ما يضر من الحسد
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ ابْنُ خَالويهِ (ت: 370هـ): (وَقِيلَ للحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَيُحْسَدُ المُؤْمِنُ؟
قَالَ: وَيْحَكَ، مَا أَنْسَاكَ بَنِي يَعْقُوبَ حَيْثُ أَلْقَوْا أخَاهُمْ يُوسُفَ فِي الجُبِّ؟! وَلَكِنَّ الحَسَدَ لا يَضُرُّ مُؤْمِنًا دُونَ أَنْ يُبْدِيَهُ بِيَدٍ أَوْ لِسَانٍ).[إعراب ثلاثين سورة: 237]
قالَ ابْنُ القَيِّمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّرَعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ (ت: 751 هـ): (وتَأَمَّلْ تَقيِيدَه سُبحانَه شَرَّ الحاسِدِ بقولِه:{إِذَا حَسَدَ (5)}[الفلق: 5] لأنَّ الرجُلَ قد يكونُ عندَه حَسَدٌ ولكن يُخْفِيه، ولا يُرَتَّبُ عليه أَذًى بوجْهٍ ما، لا بقَلْبِه، ولا بلسانِه، ولا بيدِه، بل يَجِدُ في قلبِه شيئًا من ذلك ولا يُعاجِلُ أخاه إلا بما يُحِبُّ اللهُ، فهذا لا يَكادُ يَخلُو منه أحَدٌ إلا مَن عَصَمَه اللهُ.
وقِيلَ للحَسَنِ البَصريِّ: أَيَحْسُدُ المؤمنُ؟
قالَ: ما أَنساكَ إِخوةَ يُوسُفَ؟
لكنَّ الفرْقَ بينَ القوَّةِ التي في قَلْبِه من ذلك وهو لا يُطيعُها ولا يَأْتَمِرُ لها، بل يَعصيها طاعةً للهِ وخَوْفًا وحَياءً منه وإجلالاً له، أن يَكرَهَ نِعَمَه على عِبادِه، فَيَرَى ذلك مُخالَفَةً للهِ وبُغضًا لِمَا يُحِبُّه اللهُ ومَحبَّةً لِمَا يُبْغِضُه، فهو يُجاهِدُ نفسَه على دفْعِ ذلك، ويُلزِمُها بالدعاءِ للمَحسودِ وتَمَنِّي زيادةِ الخيرِ له، بِخِلافِ ما إذا حَقَّقَ ذلك وحَسَدَ ورُتِّبَ على حَسَدِه مُقتضاهُ من الأَذَى بالقلْبِ واللسانِ والجوارِحِ، فهذا الحَسَدُ المذمومُ). [بدائع الفوائد: 2/236]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ التَّمِيمِيُّ (ت: 1206 هـ):(قَوْلُهُ: {إِذَا حَسَدَ (5)}[الفلق: 5]؛ لأَنَّ الحَاسِدَ إِذَا أَخْفَى الحَسَدَ وَلَمْ يُعَامِلْ أَخَاهُ إِلاَّ بِمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ لَمْ يَضُرَّهُ، وَلَمْ يَضُرَّ المَحْسُودَ). [مجموع مؤلفاته/ التفسير: 283]