تفسير قول الله تعالى: {الذي يوسوس في صدور الناس}
هذا فيه بيان محلّ الوسوسة ، والصدور محل القلوب التي هي أصل صلاح الجوارح وفسادها.
أي أن هذه الوسوسة محلها في الصدور، أو منتهاها إلى ما في الصدور.
قوله تعالى: {من الجنة والناس}
(من) بيانية ؛ لبيان أن الوسواس يكون من الجنة ويكون من الناس.
وهذا يبيّن أن الاستعاذة هنا تشمل الاستعاذة من كل وسواس خناس من الجنة ومن الناس .
وأن الوسوسة محلها في صدور الناس .
فهل تشمل وسوسة النفس ووسوسة شياطين الجن ووسوسة شياطين الإنس.
وتشمل أيضاً ما يوسوس به الإنسان لغيره فإن العبد قد يوسوس لغيره فيأمره بمعصية الله فيجر بذلك على نفسه وعلى أخيه المسلم شراً عظيماً يكون عليه وزره وتبعاته، وقد يتسلسل هذا الوزر وتعظم تلك التبعات فربّما ترتّب على الوسوسة في الأمر الواحد شروراً عظيمة.
فهي تشمل الاستعاذة من شر وسوسة غيره له ، وتشمل الاستعاذة من وسوسته لغيره.
وتشمل أيضاً الاستعاذة مما يُوسوسُ به عنه؛ فإن العبد قد يوسوس عنه بأمور يكون بسببها ما يكون من الشر أو حجب الخير فيؤثر ذلك عليه، ومبدأ ذلك وسوسة من الشياطين لغيره عنه.