استثناء النصف فأكثر
1- لا يمتنع استثناء النصف، خلافا لبعض البصرية، [شرح الرضي للكافية:1/220].
2- لا يمتنع استثناء الأكثر؛ نحو: له علي عشرة إلا سبعة أو ثمانية؛ وفاقا للكوفيين، [شرح الرضي للكافية:1/220].
وفي [«الإحكام» للآمدي:2/433]: «وإنما اختلفوا في استثناء النصف، والأكثر: فذهب أصحابنا وأكثر الفقهاء، والمتكلمين إلى صحة استثناء الأكثر، حتى إنه لو قال: له علي عشرة إلا تسعة لم يلزمه سوى درهم واحد.
وذهب القاضي أبو بكر في آخر أقواله، والحنابلة، وابن درستويه النحوي إلى المنع من ذلك».
وفي [المستصفى للغزالي:2/173] «والأولى عندنا أن هذا استثناء صحيح، وإن كان مستكرها، فإذا قال: له علي عشرة إلا تسعة فلا يلزمه باتفاق الفقهاء إلا درهم».
في [الهمع:1/228]: «واختلفوا في غير المستغرق، فأكثر النحويين أنه لا يجوز كون المستثنى قدر المستثنى منه، أو أكثر منه، بل يكون أقل من النصف، وهو مذهب البصريين، واختاره ابن عصفور والأبدي، وأكثر الكوفيين أجازوا ذلك، وهو مذهب أبي عبيد، والسيرافي، واختاره ابن خروف والشلوبين وابن مالك، ويدل لجواز الأكثر قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [15: 42].
والغاوين أكثر من الراشدين، {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [2: 130].
وحديث مسلم: «كلكم جائع إلا من أطعمته» والمطعمون أكثر قطعا.
ولجواز النصف في قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ} [73: 2-3].
قال أبو حيان: وجميع ما استدل به محتمل التأويل والمستقرأ من كلام العرب إنما هو استثناء الأقل».
3- إذا كان المستثنى أكثر من المستثنى منه أو مساويا بطل الاستثناء قولا واحدا. [الرضي:1/223].
وقال الآمدي في [«الإحكام»:2/433]: «اتفقوا على امتناع الاستثناء المستغرق؛ نحو: له علي عشرة إلا عشرة» وانظر [المستصفى:2/170]، و[الهمع:1/228].
نقل ابن مالك عن الفراء جواز: له علي ألف إلا ألفين. [الهمع:1/228]
في [التسهيل:103] «ولا يمتنع استثناء النصف، خلافا لبعض البصريين، ولا استثناء الأكثر، وفاقا للكوفيين».
[دراسات عضيمة: ق1، ج1،ص309]
الآيات
1- {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [15: 42].
في [القرطبي:4/3645] «وهذه الآية والتي قبلها دليل على جواز استثناء القليل من الكثير، والكثير من القليل؛ مثل أن يقول: عشرة إلا درهما، أو يقول: عشرة إلا تسعة، وقال أحمد بن حنبل: لا يجوز أن يستثنى إلا قدر النصف فما دونه، وأما استثناء الأكثر من الجملة فلا يصح، ودليلنا هذه الآية، فإن فيها استثناء الغاوين من العباد، والعباد من الغاوين، وذلك يدل على أن استثناء الأقل من الجملة، واستثناء الأكثر من الجملة جائز».
وفي [البحر:5/454]: «الإضافة في قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي} إضافة تشريف، أي إن المختصين بعبادتي، وعلى هذا لا يكون قوله: {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ} استثناء متصلا؛ لأن من تبعه لم يندرج في قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي}.
وإن كان أريد بعبادي عموم الخلق فيكون {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ} استثناء من عموم، ويكون فيه دلالة على استثناء الأكثر، وبقاء المستثنى منه أقل، وهي مسألة اختلف فيها النحاة: فأجاز ذلك الكوفيون وتبعهم من أصحابنا الأستاذ أبو الحسن بن خروف».
والذي يظهر أن إبليس لما استثنى من العباد المخلصين كانت الصفة ملحوظة في قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي} أي عبادي المخلصين الذين ذكرتهم ليس لك عليهم سلطان».
وفي [المغني:2/153]: «الصواب أن المراد بالعباد المخلصون، لا عموم المملوكين وأن الاستثناء منقطع بدليل سقوطه في آية [سُبْحَانَ]: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا} [17: 65].
وفي [«الإحكام» للآمدي:2/435]: «وإنما نمنع من استثناء الأكثر إذا كان عدد المستثنى والمستثنى منه مصرحا؛ كما إذا قال: له علي مائة إلا تسعة وتسعين درهما، وأما إذا لم يكن العدد مصرحا، كما إذا قال: خذ ما في الكيس من الدراهم سوى الزيوف منها فإنه يصح، وإن كان الزيوف في نفس الأمر أكثر في العدد، وكما إذا قال: جاءني بنو تميم سوى الأوباش منهم فإنه يصح من غير استقباح، وإن كان عدد الأوباش منهم أكثر». وانظر [بدائع الفوائد:3/67]، [العكبري:2/39].
2- {وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [15: 39-40]. في [البحر:5/454]: «استثناء القليل منه الكثير، إذا المخلصون بالنسبة للغاوين قليل».
3- {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [17: 62]. في [البحر:6/58]: «استثنى القليل، لأنه علم أنه يكون في ذرية آدم من لا يتسلط عليه، كما قال: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}».
4- {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [2: 130]. يدل على جواز استثناء الأكثر، [الهمع:1/228].
5- {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} [73: 2-4].
في [الإحكام للآمدي:2/436]: «وأما قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} فلا دلالة فيه على جواز استثناء النصف، إذ النصف غير مستثنى، وإنما هو ظرف للقيام به، وتقديره؛ قم الليل نصفه إلا قليلا».
ومثله في [المستصفى للغزالي:2/173]، و[تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة:ص283]، وفي [الكشاف:4/152]: «{نِصْفَهُ} بدل من الليل و {إِلَّا قَلِيلًا} استثناء من النصف، كأنه قال: قم أقل من نصف الليل». انظر [القرطبي:8/6826-6827]، [البحر:8/360-362].
[دراسات عضيمة: ق1، ج1،ص311]