عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 17 شعبان 1434هـ/25-06-2013م, 01:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي عطف مفردات أو جمل

عطف مفردات أو جمل
{لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [172:4]
في الكشاف [
594:1-596]: «أي لن يأنف، ولن يذهب بنفسه عزة، من نكفت الدمع: إذا نحيته عن خدك بإصبعك {ولا الملائكة المقربون} ولا من هو أعلى منه قدرًا وأعظم منه خطرًا، وهم الملائكة الكروبيون الذين حول العرش كجبريل وميكائيل وإسرافيل ومن في طبقتهم فإن قلت: من أين دل قوله: {ولا الملائكة المقربون} على أن المعنى: ومن فوقه؟ قلت: من حيث إن علم المعاني لا يقتضي غير ذلك، وذلك أن الكلام إنما سيق لرد مذهب النصارى وغلوهم في رفع المسيح عن منزلة العبودية، فوجب أن يقال لهم: لن يترفع عيسى عن العبودية، ولا من هو أرفع منه درجة، كأنه قيل: لن يستنكف الملائكة المقربون من العبودية فكيف بالمسيح؟! ويدل عليه دلالة ظاهرة بنية تخصيص المقربين لكونهم أرفع الملائكة درجة، وأعلاهم منزلة. ومثله قول القائل:
وما مثله ممن يجاود حاتم ...... ولا البحر ذو الأمواج يلتج زاخره
لا شك في أنه قصد بالبحر ذي الأمواج ما هو فوق حاتم في الجود».
وقال في ص [
597]: «فإن قلت: علام عطف قوله: {ولا الملائكة}؟ قلت: لا يخلو إما أن يعطف على المسيح، أو على اسم (يكون) أو على المستتر في (عبدًا) لما فيه من معنى الوصف لدلالته على معنى العبادة، قولك: مررت برجل عبد أبوه، فالعطف على المسيح هو الظاهر لأداء غيره إلى ما فيه بعض انحراف عن الغرض، وهو أن المسيح لا يأنف أن يكون هو ولا من فوقه موصوفين بالعبودية، أو أن يعبد الله هو ومن فوقه.
فإن قلت: قد جعلت الملائكة، وهم جماعة عبد الله في هذا العطف، فما وجهه؟
قلت: فيها وجهان: أحدهما أن يراد: ولا كل واحد من الملائكة، أو: ولا الملائكة المقربون أن يكونوا عباد الله، فحذف ذلك لدلالة (عبدًا لله) عليه إيجازًا.
وأما إذا عفتهم على المضير في (عبدًا) فقد طرح هذا السؤال».
وفي النهر [
402:3-404] {ولا الملائكة المقربون}: ظاهره أن يكون معطوفًا على قوله: {لن يستنكف المسيح}، والمعنى: لا تستنكف الملائكة المقربون أن يكونوا عبيدًا لله، وليس معطوفًا على قوله: {المسيح} لاختلاف الخبر، قال الزمخشري.
التفضيل بين الملائكة والأنبياء إنما يكون بالسمع، إذ نحن لا ندرك جهة التفضيل بالعقل وأما الآية فقد يقال: متى نفي شيء عن اثنين فلا يدل ذلك على أن الثاني أرفع من الأول ولا أن ذلك من باب الترقي، فإذا قلت: لن يأنف فلان أن يسجد لله ولا عمرو فلا دلالة فيه على أن عمرا أفضل من زيد، وإن سلمنا ذلك فليست الآية من هذا القبيل لأنه قابل مفردًا بجمع ولم يقابل مفردًا بمفرد، ولا جمعًا بجمع، وقد يقال: الجمع أفضل من المفرد.
ولا يلزم في الآية تفضيل الجمع على الجمع، ولا المفرد على المفرد.
وإن سلمنا أن المعطوف في الآية أرفع من المعطوف عليه فيكون ذلك بحسب ما ألقى في أذهان العرب وغيرهم من تعظيم الملك وترفيعه، حتى إنهم ينفون البشرية على الممدوح، ويثبتون له الملكية، ولا يدل تخليهم ذلك على أنه في نفس الأمر أفضل وأعظم ثوابًا.
ومما ورد من ذلك على حسب ما ألقى في الأذهان قوله تعالى حكاية عن النسوة اللاتي فاجأهن حُسْن يوسف (ما هذا بشرًا إن هذا إلا ملك كريم).
قال الزمخشري: علام عطف..
الانحراف عن الغرض هو أن المسيح لا يأنف أن يكون هو ولا من فوقه موصوفين بالعبودية، أو أن يعبد الله هو ومن فوقه، لأنه لا يلزم من عدم استنكافه وحده أن يكون هو والملائكة عبيدًا، أو أن يكون هو وهم يعبدونه مع عدم استنكافهم فقد يرضى شخص أن يضرب هو وزيد عمرًا، ولا يرضى ذلك زيد. ويظهر أيضًا مرجوحية الوجهين من جهة دخول (لا)، إذ لو أريد العطف على الضمير في يون، أو على المستتر في (عبدًا) لم تدخل (لا) بل كان يكون التركيب بدونها، كقوله: ما يريد زيد أن يكون هو وأبوه قائمين، وتقول: ما يريد زيد أن يصطلح هو وعمرو، فهذان ونحوهما ليسا من مظنات دخول (لا) فإن وجد في لسان العرب دخول (لا) في نحو من هذا فهي زائدة».
وانظر البحر: [
402-404].


رد مع اقتباس