الموضوع: سورة الحج
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 13 ذو الحجة 1433هـ/28-10-2012م, 04:01 PM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي


قوله تعالى:
{وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته(52)}

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ):
(
أولهما قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته...} الآية [52 / الحج / 22] نسخت بقوله تعالى: {سنقرئك فلا تنسى...} الآية [6 / الأعلى / 87]
).[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 46]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (باب ذكر الآية الثّالثة قال جلّ وعزّ: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلّا إذا تمنّى ألقى الشّيطان في أمنيّته فينسخ اللّه ما يلقي الشّيطان} [الحج: 52]
قال أبو جعفرٍ حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، {فينسخ اللّه ما يلقي الشّيطان} [الحج: 52] قال: " يبطل ما ألقاه الشّيطان {ثمّ يحكم اللّه آياته} [الحج: 52]
قال أبو جعفرٍ: هذا من قول العرب نسخت الشّمس الظّلّ إذا أزالته
وروي في هذا الّذي نسخه اللّه تعالى ممّا ألقاه الشّيطان أحاديث فمنها
ما رواه الزّهريّ عن أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشامٍ، قال: قرأ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: {والنّجم} [النجم: 1] فلمّا بلغ {أفرأيتم اللّات والعزّى} [النجم: 19] قال: " فإنّ شفاعتهم ترتجى فسها فلقيه المشركون فسلّموا عليه وفرحوا فأنزل اللّه تعالى:{وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلّا إذا تمنّى ألقى الشّيطان في أمنيّته} [الحج: 52]، الآية "
قال أبو جعفرٍ: وهذا حديثٌ منقطعٌ وفيه هذا الأمر العظيم وكذا حديث قتادة وزاد فيه «وإنّهنّ لهنّ الغرانيق العلا»
ولو صحّ هذا لكان له تأويلٌ قد ذكرناه في أوّل هذا الكتاب
وأفظع من هذا ما ذكره الواقديّ عن كثير بن زيدٍ عن المطّلب بن عبد اللّه قال " فسجد المشركون كلّهم إلّا الوليد بن المغيرة فإنّه أخذ ترابًا من الأرض فرفعه إلى وجهه، ويقال إنّه أبو أحيحة سعيد بن العاص، حتّى نزل جبريل عليه السّلام فقرأ عليه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذا فقال: ما جئتك به وأنزل اللّه تعالى: {لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلًا إذاً لّأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا} [الإسراء: 75]
قال أبو جعفرٍ: وهذا حديثٌ منكرٌ منقطعٌ ولا سيّما وهو من حديث الواقديّ والدّين والعقل يمنعان من هذا ؛ لأنّه إن كان قال هذا متعمّدًا ومعاذ اللّه أن يكون ذلك لأنّ فيه مساعدةً لهم على دينهم لأنّ هذا قولهم، وإن كان ناسيًا فكيف صبر ولم يبيّن ذلك حتّى أتاه الوحي من اللّه تعالى،
ثمّ رجعنا إلى الآية فوجدنا فيها قولين لمن يرجع إلى قوله وعلمه
كما حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلّا إذا تمنّى ألقى الشّيطان في أمنيّته} [الحج: 52] قال: «إذا حدّث ألقى الشّيطان في حديثه»
قال أبو جعفرٍ: فالتّأويل على: ألقى الشّيطان في سرّه وخاطره ما يوهمه به أنّه الصّواب ثمّ ينبّهه اللّه تعالى على ذلك
وقد صحّ عنه عليه السّلام أنّه قال: ((إنّه ليغان على قلبي فأستغفر اللّه تعالى في اليوم واللّيلة مائة مرّةً)) وفي السّير أنّ كبراء قريشٍ جاءوه فقالوا: يا محمّد قد استغويت ضعفاءنا وسفهاءنا وذلك حين أظهر دعوته وتبيّنت براهينه فأمسك عنّا حتّى ننظر في أمرك فإن تبيّن لنا اتّبعناك وإن لم يتبيّن لنا كنت على أمرك ونحن على أمرنا فوقع له صلّى الله عليه وسلّم أنّ هذا إنصافٌ ثمّ نبّهه اللّه بالخاطر والتّذكّر لما أمره اللّه تعالى به من إظهار الدّعوة وأن يصدع بما أمر به ثمّ نزل عليه الوحي {لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلًا} [الإسراء: 74] وما بعده فيكون على هذا ألقى الشّيطان في أمنيّته أي في سرّه
والقول الآخر عليه أكثر أهل التّأويل ، قال سعيد بن جبيرٍ «في أمنيّته في قراءته»
وقال مجاهدٌ في قوله وقال الضّحّاك: «الأمنيّة التّلاوة»
قال أبو جعفرٍ: وهذا معروفٌ في اللّغة منه {لا يعلمون الكتاب إلّا أمانيّ} [البقرة: 78] فيكون التّقدير على هذا ألقى الشّيطان في تلاوة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إمّا شيطانًا من الإنس وإمّا شيطانًا من الجنّ ومتعارفٌ في الآثار أنّ الشّيطان كان يظهر كثيرًا في وقت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال تعالى {وإذ زيّن لهم الشّيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من النّاس وإنّي جارٌ لكم فلمّا تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنّي بريءٌ منكم إنّي أرى ما لا ترون إنّي أخاف اللّه واللّه شديد العقاب} [الأنفال: 48] فألقى الشّيطان هذا في تلاوة النّبيّ عليه السّلام من غير أن ينطق به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والدّليل على هذا أنّ ظاهر القرآن كذا وأنّ الثّقات من أصحاب السّير كذا يروون .
كما روى موسى بن عقبة، عن الزّهريّ، «ألقى الشّيطان في تلاوة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فإنّ شفاعتهم ترتجى فوقرت في مسامع المشركين، فاتّبعوه جميعًا وسجدوا وأنكر ذلك المسلمون ولم يسمعوه واتّصل الخبر بالمهاجرين في أرض الحبشة وأنّ الجماعة قد تبعت النّبيّ عليه السّلام فقدموا وقد نسخ اللّه ما ألقاه الشّيطان فلحقهم الأذى والعنت» قال أبو جعفرٍ: " فقد تبيّن معنى الآية بهذا وبغيره
وقال ابن جريجٍ {ليجعل ما يلقي الشّيطان فتنةً للّذين في قلوبهم مرضٌ والقاسية قلوبهم} [الحج: 53] قال: القاسية قلوبهم المشركون
قال أبو جعفرٍ: وهذا قولٌ بيّنٌ لأنّهم لم تلن قلوبهم لاتّباع الحقّ {والّذين في قلوبهم مرضٌ} المنافقون ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/509-534]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الأولى قوله تعالى {قل يا أيّها الناس إنّما أنا لكم نذيرٌ مبين} نسخ معنى الإنذار بآية السّيف.
وأما قوله تعالى {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلّا إذا تمنّى ألقى الشّيطان في أمنيته فينسخ الله} الآية وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلى بأصحابه بمكّة فقرأ بهم سورة النّجم حتّى انتهت قراءته إلى {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثّالثة الأخرى ألكم الذّكر وله الأنثى} وأراد أن يقول / تلك إذن قسمة ضيزى فقال عليه السّلام تلك الغرانيق العلى وشفاعتهم ترتجى / نسخها الله بقوله {سنقرئك فلا تنسى} وقد بينا شرحها في سورة طه) . [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 126-128]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (وقد تقدم ذكر قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ} [الحج: 52] الآية وليس فيها ناسخٌ ولا منسوخ، إنما هي دالّة على جواز النّسخ لما ليس من القرآن مما يلقيه الشيطان على لسان النبي صلى الله عليه وسلم). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 353-356]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وأما ما ذكروه في قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} الآية [الحج: 52] من أنه منسوخ بقوله: {سنقرئك فلا تنسى} الآية [الأعلى: 6] فهذيان لا يسمع ولا يلوى عليه). [جمال القراء:1/337]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس