عمل ما قبل (إلا) فيما بعدها
جمهور النحويين على أن ما قبل (إلا) يعمل فيما بعدها إذا كان ما بعدها واحدا من ثلاثة: مستثنى، ومستثنى منه، تابعا للمستثنى منه.
في [التسهيل:ص105]: «لا يعمل ما بعد (إلا) فيما قبلها مطلقا، ولا ما قبلها فيما بعدها إلا أن يكون مستثنى، أو مستثنى منه، أو تابعا له، وما ظن من غير الثلاثة معمولا لما قبلها قدر له عامل، خلاف للكسائي في منصوب ومخفوض، وله ولابن الأنباري في مرفوع». وانظر [شرح الكافية للرضي:1/66].
ومما يتصل بهذا قول النحويين: لا يستثنى بأداة واحدة دون عطف شيئان.
في [التسهيل:ص103] «لا يستثنى بأداة واحدة دون عطف شيئان، وموهم ذلك بدل ومعمول عامل مضمر، لابد لأن خلافا للقوم». وانظر [شرح الرضي للكافية:1/220]، و[الهمع:1/226]، و[المغني:2/54-55].
الزمخشري ممن يجيز أن يعمل ما قبل (إلا) فيما بعدها ولو كان غير واحد من الثلاثة المذكورة.
أجاز في قوله تعالى: {لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [2: 275].
أن يتعلق قوله: {مِنَ الْمَسِّ} بقوله: {يَقُومُ} [الكشاف:1/165].
وأجاز في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} [16: 43-44].
أن يتعلق قوله تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ} بقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا}، [الكشاف:2/330].
وأجاز في قوله تعالى: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [33: 53]. أن يكون {غَيْرَ} حالا من ضمير {تَدْخُلُوا} [الكشاف:3/244].
وأجاز العكبري أيضًا أن يعمل ما قبل (إلا) فيما بعدها في غير الثلاثة وذلك في الفضلات.
وأجاز في قوله تعالى: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [11: 27]. أن يكون {بَادِيَ} متعلقا بـ {نَرَاكَ} قال في [كتاب:2/20]: «فإن قيل ما قبل (إلا)» إذا تم لا يعمل فيما بعدها؛ كقولك: ما أعطيت أحدا إلا زيدا دينارا؛ لأن (إلا) تعدى الفعل، ولا تعديه إلا إلى واحد؛ كالواو في باب المفعول معه، قيل: جاز ذلك هنا لأن {بَادِيَ} ظرف أو كالظرف؛ مثال جهد رأيي أنك ذاهب، أي في جهد رأيي، والظروف يتسع فيها».
وأجاز في قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [2: 213].
أن يتعلق {مِنْ بَعْدِ} بالفعل {اخْتَلَفَ} قال: [1/51] «(من) تتعلق باختلف، ولا يمنع (إلا) من ذلك، كما تقول، ما قام إلا زيد يوم الجمعة».
وأجاز في قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [3: 19]. أن يكون {بَغْيًا} وهو مفعول لأجله عامله {اخْتَلَفَ} [كتابه:1/73].
[دراسات عضيمة: ق1، ج1،ص321]