عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 22 ذو الحجة 1434هـ/26-10-2013م, 06:23 PM
أم أسماء باقيس أم أسماء باقيس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 529
افتراضي


قول الأشاعرة في القرآن، والرد عليهم

قال أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني (ت:728هـ): ( (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأمَنهُ)، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ( وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمُعونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمونَ، يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ )، (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ )، وقَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِنَّ هَذا القُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَني إِسْرَائيلَ أَكْثَرَ الَّذي هُمْ فيهِ مخْتَلِفونَ )، ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ )، ( لَوْ أَنْزَلْنَا هذا القُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ )، (وَإِذا بَدَّلْنَا آيَةً مَكانَ آيَةٍ واللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمونَ ).). [العقيدة الواسطية:؟؟]
- قال عبد العزيز بن ناصر الرشيد (ت: 1408) : ( وقَولُهُ: (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ)
ش: ... وفيه الرَّدُّ على مَن زعمَ أن‎ هذا الموجودَ بين أيدِينا هو عبارةٌ عن كلامِ اللهِ أو حكايةٍ له، فإنَّه -سُبْحَانَهُ- أخبرَ أنَّ الَّذي يُسمعُ كلامُ اللهِ، وعندهم أنَّ الَّذي يُسمعُ ليسَ كلامَ اللهِ على الحقيقةِ، وإنَّما هو مخلوقٌ حُكِيَ به كلامُ اللهِ على أحدِ قَولِهِم، وعِبارةٌ عُبِّرَ بها عن كلامِ اللهِ على القولِ الآخرِ، وهي مخلوقةٌ على القوليْنِ، فالمقروءُ، المكتوبُ والمسموعُ والمحفوظُ ليسَ كلامَ اللهِ، وإنَّما هو عبارةٌ عُبِّرَ بها عنه، كما يُعَبَّرُ عن الَّذي لا ينطقُ ولا يتكلَّمُ مِن أخرسَ أو عاجزٍ، تعالى اللهُ عن قَولِهِم عُلوًّا كبيرًا.). [التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية: ؟؟] (م)
قال أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني (ت:728هـ): ( ومِن الإِيمانِ باللهِ وكُتُبِهِ الإِيمانُ بأَنَّ القرآنَ: كَلامُ اللهِ، مُنَزَّلٌ، غَيْرُ مَخْلوقٍ، منهُ بَدَأَ، وإِليهِ يَعودُ، وأَنَّ اللهَ تَكَلَّمَ بِهِ حَقيقةً، وأَنَّ هذا القرآنَ الَّذي أَنْزَلَهُ على محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُو كلامُ اللهِ حقيقةً، لا كَلامَ غيرِهِ.

ولا يجوزُ إِطلاقُ القَوْلِ بأَنَّهُ حِكايةٌ عَنْ كلامِ اللهِ، أَو عِبارَةٌ، بلْ إِذا قَرَأَهُ النَّاسُ أَوْ كَتَبُوهُ في المصاحِفِ؛ لمْ يخْرُجْ بذلك عنْ أَنْ يَكونَ كَلامَ اللهِ تعالى حَقيقةً، فإِنَّ الكلامَ إِنَّما يُضَافُ حقيقةً إِلى مَنْ قالَهُ مُبْتَدِئاً، لا إِلى مَن قالَهُ مُبَلِّغاً مُؤدِّياً.
وهُوَ كَلامُ اللهِ؛ حُروفُهُ، ومَعانيهِ، ليسَ كَلامُ اللهِ الحُروفَ دُونَ المَعاني، ولا المَعانِيَ دُونَ الحُروفِ). [العقيدة الواسطية:؟؟]
- قال عبد العزيز بن ناصر الرشيد (ت: 1408) : ( فقولُه: (ولا يجوزُ إطلاقُ القولِ بأنَّه حكايةٌ عن كلامِ اللَّهِ أو عبارةٌ)
ش: كما تقولُه الأشاعرةُ والكلابيَّةُ، فالأشاعرةُ يقولون: إنَّ هَذَا الموجودَ المقروءَ عبارةٌ عن كلامِ اللَّهِ، والكلابيَّةُ يقولون: حكايةٌ عن كلامِ اللَّهِ، وبعضُ هؤلاء يقولُ: الخلافُ لفظيٌّ لا طائلَ تحتَه، فالأشاعرةُ والكلابيَّةُ يقولون: القرآنُ نوعانِ ألفاظٌ ومعاني، فالألفاظُ مخلوقةٌ وَهِيَ هَذِهِ الألفاظُ الموجودةُ، والمعاني قديمةٌ قائمةٌ بالنَّفْسِ، وَهِيَ معنى واحدٌ لا تَبَعُّضَ فيه ولا تَعدُّدَ، إنْ عُبِّرَ عنه بالعربيَّةِ كان قرآنا، وإنْ عُبِّرَ عنه بالعبرانيَّةِ كان توراةً، أو بالسُّرْيانيَّةِ كان إنجيلاً، وهَذَا القولُ تصوُّرُهُ كافٍ بمعرفةِ بُطلانِه، وليس لهم دليلٌ ولا شبهةٌ إلا بيتٌ يُنسَبُ للأخطلِ النَّصرانيِّ وهُوَ قولُه:

إنَّ الكلامَ لَفِي الفُؤادِ وإنَّما جُعِلَ اللِّسانُ على الفؤادِ دَليلا

وهَذَا البيتُ إنْ ثَبَتَ فمعناه: إنَّ الكلامَ يَخرجُ مِن القلبِ ويُعَبِّرُ عنه اللِّسانُ، وأمَّا الكلامُ الذي في اللِّسانِ فقط فهُوَ يُشبِهُ كلامَ النائمِ والهاذي ونحوِهما، وأدلَّةُ الكِتابِ والسُّنَّةِ تَرُدُّ هَذَا القولَ، والذي يَعقلُه العقلاءُ أنَّ الكلامَ صفةُ المتكلِّمِ المسموعِ منه، وأنَّ ما في النَّفْسِ لا يُسمَّى كلامًا بوجهٍ مِن الوجوهِ، كما في حديثِ: ((عُفِيَ لأُمَّتِي عَنِ الخَطَأِ، وَالنِّسْيَانِ، وَمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لم تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَتَكَلَّمْ)) فهَذَا صريحٌ بأنَّ ما حَدَّثَتْ بِهِ أنْفُسَها ليس بكلامٍ.
إلى غيرِ ذَلِكَ مِن الأدلَّةِ الدَّالَّةِ على بطلانِه، وأيضًا فإنَّ الحكايةَ تُماثِلُ المَحْكِيَّ، فمَن قال: إنَّ القرآنَ حكايةُ كلامِ اللَّهِ بهَذَا المعنى فقد ضَلَّ ضلالاً مُبِينًا، فإنَّ القرآنَ لا يَقدِرُ أحدٌ على أنْ يأتيَ بمِثلِه، ولا يَقدِرُ أحدٌ أنْ يأتيَ بما يَحكِيه، وأوَّلُ مَن قال إنَّه حكايةٌ عن كلامِ اللَّهِ عبدُ اللَّهِ بنُ سعيدِ بنِ كِلابٍ.
وأمَّا القولُ: بأنَّه عبارةٌ عن كلامِ اللَّهِ كما هُوَ قولُ الأشاعرةِ فإنَّه يَلزَمُ عليه أنَّ كُلَّ تالٍ مُعبِّرا عمَّا في نَفْسِ اللَّهِ، والمعبِّرُ عن غيرِه هُوَ المُنْشِئ للعبارةِ، فيكونُ كُلُّ قارئٍ هُوَ المُنْشِئُ لعبارةِ القرآنِ، وهَذَا معلومُ الفسادِ بالضَّرورةِ.
قال ابنُ القيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الصَّواعقِ": وهَذَا المذهبُ مبنيٌّ على مسألةِ إنكارِ قيامِ الأفعالِ الاختياريَّةِ باللَّهِ، ويُسمُّونَها مسألةَ حلولِ الحوادثِ، وحقيقتُها إنكارُ أفعالِه -سبحانَهُ وتعالَى- ورُبُوبِيَّتِه ومَشيئَتِه. انتهى.
وأوَّلُ مَن قال بالعبارةِ هُوَ الأشعريٌّ، وهُوَ قولٌ باطلٌ كالقولِ بالحكايةِ، فإنَّ الأدلَّةَ دلَّتْ على أنَّ القرآنَ لفظُه ومعناه كلامُ اللَّهِ.
وأمَّا القولُ بأنَّ القرآنَ عبارةٌ عن كلامِ اللَّهِ أو حكايةٌ فهُوَ قولٌ مبتدَعٌ باطلٌ تَردُّهُ الأدلَّةُ، ولم يَقُلْ أحدٌ مِن السَّلَفِ بِذَلِكَ.
قال الإمامُ أحمدُ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: القرآنُ كَيْفَ تُصُرِّفَ فيه، فهُوَ غيرُ مخلوقٍ ولا نرى القولَ بالحكايةِ والعبارةِ، وغَلَّطَ مَن قال بهما وجَهَّلَه، وقال: هَذِهِ بدعةٌ لم يَقُلْ بها السَّلَفُ.
قال الحافظُ ابنُ حجَرٍ العسقلانيُّ في "الفتحِ" المنقولُ عن السَّلَفِ اتِّفاقُهم على أنَّ القرآنَ كلامُ اللَّهِ غيرُ مخلوقٍ، تَلقَّاهُ جبريلُ عن اللَّهِ وبلَّغهُ جبريلُ إلى مُحَمَّدٍ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- وبلَّغَه مُحَمَّدٌ إلى أُمَّتِه، انتهى.
قال اللَّهُ -سُبْحَانَهُ-: (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ) ولم يَقُلْ ما هُوَ عبارةٌ عن كلامِ اللَّهِ والأصلُ الحقيقةُ، ومَن قال إنَّ المكتوبَ في الصُّحفِ عبارةٌ عن كلامِ اللَّهِ أو حكايةٌ عن كلامِ اللَّهِ وليس فيها كلامُ اللَّهِ، فقد خالَفَ الكِتابَ والسُّنَّةَ وسلَفَ الأمَّةِ، وكفى بِذَلِكَ ضلالاً.
قال ابنُ القيِّمِ في (النُّونيَّةِ):
زَعَمُوا القُرآنَ عبارةً وحكايةً قُلنا كما زَعَموه قرآنانِ
هَذَا الذي نَتلُوه مخلوقٌ كما قال الوليدُ وبعدَه الفِئَتانِ
والآخرُ المعنى القديمُ فقائمٌ بالنَّفسِ لم يُسمعْ مِن الدَّيَّانِ
ودَليلُهم في ذَاكَ بيتٌ قالَه فيما يُقالُ الأخطلُ النَّصراني.

ولو كان ما في المصحفِ عبارةً عن كلامِ اللَّهِ، وليس هُوَ كلامَ اللَّهِ لِمَا حُرِّمَ على الجُنُبِ والمُحْدِثِ مَسُّهُ؟ ولو كان ما يَقرأُ القارئُ ليس هُوَ كلامَ اللَّهِ لَمَا حُرِّمَ على الجُنُبِ؟ بل القرآنُ كلامُ اللَّهِ محفوظٌ في الصُّدورِ، ومقروءٌ بالألسُنِ، مكتوبٌ في المصاحِفِ كما قال أبو حنيفةَ في "الفِقهِ الأكبرِ" وغيرُه: وهُوَ في هَذِهِ المواضِع كُلِّها حقيقةٌ لا يَصِحُّ نفيُه، والمجازُ يَصِحُّ نفْيُه، فلا يجوزُ أنْ يُقالَ ليس في المصحفِ كلامُ اللَّهِ ولا ما قَرأَ القارئُ كلامَ اللَّهِ.
...
قولُه:(ليس كلامُ اللَّهِ الحروفُ) إلخ.
ش: فالقرآنُ كلامُ اللَّهِ، حروفُه ومعانِيه، ليس كلامُ اللَّهِ الحُروفَ دُون المعاني كما يقولُه بعضُ المعتزِلَةِ، ولا المعاني فقط دُونَ الحروفِ، كما هُوَ قولُ الأشاعرةِ ومَن شابَهَهُم، وكِلا القولَيْنِ باطلٌ مخالفٌ للكتابِ والسُّنَّةِ وما عليه سَلَفُ الأُمَّةِ، فإنَّ الأدلَّةَ دَلَّتْ على أنَّ القرآنَ العزيزَ الذي هُوَ سُوَرٌ وآياتٌ وحروفٌ وكلماتٌ عَينُ كلامِه -سُبْحَانَهُ- لا تَألِيفَ مَلَكٍ ولا بَشَرٍ، وأنَّ القرآنَ جميعَه حروفَه ومَعانِيَهُ نَفْسُ كلامِه، والذي تكلَّمَ به، وليس بمخلوقٍ ولا بعضِه قديمٌ وهُوَ المعنى وبعضُه مخلوقٌ وهُوَ الكلماتُ والحروفُ، بل القرآنُ جميعُه حروفُه ومعانِيه تكلَّمَ اللَّهُ بِهِ حقيقةً.). [التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية: ؟؟] (م)
- قال زيد بن عبد العزيز الفياض (ت: 1416هـ) : (وَلا يَجُوزُ إِطْلاقُ القَوْلِ بِأَنَّهُ حِكَايَةٌ عَن كَلامِ اللَّهِ كَمَا تَقُولُهُ الكُلاَّبِيَّةُ , أَوْ عِبَارَةٌ عَنْهُ كَمَا تَقُولُهُ الأَشَاعِرَةُ.
...
وَمَذْهَبُ الأَشْعَرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهُ مَعْنىً وَاحِدٌ قَائِمٌ بِذَاتِ الرَّبِّ وَهُوَ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ أَزَليَّةٌ ليْسَ بِحَرْفٍ وَلا صَوْتٍ وَلا يَنْقَسِمُ وَلا لهُ أبْعَاضٌ وَلا لهُ أَجْزَاءٌ وهو عينُ الأَمْرِ وَعَيْنُ النَّهْيِ وَعَيْنُ الخَبَرِ وَعَيْنُ الاسْتِخْبَارِ الكُلُّ مَعْنىً وَاحِدٌ , وَهُوَ عَيْنُ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالقُرْآنِ وَالزَّبُورِ، وَكَوْنُهُ أمْراً ونهْياً وخبَراً واستِخباراً صِفَاتٌ لذَلكَ المَعْنَى الوَاحِدِ لا أَنْوَاعٌ لهُ فَإِنَّهُ لا يَنْقَسِمُ بِنَوْعٍ وَلا جَزَاءٍ، وَكَوْنُهُ قرآناً وَتَوْرَاةً وإنجيلاً تقسيمٌ للْعِبَارَاتِ عَنْهُ لا لذَاتِهِ بَلْ إِذَا عُبِّرَ عَن ذَلكَ المَعْنَى بِالعَرَبِيَّةِ كَانَ قرآناً، وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالعِبْرَانِيَّةِ كَانَ تَوْرَاةً وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالسِّرْيَانِيَّةِ كَانَ اسْمُهُ إنجيلاً وَالمَعْنَى وَاحِدٌ.
وَهَذِهِ الأَلْفَاظُ عِبَارَةٌ عَنْهُ وَلا يُسَمِّيهَا حِكَايَةً وَهِيَ خَلْقٌ مِن المَخْلُوقَاتِ وَعَنْهُ لمْ يَتَكَلَّمِ اللَّهُ بِهَذَا الكَلامِ العَرَبِيِّ وَلا سُمِعَ مِن اللَّهِ، وَعِنْدَهُ ذَلكَ المَعْنَى سُمِعَ مِن اللَّهِ حَقِيقَةً.
وَهَذَا المَذْهَبُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَسْأَلَةِ إِنْكَارِ قِيَامِ الأَفْعَالِ الاخْتِيَارِيَّةِ بِالرَّبِّ تَعَالَى وَيُسَمُّونَهَا حُلُولَ الحَوَادِثِ، وَحَقِيقَتُهَا إِنْكَارُ أَفْعَالهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ.). [الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية: ؟؟] (م)



الرد على من زعم أن كلام الله تعالى هو المعني النفسي
قال أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني (ت:728هـ): ( (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأمَنهُ)، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ( وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمُعونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمونَ، يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ )، (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ )، وقَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِنَّ هَذا القُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَني إِسْرَائيلَ أَكْثَرَ الَّذي هُمْ فيهِ مخْتَلِفونَ )، ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ )، ( لَوْ أَنْزَلْنَا هذا القُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ )، (وَإِذا بَدَّلْنَا آيَةً مَكانَ آيَةٍ واللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمونَ ).). [العقيدة الواسطية:؟؟]
- قال عبد العزيز بن ناصر الرشيد (ت: 1408) : ( قَولُهُ: (قُلْ نَزَّلَهُ)
ش: أي القرآنَ، والتَّنزيلُ والإنزالُ هو مجيءُ الشَّيءِ من أعلى إلى أسفلَ.
(رُوحُ القُدُسِ)
ش: أي جبريلُ عليه السَّلامُ، فجبريلُ سمعَهُ من اللهِ والنَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- سمعه من جبريلَ، وهو الَّذي نَزَل بالقرآنِ على محمَّدٍ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- كما نصَّ على ذلك أحمدُ وغيرُه من الأئمَّةِ، وجبريلُ هو الرُّوحُ الأمينُ المذكورُ في قَولِهِ سُبْحَانَهُ: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ ) الآيةَ.
ولم يقلْ أحدٌ من السَّلفِ: إنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- سمعَهُ من اللهِ، وإنَّما قال ذلك بعضُ المتأخِّرين، والآيةُ تَرُدُّ عليه. ... وفيها الرَّدُّ على مَن زعم أنَّ كلامَ اللهِ هو المعنى النَّفْسيُّ، فإنَّ جبريلَ سَمِعه مِن اللهِ والمعنى المُجَرَّدُ لا يُسْمعُ.).[التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية: ؟؟] (م)
قال أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني (ت:728هـ): ( ومِن الإِيمانِ باللهِ وكُتُبِهِ الإِيمانُ بأَنَّ القرآنَ: كَلامُ اللهِ، مُنَزَّلٌ، غَيْرُ مَخْلوقٍ، منهُ بَدَأَ، وإِليهِ يَعودُ، وأَنَّ اللهَ تَكَلَّمَ بِهِ حَقيقةً، وأَنَّ هذا القرآنَ الَّذي أَنْزَلَهُ على محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُو كلامُ اللهِ حقيقةً، لا كَلامَ غيرِهِ.

ولا يجوزُ إِطلاقُ القَوْلِ بأَنَّهُ حِكايةٌ عَنْ كلامِ اللهِ، أَو عِبارَةٌ، بلْ إِذا قَرَأَهُ النَّاسُ أَوْ كَتَبُوهُ في المصاحِفِ؛ لمْ يخْرُجْ بذلك عنْ أَنْ يَكونَ كَلامَ اللهِ تعالى حَقيقةً، فإِنَّ الكلامَ إِنَّما يُضَافُ حقيقةً إِلى مَنْ قالَهُ مُبْتَدِئاً، لا إِلى مَن قالَهُ مُبَلِّغاً مُؤدِّياً.

وهُوَ كَلامُ اللهِ؛ حُروفُهُ، ومَعانيهِ، ليسَ كَلامُ اللهِ الحُروفَ دُونَ المَعاني، ولا المَعانِيَ دُونَ الحُروفِ). [العقيدة الواسطية:؟؟]

- قال عبد العزيز بن ناصر الرشيد (ت: 1408) : ( وفي قولِه: (حقيقةً)
ش: رَدٌّ على مَن زعم أنَّ كلامَه -سُبْحَانَهُ- معنى واحدٌ قام بذاتِ الباري لم يُسمَعْ منه، وإنَّما هُوَ الكلامُ النَّفْسانِيُّ ولم يتكلَّمْ بِهِ حقيقةً؛ لأنْ لا يُقالَ لمَن قامَ بِهِ الكلامُ النَّفْسانيُّ ولم يَتكلَّمْ بِهِ إنَّ هَذَا كلامٌ حقيقةً، وإلاَّ يلْزَمُ أنْ يكونَ الأخرسُ متكلِّما، ولَزِمَ أنْ لا يكونَ الذي في المصحَفِ عندَ الإطلاقِ هُوَ القرآنُ، ولا كلامُ اللَّهِ، ولكنَّه عبارةٌ عنه، ليست كلامَ اللَّهِ، كما لو أشار إلى شخصٍ بإشارةٍ مفهومةٍ فكَتَب ذَلِكَ الشَّخصُ عبارةً عن المعنى الذي أَوحاهُ إليه ذَلِكَ الأخرسُ، فالمكتوبُ هُوَ عبارةُ ذَلِكَ الشَّخصِ عن ذَلِكَ المعنى، فعندهم أنَّ المَلَكَ فَهِمَ منه معنى قائِماً بنَفْسِه، لم يَسمَعْ منه حرفاً ولا صوتاً، بل فَهِمَ معنًى مجرَّدا ثم عبَّرَ عنه، فهُوَ الذي أحْدَثَ نَظْمَ القرآنِ وتأليفَه، وقد تَقدَّمَ الكلامُ في الرَّدِّ على مَن زَعَم أنَّ كلامَ اللَّهِ المعنى النَّفْسيُّ، وأنَّ الشَّيخَ تقيَّ الدِّينِ ردَّ ذَلِكَ مِن تِسعين وجهًا، كُلُّ واحدٍ يَدلُّ على بطلانِه بأدلَّةٍ نَقْلِيَّةٍ وعقليَّةٍ.
وقال ابنُ القيِّمِ في (النُّونيَّةِ):

تِسعونَ وَجْهًا بَيَّنَتْ بُطلانَه أَعْنِي كلامَ النَّفْسِ ذا البُطلانِ
.).[التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية: ؟؟] (م)
- قال زيد بن عبد العزيز الفياض (ت: 1416هـ) : ( وَقَوْلُهُ:(وَإِنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ بِهِ حَقِيقَةً)
ش: فِي قَوْلهِ:(حَقِيقَةً) رَدٌّ عَلَى مَن قَالَ: إِنَّهُ مَعْنىً وَاحِدٌ قَامَ بِذَاتِ اللَّهِ لمْ يُسْمَعْ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ الكَلامُ النَّفْسَانِيُّ؛ لأَنَّهُ لا يُقَالُ لمَنْ قَامَ بِهِ الكَلامُ النَّفْسَانِيُّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ: إنَّ هَذَا كَلامُ الحَقِيقَةِ , وَإِلا لزِمَ أَنْ يَكُونَ الأَخْرَسُ مُتَكلِّماً، وَلَزِمَ أَنْ لا يَكُونَ الذي فِي الصُّحُفِ عِنْدَ الإِطْلاَقِ هُوَ القُرْآنَ وَلا كَلامَ اللَّهِ , وَلَكِنْ عِبَارَةٌ عَنْهُ ليْسَتْ هِيَ كَلامُ اللَّهِ كَمَا لوْ أَشَارَ أَخْرَسٌ إِلَى شَخْصٍ بِإِشَارَةٍ فَهِمَ بِهَا مَقْصُودَهَ فَكَتَبَ ذَلكَ الشَّخْصُ عِبَارَتَهُ عَن المَعْنَى الذي أَوْحَاهُ إِلَيْهِ ذَلكَ الأَخْرَسُ فَالمَكْتُوبُ هِيَ عِبَارَةُ ذَلكَ الشَّخْصِ عَن ذَلكَ المَعْنَى. وَهَذَا المَثَلُ مُطَابِقٌ غَايَةَ المُطَابَقَةِ لمَا يَقُولُونَهُ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى لا يُسَمِّيه أَحَدٌ أَخْرَسَ لكِنْ عِنْدَهُمْ أَنَّ المَلَكَ فَهِمَ مِنْهُ مَعْنًى قائماً بِنَفْسِهِ لمْ يَسْمَعْ مِنْهُ حَرْفاً وَلا صَوْتاً بَلْ فَهِمَ مَعْنًى مُجَرَّداً ثُمَّ عَبَّرَ عَنْهُ فَهُوَ الذي أَحْدَثَ نَظْمَ القُرْآنِ وَتَأْليفَهُ العَرَبِيَّ وَأنَّ اللَّهَ خَلَقَ فِي بَعْضِ الأَجْسَامِ كَالهَوَاءِ الذي هُوَ دُونَ المَلَكِ هَذِهِ العِبَارَةَ، وَيُقَالُ لمَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ: هَلْ سَمِعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ جَمِيعَ المَعْنَى أَوْ بَعْضَهُ ؟ فَإِنْ قَالَ: سَمِعَهُ كُلَّهُ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ جَمِيعَ كَلامِ اللَّهِ، وَفَسَادُ هَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ قَالَ: بَعْضَهُ فَقَدْ قَالَ بِتبَعُّضٍ. وَكَذَلكَ كُلُّ مَن كَلَّمَهُ اللَّهُ أَوْ أَنْزَلَ إِلَيْهِ شَيْئاً مِن كَلامِهِ. وَأَمَّا مَن قَالَ: إِنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الأَخْطَلِ:

إِنَّ الكَلامَ لفِي الفُؤَادِ وَإِنَّمَا=جُعِلَ اللسَانُ عَلَى الفُؤَادِ دَليلاً


فَاسْتِدْلالٌ فَاسِدٌ. وَلَوْ اسْتَدَلَّ مُسْتَدِلٌّ بِحَدِيثٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ لقَالُوا هَذَا خَبَرٌ وَاحِدٌ وَيَكُونُ مِمَّا اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى تَصْدِيقِهِ وَتَلَقِّيهِ بِالقَبُولِ وَالعَمَلِ بِهِ فَكَيْفَ وَهَذَا البَيْتُ قَدْ قِيلَ:إِنَّهُ مَوْضُوعٌ مَنْسُوبٌ إِلَى الأَخْطَلِ وَلَيْسَ هُوَ فِي دِيوَانِهِ وَقِيلَ إِنَّمَا قَالَ: إِنَّ البَيَانَ لفِي الفُؤَادِ , وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى الصِّحَّةِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَنْهُ فَلا يَجُوزُ الاسْتِدْلالُ بِهِ فَإِنَّ النَّصَارَى قَدْ ضَلُّوا فِي مَعْنَى الكَلامِ وَزَعَمُوا أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ نَفْسُ كَلمَةِ اللَّهِ وَاتَّحَدَ اللاهُوتُ بِالنَّاسُوتِ أَيْ: شَيْءٌ مِن الإِلَهِ بِشَيْءٍ مِن النَّاسِ. أَفَيُسْتَدَلُّ بِقَوْلِ نَصْرَانِيٍّ قَدْ ضَلَّ فِي مَعْنَى الكَلامِ عَلَى مَعْنَى الكَلامِ وَيُتْرَكُ مَا يُعْلَمُ مِن مَعْنَى الكَلامِ فِي لُغَةِ العَرَبِ. وَأيضاً فَمَعْنَاهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إِذْ لازَمَهُ أَنَّ الأَخْرَسَ يُسَمَّى مُتَكلِّماً لقِيَامِ كَلامِهِ بِقَلْبِهِ وَإِنْ لمْ يَنْطِقْ بِهِ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ. وَيَرُدُّ قَوْلَ مَن قَالَ: إِنَّ الكَلامَ هُوَ المَعْنَى القَائِمُ بِالنَّفْسِ، قَـوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ صَلاَتَنَا هَذِهِ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِن كَلامِ النَّاسِ".وَقَالَ:"إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِن أَمْـرِهِ مَا يَشَـاءُ وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَنْ لا تَكلَّمَوا فِي الصَّلاةِ".
وَاتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ المُصَلِّيَ إِذَا تَكَلَّمَ فِي الصَّلاةِ عَامِداً لغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا بَطَلَتْ صَلاتُهُ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَا يَقُومُ بِالقَلْبِ مِن تَصْدِيقٍ بِأُمُورٍ دُنْيَوِيَّةٍ وَطَلَبٍ لا يُبْطِلُ الصَّلاةَ وَإِنَّمَا يُبْطِلُهَا التَكلُّمُ بِذَلكَ، فَعُلِمَ اتِّفَاقُ المُسْلمِينَ عَلَى أَنَّ هَذَا ليْسَ بِكَلامٍ، وأَيْضاً فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ مَا لمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ ، فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ عَفَى عَن حَدِيثِ النَّفْسِ إِلا أَنْ تَتَكَلَّمَ، فَفَرْقٌ بَيْنَ حَدِيثِ النَّفْسِ وَبَيْنَ الكَلامِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لا يُؤَاخَذُ بِهِ حَتَّى تَتَكَلَّمَ بِهِ وَالمُرَادُ حَتَّى يَنْطِقَ بِهِ اللسَانُ بِاتِّفَاقِ العُلَمَاءِ، فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الكَلامُ فِي اللُّغَةِ؛ لأَنَّ الشَّارِعَ إِنَّمَا خَاطَبَنَا بِلُغَةِ العَرَبِ. وأيضاً فِي السُّنَنِ أَنَّ مُعاذاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ" وَإِنَّا لمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ: وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ." فَبَيَّنَ أَنَّ الكَلامَ إِنَّمَا هُوَ بِاللِّسَانِ، فَلَفْظُ القَوْلِ وَالكَلامِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا مِن فِعْلٍ مَاضٍ وَمُضَارِعٍ وَأَمْرٍ وَاسْمِ فَاعِلٍ إِنَّمَا يُعْرَفُ فِي القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَسَائِرِ كَلامِ العَرَبِ إِذَا كَانَ لفظاً وَمَعْنًى.
وَلَمْ يَكُنْ فِي مُسَمَّى الكَلامِ نِزَاعٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لهُمْ بِإِحْسَانٍ وَإِنَّمَا حَصَلَ النِّزَاعُ بَيْنَ المُتَأَخِّرِينَ مِن عُلَمَاءِ أَهْلِ البِدَعِ ثُمَّ انْتَشَرَ. وَلا رَيْبَ أَنَّ مُسَمَّى الكلامِ والقولِ ونَحوِهما ليسَ هو مِمَا يُحتاجُ فيه إلَى قولِ شاعرٍ فإنَّ هذا مِمَّا تَكَلَّمَ بِهِ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ مِن أَهْلِ اللُّغَةِ وَعَرَفُوا مَعْنَاهُ كَمَا عَرَفُوا مُسَمَّى الرَّأْسِ وَاليَدِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوَ ذَلكَ.). [الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية: ؟؟] (م)


تفسير الأشاعرة لمعنى إنزال القرآن
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (واعلم أنه اتفق أهل السنة على أن كلام الله منزل، واختلفوا في معنى الإنزال فقيل: معناه إظهار القرآن.
وقيل: إن الله أفهم كلامه جبريل وهو في السماء وهو عال من المكان وعلمه قراءته ثم جبريل أداه في الأرض وهو يهبط في المكان). [البرهان في علوم القرآن: 1/229]

- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (يريد بأهل السنة الأشاعرة، ولا خلاف بين أهل السنة والجماعة أن القرآن منزل كما دل عليه النص، لكن الأقوال التي حكاها في معنى إنزال القرآن هي أقوال للأشاعرة وليست لأهل السنة، وأهل السنة مجمعون على أن الله تعالى تكلّم بالقرآن وأنّ جبريل عليه السلام سمعه من ربّه جلّ وعلا وأدّاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً يعيه النبيّ صلى الله عليه وسلم).
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): ( المسألة الثانية : في كيفية الإنزال والوحي
قال الأصفهاني في أوائل تفسيره اتفق أهل السنة والجماعة على أن كلام الله منزل واختلفوا في معنى الإنزال:
فمنهم من قال: إظهار القراءة.
ومنهم من قال: إن الله تعالى ألهم كلامه جبريل وهو في السماء وهو عال من المكان وعلمه قراءته ثم جبريل أداه في الأرض وهو يهبط في المكان). [الإتقان في علوم القرآن: ؟؟]


اختلاف الأشاعرة في كيفية تلقّي النبي صلى الله عليه وسلم الوحي من جبريل عليه السلام

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (والتنزيل له طريقان:
أحدهما: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انخلع من صورة البشرية إلى صورة الملائكة، وأخذه من جبريل.
والثاني: أن الملك انخلع إلى البشرية حتى يأخذ الرسول منه، والأول أصعب الحالين). [البرهان في علوم القرآن: 1/229]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ):
(
كيفية الإنزال والوحي: قال شيخنا العلامة الكافيجي وقبله الطيبي: لعل نزول القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتلقفه الملك من الله تلقفاً روحانياً أو يحفظه من اللوح المحفوظ فينزل به إلى الرسول ويلقيه عليه).
[التحبير في علم التفسير:118]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (وفي التنزيل طريقان:
أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم انخلع من صورة البشرية إلى صورة الملكية وأخذه من جبريل.
والثاني: أن الملك انخلع إلى البشرية حتى يأخذه الرسول منه والأول أصعب الحالين .انتهى

وقال الطيبي لعل نزول القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتلقفه الملك من الله تعالى تلقفا روحانيا أو يحفظه من اللوح المحفوظ فينزل به إلى الرسول ويلقيه عليه .
وقال القطب الرازي في حواشي الكشاف الإنزال لغة بمعنى الإيواء وبمعنى تحريك الشيء من علو إلى أسفل وكلاهما لا يتحققان في الكلام فهو مستعمل فيه في معنى مجازي فمن قال القرآن معنى قائم بذات الله تعالى فإنزاله أن يوجد الكلمات والحروف الدالة على ذلك المعنى ويثبتها في اللوح المحفوظ ومن قال القرآن هو الألفاظ فإنزاله مجرد إثباته في اللوح المحفوظ وهذا المعنى مناسب لكونه منقولا عن المعنيين اللغويين ويمكن أن يكون المراد بإنزاله إثباته في السماء الدنيا بعد الإثبات في اللوح المحفوظ وهذا مناسب للمعنى الثاني والمراد بإنزال الكتب على الرسل أن يتلقفها الملك من الله تلقفا روحيا أو يحفظها من اللوح المحفوظ وينزل بها فيلقيها عليهم . انتهى). [الإتقان في علوم القرآن: ؟؟]

اختلاف الأشاعرة في المنزَل على النبي صلى الله عليه وسلم هل هو المعنى أو اللفظ والمعنى؟
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (ونقل بعضهم عن السمرقندي حكاية ثلاثة أقوال في المنزل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما هو؟
أحدها أنه اللفظ والمعنى وأن جبريل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به وذكر بعضهم أن أحرف القرآن في اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وأن تحت كل حرف معان لا يحيط بها إلا الله عز وجل وهذا معنى قول الغزالي: إن هذه الأحرف سترة لمعانيه.
والثاني: أنه إنما نزل جبريل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمعاني خاصة وأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم تلك المعاني وعبر عنها بلغة العرب وإنما تمسكوا بقوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ} الآية [الشعراء: 193-194].
والثالث: أن جبريل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما ألقى عليه المعنى وأنه عبر بهذه الألفاظ بلغة العرب وأن أهل السماء يقرءونه بالعربية ثم أنه أنزل به كذلك بعد ذلك). [البرهان في علوم القرآن: 1/229]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (وقال غيره في المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أقوال:
أحدها أنه اللفظ والمعنى وأن جبريل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به وذكر بعضهم أن أحرف القرآن في اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وأن تحت كل حرف منها معان لا يحيط بها إلا الله .
والثاني: أن جبريل إنما نزل بالمعاني خاصة وأنه صلى الله عليه وسلم علم تلك المعاني وعبر عنها بلغة العرب وتمسك قائل هذا بظاهر قوله تعالى: {نزل به الروح الأمين على قلبك} .
والثالث: أن جبريل ألقى إليه المعنى وأنه عبر بهذه الألفاظ بلغة العرب وأن أهل السماء يقرؤونه بالعربية ثم إنه نزل به كذلك بعد ذلك.
وقال البيهقي في معنى قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} يريد والله أعلم إنا أسمعنا الملك وأفهمناه إياه وأنزلناه بما سمع فيكون الملك منتقلا به من علو إلى أسفل .
قال أبو شامة هذا المعنى مطرد في جميع ألفاظ الإنزال المضافة إلى القرآن أو إلى شيء منه يحتاج إليه أهل السنة المعتقدون قدم القرآن وأنه صفة قائمة بذات الله تعالى .
قلت ويؤيد أن جبريل تلقفه سماعا من الله تعالى ما أخرجه الطبراني من حديث النواس بن سمعان مرفوعا (( إذا تكلم الله بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله فإذا سمع بذلك أهل السماء صعقوا وخروا سجدا فيكون أولهم يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله من وحيه بما أراد فينتهي به على الملائكة فكلما مر بسماء سأله أهلها ماذا قال ربنا قال الحق فينتهي به حيث أمر )).
وأخرج ابن مردويه من حديث ابن مسعود رفعه ((إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان فيفزعون ويرون أنه من أمر الساعة)) وأصل الحديث في الصحيح .
وفي تفسير علي بن سهل النيسابوري قال جماعة من العلماء نزل القرآن جملة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت يقال له بيت العزة فحفظه جبريل وغشي على أهل السموات من هيبة كلام الله فمر بهم جبريل وقد أفاقوا فقالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق يعني القرآن وهو معنى قوله: {حتى إذا فزع عن قلوبهم} فأتى به جبريل إلى بيت العزة فأملاه على السفرة الكتبة يعني الملائكة وهو معنى قوله تعالى: {بأيدي سفرة كرام بررة} .
وقال الجويني كلام الله المنزل قسمان قسم قال الله لجبريل: قل للنبي الذي أنت مرسل إليه إن الله يقول افعل كذا وكذا وأمر بكذا وكذا ففهم جبريل ما قاله ربه ثم نزل على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال له ما قاله ربه ولم تكن العبارة تلك العبارة كما يقول الملك لمن يثق به قل لفلان يقول لك الملك اجتهد في الخدمة واجمع جندك للقتال فإن قال الرسول يقول الملك لا تتهاون في خدمتي ولا تترك الجند تتفرق وحثهم على المقاتلة لا ينسب إلى كذب ولا تقصير في أداء الرسالة.
وقسم آخر قال الله لجبريل: اقرأ على النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب فنزل جبريل بكلمة من الله من غير تغيير كما يكتب الملك كتابا ويسلمه إلى أمين ويقول: اقرأه على فلان فهو لا يغير منه كلمة ولا حرفا . انتهى
قلت القرآن هو القسم الثاني والقسم الأول هو السنة كما ورد أن جبريل كان ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن ومن هنا جاز رواية السنة بالمعنى لأن جبريل أداه بالمعنى ولم تجز القراءة بالمعنى لأن جبريل أداه باللفظ ولم يبح له إيحاءه بالمعنى .
والسر في ذلك أن المقصود منه التعبد بلفظه والإعجاز به فلا يقدر أحد أن يأتي بلفظ يقوم مقامه وإن تحت كل حرف منه معاني لا يحاط بها كثرة فلا يقدر أحد أن يأتي بدله بما يشتمل عليه والتخفيف على الأمة حيث جعل المنزل إليهم على قسمين قسم يروونه بلفظه الموحى به وقسم يروونه بالمعنى ولو جعل كله مما يروى باللفظ لشق أو بالمعنى لم يؤمن التبديل والتحريف فتأمل .
وقد رأيت عن السلف ما يعضد كلام الجويني .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عقيل عن الزهري أنه سئل عن الوحي فقال الوحي ما يوحي الله إلى نبي من الأنبياء فيثبته في قلبه فيتكلم به ويكتبه وهو كلام الله ومنه ما لا يتكلم به ولا يكتبه لأحد ولا يأمر بكتابته ولكنه يحدث به الناس حديثا ويبين لهم أن الله أمره أن يبينه للناس ويبلغهم إياه). [الإتقان في علوم القرآن: ؟؟]


رد مع اقتباس