عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 27 شعبان 1434هـ/5-07-2013م, 06:25 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

القول بالتوقيف لا ينافي وجود الاختلاف والاجتهاد في بعض المسائل
قَالَ القَاسِمُ بنُ فِيرُّه بنِ خَلَفٍ الشَّاطِبِيُّ (ت: 590هـ): (
ولكن بعوثُ البحثِ لا فـُلَّ حدُّهـا.......على حدّها تعلو البشائـر بالنصــر
وما يمنع التوقيــــــــــــف فيه اختلافـه.......إذا قيل بالأصلين تأويل مستبري). [ناظمة الزهر:؟؟]
- قَالَ عَبْدُ الفَتَّاحِ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ القَاضِي (ت: 1403هـ): (ص: ولكن بعوث البحث لا فل حدها.......على حدها تغلو البشائر بالنصر
اللغة: البعوث جمع بعث وهو الجيش. ولابحث التفتيش والتنقيب. وفل بمعنى كسر، وحدها مضاربها من قولهم حد السيف للوضع الذي يضرب به منه. على حدها، الحد هنا لبأس والقوة: والبشائر جمع بشارة وهي الإعلام بما يسر والنصر الظفر.
الإعراب: ولكن حرف استدراك. بعوث البحث مبتدأ ومضاف إليه. وقوله لا فل حدها: لا نافية وفل فعل ماض مبني للمجهول وحدها نائب فاعل وهي جملة دعائية معترضة بين المبتدأ والخبر، وعلى حدها متعلق بتعلو، جملة تعلو البشائر خبر المبتدأ وبالنصر متعلق بتعلو أيضًا.
المعنى: لما قدم المصنف أن عدد الآي ثابت بالتوقيف واستدل عليه بما تقدم وكان ذلك موهما أن هذا العلم نقلي محض لا مجال للعقل فيه، استدرك لدفع هذا التوهم فبين أن ليس معنى كونه نقليًا أن جميع جزئياته كذلك بل معنى ذلك أن معظمه نقلي، وقد استنبط منه قواعد كلية رد إليها ما لم ينص عليه من الجزئيات بالاجتهاد، فقال ولكن بعوث البحث الخ.
يعني: ومع أن الأعداد منقولة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثابتة بالتوقيف فليس ذلك جاريًا في جميع جزئياتها ولكن الأفكار السليمة والأنظار الثاقبة التي أثارها بحث الأئمة النقلة لأصول هذا العلم قد جدت واجتهدت فيما لم يرد فيه نص فردته إلى نظيره مما ورد فيه النص، فاستعار البعوث وهي الجيوش للأفكار الصائبة. وقرينة المجاز المضاف إليه وهو البحث، ورشح المجاز بقوله لا فل حدها أي لا كسرت مضار بها ولا ضعفت شوكتها، والمقصود الدعاء للأفكار بإصابة ما تقصد إليه من الحقائق. وكذلك قوله على حدها الخ. ترشيح أيضًا للمجاز المذكور، أي على قوة هذه الأفكار وإمعانها في البحث عن حقائق الأشياء تظهر خفايا الأمور وتنكشف مشكلاتها. وهو المراد بقوله تعلو البشائر بالنصر. أو الكلام مبني على التمثيل، وقوله لا فل حدها تشريح له والمقصود أن الأفكار السليمة التي أثارها البحث عن جزئيات هذا الفن قد أعملت فألحقت ما يرد فيه نص بنظيره مما ورد فيه النص وفازت بما طلبت من فهم مقاصد هذا العلم وأصوله الكلية التي ترد إليها جزئياتها. والخلاصة: أن هذا العلم بعضه ثبت بالنص وهو المعظم وبعضه بالاجتهاد، ولكن لما كان الاجتهاد راجعًا إلى رد الجزئيات التي لم ينص عليها إلى ما قص عليه منها صح أن يقال إنه نقلي. والله أعلم بالصواب...
وما يمنع التوقيف فيه اختلافـه.......إذا قيل بالأصلين تأويل مستبري
اللغة: مستبري: أصلها مستبرئ سكنت الهمزة للوزن وأبدلت للتخفيف، ومعناه طالب البراءة من الشبه والشكوك لنفسه أو غيره.
الإعراب: ما نافية «يمنع» مضارع. والتوقيف مفعوله المقدم، وفيه متعلق بالتوقيف وضميره يعود على العدد واختلافه فاعل. وإذا ظرف لما يستقبل من الزمان، وقيل ماض مجهول، وبالأصلين الخ جملة اسمية مقدمة الخبر مقصود لفظها نائب فاعل قيل.
المعنى: هذا جواب عن سؤال ينساق إليه الذهن من الكلام السابق*. وذلك أنه لما قدم أن الصحابة وقع منهم اجتهاد نقله الخلف عنهم، ورد عليه أن إثبات الاجتهاد في العدد من الصحابة الناقلين القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بآياته وعدده لا يعقل اختلافهم فيما نقلوا من العدد. فاختلاف العدد دليل على الاجتهاد، والاجتهاد ينافي التوقيف، إذ لا حاجة إلى الاجتهاد ما داموا قد علموا العدد من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحاصل الجواب: أن التوقيف في هذا العلم وسماع الصحابة القرآن من الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينافي اجتهادهم واختلافهم فيه. وذلك أن الرسول علمهم الآي بوقفه على رأس الآية، وهناك آيات وقف عليها الرسول دائمًا ولم يصلها. فهذه معدودة بالاتفاق لا يقع فيها خلاف، وهناك مواضع وصلها الرسول دائمًا ولم يقف عليها وهي متروكة من العدد بالاتفاق، وهناك مواضع وقف عليها مرة ووصلها أخرى وهذه محط اختلافهم، لأن وقفه عليها يحتمل أن يكون لكونها رأس آية، ويحتمل أن يكون للاستراحة، وأن يكون لتعريف الوقف؛ ووصله لها يحتمل أن يكون لعدم كونها رأس آية، ويحتمل أن تكونرأس آية وإنما وقف عليها في المرة الأولى لتعليم الآي فلما اطمأن إلى معرفتهم إياها وصلها. فمع هذه الاحتمالات لا يمكن القول بأنها رأس آية أو ليست برأس آية لا بالاجتهاد. وهذه هي المواضع التي كانت محل اختلاف أنظار الصحابة، وموطن اجتهادهم. وهذا معنى قوله «وما يمنع التوقيف الخ» أي لا يمنع التوقيف في هذا العلم وتعليم الرسول الصحابة إياه اختلاف أهل العدد، وقت أن يقول بالأصلين تأويل مستبرى، أي تأويل شخص طلب لنفسه أو غيره البراءة من الشبه وقطع الاحتمالات). [معالم اليسر:؟؟]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (ومن أدلة الاجتهاد في بعض الآيات ما روي عن الإمام الأعمش أنه لم يعد قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ} رأس آية لعدم المشاكلة لأنه يقرؤها خُيَّفا بضم الخاء وتشديد الياء مفتوحة بوزن نُصَّرًا وهذا مبني [منه] على الاجتهاد، روى الإمام الداني بسنده إلى حمزة إلى أنه قال: قلت للأعمش: ما لم تعدوا (أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ)؟ قال: لأنها في قراءتنا خُيَّفًا، قال الداني هذا الخبر أصل في معرفة رؤوس آي السور وفي تمييز فواصلها وذلك أن لفظ (خائفين) لما لم يكن مشاكلًا لما قبله ولما بعده من رؤوس [آي] تلك السورة في وقوع الحرف المد الزائد قبل الحرف المتحرك الذي هو آخر الكلمة التي هي الفاصلة ولا مشبهًا في ذلك ولا مساويًا به في الزنة، والبِنْيَة يكن رأس آية في سورة رؤوس آيها مبنية على ما ذكر، ثم أن اختلاف الأعمش في هذا اللفظ وكذا ما يذكر من التوجهات لا يكون مانعًا لورود التوقيف فيه لأن التوجيه بالأصلين السابقين إنما هو تعليل بعد الوقوع لأن جانب التوقيف راجح في هذا الفن والتوجيه إنما يؤتى به لدفع الشبهة كما يكون في توجيه القرآن والرسم تطبيقًا لقواعد العرب بقدر الإمكان وفيه نفع مَّا وهذا معنى قول الشاطبي:
وَفِي خَائِفِيْنَ اعْتَلَّ الأعْمَشُ بِالَّتِـي قَرَا....... خُيَّفًا وَهُوَ اجْتِهَــــــــــــادٌ بِـلا نُكْـر
وَلا يمْنَعُ التَّوْقِيْفُ فِيْهِ اخْتِلافُـــــــــــــــــــــــــهُ.......إِذَا قِيْلَ بِالأَصْلَيْنِ تَأْوِيْلُ مُسْتَبْرِ(1) [القول الوجيز: 156-159]
- قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلِيّ مُوسَى (ت: 1429هـ): ( (1) قوله: (اعتل) يقال "اعتل فلان بكذا" أي جعله كذا علة في عمله، والمراد هنا الاحتجاج.
و(النكر): الإنكار. وفي هذا البيت دليل على وقوع الاجتهاد من السلف في الفواصل لأن الأعمش وهو من التابعين لما سئل عن عدم عده (خائفين) احتج بأنها في قراءته (خُيَّفا) وهذا يثبت اجتهاد السلف ورعايتهم للمشاكلة بين الفواصل من غير إنكار فأشار إلى أنها في قراءته لا تشاكل فواصل السورة حيث فقدت المشاكلة. وقوله: مستبري: أصلها مستبرئ ومعناه طالب البراءة من الشبه والشكوك لنفسه أو لغيره.
ومعنى هذا البيت: أنه لا يمنع التوقيف في هذا العلم وتعليم الرسول الصحابة إياه اختلاف أهل العدد وقت أن يقول بالأصلين تأويل مستبرئ أي تأويل شخص طلب لنفسه البراءة من الشبه وقطع الاحتمالات.
وفي هذا البيت إشارة إلى أن التعليل في هذا الفن بالأصلين وهما التشاكل والتناسب لا يكون مانعًا لورود النص والتوقيف فيه، فالتوقيف أرجح من الاجتهاد. كما قال الشارح). [التعليق على القول الوجيز:؟؟]

رد مع اقتباس