عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 22 ربيع الأول 1432هـ/25-02-2011م, 02:16 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

مطلب في استعمال (إذ) مكان (إذا) وبالعكس

وقوله: {إذ يخرجك قومك} استعمل فيه (إذ) موافقة لإذا في إفادة الاستقبال. وهو استعمال صحيح غفل عن التنبيه إليه أكثر النحويين. ومنه قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ} [19: 39].
وقوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [40: 18].
وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} [40: 70-71] في [شرح الكافية للرضي:2/101]: «(إذ) تكون للمستقبل كإذا كما في قوله تعالى: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ} [4: 11] على أنه يمكن أن يؤول بالتعليلية، وكما في قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} [40: 70-71].
ويمكن أن يكون من باب {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [7: 44]».
وفي [المغني:1/75]: «الوجه الثاني: أن يكون اسمًا للزمن المستقبل، نحو: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [99: 4].
والجمهور لا يثبتون هذا القسم، ويجعلون الآية من باب {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [18: 99]، أي من تنزيل المستقبل الواجب الوقوع منزلة ما قد وقع. وقد يحتج لغيرهم بقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} [40: 70-71] فإن {يَعْلَمُونَ} مستقبل لفظًا ومعنى، لدخول حرف التنفيس عليه، وقد عمل في (إذ) فيلزم أن يكون بمنزلة (إذا). في [لسان العرب:15/463]: «غير أن (إذ) توقع موقع (إذا)، و(إذا) موقع (إذ). قال الليث في قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} [6: 93]: «معناه: إذا الظالمون، لأن هذا الأمر منتظر لم يقع». في «سيرة ابن هشام»: قال أبو الحسن بن جحش في الهجرة إلى المدينة المنورة:
نمت بأرحام إليهم قريبة = ولا قرب بالأرحام إذ لا تقرب

قال ابن هشام: يريد بقوله: (إذ): (إذا)، كقوله عز وجل: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [34: 31] وقال أبو النجم العجلي:
ثم جزاه الله عنا إذ جزى = جنات عدن في العلالي والعلا
وقال السهيلي في [الروض الأنف:1/286]: «الوجه الثاني: أن (إذ) بمعنى (إذا) غير معروف في الكلام، ولا حكاه ثبت، وما استشهد به من قول أبي النجم ليس على ما ظن، إنما معناه: ثم جزاه ربي أن جزى، أي من أجل أن نفعني وجزى عني. و(إذ) بمعنى (أن) المفتوحة، كذا قال سيبويه في سواد الكتاب». انظر [نتائج الفكر:93].
النصوص السابقة التي أوردناها وفيها السابق على السهيلي والمتأخر عنه تشهد بأن (إذ) بمعنى (إذا) هو رأي جماعة كثيرة، وما الذي يمنع أن تقوم الأدوات بعضها مقام بعض، تجيء (إذ) بمعنى (إذا) كما تجيء (إذا) بمعنى (إذ)
جاءت (إذ) بمعنى (إذا) في هذه الآيات:
1- {ِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ} [5: 110].
2- {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [5: 116].
(إذ) بمعنى (إذا). [أمالي الشجري:1/45]، و[فقه اللغة:ص534]، [الإشارة إلى الإيجاز:ص26] وفي [القرطبي:3/372]: «وعلى هذا تكون (إذ) بمعنى (إذا)، كقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ} [34: 51] أي إذا فزعوا وقال أبو النجم:
ثم جزاه الله عني إذ جزى = جنات عدن في السموات العلا
يعني: إذا جزى... فعبر عن المستقبل بلفظ الماضي، لأنه لتحقق أمره، وظهور برهانه كأنه قد وقع. وفي التنزيل: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} [7: 50] ومثله كثير»، وفي [البحر:4/58]: «وقال ابن عباس وقتادة والجمهور هنا: القول من الله إنما هو يوم القيامة، فيقع التجوز في استعمال (إذ) بمعنى (إذا) والماضي بعده بمعنى المستقبل».
3- {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ الْأَرْضُ} [4: 42]. في [العكبري:1/102]: «(إذ) ظرف زمان للماضي، وقد استعملت هاهنا للمستقبل، وهو كثير في القرآن».
4- {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ} [19: 39]. في [البحر:6/191]: «وعن ابن جريج أيضًا: إذا فرغ من الحساب، وأدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار».
وفي [«شواهد التوضيح والتصحيح» لابن مالك:ص9]: (إذ) بمعنى (إذا).
5- {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ} [40: 18].
(إذ) بمعنى (إذا) [شواهد التوضيح:ص9].
6- {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِل} [40: 70-71].
في [الكشاف:3/378]: «الأمور المستقبلة لما كانت في إخبار الله تعالى متيقنة مقطوعًا بها عبر عنها بلفظ ما كان ووجد، والمعنى على الاستقبال».
وفي [العكبري:2/115]: «(إذ) ظرف زمان ماض، والمراد بها الاستقبال هنا لقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}».
وفي [البحر:/474]: «(إذ) يقع موقع (إذا) وأن موقعها على سبيل المجاز فيكون (إذ) ها هنا بمعنى (إذا)، وحسن ذلك تيقن وقوع الأمر، وأخرج في صيغة الماضي، وإن كان المعنى على الاستقبال».
وانظر [شرح الرضي للكافية:2/101]، و[المغني:1/75]، و[رأي السمين في الجمل:4/23].
7- {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا} [99: 4-5].
(إذ) بمعنى (إذا) [المغني:1/75].


[دراسات عضيمة: ق1، ج1،ص144]


رد مع اقتباس