عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 27 شعبان 1434هـ/5-07-2013م, 06:22 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

أقوال العلماء في مسألة توقيف عدّ الآي
قَال أبو عَمْرو عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): (ففي هذه السنن والآثار التي اجتلبناها في هذه الأبواب مع كثرتها واشتهار نقلتها دليل واضح وشاهد قاطع على أن ما بين أيدينا مما نقله إلينا علماؤنا عن سلفنا من عدد الآي ورؤوس الفواصل والخموس والعشور وعدد جمل آي السور على اختلاف ذلك واتفاقه مسموع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومأخوذ عنه وأن الصحابة رضوان الله عليهم هم الذين تلقوا ذلك منه كذلك تلقيا كتلقيهم منه حروف القرآن واختلاف القراءات سواء، ثم أدّاه التابعون رحمة الله عليهم على نحو ذلك إلى الخالفين أداء؛ فنقله عنهم أهل الأمصار، وأدوه إلى الأمّة، وسلكوا في نقله وأدائه الطريق التي سلكوها في نقل الحروف وأدائها، من التمسك بالتعليم بالسماع، دون الاستنباط والاختراع، ولذلك صار مضافا إليهم، ومرفوعا عليهم، دون غيرهم من أئمتهم، كإضافة الحروف وتوقيفها سواء، وهي إضافة تمسك ولزوم واتباع، لا إضافة استنباط واختراع
وقد زعم بعض من أهمل التفتيش عن الأصول وأغفل إنعام النظر في السنن والآثار أن ذلك كله معلوم من جهة الاستنباط ومأخوذ أكثره من المصاحف دون التوقيف والتعليم من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبطلان ما زعمه وفساد ما قاله غير مشكوك فيه عند من له أدنى فهم وأقل تمييز إذ كان المبين عن الله عز وجل قد أفصح بالتوقيف بقوله: (من قرأ آية كذا، وكذا من قرأ الآيتين، ومن قرأ الثلاث الآيات، ومن قرأ العشر إلى كذا، ومن قرأ ثلاث مئة آية، إلى خمس مئة آية، إلى ألف آية) في أشباه ذلك مما قد مضى بأسانيده من قوله صلى الله عليه وسلم ألا ترى أنه غير ممكن ولا جائز أن يقول ذلك لأصحابه الذين شهدوه وسمعوا ذلك منه إلا وقد علموا المقدار الذي أراده وقصده وأشار إليه، وعرفوا ابتداءه وأقصاه ومنتهاه، وذلك بإعلامه إياهم عند التلقين والتعليم برأس الآية، وموضع الخمس، ومنتهى العشر، ولا سيما أن نزول القرآن عليه كان مفرّقا خمسا خمسا، وآية وآيتين، وثلاثا وأربعا، وأكثر من ذلك، على ما فرط قبل، وقد أفصح الصحابة رضي الله عنهم بالتوقيف بقولهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم العشر فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل.
وجائز أن يعلمهم العشر كاملا في فور واحد، ومفرقا في أوقات، وكيف كان ذلك فعنه أخذوا رؤوس الآي آية آية.
وإذا كان ذلك كذلك، ولا يكون غيره؛ بطل ما قاله من قدمناه، وصح ما قلناه.
وكذلك القول عندنا في تأليف السور وتسميتها وترتيب آيها في الكتابة أن ذلك توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإعلام منه به، لتوفر مجيء الأخبار بذلك، واقتضاء العادة بكونه كذلك، وتواطؤ الجماعة واتفاق الأمة عليه، وبالله التوفيق). [البيان:39-40]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وقال بعض من عني بهذا الشأن:
- جَمَلْنا عدَدَآي القرآن مع آي فاتحة الكتاب، كل ذلك في العدد الكوفي، فكان ذلك: ستة آلاف آية ومائتي آية وستا وثلاثين آية.
- وجملنا ذلك: كله للمدني الأخير، وهو عدد إسماعيل بن جعفر المدني، فكان:ستة آلاف آية ومائتي آية وأربع عشرة آية.
- وكان في المدني الأول: ستة آلاف آية ومائتي آية وسبع عشرة آية.
- وحسبناه في عدد أهل البصرة: فكان ستة آلاف آية ومائتي آية وأربع آيات.
- وجمعناه على عدد أهل الشام:فكان ستة آلاف ومائتي آية وسبعا وعشرين آية...
فإن قيل: فما الموجب لاختلافهم في عدد الآي؟
قلت: النقل والتوقيف، ولو كان ذلك راجعا إلى الرأي لعد الكوفيون {الر} آية كما عدوا {الم}، وكيف عدوا {المص} ولم يعدوا {المر}، وما لهم لم يعدوا: {طس}
و{ص} و{ق} و{ن} كما عدوا {طسم} و{طه} و{يس}.. وكيف عدوا {كهيعص} آية واحدة، وعدوا {حم * عسق} آيتين.
ولما عد الشامي {غشاوة ولهم عذاب أليم}[البقرة: 10] وأسقط {إنما نحن مصلحون} [البقرة: 11] ولما عد الجميع إلا الشامي {وأنزل التوراة والإنجيل} في آل عمران [الآية: 3]، ولما أسقط الكوفي وحده {وأنزل الفرقان}[آل عمران: 4] وعدها غيره، ولما أسقط الجميع {فإذا دخلتموه فإنكم غالبون} [المائدة: 23] إلا البصري، ولما عد الكوفي {من اليم ما غشيهم} في طه [الآية: 78] وقد مرّ في السور من هذا كثير، يدلك على التوقيف.
وقد صنف عبيد الله بن محمد الناقط كتابا، اعتمد فيه على قياس رؤوس الآي، فما رآه موافقا للقياس عده، وما كان على خلاف ذلك اختار تركه. مثال ذلك أنه قال في سورة النساء في قوله عز وجل: {ويريدون أن تضِلُّوا السبيل} [الآية: 44] عدها أهل الكوفة، قال والقياس تركها ونحن لا نعدها، قال لأنها ليست متسقة على ما قبلها ولا ما بعدها، والكتاب كله كذلك.
ولو كان العدد بالأشباه لما عدوا {من ثقُلت موازينه} في القارعة
[الآية: 6] ونحو ذلك وكذلك {وأما من خفت موازينه} [القارعة: 8]
وهو كثير.
فإن قيل: فلو كان ذلك توقيفا لم يقع اختلاف.
قلت: الأمر في ذلك على نحو من اختلاف القراءات، وكلها مع الاختلاف راجع إلى النقل والله أعلم.
ومما يؤيد ما ذكرته من أن عدد الآي راجع إلى التوقيف؛ ما روى عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "اختلفنا في سورة من القرآن،فقال بعضنا ثلاثين، وقال بعضنا اثنتين وثلاثين، وأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه، فتغير لونه، فأسر إلى علي بن أبي طالب بشيء، فالتفت إلينا علي رضوان الله عليه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرءوا القرآن كما علمتموه".
ففي هذا دليل على أن العدد راجع إلى التعليم. وفيه أيضا دليل على تصويب العددين لمن تأمل بفهم).
[جمال القراء: 1/231 - 233]

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وقال بعضهم: الصحيح أنها إنما تعلم بتوقيف من الشارع، لا مجال للقياس فيه كمعرفة السورة، فالآية طائفة حروف من القرآن، علم بالتوقيف انقطاعها معنى عن الكلام الذي بعدها في أول القرآن، وعن الكلام الذي قبلها في آخر القرآن، وعن الكلام الذي قبلها والذي بعدها في غيرهما، غير مشتمل على مثل ذلك، قال: وبهذا القيد خرجت السورة.
وقال الزمخشري: الآيات علم توقيف لا مجال للقياس فيه، فعدوا: {الم} آية حيث وقعت من السورة المفتتح بها وهي ست، وكذلك: {المص} آية، و{المر} لم تعد آية و{الر} ليست بآية في سورها الخمس و: {طسم} آية في سورتيها، و: {طه} و: {يس} آيتان و{طس} ليست بآية، و{حم} آية في سورها كلها، و{حم عسق} آيتان، و: {كهيعص} آية واحدة، و{ص} و{ق} و{ن} ثلاثتها لم تعد آية هذا مذهب الكوفيين، ومن عداهم لم يعدوا شيئا منها آية.
وقال بعضهم: إنما عدوا {يس} آية ولم يعدوا {طس}؛ لأن {طس} تشبه المفرد كقابيل في الزنة والحروف، و{يس} تشبه الجملة من جهة أن أوله ياء وليس لنا مفرد أوله ياء.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي: ذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الفاتحة سبع آيات، وسورة الملك ثلاثون آية، وصح أنه قرأ العشر الآيات الخواتيم من سورة آل عمران.
قال: وتعديد الآي من معضلات القرآن، ومن آياته طويل وقصير، ومنه ما ينقطع، ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام، ومنه ما يكون في أثنائه كقوله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} على مذهب أهل المدينة، فإنهم يعدونها آية وينبغي أن يعول في ذلك على فعل السلف). [البرهان في علوم القرآن: 1/266-268]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (قال بعضهم: الصحيح أن الآية إنما تعلم بتوقيف من الشارع كمعرفة السورة. قال: فالآية طائفة من حروف القرآن علم بالتوقيف انقطاعها يعني عن الكلام الذي بعدها في أول القرآن وعن الكلام الذي قبلها في آخر القرآن وعما قبلها وما بعدها في غيرهما غير مشتمل على مثل ذلك قال وبهذا القيد خرجت السورة .
وقال الزمخشري: الآيات علم توقيفي لا مجال للقياس فيه ولذلك عدوا {الم} آية حيث وقعت و{المص} ولم يعدوا {المر} و{الر} وعدوا {حم} آية في سورها و{طه} و{يس} ولم يعدوا {طس} .
قلت: ومما يدل على أنه توقيفي، ما أخرجه أحمد في مسنده من طريق عاصم بن أبي النجود عن زر عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول الله سورة صلى الله عليه وسلم سورة من الثلاثين من آل حم، قال: يعني الأحقاف. قال: وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت الثلاثين . . . الحديث.
وقال ابن العربي: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الفاتحة سبع آيات وسورة الملك ثلاثون آية، وصح أنه قرأ العشر الآيات الخواتيم من سورة آل عمران.
قال: وتعديد الآي من معضلات القرآن ومن آياته طويل وقصير ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام ومنه ما يكون في أثنائه.
وقال غيره: سبب اختلاف السلف في عدد الآي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف على رؤوس الآي للتوقيف فإذا علم محلها وصل للتمام فيحسب السامع حينئذ أنها ليست فاصلة). [الإتقان في علوم القرآن:2/؟؟]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (قال في الإتقان: (قال بعضهم: الصحيح أن الآية إنما تعلم بتوقيف من الشارع كمعرفة السورة فالآية طائفة من حروف القرآن علم بالتوقيف انقطاعها يعني عن الكلام الذي بعدها في أول القرآن وعن الكلام الذي قبلها في آخر القرآن وعما قبلها وعما بعدها في غيرهما غير مشتمل على مثل ذلك، قال: وبهذا القيد خرجت السورة) انتهى). [القول الوجيز: 151-153]


رد مع اقتباس