عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 6 ربيع الثاني 1435هـ/6-02-2014م, 08:25 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

الرد على من أنكر نسخ التلاوة وبقاء الحكم
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (تنبيه: حكى القاضي أبو بكر في "الانتصار" عن قوم إنكار هذا الضرب؛ لأن الأخبار فيه أخبار آحاد ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها.
وقال أبو بكر الرازي: نسخ الرسم والتلاوة إنما يكون:
بأن ينسيهم الله إياه ويرفعه من أوهامهم، ويأمرهم بالإعراض عن تلاوته، وكتبه في المصحف فيندرس على الأيام كسائر كتب الله القديمة التي ذكرها في كتابه في قوله: {إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى} الآية [الأعلى: 18-19]، ولا يعرف اليوم منها شيء.
ثم لا يخلو ذلك من أن يكون في زمان النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا توفي لا يكون متلوا في القرآن أو يموت وهو متلو موجود بالرسم ثم ينسيه الله الناس ويرفعه من أذهانهم ، وغير جائز نسخ شيء من القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وقال في "البرهان" في قول عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها يعني آية الرجم ظاهره أن كتابتها جائزة وإنما منعه قول الناس والجائز في نفسه قد يقوم من خارج ما يمنعه فإذا كانت جائزة لزم أن تكون ثابتة؛ لأن هذا شأن المكتوب.
وقد يقال: لو كانت التلاوة باقية لبادر عمر ولم يعرج على مقالة الناس؛ لأن مقالة الناس لا تصلح مانعا.
وبالجملة هذه الملازمة مشكلة ولعله كان يعتقد أنه خبر واحد والقرآن لا يثبت به وإن ثبت الحكم، ومن هنا أنكر ابن ظفر في "الينبوع" عد هذا مما نسخ تلاوته، قال: لأن خبر الواحد لا يثبت القرآن.
قال: وإنما هذا المنسأ لا النسخ، وهما مما يلتبسان والفرق بينهما أن المنسأ لفظه قد يعلم حكمه. انتهى.
وقوله: لعله كان يعتقد أنه خبر واحد مردود فقد صح أنه تلقاها من النبي صلى الله عليه وسلم، فأخرج الحاكم من طريق كثير بن الصلت، قال: كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان المصحف فمرا على هذه الآية فقال زيد: (سمعت رسول الله يقول: ((الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة))، فقال عمر: لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أكتبها؟
فكأنه كره ذلك، فقال عمر: ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم).
قال ابن حجر: في "شرح المنهاج" فيستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها.
قلت: وخطر لي في ذلك نكتة حسنة وهو أن سببه: التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وإن كان حكمها باقيا؛ لأنه أثقل الأحكام وأشدها وأغلظ الحدود وفيه الإشارة إلى ندب الستر.
وأخرج النسائي أن مروان بن الحكم قال لزيد بن ثابت: ألا تكتبها في المصحف؟، قال: (ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان، ولقد ذكرنا ذلك، فقال عمر: أنا أكفيكم، فقال: يا رسول الله اكتب لي آية الرجم، قال: ((لا تستطيع)) ).
قوله: (اكتب لي)، أي: ائذن لي في كتابتها أو مكني من ذلك.
وأخرج ابن الضريس في "فضائل القرآن" عن يعلى بن حكيم عن زيد بن أسلم أن عمر خطب الناس، فقال: (لا تشكّوا في الرجم فإنه حق ولقد هممت أن أكتبه في المصحف فسألت أبي بن كعب فقال: أليس أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعت في صدري، وقلت: تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر).
قال ابن حجر: وفيه إشارة إلى بيان السبب في رفع تلاوتها وهو الاختلاف).
[الإتقان في علوم القرآن: 1461-1468]


رد مع اقتباس