قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا) [91] كان ابن كثير وأبو عمرو يقرآن: (يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا) بالياء. وكان مجاهد والحسن والأعمش وحمزة والكسائي يقرؤون: (تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا) بالتاء. فمن قرأ (تجعلونه قراطيس) بالتاء جعله خطابا متصلاً بقوله: (قل من أنزل الكتاب) (تجعلونه) ولا يحسن الوقف من هذه القراءة على (هدى للناس) لأن (تجعلونه قراطيس) حكاية. ومن قرأ: (يجعلونه قراطيس) بالياء حسن أن يقف على (هدى للناس) لأن (يجعلونه) بالياء خبر عنهم وليس بحكاية. (أنتم ولا آباؤكم قل الله) حسن. (في خوضهم يلعبون) تام.)[إيضاح الوقف والابتداء: 2/640]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): (ومن قرأ (يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرًا* بالياء وقف على قوله: {وهدىً للناس} لأن ما بعد ذلك استئناف خبر فهو منقطع مما قبله. ومن قرأ ذلك بالتاء لم يقف على (الناس) لأن ما بعده خطاب متصل بالخطاب الذي تقدمه في قوله: {قل من أنزل الكتاب} فلا يقطع منه {قل الله} كاف. {يلعبون} تام. ومثله {يحافظون}.)[المكتفى: 255]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ({من شيء-
91- ط}. {كثيرًا- 91- ط}. [لمن قرأ: {يجعلونه} وما بعهده بالياء، ومن قرأ بالتاء فوقفه جائز لانتهاء الاستفهام مع اتفاق الخطاب، على تقدير: وقد علمتم]. {آباؤكم- 91- ط}. {قل الله - 91- لا}. لأن قوله: {ثم ذرهم} معطوف على {قل}. {ومن حولها- 92- ط}.)[علل الوقوف: 2/482 - 483]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (من شيء (حسن) ومثله للناس سواء قرئ ما بعده بالغيبة أم بالخطاب وقيل إن قرئت أي الأفعال الثلاثة وهي يجعلونه قراطيس ويبدونها ويحفون بالغيبة مخاطبة لليهود وقوله وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم مخاطبة للمسلمين كان كافيًا لأنَّ ما بعده استئناف وهي قراءة مجاهد وابن كثير وأبي عمرو ومخاطبة لمشركي العرب وإن قرئت بالتاء الفوقية فليس بوقف لأنَّ ما بعده خطاب متصل بالخطاب الذي تقدم في قوله قل من أنزل الكتاب فلا يقطع بعضه من بعض
قل الله (حسن) الجلالة فاعل بفعل محذوف أي قل أنزله الله أو هو مبتدأ والخبر محذوف أي الله أنزله
يلعبون (تام) وقال نافع التام قل الله
ومن حولها (حسن)
والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به (جائز) والذين مبتدأ خبره يؤمنون ولم يتحد المبتدأ والخبر لتغاير متعلقهما
يحافظون (كاف) وقيل تام)[منار الهدى: 134 - 135]
- أقوال المفسرين