التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم...}
جاءت اليهود بأولادها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هل لهؤلاء ذنوب؟ قال: ((لا))، قالوا: فإنا مثلهم ما عملناه بالليل كفّر عنا بالنهار، وما عملناه بالنهار كفر عنا بالليل، فذلك تزكيتهم أنفسهم.
وقوله: {ولا يظلمون فتيلاً} الفتيل: هو ما فتلت بين إصبعيك من الوسخ، ويقال: وهو الذي في بطن النواة). [معاني القرآن: 1/272-273]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ألم تر إلى الّذين} ليس هذا رأى عين، هذا تنبيه في معنى: ألم تعرف.
{فتيلا}، الفتيل: الذي في شقّ النّواة). [مجاز القرآن: 1/129]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ( (الفتيل): الذي في شق النواة). [غريب القرآن وتفسيره: 120]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ومنه قول الله عز وجل: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا}، {وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}
والفتيل: ما يكون في شقّ النّواة.
والنّقير: النّقرة في ظهرها.
ولم يرد أنهم لا يظلمون ذلك بعينه، وإنما أراد أنهم إذا حوسبوا لم يظلموا في الحساب شيئا ولا مقدار هذين التّافهين الحقيرين.
والعرب تقول: ما رزأتُه زِبَالاً. (وَالزِّبَالُ) ما تحمله النَّمْلَةُ بفَمِهَا، يريدون ما رزأته شيئاً.
وقال النابغة الذّبياني:
يجمعُ الجيش ذا الألوفِ ويغزو = ثم لا يرزأُ العدوَّ فَتيلا
وكذلك قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ}وهو (الفوقة) التي فيها النّواة، يريد: ما يملكون شيئا.
ومنه قوله عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} أي: قصدنا لأعمالهم وعمدنا لها.
والأصلُ: أنَّ مَن أرادَ القُدوم إلى موضع عَمَدَ له وَقَصَدَه.
والهباء المنثور: ما رأيته في شُعَاعِ الشَّمس الداخلِ من كُوَّةِ البيتِ.
والهباء المنبثُّ: ما سَطَعَ مِن سَنابكِ الخيلِ.
وإنما أراد أنّا أبطلناه كما أنَّ هذا مُبطَلُ لا يُلْمَسُ ولا يُنْتَفَعُ بهِ). [تأويل مشكل القرآن: 138]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل اللّه يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلا}
{ألم تر}: ألم تخبر في قول بعضهم.
وقال أهل اللغة: ألم تعلم وتأويله سؤال فيه معنى الإعلام.
تأويله أعلم قصتهم، وعلى مجرى اللغة ألم ينته علمك إلى هؤلاء، ومعنى: {يزكون أنفسهم} أي: تزعمون أنهم أزكياء.
وتأويل قولنا، زكاء الشيء في اللغة: نماؤه في الصلاح.
وهذا أيضا يعني به اليهود، وكانوا جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأطفالهم فقالوا: يا محمد أعلى هؤلاء ذنوب؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لا))، فقالوا كذا نحن، ما نعمل بالليل يغفر بالليل، وما نعمل بالنهار يغفر بالنهار.
قال اللّه - عزّ وجلّ -: {بل اللّه يزكّي من يشاء} أي: يجعل من يشاء زاكيا.
{ولا يظلمون فتيلا} تأويله: ولا يظلمون مقدار فتيل.
قال بعضهم: "الفتيل" ما تفتله بين إصبعيك من الوسخ.
قال بعضهم: "الفتيل" ما كان في باطن النّواة من لحائها.
وقالوا في التفسير: ما كان في ظهرها وهو الذي تنبت منه النخلة.
والقطمير: جملة ما التفّ عليها من لحائها). [معاني القرآن: 2/60]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء} أصل الزكاء: النماء في الصلاح
قال قتادة: يعني اليهود لأنهم زكوا أنفسهم فقالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، وكذلك قال الضحاك). [معاني القرآن: 2/108-109]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولا يظلمون فتيلا} قال ابن عباس: الفتيل ما فتلته بأصبعيك.
وقال غيره: "الفتيل" ما في بطن النواة.
والنقير: النقرة التي فيها والتي تنبت منها النخلة.
والقطمير: القشرة الملفوفة عليها من خارج
والمعنى: لا يظلمون مقدار هذا). [معاني القرآن: 2/109-110]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( (الفَتِيلُ): الذي في شق النواة.
{القطمير}: الذي على النواة). [العمدة في غريب القرآن:112-113]
تفسير قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {انظر كيف يفترون على الله الكذب}: مثل {ألم تر إلى الذين} ). [مجاز القرآن: 1/129]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله - جلّ وعزّ -: {انظر كيف يفترون على اللّه الكذب وكفى به إثما مبينا} أي: يفعلونه ويختلقونه.
ويقال: قد فرى الرجل يفري إذا عمل، وإذا قطع زمن هذا: فريت جلده. فتأويله أن هذا القول أعني تزكيتهم أنفسهم فرية منهم.
{وكفى به إثما مبينا} أي: كفى هو إثما، منصوب على التمييز، أي: كفى به في الآثام). [معاني القرآن: 2/60-61]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {انظر كيف يفترون على الله الكذب} معنى {يفترون}: يختلقون ويكذبون). [معاني القرآن: 2/110]