التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) }
[لا يوجد]
تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) }
[لا يوجد]
تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقال ابن مقبل:
ظني بهم كسعى وهم بتنوفة يـتـنـازعــون جـــوائـــز الأمـــثـــال
قوله: ظني بهم أي: يقيني بهم، فذلك ضد أيضا، يكون «الظن» شكا أو يقينا. قال أبو محمد، وقال الأصمعي: «وعسى» في بيت ابن مقبل ليست واجبة. وقال أبو عبيدة: هي واجبة. وقال جل ثناؤه: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}. وقال في آية أخرى: {ظننت أني ملاقي حسابيه} فهذا يقين. ولو كان ذلك شكا، لم يجز في ذلك المعنى، وكان كفرا. ولكنه يقين. وقال دريد بن الصمة:
فظنوا بألفي فارس متلبب سراتهم بالفارسي المسـرد
وقال أبو محمد: أنشدنا أبو عبيدة:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج سراتهـم فـي الفارسـي المسـرد
أي: تيقنوا. وقال عمرة بن طارق الحنظلي:
بأن تغتزوا قومي وأقعد فيكـم وأجعل مني الظن غيبا مرجما
يريد اليقين، ولو كان شكا، لكان المعنى ضعيفا لأن الظن إذا كان شكا كان غيبا مرجما وإنما يريد، وأجعل يقيني غيبا مرجما، أي: لا أفعل، وهو قول ابن عباس، قال: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}، أي: الذين يعلمون.
قال عدي بن زيد:
أرفع ظني إلى المليك ومن يـلـجـأ إلــيــه لا يـنـلــه الــضــر
كأنه يريد يقينه وإيمانه عنده. قال أبو دؤاد:
رب هــم فـرجـتـه بـعـزيـم وغيوب كشفتها بظنون
كأنه يريد كشفتها بيقين، وإلا ضعف المعنى. قال أوس:
فــأرســلــه مـسـتـيـقــن الـــظـــن أنـــــــهم خالط ما بين الشراسيف جائف
وكأن المعنى، مستيقن العلم. لأن الظن الذي هو شك لا يكون يقينا. قال أبو محمد: قرأت على الأصمعي بيت أبي دؤاد فقال: هو لخلف الأحمر). [الأضداد: 71-73]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الظن يقين وشك، ومن اليقين قول ابن مقبل:
ظن بهم كعسى وهم بتنوفة يـتـنـازعـون جــوائـــز الأمــثـــال
وجوائب أيضًا. يقول: اليقين منهم كعسى وعسى شك). [الغريب المصنف: 2 / 629]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (قول الشاعر:
كل شيء ما خلا الموت جلل والـفـتـى يـسـعـى ويلـهـيـه الأمــــل
فدل ما تقدم قبل «جلل» وتأخر بعده على أن معناه: كل شيء ما خلا الموت يسير؛ ولا يتوهم ذو عقل وتمييز أن «الجلل» ههنا معناه «عظيم».
وقال الآخر:
يا خول يا خول لا يطمح بك الأمـل فــقــد يــكــذب ظــــن الآمــــل الأجـــــل
يا خول كيف يذوق الخفض معترف بالـمـوت والـمـوت فـيـمـا بـعــده جـلــل
فدل ما مضى من الكلام على أن «جللا» معناه يسير.
وقال الآخر:
فلئـن عـفـوت لأعـفـون جـلـلا ولئن سطوت لأوهنن عظمي
قومـي هــم قتـلـوا أمـيـم أخــيفـإذا رمـيـت يصيبـنـي سهـمـي
فدل الكلام على أنه أراد: فلئن عفوت لأعفون عفوا عظيما، لأن الإنسان لا يفخر بصفحه عن ذنب حقير يسير؛ فلما كان اللبس في هذين زائلا عن جميع السامعين لم ينكر وقوع الكلمة على معنيين مختلفين في كلامين مختلفي اللفظين. وقال الله عز وجل، وهو أصدق قيل: {الذين يظنون أنهم ملاقو الله} أراد: الذين يتيقنون ذلك، فلم يذهب وهم عاقل إلى أن الله عز وجل يمدح قوما بالشك في لقائه. وقال في موضع آخر حاكيا عن فرعون في خطابه موسى: {إني لأظنك يا موسى مسحورا} وقال الله حاكيا عن يونس: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه}، أراد: رجا ذلك وطمع فيه، ولا يقول مسلم أن يونس تيقن أن الله لا يقدر عليه). [كتاب الأضداد: 2-3]
تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) }
تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لأبي بردة بن نيار في الجذعة التي أمره أن يضحي بها: «ولا تجزي عن أحد بعدك».
قال: أخبرناه هشيم وإسماعيل، ويزيد هؤلاء أو بعضهم، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الأصمعي: وهو مأخوذ من قولك: قد جزى عني هذا الأمر فهو يجزي عني، ولا همز فيه، ومعناه لا تقضي عن أحد بعدك. يقول: لا تجزي: لا تقضي وقال الله تبارك وتعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا}. هو من هذا.
ومنه حديث يروى عن عبيد بن عمير: «أن رجلا كان يداين الناس وكان له كاتب ومتجاز فكان يقول له: إذا رأيت الرجل معسرا فأنظره، فغفر الله له». قال أبو عبيد والمتجازي المتقاضي.
قال الأصمعي: أهل المدينة يقولون: أمرت فلانا يتجازى لي ديني على فلان، أي يتقاضاه.
قال: وأما قولهم أجزأني الشيء إجزاء، فمهموز ومعناه: كفاني وقال الطائي:
لقد آليت أغدر في جداع وإن مـنـيـت أمــــات الــربــاع
بأن الغدر في الأقوام عـار وأن الـمــرء يـجــزأ بـالـكــراع
جداع: السنة التي تجدع كل شيء أي تذهب به. وقوله: يجزأ بالكراع، أي يكتفي بها. ومنه قول الناس: اجتزأت بكذا وكذا وتجزأت به، أي اكتفيت به). [غريب الحديث: 1 / 185 -187]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ونجزي بلا همزٍ نقضي وقد جزى هذا عن هذا، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة بن نيارٍ في الجذعة من الغنم التي ضحى بها فقال: «ولا تجزي عن أحدٍ بعدك»، ومنه قول الله تعالى: {لا تجزي نفس عن نفسٍ شيئًا}
فإذا كان بمعنى كفى همز قد أجزأني هذا بمعنى كفاني). [شرح المفضليات: 569]