عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 26 رجب 1434هـ/4-06-2013م, 03:38 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي

نزول قوله تعالى: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5) )

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)}
تقدم سبب نزولها وهو قول عمر في سورة البقرة). [لباب النقول: 271]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وسبب نزولها حادثتان حدثتا بين أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم:
إحداهما: ما ثبت في "الصّحيح" عن عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان شرب عسلًا عند إحدى نسائه اختلف في أنّها زينب بنت جحشٍ، أو حفصة، أو أمّ سلمة، أو سودة بنت زمعة. والأصحّ أنّها زينب.
فعلمت بذلك عائشة فتواطأت هي وحفصة على أنّ أيّتهما دخل عليها تقول له: (إنّي أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير) (والمغافير صمغ شجر العرفط وله رائحةٌ مختمرةٌ) وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يكره أن توجد منه رائحةٌ وإنّما تواطأتا على ذلك غيرةً منهما أن يحتبس عند زينب زمانًا يشرب فيه عسلًا. فدخل على حفصة فقالت له ذلك، فقال: ((بل شربت عسلًا عند فلانةٍ ولن أعود له))، أراد بذلك استرضاء حفصة في هذا الشّأن وأوصاها أن لا تخبر بذلك عائشة (لأنّه يكره غضبها) فأخبرت حفصة عائشة فنزلت الآيات.
هذا أصحّ ما روي في سبب نزول هذه الآيات. والتّحريم هو قوله: ((ولن أعود له)) (لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يقول إلّا صدقًا وكانت سودة تقول: (لقد حرمناه)).
والثّانية: ما رواه ابن القاسم في "المدوّنة" عن مالكٍ عن زيد بن أسلم قال: (حرّم رسول اللّه أمّ إبراهيم جاريته فقال: ((واللّه لا أطؤك)) ثمّ قال: ((هي عليّ حرامٌ)) فأنزل اللّه تعالى: {يا أيّها النّبيّ لم تحرّم ما أحلّ اللّه لك تبتغي مرضات أزواجك} [التّحريم: 1]).
وتفصيل هذا الخبر ما رواه الدّارقطنيّ عن ابن عبّاسٍ عن عمر قال: (دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأمّ ولده مارية في بيت حفصة فوجدته حفصة معها، وكانت حفصة غابت إلى بيت أبيها. فقالت حفصة: تدخلها بيتي ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلّا من هواني عليك. فقال لها: ((لا تذكري هذا لعائشة فهي عليّ حرامٌ إن قربتها)). قيل: فقالت له حفصة: كيف تحرم عليك وهي جاريتك فحلف لها أن لا يقربها فذكرته حفصة لعائشة فآلى أن لا يدخل على نسائه شهرًا فأنزل اللّه تعالى: {يا أيّها النّبيّ لم تحرّم ما أحلّ اللّه لك}). وهو حديثٌ ضعيفٌ). [التحرير والتنوير: 28/344-345]

قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ):( [البخاري: 11 /293] حدثني الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: زعم عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يمكث عند زينب ابنة جحش، ويشرب عندها عسلا فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلتقل: إني لأجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير. فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال: ((لا بأس شربت عسلا عند زينب ابنة جحش ولن أعود له)). فنزلت {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى {تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} لعائشة وحفصة {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} لقوله: بل شربت عسلا.
الحديث أعاده مسندا مع تغيير في [المتن يسير: 14/385] ثم قال إبراهيم بن موسى عن هشام ((ولن أعود له وقد حبفت فلا تخبري بذلك أحدا)).
وأخرجه مسلم [10/75]، وأبو داود [3 /386] وقال صاحب عون المعبود: قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه مختصرا ومطولا ا.هـ. وهو في [النسائي: 6 /123 ،:17/13]، وابن سعد [8 /76 ق1] وأبو نعيم في [الحلية: 3/276].
قال الإمام النسائي رحمه الله [2 /242] من التفسير: أخبرني إبراهيم بن يونس بن محمد نا أبي نا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كانت له أمة يطؤها فلم تنزل به عائشة وحفصة حتى حرمها فأنزل الله هذه الآية {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} إلى آخر الآية.
الحديث أخرجه الحاكم [2/493] وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي.
قال أبو عبد الرحمن: فيه محمد بن بكير الحضرمي ليس من رجال مسلم وقد رمز له في تهذيب التهذيب إلى البخاري تبعا للكمال، لكن قال المزي: لم أقف على روايته عنه لا في الصحيح ولا في غيره. اهـ.
فعلى هذا يقال في الحديث: صحيح، ولا يقال: على شرط مسلم.
قال الحافظ في الفتح بعد عزوه إلى النسائي: إن سنده صحيح [11 /292].
وفي[مجمع الزوائد: 7 /126] عن ابن عباس {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} قال نزلت هذه في سريته. رواه البزار بإسنادين والطبراني ورجال البزار رجال الصحيح غير بشر بن آدم وهو ثقة.
قال الضياء المقدسي في [المختارة :11/99، 300]، أخبرنا أبو أحمد عبد الباقي بن عبد الجبار بن عبد الباقي الحرضي الهروي –قراءة عليه ونحن نسمع ببغداد- قيل له: أخبركم أبو شجاع، عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي –قراءة عليه وأنت تسمع- أنا أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد الخليلي، أنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن الحسن الخزاعي، أنا أبو سعيد، الهيثم بن كليب الشاشي، ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا جرير بن حازم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر عن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لحفصة: ((لا تحدثي أحدا، وإن أم إبراهيم علي حرام)) فقالت: أتحرم ما أحل الله لك؟ قال:
((فوالله لا أقربها)). قال: فلم يقربها نفسها حتى أخبرت عائشة، فأنزل الله عز وجل: {قد فرض الله لكم تحل أيمانكم}. أبو قلابة صدوق يخطئ تغير حفظه لما سكن بغداد. اهـ. تقريب.
قال الحافظ ابن كثير بعد ذكره بسنده: هذا إسناد صحيح ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه المستخرج.
قال الحافظ في [الفتح:10/283]: يحتمل أن تكون الآية نزلت في السببين معا ا.هـ. أي بسبب تحريمه العسل وتحريمه جاريته. وقال الشوكاني في تفسيره [5 /252]: فهذان سببان صحيحان لنزول الآية، والجمع ممكن بوقوع القصتين: قصة العسل وقصة مارية، وأن القرآن نزل فيهما جميعا وفي كل واحد منهما أنه أسر الحديث إلى بعض أزواجه). [الصحيح المسند في أسباب النزول:250-252]


قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ):
(قوله تعالى:{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [الآية: 5].
مسلم [10/82] حدثني زهير بن حرب حدثنا عمر بن يونس الحنفي حدثنا عكرمة بن عمار عن سماك أبي زميل حدثني عبد الله بن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نساءه قال: دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون الحصى ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نساءه، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب، قال عمر: فقلت: لأعلمن ذلك اليوم. قال: فدخلت على عائشة، فقلت: يا ابنة أبي بكر أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت: ما لي وما لك يا ابن الخطاب عليك بعيبتك. قال: فدخلت على حفصة فقلت لها: يا حفصة أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فبكت أشد البكاء، فقلت لها: أين رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ قالت: هو في خزانته في المشربة، فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قاعدا على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وينحدر، فناديت يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا، ثم قلت: يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا. ثم رفعت صوتي فقلت: يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ظن أني إنما جئت من أجل حفصة والله لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بضرب عنقها لأضربن عنقها، ورفعت صوتي فأومأ إلي أن ارقه، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو مضطجع على حصير فجلست فأدنى عليه إزاره وليس عليه غيره وإذا الحصير قد أثر في جنبه، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع ومثلها قرظا من ناحية الغرفة وإذا أفيق معلق، قال: فابتدرت عيناي. قال: ((ما يبكيك يا ابن الخطاب))؟ قلت: يا نبي الله وما لي لا أبكي، وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصفوته وهذه خزانتك. فقال: ((يا ابن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا)). قلت: بلى. قال ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب. فقلت: يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء، فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول ونزلت الآية، آية التخيير {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقلت: يا رسول الله: أطلقتهن؟ قال: ((لا)). قلت: يا رسول الله إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى يقولون: طلق رسول الله نساءه. أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن. قال: ((نعم إن شئت)). فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه وحتى كشر فضحك وكان من أحسن الناس ثغرا ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونزلت، فنزلت أتشبث بالجذع، ونزل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده فقلت: يا رسول الله إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين قال: ((إن الشهر يكون تسعا وعشرين)). فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نساءه ونزلت هذه الآية: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر وأنزل الله عز وجل آية التخيير.
وقد تقدم في سورة البقرة قول عمر وافقت ربي في ثلاث وذكر منها: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} ). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 252-254]



روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس