ما ورد في نزول قوله تعالى: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) )
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا} الآية.
قال الحسن والسدي: تواطأ اثنا عشر حبرا من يهود خيبر وقرى عرينة، وقال بعضهم لبعض: ادخلوا في دين محمد أول النهار باللسان دون الاعتقاد، واكفروا به في آخر النهار وقولوا: إنا نظرنا في كتبنا وشاورنا علماءنا فوجدنا محمدا ليس بذلك وظهر لنا كذبه وبطلان دينه، فإذا فعلتم ذلك شك أصحابه في دينهم، وقالوا: إنهم أهل كتاب وهم أعلم به منا، فيرجعون عن دينهم إلى دينكم، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأخبر به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
وقال مجاهد ومقاتل والكلبي هذا في شأن القبلة لما صرفت إلى الكعبة شق ذلك على اليهود لمخالفتهم، فقال كعب بن الأشرف وأصحابه: آمنوا بالذي أنزل على محمد من أمر الكعبة، وصلوا إليها أول النهار، ثم اكفروا
[أسباب النزول: 104]
بالكعبة آخر النهار، وارجعوا إلى قبلتكم الصخرة، لعلهم يقولون: هؤلاء أهل كتاب وهم أعلم منا، فربما يرجعون إلى قبلتنا فحذر الله تعالى نبيه مكر هؤلاء، وأطلعه على سرهم، وأنزل {وقالت طائفة من أهل الكتاب} الآية). [أسباب النزول: 105]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين أمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون} [72]
أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق أسباط عن السدي قال كان أحبار
[العجاب في بيان الأسباب: 2/693]
قرى عربية اثني عشر حبرا فقالوا لبعضهم ادخلوا في دين محمد أول النهار وقولوا نشهد أن محمدا حق صادق فإذا كان آخر النهار فاكفروا به وقولوا إنا رجعنا إلى علمائنا وأحبارنا فسألناهم فحدثونا أنه كاذب وليس على شيء وإنكم لستم على شيء وقد رجعنا إلى ديننا فهو أعجب إلينا من دينكم لعلهم يشكون يقولون هؤلاء كانوا معنا أول النهار فما بالهم فأخبر الله عز وجل رسوله بذلك
ومن طريق أبي مالك الغفاري نحوه باختصار وفي آخره فاطلع على سرهم وأنزل وقالت طائفة من أهل الكتاب الآية
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك نحو الأول بتمامه
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد نحوه
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال كانوا يكونون مع النبي أول النهار يكلمونه ويمارونه فإذا أمسوا وحضرت الصلاة
[العجاب في بيان الأسباب: 2/694]
كفروا به وتركوه
ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال طائفة من اليهود لبعضهم إذا لقيتم أصحاب محمد أول النهار فآمنوا وإذا كان آخر النهار فصلوا صلاتكم لعلهم يقولون هؤلاء أهل الكتاب وهو أعلم منا لعلهم ينقلبون عن دينهم). [العجاب في بيان الأسباب: 2/695]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72)}
روى ابن إسحاق عن ابن عباس قال: قال عبد الله بن الصيف، وعدي بن زيد، والحارث بن عوف بعضهم لبعض: تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه غدوة، ونكفر به عشية حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع، فيرجعون عن دينهم، فأنزل الله فيهم {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل} -إلى قوله- {واسع عليم}.
[لباب النقول: 57]
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أبي مالك قال: كانت اليهود تقول أحبارهم للذين من دونهم: {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم}. فأنزل الله {قل إن الهدى هدى الله} ). [لباب النقول: 58]
روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين