مواضع اختلاف العدد
مواضع اختلاف العدد
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): (اختلافها تسع آيات:
{حم} عدها الكوفي ولم يعدها الباقون
{يوم التلاق} لم يعدها الشامي وعدها الباقون
{بارزون} عدها الشامي ولم يعدها الباقون
{كاظمين} لم يعدها الكوفي وعدها الباقون
{وأورثنا بني إسرائيل الكتاب} لم يعدها المدني الأخير والبصري وعدها الباقون
{وما يستوي الأعمى والبصير} عدها المدني الأخير والشامي ولم يعدها الباقون
{والسلاسل يسحبون} عدها المدني الأخير والكوفي والشامي ولم يعدها الباقون
{في الحميم} عدها المدني الأول والمكي ولم يعدها الباقون
{كنتم تشركون} عدها الكوفي والشامي ولم يعدها الباقون). [البيان: 218]
قَالَ القَاسِمُ بنُ فِيرُّه بنِ خَلَفٍ الشَّاطِبِيُّ (ت: 590هـ): (وعن كلهم عد التناد التلاق دع ....... دليلا وأثبت بارزون له واشر
وأسقط كوف كاظمين وتشركو ....... ن أثبت والشامي به خلفه أجري
ودع قبل الألباب الكتاب ودن به ....... ونور بإثبات البصير دجى بدر
ودع يسحبون واثن جيد اعتسافه ....... ومن بعد فاعدد في الحميم جدا البذر).[ناظمة الزهر: 159-164]
- قَالَ عَبْدُ الفَتَّاحِ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ القَاضِي (ت: 1403هـ): (ص: وعن كلهم عد التناد التلاق دع ....... دليلا وأثبت بارزون له واشر
اللغة: واشر من الشراء وأراد به هنا مطلق الاستبدال.
الإعراب: وعن كلهم خبر مقدم لقوله عد التناد. وقوله والتلاق مفعول مقدم لدع. ودليلاً حال من فاعل دع أو من مفعوله أي حال كونك ذا دليل أو حال كونه ذا دليل. وأثبت أمرية وبارزون مفعولها وله متعلقها واشر عطف عليها.
المعنى: أفاد أن جميع علماء العدد يعدون {أخاف عليكم يوم التناد} ثم أمر بترك عد قوله تعالى {لينذر يوم التلاق} لمن رمز له بدال دليلاً وهو الشامي فيكون معدودًا لغيره. وأمر بإثبات عد {يوم هم بارزون} للشامي فيكون متروكًا لغيره. ويؤخذ من هذا أن من يعد التلاق يترك بارزون وبالعكس. وإلى هذا أشار بقوله واشر. وجه عد التلاق مشاكلته لآخر الآية بعده «القهار» في أن ما قبل الحرف الأخير فيهما حرف مد. ووجه تركه القصر وعدم الموازنة ووجه عد بارزون مشاكلته لما قبله وهو {ولو كره الكافرون} وفي الزنة كذلك ووجه تركه القصر.
ص: وأسقط كوف كاظمين وتشركو ....... ن أثبت والشامي به خلفه أجري
الإعراب: وأسقط كوف كاظمين جملة فعلية ومفعولها. وتشركون مفعول ثان أثبت ونائب فاعل أثبت ضمير يعود على الكوفي. والشامي مبتدأ أول وخلفه مبتدأ ثان وجملة أجري المبنية للمجهول خبر الثاني والجملة خبر الأول. وبه متعلق بأجري والباء بمعنى في.
المعنى: أفاد أن الكوفي لم يعد {لدي الحناجر كاظمين} وعد {أين ما كنتم تشركون} فتعين لغير الكوفي عد الأول وترك الثاني. وقوله والشامي الخ معناه أن الشامي اختلف عنه في عد تشركون وتركه وذكر الناظم الخلاف للشامي في تشركون من زيادته على الأصل لأن الأصل أثبت أن الشامي يعده قولا واحدا
مثل الكوفي. فلعل المصنف ذكر هذا الخلاف للشامي من غير طريق الأصل وجه عد كاظمين المشاكلة وتمام الكلام. ووجه تركه قصره عما قبله ووجه عد تشركون المشاكلة والإجماع على عد مثله ووجه تركه تعلق ما بعده به وهو ظاهر.
ص: ودع قبل الألباب الكتاب ودن به ....... ونور بإثبات البصير دجى بدر
اللغة: ودن به أي اتبعه واجعله لك دينا. ودجى جمع دجية وهي الظلمة. والبدر القمر ليلة تمامه.
الإعراب: ودع أمرية والكتاب مفعولها وقبل الألباب حال المفعول ودن عطف على دع وبه متعلق بدن ونور أمرية وبإثبات البصير متعلقها. ودجى مفعولها وإضافة دجى لبدر على معنى اللام وفيه إشارة إلى أن البدر ظلماني بحسب ذاته وإنما يستمد النور من غيره فكأنه يجعل إثبات هذا اللفظ سببًا في إمداد البدر بالنور وإزالته ظلته ولعله استعار البدر للعقل فيكون فيه إشارة إلى أن إثبات لفظ البصير وتحققه بالنظر للآيات فيه إمداد للعقل بالأنوار حتى يشرق ويضيء.
المعنى: أمر بترك عد {وأورثنا بني إسرائيل الكتاب} الواقع قبل {هدى وذكرى لأولي الأباب} لمن رزم لهما بالواو الباء وهما البصري والمدني الأخير فيكون معدودًا لغيرهما. كما أمر بإثبات عد {وما يستوي الأعمى والبصير} لمن رمز لهما بالدال والباء وهما الشامي والمدني الأخير فيكون متروكًا لغيرهما. وجه عد الكتاب مشاكلته لأولي الألباب. ووجه تركه عدم تمام الكلام وقصر ما بعده ووجه عد البصير المشاكلة ووجه تركه عدم الموازنة لما بعده وعطف ما بعده على ما قبله.
ص: ودع يسحبون وائن جيد اعتسافه ....... ومن بعد فاعدد في الحميم جد البذر
اللغة: الجيد العنق. وائن من الئي وهو المي. والاعتساف التكلف والجدا العطاء. والبذر ما يبذر في الأرض.
الإعراب: ودع أمرية ويسحبون مفعولها وائن أمرية كذلك وجيد مفعولها ومضاف إلى اعتسافه. واعدد أمرية وفي الحميم مفعولها. ومن بعد حال من الحميم وجدا مفعول مطلق بتقدير مضاف أي اعدده عدا جدا البذر.
المعنى: أمر بترك عد «يسحبون» لمن رمز لهم بالواو والجيم والألف وهم البصري والمكي والمدني الأول فتعين عده للباقين. وأمر بعد «في الحميم» للمكي والمدني الأول فتعين تركه للباقين ويؤخذ من هذا ثلاثة مذاهب. الأول ترك يسحبون وعد في الحميم للمكي والمدني الأول الثاني تركهما للبصري. الثالث عد الأول وترك الثاني للكوفي والشامي والمدني الأخير. وكلهم قد عدوا «يسجرون» وجه عد الأول المشاكلة والموازنة. ووجه تركه تعلق ما بعده به ووجه عد الثاني المشاكلة. ووجه تركه عدم تمام الكلام وقصر الآية بعده. ووجه تركهما يعلم من وجه ترك الأول والثاني. وفي قوله. وائن جيد اعتسافه إشارة إلى وجه ترك يسحبون لأن فيه أي في عده اعتسافًا بقطع الفعل عن متعلقه وهو مناسب لمعنى الآية لأن سحب الكافر في السلاسل جزاء له على اعتسافه طريق السلامة في الدنيا بتركه الإيمان وفيه إشارة إلى أن الجزاء من جنس العمل وذلك لأنه لما تكبر عن الإيمان ورفع عنقه تكبرا كان جزاؤه يوم القيامة أن يطوي عنقه ويذل تكبره بسحبه في السلاسل وفي قوله جدا البذر إشارة إلى وجه عده وهو مشاكلته لفواصل السورة فإن عده بجعله كالثمار التي ينتجها البذر متراصة متلاحقة تزين موضعها كما تزين الفواصل الأماكن التي هي فيها والله أعلم). [معالم اليسر:159-165]
قالَ أبو الفَرَجِ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَلِيٍّ ابنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ) : ( اختلافها تسع آيات:
عد الكوفي {حم} آية.
وعد الكوفي والمكي والمدنيان والبصري {لينذر يوم التلاق} آية، وتركها الشامي.
وعد الشامي وحده {يوم هم بارزون} آية.
وعد الشامي والمكي والمدنيان والبصري {لدى الحناجر كاظمين} آية، وتركها الكوفي.
وعد الشامي والكوفي والمدني الأول والمكي {وأورثنا بني إسرائيل الكتاب} آية.
وعد الشامي والمدني الأخير {وما يستوي الأعمى والبصير} آية.
وعد الشامي والكوفي والمدني الأخير {والسلاسل يسحبون} آية.
وعد المكي والمدني الأول {في الحميم} آية.
وعد الشامي والكوفي {أين ما كنتم تشركون} آية، ولم يعد أحد منهم كلهم {مخلصين له الدين} آية بحال) [فنون الأفنان:278-327]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة المؤمن: اختلافها سبع:
{حم} للكوفي.
{كاظمين} [الآية: 18] أسقطها الكوفي.
{يوم التلاق} [الآية: 15] أسقطها الشامي.
{يوم هم بارزون} [الآية: 16] عدها الشامي.
{وأورثنا بني إسرائيل الكتاب} [الآية: 53] أسقطها المدني الأخير والبصري.
{الأعمى والبصير} [الآية: 58] عدها المدني الأخير والشامي.
{والسلاسل يسحبون} [الآية: 71] عدها الكوفي والمدني الأخير والشامي.
{في الحميم} [الآية: 72] عدها المدني الأول والمكي.
{أين ما كنتم تشركون} [الآية: 73] عدها الكوفي والشامي). [جمال القراء:1/214- 215]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (خلافها تسع حم كوفي وترك كاظمين يوم التلاق تركها دمشق وعد بارزون إسرائيل الكتاب غير مدني أخير وبصري الأعمى والبصير دمشقي ومدني أخير يسحبون كوفي ومدني أخير في الحميم مكي ومدني أول كنتم تشركون كوفي ودمشقي). [إتحاف فضلاء البشر: 2/434] (م)
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (اختلافهم في تسعة مواضع:
الأول: {حـم} عده الكوفي ولم يعده الباقون لما مر أول البقرة
الثاني: {يَوْمَ [التَّلَاقِ]} عده غير الشامي لاعتبار الموازنة فيه لنحو القهار ولم يعده الشامي لاعتبار الموازنة في بارزون دونه
الثالث: {بَارِزُون} عده الشامي لمشاكلته لقوله: {الكَافِرُون} ولم يعده الباقون لعدم المساواة
الرابع: {كَاظِمِيْن} عده غير الكوفي لوجود المشاكلة ولم يعد الكوفي لعدم المساواة
الخامس: {بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} عده غير المدني الأخير والبصري لوجود المشاكلة بينه وبين ما بعده ولم يعده المدني الأخير والبصري لعدم انقطاع الكلام
السادس: {الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} عده المدني الأخير والشامي للمشاكلة ولم يعده الباقون لعدم انقطاع الكلام، السابع: {وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ} عده المدني الأخير والشامي والكوفي لوجود الموازنة بينه وبين يسجرون بعده ولم يعده الباقون لاتصال الكلام
الثامن: {فِي الحَمِيْمِ} عدنه المدني الأول والمكي للمشاكلة حيث لم يَعُدَّا {يُسْحَبُونَ} قبله ولم يعده الباقون لعدم انقطاع الكلام ولعدم المساواة
التاسع: {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ} عده الكوفي والشامي بخلاف عنه لوجود المشاكلة ولم يعده الباقون والشامي في الرواية الأخرى عنه لعدم انقطاع الكلام.
تنبيه: حكاية الخُلف الشامي مما انفرد به الشاطبي لأن الداني لم يذكره في الأصل للشامي وحده بل شارك بينه وبين الكوفي فلعله أخذ الوجهين من غير طريق الداني.
...
تكميـل: ليس بين الحمصي والدمشقي خلاف في سور الزمر، أما في سورة غافر فبينهما خلاف في أربعة مواضع:
الأول: {وَالتَّلاقِ} يتركه الدمشقي ويعده الحمصي مع العادِّين.
الثاني: {بَارِزُوْن} يعده الدمشقي ويتركه الحمصي مع التاركين.
الثالث: {وَالبَصِيْر} يعده الدمشقي دون الحمصي.
الرابع: {يَسْحَبُوْن} يعده الدمشقي دون الحمصي.
وعلى هذا يعد الدمشقي الموضعين الثالث والرابع، ويتركهما الحمصي ولذلك كان عدد السورة عند الدمشقي ستًا وثمانين وعند الحمصي أربعًا وثمانين، والله أعلم). [القول الوجيز: 280]
قَالَ عَبْدُ الفَتَّاحِ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ القَاضِي (ت: 1403هـ) : (قلت:
يوم التلاق للدمشقي حظلا ....... وعكس ذا في بارزون نقلا
وأقول: أعني: أن قوله تعالى: {يوم التّلاق} منع عده للدمشقي فيكون معدودا لغيره. وأن عكس هذا الحكم نقل في قوله تعالى: {يوم هم بارزون} بمعنى أنه يكون معدودا للدمشقي ومتروكا لغيره. فـ {يوم التّلاق} يعده سائر أئمة العدد إلا الدمشقي فيتركه، "وبارزون" يتركه جميع الأئمة إلا الدمشقي فيعده.
قلت:
ودع لكوف كاظمين واترك ....... للثان والبصر الكتاب قد حكي
ثان دمشق والبصير عنهما ....... ويسحبون الكوف عد معهما
وأقول: أمرت في البيت الأول بعدم عد قوله تعالى: {لدى الحناجر كاظمين} للكوفي فيكون معدودا لغيره، وبعدم عد قوله تعالى: {وأورثنا بني إسرائيل الكتاب} للمدني الثاني والبصري فيكون ثابتا في عد غيرهما ثم أخبرت في البيت الثاني بأن المدني الثاني والدمشقي ثبت عنهما عد قوله تعالى: {وما يستوي الأعمى والبصير} فيكون متروكا للباقين. وقرن البصير بالواو لإخراج الخالي منها وهو {إنّه هو السّميع البصير} فإنه معدود إجماعا ثم ذكرت أن قوله تعالى: {السّلاسل يسحبون} عده الكوفي مع المدني الثاني والدمشقي. فيكون متروكا في عد المدني الأول والمكي والبصري والحمصي.
قلت:
وفي الحميم أول مكي ....... وتشركون الكوف والشامي
وأقول: المعني أن قوله تعالى: {في الحميم} يعده المدني الأول والمكي ويتركه غيرهما، وقوله تعالى: {أين ما كنتم تشركون} يعده الكوفي والشامي ويسقطه سواهما، وقد ذكر إمامنا الشاطبي الخلاف فيه للشامي ولكن لم أعرج على هذا الخلاف في النظم بل قطعت بأن الشامي يعده كالكوفي تبعا للإمام الداني في كتابه "البيان" حيث لم يذكر خلافا للشامي بل جزم بأن الشامي يعده قولا واحدا كالكوفي، فذكر الشاطبي الخلاف للشامي خروج عن أصله فلذا لم أتبعه بل اتبعت الأصل. وإلى هنا تم الكلام على مواضع الخلاف في سورة غافر.
..."تتمة": الفواصل المختلف فيها في سورة غافر تسعة تعرض النظم لبيان ثمانية وهي: التلاق، بارزون، كاظمين، الكتاب، والبصير، يسحبون، في الحميم، تشركون، والتاسعة "حم" ولا يخفي عدها للكوفي... )[نفائس البيان: 57-58]