وأعلم أنّني سأكون رمسًا.......إذا سار النّواعج لا يسير.
فقال السّائلون لمن حفرتم.......فقال المخبرون لهم وزير
قال أبو جعفرٍ: يريد بذلك: فقال المخبرون لهم: الميّت وزيرٌ، فأسقط الميّت، إذ كان قد أتى من الكلام بما يدلّ على ذلك. وكذلك قول الآخر:
ورأيت زوجك في الوغى.......متقلّدًا سيفًا ورمحا
وقد علم أنّ الرّمح لا يتقلّد، وأنه إنّما أراد: وحاملاً رمحًا. ولكن لمّا كان معلومًا معناه اكتفى بما قد ظهر من كلامه عن إظهار ما حذف منه. وقد يقولون للمسافر إذا ودّعوه: مصاحبًا معافًى، يعنى بذالك: سر مصاحبًا معافًى. يحذفون سر واخرج؛ إذ كان معلومًا معناه وإن أسقط ذكره.
فكذلك ما حذف من قول اللّه تعالى ذكره: {الحمد للّه ربّ العالمين} لمّا علم بقوله جلّ وعزّ: {إيّاك نعبد} ما أراد بقوله: {الحمد للّه ربّ العالمين} من معنى أمره عباده، أغنت دلالة ما ظهر عليه من القول عن إبداء ما حذف.
وقد روّينا الخبر الّذي قدّمنا ذكره مبتدأً في تأويل قول اللّه: {الحمد للّه ربّ العالمين} عن ابن عبّاسٍ، وأنّه كان يقول: إنّ جبريل قال لمحمّدٍ: قل يا محمّد: {الحمد للّه ربّ العالمين} وبيّنا أنّ جبريل إنّما علّم محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم ما أمر بتعليمه إيّاه. وهذا الخبر ينبئ عن صحّة ما قلنا في تأويل ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: {ربّ}
قال أبو جعفرٍ: قد مضى البيان عن تأويل اسم اللّه الّذي هو اللّه في {بسم اللّه}، فلا حاجة بنا إلى تكراره في هذا الموضع.
وأمّا تأويل قوله {ربّ}، فإنّ الرّبّ في كلام العرب منصرّفٌ على معانٍ: فالسّيّد المطاع فيهم يدعى ربًّا، ومن ذلك قول لبيد بن ربيعة:
وأهلكن يومًا ربّ كندة وابنه.......وربّ معدٍّ بين خبتٍ وعرعر
يعني بربّ كندة: سيّد كندة. ومنه قول نابغة بني ذبيان:
تخبّ إلى النّعمان حتّى تناله.......فدًى لك من ربٍّ طريفي وتالدي
والرّجل المصلح للشّيء يدعى ربًّا. ومنه قول الفرزدق بن غالبٍ:
كانوا كسالئةٍ حمقاء إذ حقنت.......سلاءها في أديمٍ غير مربوب
يعني بذلك: في أديمٍ غير مصلحٍ. ومن ذلك قيل: إنّ فلانًا يربّ صنيعته عند فلانٍ، إذا كان يحاول إصلاحها وإدامتها. ومن ذلك قول علقمة بن عبدة:
فكنت امرأً أفضت إليك ربابتي.......وقبلك ربّتني فضعت ربوب
يعني بقوله: (أفضت إليك) أي: وصلت إليك ربابتي، فصرت أنت الّذي تربّ أمري فتصلحه لمّا خرجت من ربابة غيرك من الملوك الّذين كانوا قبلك عليّ، فضيّعوا أمري وتركوا تفقّده. وهم الرّبوب واحدهم ربٌّ؛ والمالك للشّيء يدعى ربّه.
وقد يتصرّف أيضًا معنى الرّبّ في وجوه غير ذلك، غير أنّها تعود إلى بعض هذه الوجوه الثّلاثة.
فربّنا جلّ ثناؤه السّيّد الّذي لا شبه له، ولا مثل في مثل سؤدّده، والمصلح أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه، والمالك الّذي له الخلق والأمر.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله جلّ ثناؤه {ربّ العالمين} جاءت الرّواية عن ابن عبّاسٍ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، قال: حدّثنا أبو روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال: «قال جبريل لمحمّدٍ: يا محمّد، قل {الحمد للّه ربّ العالمين}» قال ابن عبّاسٍ: «يقول: قل: الحمد للّه الّذي له الخلق كلّه، السّموات كلّهنّ ومن فيهنّ، والأرضون كلّهنّ ومن فيهنّ وما بينهنّ، ممّا يعلم وممّا لا يعلم. يقول: اعلم يا محمّد أنّ ربّك هذا لا يشبهه شيءٌ».
القول في تأويل قوله تعالى: {العالمين}.
قال أبو جعفرٍ: والعالمون جمع عالمٍ، والعالم جمعٌ لا واحد له من لفظه، كالأنام والرّهط والجيش ونحو ذلك من الأسماء الّتي هي موضوعاتٌ على جماعٍ لا واحد له من لفظه.
والعالم اسمٌ لأصناف الأمم، وكلّ صنفٍ منها عالمٌ، وأهل كلّ قرنٍ من كلّ صنفٍ منها عالم ذلك القرن وذلك الزّمان، فالإنس عالمٌ وكلّ أهل زمانٍ منهم عالم ذلك الزّمان. والجنّ عالمٌ، وكذلك سائر أجناس الخلق، كلّ جنسٍ منها عالم زمانه. ولذلك جمع فقيل: عالمون، وواحده جمعٌ لكون عالم كلّ زمانٍ من ذلك عالم ذلك الزّمان. ومن ذلك قول العجّاج:
فخندفٌ هامة هذا العالم
فجعلهم عالم زمانه.
وهذا القول الّذي قلناه قول ابن عبّاسٍ وسعيد بن جبيرٍ، وهو معنى قول عامّة المفسّرين.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، قال: حدّثنا أبو روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: «{الحمد للّه ربّ العالمين} الحمد للّه الّذي له الخلق كلّه، السّموات والأرضون ومن فيهنّ وما بينهنّ، ممّا يعلم ومثل لا يعلم».
- وحدّثني محمّد بن سنانٍ القزّاز، قال حدّثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: «{ربّ العالمين}: الجنّ والإنس».
- وحدّثني عليّ بن الحسن، قال: حدّثنا مسلم بن عبد الرّحمن، قال: حدّثنا محمد بن مصعبٌ، عن قيس بن الرّبيع، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه جلّ وعزّ: {ربّ العالمين} قال: «ربّ الجنّ والإنس».
- وحدّثنا أحمد بن إسحاق بن عيسى الأهوازيّ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا قيسٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، قوله: {ربّ العالمين} قال: «الجنّ والإنس».
- وحدّثني أحمد بن عبد الرّحيم البرقيّ، قال: حدّثني ابن أبي مريم، عن ابن لهيعة، عن عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قوله: {ربّ العالمين} قال: «ابن آدم، والجنّ والإنس كلّ أمّةٍ منهم عالمٌ على حدته».
- وحدّثني محمّد بن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهدٍ: {الحمد للّه ربّ العالمين} قال: «الإنس والجنّ».
- حدّثنا أحمد بن إسحاق الأهوازيّ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ عن سفيان، عن رجلٍ، عن مجاهدٍ: بمثله.
- وحدّثنا بشر بن معاذٍ العقديّ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة: {ربّ العالمين} قال: «كلّ صنفٍ: عالمٌ».
- وحدّثني أحمد بن حازمٍ الغفاريّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن أبي جعفرٍ، عن ربيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، في قوله: {ربّ العالمين} قال: «الإنس عالمٌ، والجنّ عالمٌ، وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف عالمٍ، أو أربعة عشر ألف عالمٍ -وهو يشكّ- من الملائكة على الأرض، وللأرض أربع زوايا، في كلّ زاويةٍ ثلاثة آلاف عالمٍ وخمسمائة عالمٍ، خلقهم لعبادته» .
- حدّثنا القاسم بن الحسن، قال: حدّثنا الحسين بن داود، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {ربّ العالمين} قال: «الجنّ والإنس»). [جامع البيان: 1/ 135-147]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الحمد لله}
الوجه الأول:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو معمرٍ المنقريّ ثنا عبد الوارث، ثنا عليّ بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران قال: قال ابن عبّاسٍ: «الحمد للّه كلمة الشّكر، وإذا قال العبد: الحمد للّه، قال: [شكرني عبدي]».
- حدّثنا عليّ بن طاهرٍ، ثنا محمّد بن العلاء -يعني أبا كريبٍ- ثنا عثمان بن سعيدٍ -يعني الزّيّات- ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: «الحمد للّه هو الشّكر للّه، الاستجداء للّه، والإقرار له بنعمه وابتدائه وغير ذلك».
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهبٌ ثنا سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه عن السّلوليّ عن كعبٍ قال: «الحمد للّه ثناءٌ على اللّه».
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الرّحيم الفارسيّ، ثنا بزيعٌ أبو حازمٍ، عن يحيى بن عبد الرّحمن- يعني أبا بسطامٍ- عن الضّحّاك قال: «الحمد رداء الرّحمن».
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو معمرٍ القطيعيّ ثنا حفصٌ عن حجّاجٍ، عن ابن أبي مليكة عن ابن عبّاسٍ، قال: قال عمر: «قد علمنا سبحان اللّه، ولا إله إلا اللّه، فما الحمد للّه؟» فقال عليٌّ: «كلمةٌ رضيها اللّه لنفسه». قال أبو محمّدٍ: كذا رواه أبو معمرٍ القطيعيّ، عن حفصٍ.
- وحدّثنا به الأشجّ فقال: ثنا حفصٌ. وخالفه فيه، فقال فيه: قال عمر لعليٍّ رضي اللّه عنهما وأصحابه عنده: «لا إله إلا اللّه، والحمد للّه، واللّه أكبر، قد عرفناها، فما سبحان اللّه؟» فقال عليٌّ: «كلمةٌ أحبّها لنفسه، ورضيها لنفسه، وأحبّ أن تقال».
قوله تعالى: {ربّ العالمين}
الوجه الأول:
- حدّثنا عليّ بن طاهرٍ، ثنا محمّد بن العلا -يعني- أبا كريب- ثنا عثمان ابن سعيدٍ -يعني الزّيّات- ثنا بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال: «ثمّ قال جبريل عليه السّلام: قال: {الحمد للّه ربّ العالمين}، قال: يا محمّد، له الخلق كلّه، السّماوات كلّهنّ ومن فيهنّ، والأرضون كلّهنّ ومن فيهنّ، وما بينهنّ ممّا يعلم وممّا لا يعلم».
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن موسى، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية: ربّ العالمين. قال: «الإنس عالمٌ، والجنّ عالمٌ، وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف عالمٍ، أو أربعة عشر ألف عالمٍ، من الملائكة على الأرض. والأرض أربع زوايا، ففي كلّ زاويةٍ ثلاثة آلاف عالمٍ، وخمسمائة عالمٍ خلقهم لعبادته».
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا الوليد بن مسلمٍ، ثنا الفرات بن الوليد، عن معتب بن سميٍّ، عن تبيعٍ، في قوله: {ربّ العالمين}، قال: «العالمين ألف أمّةٍ، فستّمائةٍ في البحر، وأربعمائةٍ في البرّ».
- حدّثنا عليّ بن حربٍ الموصليّ، ثنا زيد بن الحباب عن حسين بن واقدٍ عن مطرٍ الورّاق، عن قتادة في قول اللّه: {ربّ العالمين} قال: «ما وصف من خلقه».
الوجه الثّالث:
أن العالمين: الجنّ والإنس. فقط.
- حدّثنا، أبي، ثنا أبو غسّان مالك بن إسماعيل، ثنا قيسٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ربّ العالمين} قال: «الجنّ والإنس» -وروي عن عليّ بن أبي طالبٍ بإسنادٍ لا يعتمد عليه مثله- وروي عن مجاهدٍ مثله). [تفسير القرآن العظيم: 1 /26-28]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {الحمد للّه ربّ العالمين} قال: «الجنّ والإنس» قال الحاكم: «ليعلم طالب هذا العلم أنّ تفسير الصّحابيّ الّذي شهد الوحي والتّنزيل عند الشّيخين حديثٌ مسندٌ»). [المستدرك: 2/ 283]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}.
-أخرج عبد الرزاق في المصنف والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والخطابي في الغريب والبيهقي في الأدب والديلمي في مسند الفردوس والثعلبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ {الحمد} رأس الشكر فما شكر الله عبد لا يحمده.
-وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن النواس بن سمعان قال: سرقت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لئن ردها الله لأشكرن ربي» فوقعت في حي من أحياء العرب فيهم امرأة مسلمة فوقع في خلدها أن تهرب عليها، فرأت من القوم غفلة فقعدت عليها ثم حركتها فصبحت بها المدينة، فلما رآها المسلمون فرحوا بها ومشوا بمجئها حتى أتوا رسول الله فلما رآها قال: «{الحمد لله}» فانتظروا هل يحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم صوما أو صلاة، فظنوا أنه نسي، فقالوا: يا رسول الله قد كنت قلت: «لئن ردها الله لأشكرن ربي»، قال: «ألم أقل {الحمد لله}».
-وأخرج ابن جرير والحاكم في تاريخ نيسابور والديلمي بسند ضعيف عن الحكم بن عمير وكانت له صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قلت {الحمد لله رب العالمين} فقد شكرت الله فزادك».
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس قال: «{الحمد لله} كلمة الشكر إذا قال العبد: {الحمد لله} قال الله: [شكرني عبدي]».
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: «{الحمد} هو الشكر والاستحذاء لله والإقرار بنعمه وهدايته وابتدائه، وغير ذلك».
-وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قال عمر: «قد علمنا سبحان الله ولا إله إلا الله فما الحمد؟» قال علي: «كلمة رضيها الله لنفسه وأحب أن تقال».
-وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن كعب قال: «{الحمد لله} ثناء على الله».
-وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الضحاك قال: «{الحمد} رداء الرحمن».
-وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن الجبائي قال: «الصلاة شكر والصيام شكر وكل خير تفعله لله شكر وأفضل الشكر {الحمد}».
-وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان والبيهقي في شعب الإيمان، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء {الحمد لله}».
-وأخرج ابن ماجه والبيهقي بسند صحيح عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنعم الله على عبده نعمة فقال: {الحمد لله} إلا كان الذي أعطى أفضل مما أخذه».
-وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد ينعم عليه بنعمة إلا كان {الحمد} أفضل منها».
-وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في الشعب عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنعم الله على عبد نعمة يحمد الله عليها إلا كان حمد الله أعظم منها كائنة ما كانت».
-وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن الدنيا كلها بحذافيرها في يد رجل من أمتي ثم قال {الحمد لله} لكان الحمد أفضل من ذلك».
-وأخرج أحمد ومسلم والنسائي عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان و{الحمد لله} تملأ الميزان وسبحان الله تملآن -أو تملأ- مابين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها».
-وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي وحسنه، وابن مردويه عن رجل من بني سليم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«سبحان الله نصف الميزان والحمد لله تملأ الميزان والله أكبر يملأ مابين السماء والأرض والطهور نصف الميزان والصوم نصف الصبر».
-وأخرج الترمذي عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التسبيح نصف الميزان والحمد لله تملؤه ولا إله إلا الله ليس لها دون الله حجاب حتى تخلص إليه».
-وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن الأسود بن سريع التميمي قال قلت: يا رسول الله ألا أنشدك محامد حمدت بها ربي تبارك وتعالى؟ قال: «أما أن ربك يحب الحمد».
-وأخرج ابن جرير عن الأسود بن سريع أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ليس شيء أحب إليه الحمد من الله ولذلك أثنى على نفسه فقال {الحمد لله}».
-وأخرج البيهقي عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «التأني من الله والعجلة من الشيطان وما شيء أكثر معاذير من الله وما شيء أحب إلى الله من الحمد».
-وأخرج ابن شاهين في السنة والديلمي من طريق أبان عن أنس قال: قال رسول الله: «التوحيد ثمن الجنة و{الحمد لله} ثمن كل قطعة ويتقاسمون الجنة بأعمالهم».
-وأخرج الخطيب في تالي التلخيص من طريق ثابت عن أنس مرفوعا: «التوحيد ثمن الجنة والحمد وفاء شكر كل نعمة».
-وأخرج أبو داود والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع».
-وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس قال: «إذا عطس أحدكم فقال {الحمد لله} قال الملك: رب العالمين، فإذا قال: رب العالمين، قال الملك: يرحمك الله».
-وأخرج البخاري في الأدب، وابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب النبوي عن علي ابن أبي طالب قال: «من قال عند كل عطسة سمعها {الحمد لله رب العالمين} على كل حال ما كان، لم يجد وجع الضرس والأذن أبدا».
-وأخرج الحكيم الترمذي عن واثله بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بادر العاطس بالحمد لم يضره شيء من داء البطن».
-وأخرج الحكيم الترمذي عن موسى بن طلحة قال: «أوحى الله إلى سليمان: إن عطس عاطس من وراء سبعة أبحر فاذكرني».
-وأخرج البيهقي، عن علي، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية من أهله فقال: «اللهم لك علي إن رددتهم سالمين أن أشكرك حق شكرك»، فما لبثوا أن جاؤا سالمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{الحمد لله} على سابغ نعم الله»، فقلت: يا رسول الله ألم تقل: «إن ردهم الله أن أشكره حق شكره؟» فقال: «أو لم أفعل».
-وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر، وابن مردويه والبيهقي من طريق سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه عن جده قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا من الأنصار وقال: «إن سلمهم الله وأغنهم فإن لله علي في ذلك شكرا»، فلم يلبثوا أن غنموا وسلموا فقال بعض أصحابه: سمعناك تقول: «إن سلمهم الله وأغنهم فإن لله علي في ذلك شكرا» قال: «قد فعلت، قلت: اللهم شكرا ولك الفضل المن فضلا».
-وأخرج أبو نعيم في الحلية والبيهقي عن جعفر بن محمد قال: فقد أبي بغلته فقال: «لئن ردها الله علي لأحمدنه بمحامد يرضاها» فما لبث أن أتى بها بسرجها ولجامها فركبها فلما استوى عليها رفع رأسه إلى السماء فقال: {الحمد لله} لم يزد عليها، فقيل له في ذلك، فقال: «وهل تركت شيئا أو أبقيت شيئا؟ جعلت الحمد كله لله عز وجل».
-وأخرج البيهقي من طريق منصور بن إبراهيم قال: «يقال: إن {الحمد لله} أكثر الكلام تضعيفا».
-وأخرج أبو الشيخ والبيهقي عن محمد بن حرب قال: قال سفيان الثوري: «{الحمد لله} ذكر وشكر وليس شيء يكون ذكرا وشكرا غيره».
-وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «إن العبد إذا قال: سبحان الله فهي صلاة الخلائق وإذا قال {الحمد لله} فهي كلمة الشكر التي لم يشكر عبد قط حتى يقولها وإذا قال لا إله إلا الله فهي كلمة الإخلاص التي لم يقبل الله من عبد قط عملا حتى يقولها وإذا قال: الله أكبر ملأ مابين السماء والأرض وإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله قال الله: أسلم واستسلم».
قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}.
-أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وصححه من طرق عن ابن عباس في قوله {رب العالمين} قال: «الجن والإنس».
-وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله {رب العالمين} قال: «الجن والإنس».
-وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير مثله.
-وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {رب العالمين} قال: «إله الخلق كله، السموات كلهن ومن فيهن والأرضون كلهن ومن فيهن ومن بينهن مما يعلم ومما لا يعلم».
-وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو يعلى في مسنده، وابن عدي في الكامل وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب في التاريخ بسند ضعيف، عن جابر بن عبد الله قال: قل الجراد في سنة من سني عمر التي ولي فيها فسأل عنه فلم يخبر بشيء فاغتم لذلك فأرسل راكبا يضرب إلى كداء وآخر إلى الشام وآخر إلى العراق يسأل هل رؤي من الجراد شيء أو لا فأتاه الراكب الذي من قبل اليمن بقبضة من جراد فألقاها بين يديه، فلما رآها كبر ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «خلق الله ألف أمة ستمائة في البحر وأربعمائة في البر فأول شيء يهلك من هذه الأمم الجراد فإذا أهلكت تتابعت مثل النظام إذا قطع سلكه».
-وأخرج ابن جريج عن قتادة في قوله {رب العالمين} قال: «كل صنف عالم».
-وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن تتبع الجهري قال: «العالمون ألف أمة، فستمائة في البحر وأربعمائة في البر».
-وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {رب العالمين} قال: «الإنس عالم والجن عالم وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم من الملائكة وللأرض أربع زوايا في كل زاوية ثلاثة آلاف عالم وخمسمائة عالم خلقهم لعبادته».
-وأخرج الثعلبي من طريق شهر بن حوشب عن أبي كعب قال: «العالمون الملائكة وهم ثمانون ثمانية عشر ألف ملك منهم أربعمائة أو خمسمائة ملك بالمشرق ومثلها بالمغرب ومثلها بالكتف الثالث من الدنيا ومثلها بالكتف الرابع من الدنيا مع كل ملك من الأعوان ما لا يعلم عددهم إلا الله».
-وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن وهب قال: «إن لله عز وجل ثمانية عشر ألف عالم، الدنيا منها عالم واحد»). [الدر المنثور: 1 /54-66]