ما يفعله من ابتلي بالوسوسة
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلُوفٍ الثَّعَالِبِيُّ (ت: 875 هـ):(قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: يُسْتَحَبُّ قَوْلُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ لِمَن ابْتُلِيَ بالوسوسةِ فِي الوُضُوءِ وَالصَّلاةِ وَشَبَهِهِمَا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ الذِّكْرَ خَنَسَ؛ أَيْ: تَأَخَّرَ وَبَعُدَ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَأْسُ الذِّكْرِ، وَلِذَلِكَ اخْتَارَ السادةُ الجِلَّةُ مِنْ صفوةِ هَذِهِ الأُمَّةِ أَهْلُ تَرْبيَةِ السَّالِكِينَ وَتَأْدِيبِ المُرِيدِينَ قَوْلَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ لأَهْلِ الخَلْوَةِ، وَأَمَرُوهُمْ بالمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا، وَقَالُوا: أَنْفَعُ عِلاجٍ فِي دَفْعِ الوسوسةِ الإقبالُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى والإكثارُ مِنْهُ.
وَقَالَ السيِّدُ الجليلُ أَحْمَدُ بْنُ أبي الحَوَارِي: شَكَوْتُ إِلَى أبي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ الوَسْوَاسَ؛ فَقَالَ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْكَ فَأَيُّ وَقْتٍ أَحْسَسْتَ بهِ فَافْرَحْ، فَإِنَّكَ إِذَا فَرِحْتَ بهِ انْقَطَعَ عَنْكَ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَى الشَّيْطَانِ مِنْ سُرُورِ المُؤْمِنِ، وَإِنِ اغْتَمَمْتَ بهِ زَادَكَ (ت).
وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الأَئِمَّةِ: إِنَّ الوَسْوَاسَ إِنَّمَا يُبْتَلَى بهِ مَنْ كَمُلَ إِيمَانُهُ، فَإِنَّ اللِّصَّ لا يَقْصِدُ بَيْتاً خَرِباً - انْتَهَى (ت) وَرَأَيْتُ فِي مُخْتَصَرِ الطَّبَرِيِّ نَحْوَ هَذَا). [الجواهر الحسان: 5/642]