عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 22 ربيع الأول 1432هـ/25-02-2011م, 02:17 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

إفادة (إذ) التعليل
الشواهد كثيرة على إفادة (إذ) للتعليل، والرضى يرجح أن (إذ) الدالة على التعليل حرف، ولكن أرى بقاء (إذ) على ظرفيتها مع إفادتها للتعليل لما يأتي:
1- (حيث) من الظروف التي تفيد التعليل، ولو جعلنا (إذ) الدالة على التعليل حرفًا مصدريًا يسبك مع ما بعده بمصدر للزمنا أن نقول بذلك في (حيث). قال الزمخشري في [الكشاف:3/449]: «حيث وإذ غلبتا دون سائر الظروف في إفادة التعليل».
2- (إذ) مفيدة للتعليل في قوله تعالى: {أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [3: 80]، كما ذكره السهيلي وغيره. ولو وضعت (أن) المصدرية هنا مكان (إذ) ما صح ذلك، لأن (أن) المصدرية لا تقعد بعدها الجملة الاسمية، إلا إذا كانت المخففة من (أن).
ويعضد ما قلناه أن أبا الفتح أعرب (إذ) بدلاً م اليوم في قوله تعالى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ} ثم صرح بإفادة (إذ) للتعليل. [الخصائص:2/173].
في [«شرح الكافية» للرضي:2/108]: «تجيء (إذ) للتعليل، نحو: جئتك إذ أنت كريم، أي لأنك، والأولى حرفيتها».
وقال في [2/101]: «(إذ) للمستقبل كإذا، كما في قوله تعالى: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ} [46: 11]، على أنه يمكن أن يؤول بالتعليلية».
وفي [مغني اللبيب:1/75]: «الثالث: أن تكون للتعليل: نحو {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [43: 39] أي ولن ينفعكم اليوم اشتراككم في العذاب لأجل ظلمكم في الدنيا. وهل هذه حرف بمنزلة لام العلة، أو ظرف والتعليل مستفاد من قوة الكلام، لا من اللفظ».
وفي [الروض الأنف:1/286]: «(إذ) بمعنى (أن) المفتوحة، كذا قال سيبويه في سواد الكتاب، ويشهد له قوله سبحانه: {بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، وعليه يحمل قوله سبحانه: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ}، وغفل الفسوي [الفارسي] عما في كتاب سيبويه من هذا».
وانظر [الخصائص:2/172، 3/222-224]، و[البرهان:4/208] و[الهمع:1/205]، و[الإتقان:1/147].

آيات (إذ) للتعليل
1- {فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّه} [46: 26].
في [الكشاف:3/449]: «فإن قلت: لم جرى مجرى التعليل؟
قلت: لاستواء مؤدي التعليل والظرف في قولك: ضربته لإساءته، وضربته إذ أساء، لأنك إذا ضربته في وقت إساءته فإنما ضربته فيه لوجود إساءته فيه، إلا أن (إذ) و(حيث) غلبتا دون سائر الظروف في ذلك».
وفي [البحر:8/65]: «ويظهر فيها معنى التعليل لو قلت: أكرمت زيدا لإحسانه إلي، وإذ أحسن إلي» استويا في الوقت وفهم من (إذ) ما فهم من لام التعليل، وأن إكرامك إياه في وقت إحسانه إليك إنما كان لوجود إحسانه لك فيه.
2- {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [6: 91].
في [البحر:4/117]: «في كلام ابن عطية ما يشعر بأن (إذ) للتعليل».
3- {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ}. [18: 16]. [المغني:1/76].
4- {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} [46: 11].
[شرح الكافية للرضي:2/101، والمغني:1/76].
5- {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [3: 164].
(إذ) تعليلة، أو ظرفية. [الجمل:1/332].
6- {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ * إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ} [20: 37-38].
(إذ) للتعليل. [تفسير الجلالين].
7- {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي * إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ} [20: 39-40].
جعل أبو الفتح (إذ) مفيدة للتعليل. قال في [الخصائص:2/173]: «ألا ترى أن عدم انتفاعهم بمشاركة أمثالهم لهم في العذاب إنما سببه وعلته ظلمهم، فإذا كان كذلك كان احتياج الجملة إلى (إذ) نحوًا من احتياجها إلى المفعول له، نحو قولك: قصدتك رغبة في برك، وأتيتك طمعًا في صلتك».
ثم أعرب (إذ) بدلا من اليوم وعلل لاختلاف الزمنين بقوله: لما كانت الدار الآخرة تلي الدار الدنيا لا فاصل بينهما صار ما يقع في الآخرة كأنه واقع في الدنيا.
ومنع أن يكون (إذ) منصوبًا باذكروا مقداراً لأمرين:
1- الفصل بين الفعل والفاعل بالأجنبي.
2- ضياع معنى التعليل الذي تفيده (إذ).
وقال في [الجزء الثالث:ص224]: «يجوز أن ينتصب (اليوم) بما دل عليه (مشتركون)...».
وانظر [الكشاف:3/420]، [العكبري:2/119]، [البحر:8/17]، [المغني:1/75-76]، [الروض الأنف:1/286].


[دراسات عضيمة: ق1، ج1،ص149]


رد مع اقتباس