قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((عيسى ابن مريم) [45] وقف غير تام لأن (وجيها) منصوب على القطع من (عيسى).
والوقف على قوله: (وجيها في الدنيا والآخرة) حسن. وقال السجستاني: هو وقف تام. وهذا خطأ منه لأن قوله: (ومن المقربين) نسق على «وجيه» كأنه قال: «وجيها ومقربا» فلا يتم الوقف على النسق قبل ما نسق عليه. والدليل على ما ذكرت قوله في الآية الثانية: (ويكلم الناس في المهد وكهلا) فنسق «الكهل» على قوله: (في المهد) كأنه قال: «ويكلم الناس صغيرًا وكهلا».)[إيضاح الوقف والابتداء: 2/576 - 577]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({نوحيه إليك} كاف. ومثله {يكفل مريم}. ومثله {في الدنيا والآخرة}، وقال أبو حاتم: هو تام. وليس كذلك، لأن ما بعده معطوف عليه. وقال نافع: {بكلمةٍ منه} تام. وهو حسن، لأن ما بعده، وإن كان مرفوعًا بالابتداء والخبر فإنه بيان لما قبله فهو متعلق به. والمعنى إن الله يبشرك ببشرى من عنده. ثم بين البشرى أنها ولد اسمه المسيح.)[المكتفى: 200 - 201]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ({منه – 45 – ق} قد قيل لتذكير الضمير [في {اسمه} وتأنيث الكلمة] ولكن المراد من الكلمة الولد، فلم يكن تأنيثًا حقيقيًا، فالوجه أن لا يوقف إلى {الصالحين} لأن {وجيهًا} حاله، وما بعده معطوف عليه، على تقدير: وكائنا من المقربين [ومكلما وكائنًا] من الصالحين.
{بشر – 47 – ط}. {ما يشاء -47 – ط}. {والإنجيل -48 – ط} لأن {ورسولاً} يجوز أن يكون معطوفًا على {ومن الصالحين} أو منصوبًا بمحذوف، أي: يجعله رسولاً. والوقف أجوز لتباعد العطف.)[علل الوقوف: 1/372 - 373]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (بكلمة منه (جائز) ويبتدئ اسمه المسيح بكسر الهمزة ومثله عيسى ابن مريم إن جعل عيسى خبر مبتدأ محذوف أي هو عيسى وليس بوقف إن جعل اسمه المجموع من قوله المسيح عيسى ابن مريم كما في الكشاف أو جعل عيسى بدلاً من المسيح أو عطف بيان وابن مريم صفة لعيسى
والآخرة (جائز) ومثله المقربين عند من جعل ويكلم مستأنفًا على الخبر والأوجه إنَّ وجيهًا ومن المقربين ويكلم من الصالحين هذه الأربعة أحوال انتصبت عن قوله بكلمة والمعنى إنَّ الله يبشرك بهذه الكلمة موصوفة بهذه الصفات الجميلة ولا يجوز أن تكون من المسيح ولا من عيسى ولا من ابن مريم ولا من الهاء في اسمه انظر تعليل ذلك في المطولات فلا يوقف على كهلاً لأنَّ ومن الصالحين معطوف على وجهين أي وجيهًا ومقربًا وصالحًا أو يبشرك بعيسى في حال وجاهته وكهولته وتقريبه وصلاحه
الصالحين (تام)
بشر (كاف) ومثله ما يشاء
كن (جائز)
فيكون (تام) لمن قرأ ونعلمه بالنون على الاستئناف وكاف لمن قرأ بالياء التحتية عطفًا على يبشرك من عطف الجمل
والإنجيل (حسن) إن نصب ورسولاً بمقدر أي ونجعله رسولاً وليس بوقف لمن عطفه على وجيهًا فيكون حالاً أي ومعلمًا الكتاب وهو ضعيف لطول الفصل بين المتعاطفين وكذا على قراءة البزي
ورسول بالجر عطفًا على بكلمة منه أي يبشرك بكلمة منه ورسول لبعد المعطوف عليه والمعطوف )[منار الهدى: 77 - 78]
- تفسير