5. ومن أسماء الفاتحة: أم الكتاب.
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (5. ومن أسماء الفاتحة: أم الكتاب.
وقد ورد في هذا الاسم أحاديث وآثار صحيحة:
- فمن الأحاديث ما رواه البخاري من حديث عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب.
- ومن الآثار ما رواه مسلم من حديث حبيب المعلم، عن عطاء قال: قال أبو هريرة: «في كل صلاة قراءة فما أسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم، أسمعناكم، وما أخفى منا، أخفيناه منكم، ومن قرأ بأم الكتاب فقد أجزأت عنه، ومن زاد فهو أفضل».
قال البخاري في صحيحه: (وسميت أم الكتاب أنه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة).
وهو مختصر من كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن.
والكلام في معنى هذا الاسم نظير ما تقدّم من القولين في اسم "أمّ القرآن" ، والصواب الجمع بين المعنيين لصحّتهما، وصحّة الدلالة عليهما، وعدم تعارضهما.
وقد روي عن بعض السلف كراهة تسمية الفاتحة بأمّ الكتاب؛ لأنه اسم من أسماء اللوح المحفوظ كما في قول الله تعالى: {وإنّه في أمّ الكتاب لدينا لعليّ حكيم}، وقوله: {وعنده أمّ الكتاب}.
روى ابن الضريس عن وهيب بن خالد عن أيوب السختياني أن محمد بن سيرين كان يكره أن يقول: "أم الكتاب"، قال: ويقرأ: {وعنده أم الكتاب} ولكن يقول: "فاتحة الكتاب".
وذكر ابن كثير وابن حجر كراهة هذه التسمية عن أنس والحسن البصري ولم أقف على إسناد الروايتين عنهما.
وذكر السهيلي هذا القول عن بقيّ بن مخلد في تفسيره وهو مفقود.
والصواب صحّة التسمية بهذا الاسم لثبوت النص به، ولأنّ تسمية اللوح المحفوظ بأمّ الكتاب لا تمنع اشتراك الاسم، وقد قال الله تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنّ أمّ الكتاب} أي مُعظمه وأصله الذي تُرجع إليه معانيه وما تشابه منه؛ فتسمية الآيات المحكمات بأمّ الكتاب لا يعارض تسمية اللوح المحفوظ بهذا الاسم؛ فكذلك لا يمتنع أن تسمّى الفاتحة بهذا الاسم.
قال ابن حجر: (ولا فرق بين تسميتها بأمّ القرآن وأمّ الكتاب، ولعلّ الّذي كره ذلك وقف عند لفظ الأمّ، وإذا ثبتَ النصُّ طاحَ ما دونَه)). [تفسير سورة الفاتحة:39 - 41]