الإذن بالرقية وأخذ الأجرة عليها
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
قالَ مُحمَّدُ بنُ إسْمَاعِيلَ البُخَاريُّ (ت: 256هـ): (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلَقُوا فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ؛ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ؛ فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيِّ؛ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، لا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ قَدْ نَزَلُوا بِكُمْ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ؛ فَأَتَوْهُمْ؛ فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ فَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ؛ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَيْءٌ؟
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ وَاللهِ إِنِّي لَرَاقٍ، وَلَكِنْ وَاللهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا؛ فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً؛ فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ؛ فَانْطَلَقَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ وَيَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ؛ حَتَّى لَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ؛ فَانْطَلَقَ يَمْشِي مَا بِهِ قَلَبَةٌ.
قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا.
فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ؛ فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ؛ فَقَالَ: ((وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ)) ). [صحيح البخاري: كتاب الطب/باب النفث في الرقية]
حديث خارجة بن الصلت عن عمه
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ الشَّيبانيُّ (ت: 241هـ): (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَتَيْنَا عَلَى حَيٍّ مِنَ العَرَبِ؛ فَقَالُوا: أُنْبِئْنَا أَنَّكُمْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ؛ فَهَلْ عِنْدَكُمْ دَوَاءٌ أَوْ رُقْيَةٌ؟ فَإِنَّ عِنْدَنَا مَعْتُوهًا فِي القُيُودِ.
قَالَ: فَقُلْنَا: نَعَمْ.
قَالَ: فَجَاءُوا بِالمَعْتُوهِ فِي القُيُودِ قَالَ: فَقَرَأْتُ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً أَجْمَعُ بُزَاقِي ثُمَّ أَتْفُلُ.
قَالَ: فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ.
قَالَ: فَأَعْطَوْنِي جُعْلاً؛ فَقُلْتُ: لا حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: (( كُلْ لَعَمْرِي مَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ )) ). [مسند الإمام أحمد: ]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ الشَّيبانيُّ (ت: 241هـ): (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ زَكَرِيَّا وَوَكِيعٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا عَنْ يَحْيَى فِي حَدِيثِهِ حَدَّثَنِي عَامِرٌ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ رَاجِعًا مِنْ عِنْدِهِ، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ عِنْدَهُمْ رَجُلٌ مَجْنُونٌ مُوثَقٌ بِالحَدِيدِ؛ فَقَالَ أَهْلُهُ: إِنَّا قَدْ حُدِّثْنَا أَنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا قَدْ جَاءَ بِخَيْرٍ؛ فَهَلْ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُدَاوِيهِ؟ قَالَ: فَرَقَيْتُهُ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ.
قَالَ وَكِيعٌ: ثَلاثَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ؛ فَبَرَأَ فَأَعْطَوْنِي مِائَةَ شَاةٍ؛ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَخْبَرْتُهُ؛ فَقَالَ: (( خُذْهَا؛ فَلَعَمْرِي مَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ)) ). [مسند الإمام أحمد: ]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (هَذَا الحَدِيثُ رَوَاهُ أَبو دَاودَ الطَّيَالِسيُّ وابنُ أَبي شَيبةَ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاودَ السِّجسْتَانِيُّ وَالنَّسَائِيُّ والطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ، وَابنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ اليَومِ وَالليلَةِ، وَابنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبيرِ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ،والحَاكِمُ، وَأَبُو نُعَيمٍ الأَصْبَهَانِيُّ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ، كُلُّهُمْ مِن طُرُقٍ عَنْ عَامِرِ بنِ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ عَمِّهِ عَلَى أَقْوَالٍ ذكرها عِزُّ الدِّينِ ابنُ الأَثِيرِ الجَزَرِيُّ فِي أَسَدِ الغَابَةِ:
وَالمشْهُورُ عِندَ المحدِّثِينَ أَنَّهُ عِلاقَةُ بنُ صُحَارٍ،ذَكَرَهُ ابنُ أَبي خَيْثَمَةَ عَن أَبي عُبَيْدٍ القَاسِمِ بن سَلاَّمٍ، وَجَزَمَ بهِ ابنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَثِقَاتِهِ، وَذَكَرَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ، وَابنُ عُبْدِ البَرِّ فِي الاسْتِيعَابِ، وَابنُ بَشْكُوَالَ فِي غَوَامِضِ الأَسْمَاءِ، وَالمزِّيُّ فِي تَهْذِيبِ الكَمَالِ وَابنُ حَجَر فِي التَّقْرِيبِ وَالعَيْنِي فِي مَغَانِي الأَخْيَارِ، وَاعْتَمَدَهُ ابنُ الأَثِيرِ فِي جَامِعِ الأُصُولِ.
وَالحَدِيثُ لَهُ شَاهِدٌ مُرْسَلٌ عِنْدَ أَبي عُبَيدٍ في فَضَائِلِ القُرْآنِ وَابنِ أَبي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ مِن طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبي خَالِدٍ عَن قَيْسِ بنِ أَبي حَازِمٍ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي رَقَيْتُ فُلانًا، وَكَانَ بِهِ جُنُونٌ، فَأُعْطِيتُ قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ، وَإِنَّمَا رَقَيْتُهُ بِالقُرْآنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَخَذَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ، فَقَدْ أَخَذْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ)) ).
قالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيمِ ابنُ الأَثِيرِ الجَزَرِيُّ (ت:630هـ): (العَلاءُ، وَقِيلَ: عُلاثَةُ بنِ صُحَارٍ السَّلِيطِيُّ مِن بَنِي سَلِيْطٍ، واسْمُهُ كَعْبُ بنُ الحَارِثِ بنِ يَربُوعٍ التَّمِيمِيُّ السَّلِيْطِيُّ وَهُوَ عَمُّ خَارِجَةَ بنِ الصَّلْتِ، ذَكَرَهُ ابنُ شَاهِينَ فَقَالَ: قَالَ ابنُ أَبي خَيثمةَ: أُخبِرْتُ باسْمِهِ عَن أَبي عُبَيْدٍ القَاسِمِ بنِ سَلاَّمٍ.
وَقَالَ المستَغْفِرِيُّ: عَلاقَةُ بنُ شِجَارٍ قَالَهُ عَلِيُّ بنُ المَدِينِيُّ، يَعْنِي السَّلِيْطِيَّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الحَسَنُ، قَالَ: وَيُقَالُ: ابنُ صُحَارٍ.
وَحَكَاهُ أيضًا عَنِ ابنِ أَبي خَيثمَةَ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ.
قَالَ: وَقَالَ خَلِيفَةُ: اسْمُ عَمِّ خَارِجَةَ: عَبْدُ اللهِ بنُ عُثَيْرِ بنِ عَبْدِ قَيْسِ بنِ خفَافٍ مِن بَنِي عَمْرِو بنِ حَنْظَلَةَ مِنَ البَرَاجِمِ.
وَحَكَى عَن خَليفَةَ قَالَ: عُلاثَةُ بنُ شِجَارٍ بخَطِّ أَبي يَعْلَى النَّسَفِي، قَالَ: وَقَالَ البَرْدَعِيُّ: ابنُ شِجَارٍ بالتَّخْفِيفِ). [أسد الغابة: ]