الفواصل المتوازية والمطرفة والمتوازنة
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (الخامس: قسم البديعيون السجع والفواصل أيضا إلى متواز ومطرف [ومتوازن]
وأشرفها المتوازي: وهو أن تتفق الكلمتان في الوزن وحروف السجع كقوله تعالى: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ} وقوله: {وَالتَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ}.
والمطرف: أن يتفقا في حروف السجع لا في الوزن كقوله تعالى {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً}.
والمتوازن: أن يراعى في مقاطع الكلام الوزن فقط كقوله تعالى: {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}.
وقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}فلفظ الكتاب والصراط متوازنان ولفظ المستبين والمستقيم متوازنان.
وقوله: {فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ}.
وقوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى}.
وقوله: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} إلى آخرها.
وقوله: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى..} إلى آخرها.
وقد تكرر في سورة {حم عسق} في قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} إلى آخر الآيات السبع فجمع في فواصلها بين شديد وقريب وبعيد وعزيز ونصيب وأليم وكبير على هذا الترتيب وهو في القرآن كثير وفى المفصل خاصة في قصاره.
ومنهم من يذكر بدله الترصيع: وهو أن يكون المتقدم من الفقرتين مؤلفا من كلمات مختلفة والثاني مؤلفا من مثلها في ثلاثة أشياء وهي:
1-الوزن.
2-والتقفية.
3-وتقابل القرائن.
قيل ولم يجئ هذا القسم في القرآن العظيم لما فيه من التكلف.
وزعم بعضهم أن منه قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} وليس كذلك لورود لفظة إن ولفي كل واحد من الشطرين وهو مخالف لشرط الترصيع إذ شرطه اختلاف الكلمات في الشطرين جميعا.
وقال بعض المغاربة :سورة الواقعة من نوع الترصيع وتتبع آخر آيها يدل على أن فيها موازنة.
قالوا: وأحسن السجع ما تساوت قرائنه ليكون شبيها بالشعر فإن أبياته متساوية كقوله تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} وعلته أن السمع ألف الانتهاء إلى غاية في الخفة بالأولى فإذا زيد عليها ثقل عنه الزائد لأنه يكون عند وصولها إلى مقدار الأول كمن توقع الظفر بمقصوده
ثم ما طالت قرينته الثانية كقوله {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}أو الثالثة كقوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ}.
وهو إما قصير: كقوله {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً}.
أو طويل: كقوله {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ}.
أو متوسط: كقوله {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}.). [البرهان في علوم القرآن:؟؟]
الفواصل المتوازية والمطرفة والمتوازنة
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (فصل
في أقسام الفواصل
قسم البديعيون السجع ومثله الفواصل إلى أقسام مطرف ومتواز ومرصع ومتوازن ومتماثل
فالمطرف: أن تختلف الفاصلتان في الوزن وتتفقا في حروف السجع نحو: {ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطورا}
والمتوازي: أن يتفقا وزنا وتقفية ولم يكن ما في الأولى مقابلا لما في الثانية في الوزن والتقفية نحو: {فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة}
والمتوازن: أن يتفقا في الوزن دون التقفية نحو: {ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة}
والمرصع: أن يتفقا وزنا وتقفية ويكون ما في الأولى مقابلا لما في الثانية كذلك نحو: {إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم}
{إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم}
والمتماثل: أن يتساويا في الوزن دون التقفية وتكون أفراد الأولى مقابلة لما في الثانية فهو بالنسبة إلى المرصع كالمتوازن بالنسبة إلى المتوازي نحو: {وآتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم} فـ{الكتاب} والصراط يتوازنان وكذا المستبين والمستقيم واختلفا في الحرف الأخير). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]