».
انظر [البحر:8/40]، [بدائع الفوائد:3/70]، [البرهان:3/48]، [تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة:ص55]، [القرطبي:7/5974 –5975].
11- {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [4: 148].
الاستثناء متصل على تقدير حذف مضاف، أي إلا جهر من ظلم.
وقال ابن جني في [المحتسب:1/203]: «ظلم، وظلم جميعا على الاستثناء المنقطع، أي لكن من ظلم فإن الله لا يخفى عليه أمره، ودل على ذلك قوله: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}.
وقيل، الاستثناء مفرغ، و[من] فاعل للمصدر، وهو الجهر.
[البحر:3/382 –383]، [معاني القرآن:1/293،ص89]، [الكشاف:1/308]، [القرطبي:3/1997]، [العكبري:1/112]، [بدائع الفوائد:3/72-73]، [الإنصاف:ص173–174]، [شرح الكافية للرضي:2/182 –183].
12- {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ * وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [9: 1-4].
في [القرطبي:4/2910]: « {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}: في موضع نصب بالاستثناء المتصل. المعنى: إن الله بريء من المشركين إلا من المعاهدين في مدة عهدهم.
وقيل: الاستثناء منقطع؛ أي إن الله بريء من المشركين، ولكن الذين عاهدتم فثبتوا على العهد فأتموا إليهم عهدهم ». وانظر [العكبري:2/6].
وفي [البحر:5/8]: «قال قوم: هذا استثناء منقطع، التقدير: لكن الذين عاهدتم فثبتوا على العهد، فأتموا إليهم عهدهم.
وقال قوم منهم الزجاج: هو استثناء متصل من قوله: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
وقال الزمخشري: وجهه أن يكون مستثنى من قوله: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ}.
والأظهر: أن يكون منقطعا، لطول الفصل بجمل كثيرة بين ما يمكن أن يكون مستثنى منه وبينه». انظر [الكشاف:2/139]، [معاني القرآن:1/421]، [أبو السعود:2/253]، [الجمل:2/262].
13- {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ}. [10: 98].
الاستثناء منقطع عند [سيبويه:1/366]، وجعله الفراء منقطعا في [معاني القرآن:1/479]، وجعله صالحا للاتصال وللانقطاع في [معاني القرآن:1/167].
وفي [البحر:5/192]: «منصوب على الاستثناء المنقطع، وهو قول سيبويه، والكسائي، والفراء، والأخفش؛ إذ ليسوا مندرجين تحت لفظ [قَرْيَةٌ].
وقال الزمخشري: يجوز أن يكون متصلا، والجملة في معنى النفي، كأنه قيل: ما آمنت قرية من القرى الهالكة إلا قوم يونس.
وقال ابن عطية: هو بحسب اللفظ استثناء منقطع، وكذلك رسمه النحويون، وهو بحسب المعنى متصل؛ لأن تقديره: ما آمن من أهل قرية إلا قوم يونس».
وفي [العكبري:2/18]: " منقطع. وقيل: متصل».
انظر [الكشاف:2/203 –204]، [البرهان:4/237]، [شرح الكافية للرضي:1/210، 213، 227]، [الدماميني:1/158]، [الخازن:1/316]، [أبو السعود:2/349]، [الجمل:2/368]، [البيان:1/420].
14- {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} [11: 116].
استثناء منقطع عند [سيبويه:1/366]، والفراء [معاني القرآن:2/30].
وانظر [معاني القرآن:1/167]، وعند المبرد [المقتضب:4/416].
وفي [البحر:5/271 –272]: «استثناء منقطع، أي لكن قليلا ممن أنجينا نهوا عن الفساد، وهم قليل بالإضافة إلى جماعتهم.
ولا يصح أن يكون استثناء متصلا مع بقاء التحضيض على ظاهره؛ لفساد المعنى، وصيرورته إلى أن الناجين لم يحرضوا على النهي عن الفساد.
والكلام عند سيبويه بالتحضيض واجب، وغيره يراه منفيا من حيث إن معناه أنه لم يكن فيهم أولو بقية.
وقرأ زيد بن علي {إِلَّا قَلِيلٌ} بالرفع، لحظ أن التحضيض تضمن النفي، فأبدل، كما يبدل في صريح النفي.. وأبي الأخفش كونه استثناء منقطعا». انظر [شرح الكافية للرضي:1/210، 213، 227]، [البرهان:4/339]، [الكشاف:2/238]، [الخازن:2/375].
15- {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [25: 68-70].
في [العكبري:2/86]: «استثناء من الجنس، في موضع نصب».
وفي [البحر:6/515]: «ولا يظهر، لأن المستثنى منه محكوم عليه بأنه يضاعف له العذاب، فيصير التقدير: إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فلا يضاعف له العذاب، ولا يلزم من انتفاء التضعيف انتفاء العذاب غير المضعف.
فالأولى عندي: أن يكون استثناء منقطعا، أي لكن من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات، وإذا كان كذلك فلا يلقى عذابا البتة».
[الجمل:3/269].
16- {يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ * إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [27: 10 –11].
يبدو لي أن الفراء جعل الاستثناء متصلا في الآية على أحد توجيهين:
(أ) من خلط عملا صالحا وآخر سيئا فهو يخاف ويرجو.
(ب) المستثنى منه محذوف تقديره: إنما الخوف على غيرهم.
ثم عرض الفراء لرأي بعض النحويين، وهو أن [إلا] بمعنى الواو وضعف هذا الرأي بقوله: «ولم أجد العربية تحتمل ما قالوا، لأني لا أجيز: قام الناس إلا عبد الله، وهو قائم، إنما الاستثناء أن يخرج الاسم الذي بعد [إلا] من معنى الأسماء قبل [إلا]. وقد أراه جائزا أن تقول: عليك ألف سوى ألف آخر، فإن وضعت [إلا] في هذا الموضع صلحت، وكانت [إلا] في تأويل ما قالوا. فأما مجردة قد استثنى قليلها من كثيرها فلا». [معاني القرآن:2/287].
نسب أبو حيان إلى الفراء القول بالاستثناء المنقطع. [البحر:7/57].
وقال القرطبي: « وفي الآية قول آخر: وهو أن يكون الاستثناء متصلا، والمعنى إلا من ظلم من المرسلين بإتيان الصغائر التي لا يسلم منها أحد..».
وقد يكون هذا شرحا لكلام الفراء.
النحاس ضعف أن يكون الاستثناء من محذوف قال: ولو جاز هذا لجاز أني لأضرب القوم إلا زيدا بمعنى إني لا أضرب القوم وإنما أضرب غيرهم إلا زيدا.
وهذا ضد البيان، والمجيء بما لا يعرف معناه، كما ضعف النحاس القول بأن [إلا] بمعنى الواو. [القرطبي:6/4877]، وكذلك ضعف ابن قتيبة في [تأويل مشكل القرآن:ص169-170] الاستثناء من محذوف، كما ضعف أبو حيان وابن القيم القول بمجيء [إلا] بمعنى الواو. [البحر:7/57]، [البدائع:3/70-71].
والاستثناء منقطع عند الزمخشري. [الكشاف:3/134-135]، و[العكبري:2/90]، وانظر [البرهان:4/338]، [الهمع:1/230]، [الدماميني:1/158]، [الخازن:3/42]، [أبو السعود:4/124]، [الجمل:3/201].
17- {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ} [88: 22-24].
الاستثناء منقطع عند الزمخشري قال: «استثناء منقطع، أي لست بمسئول عنهم، ولكن من تولى وكفر فإن لله الولاية والقهر فهو يعذبه».
[الكشاف:4/207]، وكذلك قال [الخازن:4/401]، و[أبو السعود:5/260]، و[البرهان:4/236]، و[القرطبي:6/7127].
والمستثنى جملة من مبتدأ وخبر عند ابن خروف.
[المغني:2/71]، [بدائع الفوائد:3/65].
وفي [البحر:8/465]: «قيل: الاستثناء متصل، أي فأنت مسيطر عليه.
وقيل: متصل من [فَذَكِّرْ] أي فذكر إلا من انقطع طمعك من إيمانه وتولى فاستحق العذاب الأكبر. وما بينهما اعتراض.
وقيل: منقطع، وهي آية موادعة نسخت بأية السيف».
18- {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [72: 26–27].
في [العكبري:2/143]: «استثناء من الجنس. وقيل: هو مبتدأ، والخبر {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ}.
وفي [البرهان:4/237]: «دخول الفاء في [فَإِنَّهُ] دليل انقطاعه، ولو كان متصلا لتم الكلام عند قوله [رَسُولٍ]». [البحر:8/355]، [أبو السعود:5/202-203]، [الجمل:4/417].
[دراسات عضيمة: ق1، ج1،ص340]