تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (واشتريت حرف من الأضداد. يقال: اشتريت الشيء على معنى قبضته وأعطيت ثمنه. وهو المعنى المعروف عند الناسـ ويقال: اشتريته إذا بعته، قال الله عز وجل: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى}، قال جماعة من المفسرين: معناه باعوا الضلالة بالهدى. وقال بعض أهل اللغة: كل من آثر شيئا على شيء فالعرب تجعل الإيثار له بمنزلة شرائه، واحتجوا بقول الشاعر:
أخــذت بالـجـمـة رأســـا أزعـــرا وبالثنـايـا الواضـحـات الـــدردرا
وبالـطـويـل الـعـمـر عـمــرا أنــــزرا كما اشترى المسلم إذ تنصرا
ويقال: شريت الشيء إذا بعته، وشريته إذا ابتعته، قال الله عز وجل: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله}، فمعناه من يبيع نفسه. وقال الشاعر:
فإن كان ريب الدهر أمضاك في الألى شـــــروا هـــــذه الــدنــيــا بـجـنــاتــه الــخــلــد
أراد باعوا هذه الدنيا. وقال الشماخ:
فلمـا شراهـا فـاضـت العـيـن عـبـرة وفي الصدر حزاز من اللوم حامز
أراد باعها. وقال الحميري:
وشــريـــت بـــــردا لـيـتـنــي من بعد برد كنت هامه
أو هـامـة تـدعـو صــدى بـيـن المـشـقـر واليـمـامـه
أراد: وبعت بردا. وقال الآخر في معنى (ابتعت):
اشروا لها خاتنا وابغوا لخاتنها مـعــاولا ســتــة فـيـهــن تــذريــب
أرادوا اشتروا لها). [كتاب الأضداد: 72-73]