عرض مشاركة واحدة
  #134  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 12:12 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) )

قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {وَإِذ قالَ إِبراهيمُ رَبِّ أَرِني كَيفَ تُحيي المَوتى} الآية.
ذكر المفسرون السبب في سؤال إبراهيم ربه أن يريه إحياء الموتى.
أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا شعيب بن محمد قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: حدثنا أبو الأزهر قال: حدثنا روح قال: حدثنا سعيد عن قتادة قال: ذكر لنا أن إبراهيم أتى على دابة ميتة وقد توزعتها دواب البر والبحر فقال: رب أرني كيف تحيي الموتى وقال حسن وعطاء الخراساني والضحاك وابن جريج: إن إبراهيم الخليل مر على دابة ميتة قال ابن جريج: كانت جيفة حمار بساحل البحر. قال عطاء بحيرة طبرية قالوا: فرآها وقد توزعتها دواب البر والبحر فكان إذا مد البحر جاءت الحيتان ودواب البحر فأكلت منها فما وقع منها يصير في الماء وإذا جذر البحر جاءت السباع فأكلت منها فما وقع منها يصير ترابًا فإذا ذهبت السباع جاءت الطير فأكلت منها فما سقط قطعته الريح في الهواء فلما رأى ذلك إبراهيم تعجب منها وقال: يا رب قد علمت لتجمعنها فأرني كيف تحييها لأعاين ذلك
وقال ابن زيد: مر إبراهيم بحوت ميت نصفه في البر ونصفه في البحر فما كان في البحر فدواب البحر تأكله وما كان منه في البر فدواب البر تأكله فقال له إبليس الخبيث: متى يجمع الله هذه الأجزاء من بطون هؤلاء فقال:
{رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} بذهاب وسوسة إبليس منه.
أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني فيما أذن لي في روايته قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن سهل قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان قال: حدثنا أبي قال: كنت جالسًا مع عكرمة عند الساحل فقال عكرمة: إن الذين يغرقون في البحار تقسم الحيتان لحومهم فلا يبقى منهم شيء إلا العظام فتلقيها الأمواج على البر فتصير حائلة نخرة فتمر بها الإبل فتأكلها فتبعر ثم يجيء قوم فيأخذون ذلك البعر فيوقدون فتخمد تلك النار فتجيء ريح فتسفي ذلك الرماد على الأرض فإذا جاءت النفخة خرج أولئك وأهل القبور سواء وذلك قوله تعالى: {فَإِذا هُم قِيامٌ يَنظُرونَ}.
وقال محمد بن إسحاق بن يسار: إن إبراهيم لما احتج على نمروذ فقال: ربي الذي يحيي ويميت وقال نمرود: أنا أحيي وأميت ثم قتل رجلاً وأطلق رجلاً. قال: قد أمت ذلك وأحييت هذا قال له إبراهيم: فإن الله يحيي بأن يرد الروح إلى جسد ميت فقال له نمرود: هل عاينت هذا الذي تقوله فلم يقدر أن يقول نعم رأيته فانتقل إلى حجة أخرى ثم سأل ربه أن يريه إحياء الموتى لكي يطمئن قلبه عند الاحتجاج فإنه يكون مخبرًا عن مشاهدة وعيان.
وقال ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي: لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً استأذن ملك الموت ربه أن يأتي إبراهيم فيبشره بذلك فأتاه فقال: جئتك أبشرك بأن الله تعالى اتخذك خليلاً فحمد الله عز وجل وقال: ما علامة ذلك؟ فقال: أن يجيب الله دعاءك ويحيي الموت بسؤالك ثم انطلق وذهب فقال إبراهيم: {رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} بعلمي أنك تجيبني إذا دعوتك وتعطيني إذا سألتك أنك اتخذتني خليلاً). [أسباب النزول:79 - 81]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى} [الآية :260]
ذكر الواحدي ما أورده أئمة التفسير في ذلك عن ابن عباس والحسن بن عكرمة وقتادة وعطاء الخراساني والضحاك وابن جريج وابن إسحاق في كتاب المبتدأ وهذا ليس من أسباب النزول التي يكثر السؤال عنها ويبني عليها الأحكام أهل الكلام حيث يكون الحكم عاما أو يختص بها من نزلت بسببه وإنما هو من ذكر أسباب ما وقع في الأمم الماضية وقد أخل بالكثير من هذا أوله القصة التي قبل هذه في الذي أنزلت فيه أو كالذي مر على قرية وقد استدركت كثيرا مما فاته من ذلك من غير استيعاب بخلاف ما هو صريح في سبب نزول الآية المخصوصة فإنني استوعبته بحسب الطاقة والكثير منه مما استدركته عليه
وهو في تسمية الذين قال أنه نقل عنهم هذه القصة تابع للثعلبي فإنه نسب ذلك ذهولا ومراده أن الرواية عنهم على سبيل التوزيع عليهم وقد نبهت على الأول حيث وقع غالبا
ومحصل القول في السبب الذي حمل إبراهيم عليه السلام على السؤال خمسة أقوال:
1 - أحدها أنه تيقن لكنه بالمشاهدة أراد أن يزداد يقينا
وأخرج عبد بن حميد بن سلم بن قتيبة عن أبي هلال وعن روح عن عوف واللفظ له كلاهما عن الحسن قال إن كان إبراهيم عليه السلام لموقنا بأن الله يحيى الموتى ولكن لا يكون الخبر عند ابن آدم كالعيان وإن الله أمره أن يأخذ أربعة من الطير إلى آخره
الثاني أن إبليس أراد أن يشككه ففزع إلى سؤال ربه
فأخرج أبو الشيخ في التفسير من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان نا أبي قال كنت جالسا مع عكرمة عند الساحل فقال عكرمة إن الذين يغرقون في البحر تتقسم الحيتان لحومهم فلا يبقى منهم شيء إلا العظام فتلقيها الأمواج على البر فتصير حائلة نخرة فتمر بها الإبل فتأكلها فتبعر ثم يجيء قوم فيأخذون ذلك البعر فيوقدون به فتخمد تلك النار فتجيء الريح فتسقي ذلك الرماد عن الأرض فإذا جاءت النفخة خرج أولئك وأهل القبور سواء أورده الواحدي عقب رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم التي أخرجها الطبري قال مر إبراهيم عليه السلام
بحوت ميت نصفه في البر ونصفه في البحر فما كان في البحر فدواب البحر تأكله وما كان في البر فدواب البر تأكله فقال له إبليس الخبيث متى يجمع الله هذه الأجزاء من بطون هؤلاء فقال يا رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن الآية
الثالث أن إبراهيم عليه السلام أتى على دابة توزعتها السباع والدواب فقال رب أرني كيف تحيي الموتى
أخرج الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ومن طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال مر إبراهيم على دابة ميت قد بلي وتقسمته السباع والرياح فقام ينظر فقال سبحان الله كيف يحيى الله هذا وقد علم أن الله قادر على ذلك فأراد أن يشاهد الكيفية
وأما ابن جريج فأخرج الطبري من تفسير سنيد عن حجاج عنه قال بلغني أن إبراهيم بينما هو يسير إذا هو بجيفة حمار فذكر نحوه وفيه فعجب ثم قال رب قد علمت لتجمعنها من بطون هذه السباع رب أرني وفي آخره قال بلى ولكن ليس الخبر كالمعاينة وهذا يمكن أن يرجع إلى الذي قبله
وذكره مقاتل بمعناه لكن في آخره ليسكن قلبي بأنك أريتني الذي أردت
السبب الرابع أورده الطبري من طريق محمد بن إسحاق قال لما جرى بين إبراهيم وبين قومه ما جرى وخرج من النار قال له نمرود أرأيت إلهك هذا الذي تدعو إلى عبادته ما بلغ من قدرته قال ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت فذكر ما قص الله تعالى فقال إبراهيم عند ذلك رب أرني كيف تحيي الموتى إلى قوله ليطمئن قلبي عن غير شك في قدرة الله ولكنه أحب أن يعلم ذلك وتاق إليه قلبه هكذا سياق الطبري بسنده وذكره الواحدي عن ابن إسحاق بلفظ إن إبراهيم لما احتج على نمرود قتل نمرود رجلا وأطلق رجلا ثم قال قد أمت وأحييت فقال له إبراهيم فإن الله يحيي بأن يرد الروح إلى جسد ميت فقال له نمرود هل عاينت هذا الذي تقوله فلم يقدر أن يقول نعم فانطلق إلى حجة أخرى ثم سأل ربه أن يريه إحياء الموتى لكي يطمئن قلبه عند الاحتجاج ويخبر عن مشاهدة
وهذا أخرجه الطبري أيضا وفيه أن نمرود لما قال أنا أحيي وأميت قال له إبراهيم كيف تحيي وتميت قال آخذ رجلين قد استوجبا القتل في حكمي فأقتل أحدهما فأكون قد أمته وأعفو عن الآخر فأكون قد أحييته فقال له إبراهيم عند ذلك فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فائت بها من المغرب فبهت عند ذلك نمرود ووقعت عليه الحجة
السبب الخامس أخرجه الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي قال لما اتخذ الله إبراهيم خليلا سأل ملك الموت ربه أن يأذن له فيبشر إبراهيم عليه السلام بذلك فأذن له فأتى إبراهيم وليس في البيت فدخل داره وكان إبراهيم أغير الناس إذا خرج أغلق الباب فلما جاء فوجد في داره رجلا ثار إليه ليأخذه وقال له من أذن لك أن تدخل داري فقال ملك الموت أذن لي رب هذه الدار فقال إبراهيم صدقت وعرف انه ملك الموت قال من أنت قال أنا ملك الموت جئتك أبشرك بأن الله قد اتخذك خليلا فحمد الله قصة في سؤاله ملك الموت أن يريه صورته حين يقبض الكافر وفي حين يقبض المؤمن قال وقام إبراهيم يدعو ربه يقول رب أرني كيف تحيي الموتى حتى أعلم أني خليلك قال أو لم تؤمن أي تصدق بأني خليلك قال بلى ولكن ليطمئن قلبي بخلولتك
ثم أخرج من طريق عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير قال ليطمئن قلبي بالخلة ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله ولكن ليطمئن قلبي أعلم أنك تجيبني إذا دعوتك وتعطيني إذا سألتك
قلت وهذا يمكن أن يرد إلى الخلة لأن ذلك من شأن الخليل ويجوز أن يكون سببا آخر ويؤخذ من هذين الأمرين أن ابن عباس حمل السؤال على الكيفية لا على أصل إحياء الموتى لأنه كان يتيقن أن الله يحيى الموتى فسأله أن يريه الكيفية وعلى هذا فقوله في الحديث المخرج في الصحيح نحن أولى بالشك من إبراهيم معناه أنه ليس في القصة ما يقتضي أنه حصل عنده شك في القدرة وإنما أراد الاستظهار على من ينكرها إذا شاهد كيفيتها فأخبر عن معاينة وتقدير الخبر نحن أحق بالشك من إبراهيم أن لو شك ومنهم من قال المراد بقوله نحن خطاب من خطابهم والتقدير أنتم وإنما عبر بنحن تأنيسا لهم بإيهام دخوله معهم). [العجاب في بيان الأسباب:616 - 1/621]



روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس