11. الشافية، الشفاء.
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (11. الشافية، الشفاء.
أمّا اسم الشافية فذكره: الزمخشري والبيضاوي وابن جزيء الكلبي وأبو حيان الأندلسي، وابن كثير وابن حجر والعيني وغيرهم.
وأمّا اسم الشفاء فذكره: الثعلبي والرازي والقرطبي وأبو حيان وغيرهم.
وهو من ألقاب سورة الفاتحة، ولا ريب أنّ القرآن كلّه شفاء، وأنّ سورة الفاتحة التي هي أعظم سوره أولى بهذا الوصف وأكثر نصيباً منه.
وقد ذكر بعض المفسّرين أن هذا الاسمَ مأخوذٌ من الأحاديث المروية في وصف الفاتحة بأنها شفاء؛ كمرسل عبد الملك بن عمير: «في فاتحة الكتاب شفاء من كل داء» رواه الدارمي والبيهقي، ونحوه من الأحاديث التي تقدّم ذكرها، وبيان ضعفها من جهة الإسناد.
وقد صحّ في الأحاديث الصحيحة أنها رقية نافعة، وقد شفى الله بها من شاء من خلقه.
لكن إذا أريد قصر شفاء الفاتحة على الرقية بها أمراض الأبدان؛ فهو صرف للمعنى عن المقصود الأعظم به، وهو شفاء القلب من أمراضه، والنفس من عللها وأدوائها، لما تضمّنته من الهدايات الجليلة العامّة التي شملت كلّ ما يُحتاج إليه بأحسن تنبيه، وأيسر طريق.
وبيان ذلك: أن شقاء النفس لا يكون إلا بسبب زيغها عن هدى الله تعالى، وتفريطها في اتّباع سبيل من أنعم الله عليهم؛ وعملها ببعض أعمال المغضوب عليهم والضالين، وكلّ شقاء مردّه إلى نوع من أنواع الضلالة عظمت أو دقّت.
وما يعمله العبد من الضلالات الدقيقة والجليلة له آثاره على قلبه ونفسه وجوارحه؛ وعلى ما يُبتلى به كما قال الله تعالى: {ليس بأمانيّكم ولا أمانيّ أهل الكتاب من يعمل سوءً يجزَ به} والصواب أنّ هذه الآية ليست منسوخة، وقد فسّرها النبي صلى الله عليه وسلّم بما يدفع احتمال النسخ، ولا تعارض بينها وبين آيات العفو والمغفرة.
والمقصود أن كل ما يُخرج العبد من الشقاء أو يعصمه منه فهو شفاء، ولا ريب أنّ دلالة هذه السورة على ما يُهدى به العبد لذلك أعظم الدلالات وأعمّها وأيسرها؛ فنصيبها من وصف الشفاء أعظم وأتمّ). [تفسير سورة الفاتحة:51 - 53]