عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 18 محرم 1435هـ/21-11-2013م, 04:46 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

ألفات أوائل الأسماء

قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ):
(
اعلم أن ألفات الأسماء تنقسم على أربعة أقسام: ألف أصل وألف قطع وألف وصل وألف الاستفهام.
فألف الأصل تعرفها بمحنتين، بأن تجدها فاء من الفعل ثابتة في التصغير، من ذلك قوله تعالى: {وأخذتكم على ذلكم إصري} [آل عمران: 81] هذه ألف أصل لأن (إصري) مثاله من الفعل «فعلي» فالألف بحذاء الفاء، وتقول في تصغيره «أصير» - كما ترى – فتجد الألف ثابتة في الصغير.

واعلم أن ألف الأصل في الأسماء تكون مضمومة ومفتوحة ومكسورة، فالمضمومة قوله تعالى: {قل أذن خير لكم} [التوبة: 61] الألف في (أذن) أصلية، لأنك تقول في مثالها «فُعُل» فالألف بحذاء الفاء، وتقول في تصغيرها

«أذينة» فتجد الألف ثابتة في التصغير. وكذلك: {يا أخت هارون} [مريم: 28] الألف في (أخت) أصلية لأنها فاء من الفعل، وهي ثابتة في التصغير، ألا ترى أنك تقول في التصغير «أخية».
والمفتوحة قوله: {أعجلتم أمر ربكم} [الأعراف: 150] الألف في (أمر) أصلية لأنك تقول في مثاله «فعل» فتجد الألف بحذاء الفاء، وتقول في تصغيره «أمير» فتجد الألف ثابتة في التصغير. وكذلك: {ما كان أبوك امرأ سوء} [مريم: 28] الألف في «الأب» ألف أصل لأنك تقول في تصغيره «أبي» وتقول في مثاله «فعيل» فالألف بحذاء الفاء.
والمكسورة قوله: {وأخذتم على ذلكم إصري} [آل عمران: 81].
والابتداء فيها بمثل الوصل، إذا وجدتها مكسورة في الوصل كسرتها في الابتداء، وإذا وجدتها مضمومة في الوصل ضممتها في الابتداء، وإذا وجدتها مفتوحة في الوصل فتحتها في الابتداء.
وألف القطع في الأسماء على وجهين: أحدهما أن يكون في أوائل الأسماء المفردة. والوجه الآخر أن تكون في أوائل الجمع.
فالتي تكون في أول الأسماء المفردة تعرفها بثباتها في التصغير وبأن تمتحن الألف فلا تجدها فاء ولا عينا ولا لامًا، من ذلك قوله: {فتبارك الله أحسن الخالقين} [المؤمنون: 14] الألف في (أحسن) ألف قطع لأنك تقول في تصغيره «أحيسن»
فتجد الألف ثابتة في التصغير، وتقول في مثاله من الفعل «أفعل» فتجد الألف ليست فاء ولا عينًا ولا لامًا. وكذلك: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها} [النساء: 86] الألف في «أحسن» ألف قطع لما ذكرنا.
فإن قال لك قائل: قد زعمت أن ألف الأصل تعرف بثباتها في التصغير، وزعمت أيضًا أن ألف القطع تعرف بثباتها في التصغير، فما الفرق بينهما؟ فقل: الفرق بينهما أن ألف الأصل فاء من الفعل وألف القطع ليست فاء ولا عينًا ولا لامًا.
وألف القطع في الجمع تعرفها بأن تجد الألف واللام يحسن
دخولهما عليها وتمتحنها فلا تجدها فاءً ولا عينًا ولا لامًا كقوله تعالى: {وحمر مختلف ألوانها} [فاطر: 27] الألف في (ألوان) ألف قطع لأنك تدخل عليها الألف واللام فتقول «الألوان» ومثالها من الفعل «أفعال»، فالألف ليست فاءً ولا عينًا ولا لامًا. وكذلك: {فأخرجنا به أزواجًا} [طه: 53] الألف في «أزواج» ألف قطع لأنك تدخل عليها الألف واللام فتقول: «الأزواج» و«أزواج» مثاله من الفعل «أفعال» فالألف ليست فاء. وكذلك: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب} [النحل: 116] الألف في «الألسنة» ألف قطع لأنك تدخل عليها الألف واللام فتقول: «الألسنة» وليست فاء من الفعل.
وألف الاستفهام مع الأسماء تمتحن بمثل ما امتحنت به
مع الأفعال.
وألفات الوصل في الأسماء تسعة: ألف ابن وابنة اثنين واثنين واثنتين وامريء وامرأة واسم واست. فهؤلاء الثمانية تكسر الألف في الابتداء فيهن وتحذف في الوصل. والتاسعة التي تدخل مع اللام للتعريف، وهي مفتوحة في الابتداء ساقطة في الوصل.
فأما الثمانية فإنك تعرفهن بالتصغير إذا وجدت الألف ثابتة في التكبير ساقطة من التصغير علمت أنها زائدة، من ذلك قوله: {يا عيسى ابن مريم} [المائدة: 116] إذا وقفت على (عيسى) ابتدأت (ابن مريم) بكسر الألف لأنها ألف وصل. الدليل على ذلك أنها لا تثبت في التصغير. وذلك أنك تقول في التصغير «بُني» كما ترى. وكذلك: {إن ابني من أهلي} [هود: 45]
إذا اضطررت إلى الوقف على (إن) ابتدأت (ابني) بكسر الألف لما ذكرنا. وكذلك: {ومريم ابنت عمران} [التحريم: 12] تبتدئ (ابنة) بكسر الألف لأنها ألف وصل، الدليل على ذلك أنك تقول في التصغير «بنية» فتجدها غير ثابتة في التصغير.
فإن قال قائل: لم صارت ألف «ابن» تبتدأ بالكسر؟ فقل: لأن أصله أمر من «بنيت» كان الأصل فيه «ابن» على وزن «اقض، ارم» ثم عربوه بتعريب الأسماء فرفعوه ونصبوه وخفضوه ونونوه، وكسروا الألف في «ابنة». لأن الأنثى مبنية على الذكر.
وتبتدئ أيضًا بالكسر قوله: {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا} [المائدة: 12] تبتدئ (اثنى) بالكسر لأن الألف فيه ألف وصل، الدليل على ذلك أنك تقول في التصغير «ثني عشر»
فتجدها غير ثابتة فيه. وكذلك: {حين الوصية اثنان} [المائدة: 106] تبتدئ: {اثنان ذوا عدل منكم} بالكسر. وكذلك: {فانفجرت منه اثنتا عشر عينا} [البقرة: 60] تبتدئ (اثنتا عشرة) بالكسر لأنك تقول في التصغير «ثنيتا عشرة» فتجد الألف غير ثابتة فيه. وكذلك: {فإن كانتا اثنتين} [النساء: 176] تقف (كانتا) وتبتدئ (اثنتين) بكسر الألف لما ذكرنا.
فإن قال قائل: لم صارت الألف في اثنين واثنتين مكسورة؟ فقل: لأن أصله أمر من «ثنيت» كان الأصل فيه «اثن يا رجل» على وزن «اقض يا رجل، ارم يا رجل» ثم عربت بتعريب الأسماء فدخلت عليه ألف التثنية، وكسرت ألف اثنتين لأن الأنثى مبنية على الذكر وتبتدئ أيضًا بالكسر قوله: {إن امرؤ هلك} [النساء: 176] إذا اضطررت إلى الوقف على (إن) ابتدأت (امرؤ هلك) بكسر الألف لأنك تقول في التصغير «مريء» كما ترى، فتجدها غير ثابتة فيه فيستدل بهذا على أنها ألف وصل. وكذلك: {ما كان أبوك امرأ سوء} [مريم: 28] تبديء: (امرأ سوء) بكسر الألف لما ذكرنا. وكذلك: {كل امريء بما كسب رهين} [الطور: 21] من اضطر إلى الوقف على (كل) ابتدأ: (امرئ) بالكسر لما ذكرنا. وكذلك: {إذا قالت امرأت عمران} [آل عمران: 35] تبتدئ: (امرأ) بكسر الألف لأنك تقول في التصغير «مريئة»، كما ترى، فتجدها غير ثابتة فيه. وكذلك: {امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه} [يوسف: 30]، {امرأة فرعون}
[القصص: 9] تبتدئ بالكسر لما ذكرنا.
فإن قال قائل: لم صارت الألف في «امرئ» تبتدأ بالكسر؟ فقل: كان ينبغي أن تُبنى على الثالث فبطل ذلك لأن الثالث لا يثبت على إعراب واحد؛ لأنه يكون في الرفع مضمومًا وفي النصب مفتوحًا، وفي الخفض مكسورًا، كما قال جل ثناؤه في الرفع: (إن امرؤ هلك) فضم الراء. وقال في النصب: (ما كان أبوك امرأ سوء) ففتح الراء، وقال في الخفض: (كل امرئ) فكسر الراء. فلما بطل أن يبنى على الثالث شبهت بأخواتها فكسرت فيه كما كسرت في «ابن وابنة واثنين واثنتين».
وقال الكسائي والفراء: «امرؤ» معرب من مكانين: عرب من الراء والهمزة. وإنما دعاهم إلى أن يعربوه من مكانين، والإعراب الواحد يكفي من الإعرابين، أن آخره
همزة، والهمز قد يترك في كثير من الكلام فكرهوا أن يفتحوا الراء ويتركوا الهمز فيقولوا «امرو» فتكون الراء مفتوحة والواو ساكنة فلا تكون في الكلمة علامة للرفع فعربوه من الراء ليكونوا إذا تركوا الهمز آمنين من سقوط الإعراب من الكلمة. وقال الفراء: من العرب من يعربه من الهمزة وحدها ويدع الراء مفتوحة فيقولك «قام امرؤ، وضربت امرأ، ومررت بامرئ» وأنشد
بأبي امرؤ والشام بيني وبينه = أتتني ببشرى برده ورسائله
وأنشد الفراء أيضًا:
أنت امرؤ من خيار الناس قد علموا = تغطي الجزيل وتغلي الحمد بالثمن
وإذا أسقطت العرب الألف من «امرئ» كان لها فيه مذهبان: التعريب من مكانين، والتعريب من مكان واحد. فإذا عربوه من مكانين قالوا: «قام مرؤ، وضربت مرأ، ومررت بمرئ» وبهذه اللغة نزل القرآن، أعني بالتعريب من مكان واحد. قال الله تعالى: {بين المرء وزوجه} [البقرة: 102] فاجتمع أكثر القراء على فتح الميم.
131- وحدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال: حدثني أبي قال: حدثني العباس بن الفضل قال: سألت أبا عمرو عن قوله: {يحول بين المرء وقلبه} [الأنفال: 24] فقال: أما أهل مكة فيقولون: جاءني المرء يا هذا، ومررت بالمرء
يا هذا، ورأيت المرأ يا هذا. قال العباس: وسألت أبا الأشهب العقيلي فقرأ: (يحول بين المرء وقلبه) بالخفض. تبتدئ أيضًا بالكسر قوله: {بكلمة منه اسمه المسيح} [آل عمران: 45]، تبتدئ: (اسمه) بكسر الألف لأنك تقول في التصغير «سمى»، كما ترى، فلا تجد الألف ثابتة فيه.
فإن قال قائل: فلم كسرت الألف؟ فقل: لأن أصله أمر من «سميت» حذفت لامه ثم عربت بتعريب الأسماء، ومن العرب من يقول: «اسم» بضم الألف، ولا نعلم أحدًا قرأ بها. فسألت أبا العباس عن هذا فقال: من قال: «اسم» بكسر الألف أخذه من «سميت، أسمي» ومن قال: «اسم» بضم الألف أخذه من «سموت، أسمو». ومن العرب من
يقول في الاسم: «سم وسم» أنشد الفراء:
وعامنا أعجبنا مقدمه = يكني أبا السمح وقرضاب سمه
مبتركًا لكل عظم يلحمه
وأنشد الفراء أيضًا:
والله أسماك سما مباركا = آثرك الله به إيثاركا
وأنشدني أبي قال: أنشدني أبو عكرمة الضبي:
بسم الذي في كل سورة سمه = قد وردت على طريق تعلمه
قال: ويروى «سمه» بضم السين.
فأما «است» فإن الألف فيها ألف وصل، الدليل على هذا أنك تقول في تصغيرها «ستيهة» كما ترى فتجد الألف غير ثابتة في التصغير وإنما كسرت ألفها لأنها ألحقت بسائر أخواتها.
واعلم أن العرب تهمز ألف الوصل في ضرورة الشعر وهو مما لا يلتفت إليه وإنما ذكرته لك لتعرفه. قال قيس بن الخطيم:
إذا جاوز الإثنين سر فإنه = بنشر وتكثير الحديث قمين
فهمز ألف الاثنين وهي ألف وصل، وقال الآخر:
ألا لا أرى إثنين أحسن شيمة = على حدثنا الدهر مني ومن جمل
فإن قال قائل: ما تقول في بيت ابن قيس الرقيات:
قالت أبن قيس ذا = وبعض الشيب يعجبها
لم قطع الألف؟ فقل: هذا البيت صواب، والألف المقطوعة ليست ألف وصل إنما هي ألف استفهام وألف الوصل ساقطة، كان الأصل فيه «قالت أابن قيس ذا» فحذف الألف الثانية للوصل وأبقى ألف الاستفهام.
وأما الألف التي تدخل مع اللام للتعريف فقوله جل وعز: (بسم الله الرحمن الرحيم)، إذا وقفت على (الله) تعالى ابتدأت «الرحمن الرحيم» بفتح الألف، وإذا وصلت أذهبتها وتعرفها بأن تمتحنها بالسقوط من الاسم الذي هي فيه، وبدخول الألف واللام عليها، فإذا صلح سقوطها من الاسم بطل دخول الألف واللام عليها فهي ألف وصل، وإذا كان غير ذلك فهي ألف قطع. فإذا قلت «الرحيم الحمد لله» علمت أن الألف في «الحمد» ألف وصل بأن تسقطها فتقول «حمد» ولا يحسن أن تدخل عليها الألف واللام. وكذلك: {حكيم. الطلاق} [البقرة: 228، 229] تبتدئ «الطلاق» بالفتح لأنها ألف وصل، الدليل على ذلك أنك تسقطها فتقول «طلاق» ولا يصح دخول الألف واللام عليها. وكذلك: {الحميد. الله الذي} [إبراهيم: 1، 2] تبتدئ الحميد لأنها ألف وصل. وكذلك: {لخبير. القارعة} [العاديات 11، القارعة 1] تبتدئ «القارعة» بالفتح لما ذكرنا. فإذا قلت: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم} [النحل: 116] قطعت الألف في الوصل لأنه يمكنك أن تدخل عليها الألف
واللام فتقول «الألسنة» ولا يمكنك أن تسقط منها الألف واللام. وكذلك قوله: {مختلف ألوانها} [فاطر: 27] هي ألف قطع لأنه يمكنك أن تدخل عليها الألف واللام فتقول: «الألوان».
فإن قال لك قائل: لم صارت الألف التي تدخل مع اللام للتعريف تبتدأ بالفتح؟ فقل: لأنهما بمنزلة حرف واحد. وذلك أن «ال» على وزن «هل وبل ومن وكم».
فإن قال لك قائل: هلا كسرت الألف تشبيهًا بـ«إن ومن»؟ فقل: كرهوا أن يكسروها فتلتبس بألف «اثنين واثنتين» ففتحوها ليفرقوا بينهما.
فإن قال لك قائل: إذا قلت «الرحمن» كم راء فيه؟ فقل: راءان، الأولى هي اللام التي مع الألف اندغمت في الراء لقرب مخرجها منها. وذلك أن المخرج الخامس من الفم للام، والمخرج السابع للراء. وكذلك: (الطلاق) فيه طاءان، الطاء الأولى هي اللام اندغمت في الطاء لقرب مخرجها منها. وكذلك: (الصراط) فيه صادان، الأولى هي اللام اندغمت في الصاد لقرب مخرجها منها، والأصل في هذا أن اللام تندغم في أربعة عشر حرفًا: في التاء والثاء والدال والذال والراء والزاي والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء والنون واللام. وإنما اندغمت في هؤلاء
الأربعة عشر حرفًا ولم تدغم في سائر الحروف لقربها منها ولعبدها من غيرها. الدليل على هذا قوله تعالى: {والأنعام والحرث} [آل عمران: 14] لم تدغم اللام في الحاء لبعد مخرجها منها.
وذلك أن اللام من حروف الفم، والحاء من حروف الحلق. ومثله: {وهل نجازي إلا الكفور} [سبأ: 17] لم تدغم اللام في (الكفور) لبعد مخرجها منها، وذلك أن المخرج الثاني من الفم للكاف والمخرج الخامس لللام، فلما بعُد المخرجان بطل الإدغام. يُقاس على هذا كل ما يرد من باب ألفا الأسماء إن شاء الله.
). [إيضاح الوقف والابتداء: 1/202- 221


رد مع اقتباس