نزول قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)}
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {يَا أَيَّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَقولوا راعِنا} الآية.
قال ابن عباس في رواية عطاء: (وذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها فلما سمعتهم اليهود يقولونها للنبي صلى الله عليه وسلم أعجبهم ذلك وكان راعنا في كلام اليهود السب القبيح فقالوا: إنا كنا نسب محمدًا سرًا فالآن أعلنوا السب لمحمد لأنه من كلامه فكانوا يأتون نبي الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: يا محمد راعنا ويضحكون ففطن بها رجل من الأنصار وهو سعد بن عبادة وكان عارفًا بلغة اليهود فقال: يا أعداء الله عليكم لعنة الله والذي نفس محمد بيده لئن سمعتها من رجل منكم لأضربن عنقه فقالوا: ألستم تقولونها له؟؛ فأنزل الله تعالى:{(يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَقولوا راعِنا وقولوا انظرنا} الآية) ). [أسباب النزول: 31]
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {يا أيها الذين أمنوا لا تقولوا راعنا..} الآية.
قال الواحدي: قال ابن عباس في رواية عطاء: (إن العرب كانوا يتكلمون بها فلما سمعهم اليهود يقولونها للنبي أعجبهم ذلك وكان راعنا في كلام اليهود للسبب القبيح فقالوا إنا نسب محمدا سرا فالآن أعلنوا بسب محمد لأنه من كلامهم فكانوا يأتون نبي الله فيقولون يا محمد راعنا ويضحكون ففطن لها رجل من الأنصار وهو سعد بن عبادة وكان عارفا بلغة اليهود فقال: يا أعداء الله عليكم لعنة الله والذي نفس محمد بيده لئن سمعتها من رجل منكم لأضربن عنقه فقالوا ألستم تقولونها له فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا..} الآية). انتهى ما نقله الواحدي، فأوهم بقوله في رواية عطاء أن السند إلى عطاء بذلك قوي، وليس كذلك، وإنما هذا السياق من تفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي بإسناده الماضي في المقدمة والثابت عن عطاء ما أخرجه ابن أبي حاتم عن الأشج عن أبي معاوية عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء لا تقولوا راعنا قال كانت لغة تقولها الأنصار فنهى الله عنها فقال {لا تقولوا راعنا..} الآية.
وقال عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة والكلبي في هذه الآية قالا: كانوا يقولون راعنا سمعك وكانت اليهود يأتون فيقولون مثل ذلك يستهزؤون فنزلت وأخرجه عبد بن حميد من وجه آخر عن قتادة كانت اليهود تقول راعنا استهزاء فكرهه الله للمؤمنين.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي صخر حميد بن زياد كان رسول الله إذا ولى ناداه من كانت له حاجة من الناس أرعنا سمعك فأعظم الله رسوله أن يقال له ذلك ومن طريق عباد بن منصور عن الحسن الراعن من القول السخري منه نهاهم الله أن يسخروا من قول نبيه وما يدعوهم إليه من الإسلام.
قال ابن ظفر: قرأ ابن مسعود (راعونا) وهي أشبه بلغتهم، ونسب ما ذكر قبل عن سعد بن عبادة لسعد بن معاذ.
وكذا ذكره القرطبي ووافق مقاتل في تفسيره على إنه سعد بن عبادة.
وذكر الثعلبي أن معنى (راعنا) بلغة اليهود: أسمعنا، لا سمعت.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أسباط عن السدي أن: رجلا من اليهود كان يدعى رفاعة بن زيد كان يأتي النبي فإذا لقيه فكلمه قال أرعني سمعك ثم تقدم إلى المؤمنين فقال: لا تقولوا راعنا.). [العجاب في بيان الأسباب:344 - 1/347]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
(ك) أخرج ابن المنذر عن السدي قال: كان رجلان من اليهود: مالك بن الصيف، ورفاعة بن زيد، إذا لقيا النبي صلى الله عليه وسلم قالا وهما يكلمانه: راعنا سمعك واسمع غير مسمع، فظن المسلمون أن هذا شيء كان أهل الكتاب يعظمون به أنبياءهم، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا} الآية.
وأخرج ابن نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: ((راعنا) بلسان اليهود: السب القبيح، فلما سمعوا أصحابه يقولون: أعلنوا بها له، فكانوا يقولون ذلك ويضحكون فيما بينهم؛ فنزلت فسمعها منهم سعد بن معاذ، فقال لليهود: يا أعداء الله لئن سمعتها من رجل منكم بعد هذا المجلس لأضربن عنقه).
(ك) وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: كان الرجل يقول: أرعني سمعك فنزلت الآية.
(ك) وأخرج عن عطية قال: كان أناس من اليهود يقولون أرعنا سمعك حتى قالها أناس من المسلمين فكره الله لهم ذلك فنزلت الآية.
(ك) وأخرج عن قتادة قال: كانوا يقولون راعنا سمعك، فكان اليهود يأتون فيقولون مثل ذلك، فنزلت.
وأخرج عن عطاء قال: كانت لغة في الأنصار في الجاهلية فنزلت.
وأخرج عن أبي العالية قال: إن العرب كانوا إذا حدث بعضهم يقول أحدهم لصاحبه: أرعني سمعك، فنهوا عن ذلك). [لباب النقول: 19-20]
روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين