جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   تفسير سورة الحجرات (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=880)
-   -   تفسير سورة الحجرات [ الآيتين 9-10 ] (http://jamharah.net/showthread.php?t=21030)

ساجدة فاروق 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م 06:07 PM

تفسير سورة الحجرات [ الآيتين 9-10 ]
 
{وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الوقف والابتداء


ساجدة فاروق 12 جمادى الآخرة 1434هـ/22-04-2013م 02:35 PM

جمهرة تفاسير السلف



تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (قال ابن عياش: وقال زيد في قول الله: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}، وذلك رجلان يقتتلان من أهل الإسلام، أو النفر والنفر، أو القبيلة والقبيلة، فأمر الله أئمة المسلمين أن يقضوا بينهم بالحق الذي أنزل الله في كتابه، إما القصاص والقود، وإما الغير، وإما العفو، فإن بغت إحداهما بعد ذلك على الأخرى كان المسلمون مع المظلوم على الظالم، حتى تفيء إلى حكم الله وترضى به). [الجامع في علوم القرآن: 1/60]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا هشيم عن أبي بشر عن مجاهد في قوله وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا قال كانا رجلين). [تفسير عبد الرزاق: 2/230]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن أن قوما من المسلمين كان بينهم تنازع حتى اضطربوا بالنعال والأيدي فأنزل فيهم وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا قال ومعمر وقال قتادة وكان رجلان بينهما حق تدارآ فيه وقال أحدهم لآخذنه عنوة بكثرة عشيرته وقال الآخر بيني وبينك رسول الله فتنازعا حتى كان بينهما ضرب بالنعال والأيدي). [تفسير عبد الرزاق: 2/232]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر اللّه فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إنّ اللّه يحبّ المقسطين}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: وإن طائفتان من أهل الإيمان اقتتلوا، فأصلحوا أيّها المؤمنون بينهما بالدّعاء إلى حكم كتاب اللّه، والرّضا بما فيه لهما وعليهما، وذلك هو الإصلاح بينهما بالعدل {فإن بغت إحداهما على الأخرى} يقول: فإن أبت إحدى هاتين الطّائفتين الإجابة إلى حكم كتاب اللّه لهاوعليها وتعدّت ما جعل اللّه عدلاً بين خلقه، وأجابت الأخرى منهما {فقاتلوا الّتي تبغي} يقول: فقاتلوا الّتي تتعدّى، وتأبى الإجابة إلى حكم اللّه {حتّى تفيء إلى أمر اللّه} يقول: حتّى ترجع إلى حكم اللّه الّذي حكم في كتابه بين خلقه {فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل} يقول: فإن رجعت الباغية بعد قتالكم إيّاهم إلى الرّضا بحكم اللّه في كتابه، فأصلحوا بينها وبين الطّائفة الأخرى الّتي قاتلتها بالعدل: يعني بالإنصاف بينهما، وذلك حكم اللّه في كتابه الّذي جعله عدلاً بين خلقه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر اللّه} فإنّ اللّه سبحانه أمر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين أن يدعوهم إلى حكم اللّه، وينصف بعضهم من بعضٍ، فإن أجابوا حكم فيهم بكتاب اللّه، حتّى ينصف المظلوم من الظّالم، فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغٍ، فحقٌّ على إمام المؤمنين أن يجاهدهم ويقاتلهم، حتّى يفيئوا إلى أمر اللّه، ويقرّوا بحكم اللّه.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} إلى آخر الآية قال: هذا أمرٌ أمر اللّه به الولاة كهيئة ما تكون العصبيّة بين النّاس، وأمرهم أن يصلحوا بينهما، فإن أبوا قاتل الفئة الباغية، حتّى ترجع إلى أمر اللّه، فإذا رجعوا أصلحوا بينهما، وأخبروهم أنّ المؤمنين إخوةٌ، {فأصلحوا بين أخويكم}؛ قال: ولا يقاتل الفئة الباغية إلاّ الولاة.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في طائفتين من الأوس والخزرج اقتتلا في بعض ما تنازعا فيه، ممّا سأذكره إن شاء اللّه تعالى.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثني محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أنسٍ قال: قيل للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لو أتيت عبد اللّه بن أبيٍّ قال: فانطلق إليه وركب حمارًا، وانطلق المسلمون، وهي أرضٌ سبخةٌ؛ فلمّا أتاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إليك عنّي، فواللّه لقد آذاني نتن حمارك، فقال رجلٌ من الأنصار: واللّه لحمار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أطيب ريحًا منك قال: فغضب لعبد اللّه بن أبيٍّ رجلٌ من قومه قال: فغضب لكلّ واحدٍ منهما أصحابه قال: فكان بينهم ضربٌ بالجريد والأيدي والنّعال، فبلغنا أنّه نزلت فيهم {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}.
- حدّثني أبو حصينٍ عبد اللّه بن أحمد بن يونس قال: حدّثنا عبثرٌ قال: ثني حصينٌ، عن أبي مالكٍ، في قوله: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} قال: رجلان اقتتلا فغضب لذا قومه، ولذا قومه، فاجتمعوا حتّى اضّربوا بالنّعال حتّى كاد يكون بينهم قتالٌ، فأنزل اللّه هذه الآية.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا هشيمٌ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، في قوله: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} قال: كان بينهم قتالٌ بغير سلاحٍ.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا حصينٌ، عن أبي مالكٍ، في قوله: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} قال: كانا حيّين من أحياء الأنصار، كان بينهما تنازعٌ بغير سلاحٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: أخبرنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} قال: كان قتالهم بالنّعال والعصيّ، فأمرهم أن يصلحوا بينهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران قال: حدّثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} قال: كانت تكون الخصومة بين الحيّين، فيدعوهم إلى الحكم فيأبون أن يجيبوا فأنزل اللّه: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر اللّه} يقول: ادفعوهم إلى الحكم، فكان قتالهم الدّفع.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} قال: كانت امرأةٌ من الأنصار يقال لها أم زيدٍ، تحت رجلٍ، فكان بينها وبين زوجها شيءٌ، فرقّاها إلى علّيّةٍ، فقال لهم: احفظوا، فبلغ ذلك قومها، فجاءوا وجاء قومه، فاقتتلوا بالأيدي والنّعال فبلغ ذلك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فجاء ليصلح بينهم، فنزل القرآن {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى} قال: تبغي: لا ترضى بصلح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أو بقضاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وإنّ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} قال: الأوس والخزرج اقتتلوا بالعصيّ بينهم.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} الآية، ذكر لنا أنّها نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مدارأةً في حقٍّ بينهما، فقال أحدهما للآخر: لآخذنّ عنوةً لكثرة عشيرته، وأنّ الآخر دعاه ليحاكمه إلى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأبى أن يتبعه، فلم يزل الأمر حتّى تدافعوا، وحتّى تناول بعضهم بعضًا بالأيدي والنّعال، ولم يكن قتالٌ بالسّيوف، فأمر اللّه أن تقاتل حتّى تفيء إلى كتاب اللّه، وإلى حكم نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم وليست كما تأوّلها أهل الشّبهات، وأهل البدع، وأهل الفرى على اللّه وعلى كتابه، أنّه المؤمن يحلّ لك قتله، فواللّه لقد عظّم اللّه حرمة المؤمن حتّى نهاك أن تظنّ بأخيك إلاّ خيرًا، فقال: {إنّما المؤمنون إخوةٌ} الآية.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسن، أنّ قومًا من المسلمين كان بينهم تنازعٌ حتّى اضطربوا بالنّعال والأيدي، فأنزل اللّه فيهم {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} قال قتادة: كان رجلان بينهما حقٌّ، فتدارءا فيه، فقال أحدهما: لآخذنّه عنوةً، لكثرة عشيرته؛ وقال الآخر: بيني وبينك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فتنازعا حتّى كان بينهما ضربٌ بالنّعال والأيدي.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال وأخبرني عبد اللّه بن عيّاشٍ قال: قال زيدٌ في قول اللّه تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} وذلك الرّجلان يقتتلان من أهل الإسلام، أو النّفر والنّفر، أو القبيل والقبيلة؛ فأمر اللّه أئمّة المسلمين أن يقضوا بينهم بالحقّ الّذي أنزله في كتابه: إمّا القصاص والقود، وإمّا العقل والعير، وإمّا العفو، {فإن بغت إحداهما على الأخرى} بعد ذلك كان المسلمون مع المظلوم على الظّالم، حتّى يفيء إلى حكم اللّه، ويرضى به.
- حدّثنا ابن البرقيّ قال: حدّثنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا نافع بن يزيد قال: أخبرنا ابن جريجٍ قال: ثني ابن شهابٍ وغيره: يزيد في الحديث بعضهم على بعضٍ قال: جلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في مجلسٍ فيه عبد اللّه بن رواحة، وعبد اللّه بن أبيّ ابن سلول: فلمّا ذهب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال عبد اللّه بن أبيّ ابن سلول: لقد آذانا بول حماره، وسّد عنّا الرّوح، وكان بينه وبين ابن رواحة شيءٌ حتّى خرجوا بالسّلاح، فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فحجز بينهم، فلذلك يقول عبد اللّه بن أبيٍّ:
متى ما يكن مولاك خصمك جاهدًا تظلّم ويصرعك الّذين تصارع.
قال: فأنزلت فيهم هذه الآية {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا}.
وقوله: {وأقسطوا} يقول تعالى ذكره: واعدلوا أيّها المؤمنون في حكمكم بين من حكمتم بينهم بأن لا تتجاوزوا في أحكامكم حكم اللّه وحكم رسوله {إنّ اللّه يحبّ المقسطين} من خلقه يقول: إنّ اللّه يحبّ العادلين في أحكامهم، القائمين بين خلقه بالقسط). [جامع البيان: 21/357-363]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا قال يعني الأوس والخزرج اقتتلوا بينهم بالعصي). [تفسير مجاهد: 2/606]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الأصبهانيّ، ثنا أحمد بن مهديٍّ، ثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة، حدّثني أبي، عن الزّهريّ، قال: أخبرني حمزة بن عبد اللّه بن عمر، أنّه بينا هو جالسٌ مع عبد اللّه بن عمر جاءه رجلٌ من أهل العراق فقال: يا أبا عبد الرّحمن إنّي واللّه لقد خرجت أن أتسمّت بسمتك، وأقتدي بك في أمر فرقة النّاس، وأعتزل الشّرّ ما استطعت، وأن أقرأ آيةً من كتاب اللّه محكمةً، قد أخذت بقلبي، فأخبرني عنها، أرأيت قول اللّه عزّ وجلّ: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر اللّه فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إنّ اللّه يحبّ المقسطين} [الحجرات: 9] أخبرني عن هذه الآية. فقال عبد اللّه بن عمر: «ما لك ولذلك انصرف عنّي». فقام الرّجل فانطلق حتّى إذا توارينا سواده أقبل إلينا عبد اللّه بن عمر فقال: «ما وجدت في نفسي في شيءٍ من أمر هذه الآية إلّا ما وجدت في نفسي أنّي لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني اللّه تعالى» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/502]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 9 - 10.
أخرج أحمد والبخاري ومسلم، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن أنس قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أتيت عبد الله بن أبي فانطلق وركب حمارا وانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبخة فلما انطلق إليهم قال: إليك عني فوالله لقد آذاني ريح حمارك فقال رجل من الأنصار: والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحا منك فغضب لعبد الله رجال من قومه فغضب لكل منهما أصحابه فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال فأنزل فيهم {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}). [الدر المنثور: 13/549-550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي مالك قال: تلاحى رجلان من المسلمين فغضب قوم هذا لهذا وهذا لهذا فاقتتلوا بالأيدي والنعال فأنزل الله: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}). [الدر المنثور: 13/550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: إن الأوس والخزرج كان بينهما قتال بالسيف والنعال فأنزل الله {وإن طائفتان} الآية). [الدر المنثور: 13/550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: كانت تكون الخصومة بين الحيين فيدعوهم إلى الحكم فيأبون أن يجيؤا فأنزل الله {وإن طائفتان} الآية). [الدر المنثور: 13/550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة قال: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مماراة في حق بينهما فقال أحدهما للآخر: لآخذن عنوة - لكثرة عشيرته - وإن الآخر دعاه ليحاكمه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأبى فلم يزل الأمر حتى تدافعوا وحتى تناول بعضهم بعضا بالأيدي والنعال ولم يكن قتال بالسيوف). [الدر المنثور: 13/551]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي قال: كان رجل من الأنصار يقال له عمران تحته امرأة يقال لها أم زيد وأنها أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها وجعلها في علية له لا يدخل عليها أحد من أهلها وإن المرأة بعثت إلى أهلها فجاء قومها فأنزلوها لينطلقوا بها وكان الرجل قد خرج فاستعان أهل الرجل فجاء بنو عمه ليحولوا بين المرأة وبين أهلها فتدافعوا واجتلدوا بالنعال فنزلت فيهم هذه الآية {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصلح بينهم وفاؤوا إلى أمر الله). [الدر المنثور: 13/551]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم والبيهقي وصححه عن ابن عمر قال: ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت من هذه الآية إني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله). [الدر المنثور: 13/551-552]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن حبان السلمي قال: سألت ابن عمر عن قوله {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} وذلك حين دخل الحجاج الحرم فقال لي: عرفت الباغية من المبغي عليها فوالذي نفسي بيده لو عرفت المبغية ما سبقتني أنت ولا غيرك إلى نصرها أفرأيت إن كانت كلتاهما باغيتين فدع القوم يقتتلون على دنياهم وارجع إلى أهلك فإذا استمرت الجماعة فادخل فيها). [الدر المنثور: 13/552]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: إن الله أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا اقتتلت طائفة من المؤمنين أن يدعوهم إلى حكم الله وينصف بعضهم من بعض فإن أجابوا حكم فيهم بكتاب الله حتى ينصف المظلوم من الظالم فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغ وحق على إمام المؤمنين والمؤمنين أن يقاتلوهم حتى يفيئوا إلى أمر الله ويقروا بحكم الله). [الدر المنثور: 13/552-553]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} قال: الأوس والخزرج اقتتلوا بينهم بالعصي). [الدر المنثور: 13/553]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} قال: الطائفة من الواحد إلى الألف وقال: إنما كانا رجلين اقتتلا). [الدر المنثور: 13/553]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} قال: كان قتالهم بالنعال والعصي فأمرهم أن يصلحوا بينهما). [الدر المنثور: 13/553]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أما قوله تعالى: {إن الله يحب المقسطين}
أخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر وعن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: المقسطون عند الله يوم القيامة على منابر من نور على يمين العرش الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا). [الدر المنثور: 13/553]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ يوم القيامة بين يدي الرحمن بما أقسطوا في الدنيا). [الدر المنثور: 13/553-554]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت مثل ما رغبت عنه في هذه الآية {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} الآية). [الدر المنثور: 13/554]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن فهيد بن مطرف الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله سائل إن عدا علي عاد فأمره أن ينهاه ثلاث مرات قال: فإن لم ينته فأمره بقتاله قال: فكيف بنا قال: إن قتلك فأنت في الجنة وإن قتلته فهو في النار). [الدر المنثور: 13/554-555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} إلى قوله {فقاتلوا التي تبغي} قال: بالسيف قيل: فما قتلاهم قال: شهداء مرزوقين قيل: فما حال الأخرى أهل البغي قال: من قتل منهم إلى النار). [الدر المنثور: 13/555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون بعدي أمراء يقتتلون على الملك يقتل بعضهم بعضا). [الدر المنثور: 13/555]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّما المؤمنون إخوةٌ فأصلحوا بين أخويكم واتّقوا اللّه لعلّكم ترحمون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره لأهل الإيمان به {إنّما المؤمنون إخوةٌ} في الدّين {فأصلحوا بين أخويكم} إذا اقتتلا بأن تحملوهما على حكم اللّه وحكم رسوله.
ومعنى الأخوين في هذا الموضع: كلٌّ مقتتلين من أهل الإيمان، وبالتّثنية قرأ ذلك قرّاء الأمصار وذكر عن ابن سيرين أنّه قرأ (بين إخوانكم) بالنّون على مذهب الجمع، وذلك من جهة العربيّة صحيحٌ، غير أنّه خلافٌ لما عليه قرّاء الأمصار، فلا أحبّ القراءة بها.
{واتّقوا اللّه لعلّكم ترحمون} يقول تعالى ذكره: وخافوا اللّه أيّها النّاس بأداء فرائضه عليكم في الإصلاح بين المقتتلين من أهل الإيمان بالعدل، وفي غير ذلك من فرائضه، واجتناب معاصيه، ليرحمكم ربّكم، فيصفح لكم عن سالف إجرامكم إذا أنتم أطعتموه، واتّبعتم أمره ونهيه، واتّقيتموه بطاعته). [جامع البيان: 21/363-364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} الآية
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن سيرين رضي الله عنه أنه كان يقرأ {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} بالياء). [الدر المنثور: 13/554]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {فأصلحوا بين أخويكم} بالياء). [الدر المنثور: 13/554]


ساجدة فاروق 12 جمادى الآخرة 1434هـ/22-04-2013م 02:35 PM

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا...}.
ولم يقل: اقتتلتا، وهي في قراءة عبد الله: فخذوا بينهم. مكان فأصلحوا بينهم، وفي قراءته: حتى يفيئوا إلى أمر الله فإن فاءوا فخذوا بينهم). [معاني القرآن: 3/71]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي...} التي لا تقبل الصلح، فأصلح النبي صلى الله عليه بينهم). [معاني القرآن: 3/72]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( " حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ " ترجع). [مجاز القرآن: 2/219]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({حتى تفيء إلى أمر الله}: ترجع ومنه {فإن فاؤوا}). [غريب القرآن وتفسيره: 343]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} أي ترجع.
{وَأَقْسِطُوا}: اعدلوا). [تفسير غريب القرآن: 416]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ -: ({وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)}
والباغية التي تعدل عن الحق وما عليه أئمة المسلمين وجماعتهم.
{حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}.
حتى ترجع إلى أمر اللّه.
{فَإِنْ فَاءَتْ}: فإن رجعت.
{فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا}.
أي وأعدلوا.
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}
وهذه - قيل - نزلت بسبب جمعين من الأنصار كان بينهم قتال ولم يكن ذلك بسيوف ولا أسلحة، جاء في التفسير أنه كان بينهم قتال بالأيدي والنعال وترام بالحجارة). [معاني القرآن: 5/35]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تَفِيءَ}: ترجع). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 235]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ...}.
ولم يقل: بين إخوتكم، ولا إخوانكم، ولو قيل ذلك كان صوابا.
ونزلت في رهط عبد الله بن أبي، ورهط عبد الله بن رواحة الأنصاري، فمر رسول الله صلى الله عليه على حمار فوقف على عبد الله بن أبي في مجلس قومه، فراث حمار رسول الله، فوضع عبد الله يده على أنفه وقال: إليك حمارك فقد آذاني، فقال له ابن رواحة: ألحمار رسول الله تقول هذا؟ فوالله لهو أطيب عرضا منك ومن أبيك، فغضب قوم هذا، وقوم هذا، حتى اقتتلوا بالأيدي والنعال، فنزلت هذه الآية). [معاني القرآن: 3/71]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكذلك ما روي في الحديث من قوله حين خاف على نفسه وامرأته: (إنها أختي) لأن بني آدم يرجعون إلى أبوين، فهم إخوة، ولأن المؤمنين إخوة، قال الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]). [تأويل مشكل القرآن: 268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ( {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)}
ويقرأ بين إخوانكم، وبين أخواتكم وبين إخوتكم.
فأعلم اللّه - عز وجل - أن الذين يجمعهم وأنهم إخوة إذا كانوا متفقين في دينهم فرجعوا في الاتفاق في الدين إلى أصل النسب، لأنهم لآدم وحواء، ولو اختلفت أديانهم لافترقوا في النسب، وإن كان في الأصل أنهم لأب وأم.
ألا ترى أنه لا يرث الولد المؤمن الأب الكافر ولا الحميم المؤمن نسيبه الكافر). [معاني القرآن: 5/36]

ساجدة فاروق 12 جمادى الآخرة 1434هـ/22-04-2013م 02:36 PM

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (ويُرْوَى: وفَاءَتْ بَادِيَاتٍ، وفاءَ وفَاءَتْ, أيْ: رَجَعَ ورَجَعَتْ). [شرح لامية العرب: --]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (*قسط* وقسط جار، وأقسط بالألف عدل لا غير، قال الله جل ثناؤه: {وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} أي: العادلين، وقال في الجائرين: {وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا}، وقال القطامي (الوافر):
أليسوا بالألى قسطوا قديما = على النعمان وابتدروا السطاعا).
[كتاب الأضداد: 19-20]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
مشيفا يراقب شمس النها = ر حتى تقلع فيء الظلال
...
قال: وقوله: (فيء الظلال)، (الفيء) الرجوع). [شرح أشعار الهذليين: 2/501] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
نجوم يرعوين إلى نجوم = كما فاءت إلى الربع الظؤار
...
وفاءت: رجعت). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 44]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (المقسط: العادل. والقاسط: الجائر). [مجالس ثعلب: 175]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( فيئي إليك فلا هوادة بيننا = بعد الفوارس إذ ثووا بالمرصد
قال الضبي فيئي إليك أي: ارجعي إلى نفسك: يقال قد فاء الرجل يفيء إذا رجع، ومنه فيء الشمس وهو رجوعها إلى زوالها. ومنه قول الله عز وجل: {فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم}، وكذلك: {فإن فاءت فأصلحوا بينهما} وقال الشاعر:
فقلت لها فيئي إليك فإنني = حرام وإني بعد ذاك لبيب).
[شرح المفضليات: 713-714]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( فيئي إليك فلا هوادة بيننا = بعد الفوارس إذ ثووا بالمرصد
قال الضبي فيئي إليك أي: ارجعي إلى نفسك: يقال قد فاء الرجل يفيء إذا رجع، ومنه فيء الشمس وهو رجوعها إلى زوالها. ومنه قول الله عز وجل: {فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم}، وكذلك: {فإن فاءت فأصلحوا بينهما} وقال الشاعر:
فقلت لها فيئي إليك فإنني = حرام وإني بعد ذاك لبيب).
[شرح المفضليات: 713-714] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( فما انصرفت حتى أفاءت رماحهم = لأعدائهم في الحرب سمًا مقشبا
ويروى: وإني لمن قوم تكون رماحهم * لأعدائهم.
قال الضبي: أفاءت ردت. والمقشب المخلوط. وقد فاء الشيء رجع ومنه قوله عز وجل: {حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما} وفي موضع آخر: {فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم} ). [شرح المفضليات: 737-738]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
فنحن بنو الإسلام والله واحد = وأولى عباد الله بالله من شكر
يقول: انقطعت الولاية إلا ولاية الإسلام، لأن ولاية الإسلام قد قاربت بين الغرباء. وقال الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. وقال عز وجل فباعد به بين القرابة: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}. وقال نهار بن توسعة اليشكري:

دعي القوم ينصر مدعيه = ليلحقه بذي الحسب الصميم
أبي الإسلام لا أب لي سواه = إذا افتخروا بقيس أو تميم).

[الكامل: 3/1097-1098 ]

جمهرة التفاسير 29 صفر 1440هـ/8-11-2018م 09:16 PM

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

جمهرة التفاسير 29 صفر 1440هـ/8-11-2018م 09:16 PM

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

جمهرة التفاسير 29 صفر 1440هـ/8-11-2018م 09:19 PM

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين * إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون}
"طائفتان" مرفوع بإضمار فعل، والطائفة: الجماعة، وقد تقع على الواحد، واحتج لذلك بقوله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة}، ورأى بعض الناس أنه يجزى أن يشهد حدا الزناة رجل واحد، فهذه الآية الحكم فيها في الأفراد وفي الجماعات واحد.
واختلف الناس في سبب هذه الآية، فقال أنس بن مالك والجمهور: سببها ما وقع بين المسلمين والمتحزبين منهم أيضا مع عبد الله بن أبي ابن سلول حين مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متجه لزيارة سعد بن عبادة رضي الله عنه في مرضه، فقال عبد الله بن أبي لما غشيه حمار رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تغبروا علينا، ولقد آذانا نتن حمارك، فرد عليه عبد الله بن رواحة رضي الله عنه الحديث بطوله فتلاحى الناس حتى وقع بينهم ضرب بالجريد، ويروى بالحديد.
وقال أبو مالك، والحسن: سببها: أن فرقتين من الأنصار وقع بينهما قتال، فأصلحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جهد ونزلت الآية في ذلك.
وقال السدي: كانت بالمدينة امرأة من الأنصار يقال لها أم بدر، ولها زوج من غيرهم، فوقع بينهما شيء أوجب أن يأنف لها قومها وله قومه، فوقع قتال نزلت الآية بسببه.
و"بغت" معناه: طلبت العلو بغير الحق، ومدافعة الفئة الباغية تتوجه في كل حال، وأما التهيؤ لقتالها فمع الولاة، وقيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أمشركون أهل صفين والجمل؟ قال: لا، من الشرك فروا، قيل: أفمنافقون؟ قال: لا، لأن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا، قيل: فما حالهم؟ قال: إخواننا بغوا علينا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "حكم الله تعالى في الفئة الباغية ألا يجهز على جريح، ولا يطلب هارب، ولا يقتل أسير". و"تفيء" معناه: ترجع، و"الإقساط": الحكم بالعدل). [المحرر الوجيز: 8/ 12-14]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة}، يريد إخوة الدين، وقرأ الجمهور من القراء: "بين أخويكم" وذلك رعاية لحال أقل عدد يقع فيه القتال والتشاجر، والجماعة متى قصدوا الإصلاح فإنما هو بين رجلين رجلين، وقرأ ابن عامر، والحسن - بخلاف عنه-: "بين إخوتكم"، وقرأ ابن مسعود وزيد بن ثابت، وابن سيرين، والحسن، وعاصم الجحدري، وثابت البناني وحماد بن سلمة: "بين إخوانكم"، وهي حسنة لأن الأكثر من جمع الأخ في الدين ونحوه من غير النسب إخوان، والأكثر من النسب إخوة وإخاء، قال الشاعر:
وجدتم أخاكم بيننا إذ نسيتم وأي بني الإخاء تنبو مناسبه؟.
وقد تتداخل هذه الجموع، وكلها في كتاب الله تعالى، فمنه: {إنما المؤمنون إخوة}، ومنه "أو بيوت إخوانكم"، فهذا جاء على الأقل من الاستعمال).[المحرر الوجيز: 8/ 14-15]

جمهرة التفاسير 1 ربيع الأول 1440هـ/9-11-2018م 05:47 PM

تفاسير القرن السابع الهجري
...

جمهرة التفاسير 1 ربيع الأول 1440هـ/9-11-2018م 05:50 PM

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر اللّه فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إنّ اللّه يحبّ المقسطين (9) إنّما المؤمنون إخوةٌ فأصلحوا بين أخويكم واتّقوا اللّه لعلّكم ترحمون (10) }
يقول تعالى آمرًا بالإصلاح بين المسلمين الباغين بعضهم على بعضٍ: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}، فسمّاهم مؤمنين مع الاقتتال. وبهذا استدلّ البخاريّ وغيره على أنّه لا يخرج من الإيمان بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم. وهكذا ثبت في صحيح البخاريّ من حديث الحسن، عن أبي بكرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خطب يومًا ومعه على المنبر الحسن بن عليٍّ، فجعل ينظر إليه مرّةً وإلى النّاس أخرى ويقول: "إنّ ابني هذا سيّدٌ ولعلّ اللّه أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين". فكان كما قال، صلوات اللّه وسلامه عليه، أصلح اللّه به بين أهل الشّام وأهل العراق، بعد الحروب الطّويلة والواقعات المهولة.
وقوله: {فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر اللّه} أي: حتّى ترجع إلى أمر اللّه وتسمع للحقّ وتطيعه، كما ثبت في الصّحيح عن أنسٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: "انصر أخاك ظالـمًا أو مظلومًا". قلت: يا رسول اللّه، هذا نصرته مظلومًا فكيف أنصره ظالمًا؟ قال: "تمنعه من الظّلم، فذاك نصرك إيّاه".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عارمٌ، حدّثنا معتمر قال: سمعت أبي يحدّث: أنّ أنسًا قال: قيل للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، لو أتيت عبد اللّه بن أبيٍّ؟ فانطلق إليه نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وركب حمارًا، وانطلق المسلمون يمشون، وهي أرضٌ سبخةٌ، فلمّا انطلق إليه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إليك عنّي، فواللّه لقد آذاني ريح حمارك" فقال رجلٌ من الأنصار: واللّه لحمار رسول اللّه أطيب ريحًا منك. قال: فغضب لعبد اللّه رجالٌ من قومه، فغضب لكلّ واحدٍ منهما أصحابه، قال: فكان بينهم ضربٌ بالجريد والأيدي والنّعال، فبلغنا أنّه أنزلت فيهم: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}
ورواه البخاريّ في "الصّلح" عن مسدّد، ومسلمٌ في "المغازي" عن محمّد بن عبد الأعلى، كلاهما عن المعتمر بن سليمان، عن أبيه، به نحوه.
وذكر سعيد بن جبيرٍ: أنّ الأوس والخزرج كان بينهما قتالٌ بالسّعف والنّعال، فأنزل اللّه هذه الآية، فأمر بالصلح بينهما.
وقال السدي: كان رجلا من الأنصار يقال له: "عمران"، كانت له امرأةٌ تدعى أمّ زيدٍ، وإنّ المرأة أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها وجعلها في عليّة له لا يدخل عليها أحدٌ من أهلها. وإنّ المرأة بعثت إلى أهلها، فجاء قومها وأنزلوها لينطلقوا بها، وإنّ الرّجل قد كان خرج، فاستعان أهل الرّجل، فجاء بنو عمّه ليحولوا بين المرأة وبين أهلها، فتدافعوا واجتلدوا بالنعال، فنزلت فيهم هذه الآية. فبعث إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصلح بينهم، وفاءوا إلى أمر اللّه.
وقوله: {فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إنّ اللّه يحبّ المقسطين} أي: اعدلوا بينهم فيما كان أصاب بعضهم لبعضٍ، بالقسط، وهو العدل، {إنّ اللّه يحبّ المقسطين}
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا محمّد بن أبي بكرٍ المقدّميّ، حدّثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن عبد اللّه بن عمرٍو؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ المقسطين في الدّنيا على منابر من لؤلؤٍ بين يدي الرّحمن، بما أقسطوا في الدّنيا".
ورواه النّسائيّ عن محمّد بن المثنّى، عن عبد الأعلى، به. وهذا إسناده جيّدٌ قويٌّ، رجاله على شرط الصّحيح.
وحدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن عمرو بن أوسٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "المقسطون عند اللّه يوم القيامة على منابر من نورٍ على يمين العرش، الّذين يعدلون في حكمهم وأهاليهم وما ولوا".
ورواه مسلمٌ والنّسائيّ، من حديث سفيان بن عيينة، به). [تفسير ابن كثير: 7/ 373-375]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {إنّما المؤمنون إخوةٌ} أي: الجميع إخوةٌ في الدّين، كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه". وفي الصّحيح: "واللّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". وفي الصّحيح أيضًا: "إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك: آمين، ولك بمثله". والأحاديث في هذا كثيرةٌ، وفي الصّحيح: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمّى والسّهر". وفي الصّحيح أيضًا: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدّ بعضه بعضًا" وشبّك بين أصابعه.
وقال أحمد: حدّثنا أحمد بن الحجّاج، حدّثنا عبد اللّه، أخبرنا مصعب بن ثابتٍ، حدّثني أبو حازمٍ قال: سمعت سهل بن سعدٍ السّاعديّ يحدّث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرّأس من الجسد، يألم المؤمن لأهل الإيمان، كما يألم الجسد لما في الرّأس". تفرّد به ولا بأس بإسناده.
وقوله: {فأصلحوا بين أخويكم} يعني: الفئتين المقتتلتين، {واتّقوا اللّه} أي: في جميع أموركم {لعلّكم ترحمون}، وهذا تحقيقٌ منه تعالى للرّحمة لمن اتّقاه).[تفسير ابن كثير: 7/ 375-376]


الساعة الآن 01:46 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة