عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 29 ربيع الأول 1435هـ/30-01-2014م, 01:48 AM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

النوع الثالث: نسخ الحكم وبقاء التلاوة

قال أبو عبدِ الله محمَّدُ بنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:320هـ): (والثالث: نسخ الحكم دون الخط، أوله أمر القبلة بأن المصلي يتوجه حيث شاء لقوله تعالى عز وجل: {فأينما تولوا فثم وجه الله} فنسخ ذلك، والتوجه إلى بيت المقدس بقوله عز وجل: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} ونظائرها كثيرة سيأتي ذكرها في موضعه إن شاء الله). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم:9]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت:410 هـ): (وأما ما نسخ حكمه وبقي خطه فهو في ثلاث وستّين سورة مثل الصّلاة إلى بيت المقدّس والصّيام الأول والصفح عن المشركين والإعراض عن الجاهلين) . [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة:23]
قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي(ت: 665هـ): (الضرب الثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها {أربعة أشهر وعشرا}.وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه). [المرشد الوجيز:44]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (الضرب الثاني: ما نسخ حكمه وبقي تلاوته وهو في ثلاث وستين سورة كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً} الآية [البقرة: 234] فكانت المرأة إذا مات زوجها لزمت التربص بعد انقضاء العدة حولا كاملا ونفقتها في مال الزوج ولا ميراث لها وهذا معنى قوله: {مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} الآية [البقرة: 240] فنسخ الله ذلك بقوله:
{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} الآية [البقرة: 234] وهذا الناسخ مقدم في النظم على المنسوخ.
قال القاضي أبو المعالي: وليس في القرآن ناسخ تقدم على المنسوخ إلا في موضعين: هذا أحدهما، والثاني قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} الآية [الأحزاب: 50] فإنها
ناسخة لقوله: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} الآية [الأحزاب: 52].
قلت: وذكر بعضهم موضعا آخر وهو قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} الآية [البقرة: 142] هي متقدمة في التلاوة ولكنها منسوخة
بقوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} الآية [البقرة: 144].
وقيل: في تقديم الناسخة فائدة وهي أن تعتقد حكم المنسوخة قبل العلم بنسخها.
ويجيء موضع رابع وهو آية الحشر في قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} الآية [الحشر: 7] فإنه لم يذكر فيها شيء للغانمين ورأى الشافعي أنها منسوخة بآية الأنفال وهي قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية [الأنفال: 41].
واعلم أن هذا الضرب ينقسم إلى ما يحرم العمل به ولا يمتنع كقوله: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} الآية [الأنفال: 65] ثم نسخ الوجوب.
ومنه قوله: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} الآية [البقرة: 190] قيل: منسوخ بقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} الآية [البقرة: 194].
وقوله: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} الآية [الأحقاف: 9] نسختها آيات القيامة والكتاب والحساب ). [البرهان في علوم القرآن:38-4/39]
قالَ عبدُ الرَّحمن بنُ عُمَرَ بنِ رَسْلانَ البُلقِينيُّ (ت: 824هـ): (؟؟ ولنذكر من ذلك أمثلة منها:
قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} الآية [البقرة: 234].
وهي قبلها في الترتيب.
روى البخاري عن ابن أبي مليكة قال ابن الزبير: قلت لعثمان بن عفان: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} الآية [البقرة: 234]، وقد نسختها الآية الأخرى فلم نكتبها أو تدعها؟
قال: (يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه)
.

وقوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} الآية [النساء: 15]، نسخها قوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} الآية [النور: 2].
روى عطاء الخراساني عن ابن عباس رضي الله عنهما في آية النساء أنها نسخها قوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} الآية [النور: 2].
- ومن ذلك قوله تعالى: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} الآية [الأنفال: 65]، ثم نسخ ذلك قوله تعالى: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا} إلى قوله: {الصابرين} الآية [الأنفال: 66].
والجهاد وقع النسخ فيه مرارا، فكان النبي صلى الله عليه وسلم مأمورا أولا بالمتاركة، فكان الجهاد ممنوعا في ابتداء الإسلام، وأمر بالصبر على أذى الكفار بقوله تعالى: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم} إلى قوله: {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} الآية [آل عمران: 186].
ثم أذن الله – سبحانه وتعالى – في القتال للمسلمين إذا ابتدأهم الكفار بالقتال بقوله: {فإن قاتلوكم فاقتلوهم} الآية [البقرة: 191]، ثم أباح الله القتال ابتداء لكن في غير الأشهر الحرم بقوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية [التوبة: 5].
ثم أمرهم من غير قيد بشرط ولا زمان بقوله: {واقتلوهم حيث وجدتموهم} الآية [النساء: 89].
والآيات في ذلك كثيرة، وقد ذكرنا ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته). [مواقع العلوم: 150-152]

قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (الضرب الثاني: ما نسخ حكمه دون تلاوته وهذا الضرب هو الذي فيه الكتب المؤلفة وهو على الحقيقة قليل جدا وإن أكثر الناس من تعداد الآيات فيه فإن المحققين منهم كالقاضي أبي بكر بن العربي بين ذلك وأتقنه.
والذي أقوله: أن الذي أورده المكثرون أقسام:
قسم ليس من النسخ في شيء ولا من التخصيص ولا له بهما علاقة بوجه من الوجوه، وذلك مثل قوله تعالى: {ومما رزقناهم ينفقون} الآية [البقرة: 3]، و{أنفقوا مما رزقناكم} الآية [ البقرة: 254]، ونحو ذلك.
قالوا: إنه منسوخ بآية الزكاة وليس كذلك بل هو باق.
أما الأولى فإنها خبر في معرض الثناء عليهم بالإنفاق وذلك يصلح أن يفسر بالزكاة وبالإنفاق على الأهل وبالإنفاق في الأمور المندوبة كالإعانة والإضافة وليس في الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة.
والآية الثانية يصلح حملها على الزكاة وقد فسرت بذلك.
وكذا قوله تعالى: {أليس الله بأحكم الحاكمين} الآية [التين: 8]، قيل: إنها مما نسخ بآية السيف وليس كذلك؛ لأنه تعالى أحكم الحاكمين أبدا لا يقبل هذا الكلام النسخ وإن كان معناه الأمر بالتفويض وترك المعاقبة.
وقوله في البقرة: {وقولوا للناس حسنا} الآية [البقرة: 83]، عده بعضهم من المنسوخ بآية السيف.
وقد غلطه ابن الحصار: بأن الآية حكاية عما أخذه على بني إسرائيل من الميثاق فهو خبر لا نسخ فيه وقس على ذلك.
وقسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ وقد اعتنى ابن العربي بتحريره فأجاد، كقوله: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} الآية [العصر: 2-3]،
{والشعراء يتبعهم الغاوون إلا الذين آمنوا} الآية [الشعراء: 224-225]، {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره} الآية [البقرة: 109]، وغير ذلك من الآيات التي خصت باستثناء أو غاية.
وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ.
ومنه قوله: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} الآية [البقرة: 221]، قيل: أنه نسخ بقوله: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب} الآية [المائدة: 5]، وإنما هو مخصوص به.
وقسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أو في شرائع من قبلنا أو في أول الإسلام ولم ينزل في القرآن: كإبطال نكاح نساء الآباء ومشروعية القصاص والدية وحصر الطلاق في الثلاث وهذا إدخاله في قسم الناسخ قريب ولكن عدم إدخاله أقرب، وهو الذي رجحه مكي وغيره ووجهوه: بأن ذلك لو عد في الناسخ لعد جميع القرآن منه إذ كله أو أكثره رافع لما كان عليه الكفار وأهل الكتاب.
قالوا: وإنما حق الناسخ والمنسوخ أن تكون آية نسخت آية. انتهى.
نعم. النوع الأخير منه وهو رافع ما كان في أول الإسلام إدخاله أوجه من القسمين قبله ). [الإتقان في علوم القرآن: 1443-1442]
قالَ جلالُ الدينِ عبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع الثاني والستون والثالث والستون: الناسخ والمنسوخ
هذان النوعان مهمان، وللناس فيهما مصنفات جمة، وذلك على ثلاثة أقسام:
الأول: ما نسخ حكمه دون رسمه، وهو أضرب:
أحدها: ما نسخه كتاب كقوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول..} الآية [البقرة: 240]، فإنه منسوخ بقوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً} الآية [البقرة: 234].
وكقوله تعالى: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين..} الآية [الأنفال: 65]، نسخ بقوله: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين..} الآية [الأنفال: 66].
وكقوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة..} إلى قوله: {فأمسكوهن في البيوت} الآية [النساء: 15]، نسخ بقوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} الآية [النور: 2] ). [التحبير في علم التفسير: 251-252]


رد مع اقتباس