جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   أحكام المصاحف (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=1030)
-   -   كتابة المصاحف (http://jamharah.net/showthread.php?t=27949)

جمهرة علوم القرآن 20 جمادى الآخرة 1440هـ/25-02-2019م 09:28 PM

كتابة المصاحف
 
كتابة المصاحف

جمهرة علوم القرآن 20 جمادى الآخرة 1440هـ/25-02-2019م 09:28 PM

الاشتغال بالمصاحف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): ( قال الشيخ تقى الدين بن تيمية : ( إن كتابة القرآن والأحاديث الصحيحة والتفاسير الموجودة الثابتة من أعظم القربات والطاعات ).
واستدل فى موضع آخر على فضل كتابة القرآن بقوله عليه السلام :" إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة : صانعه , والرامى به , والممد به " . فالكتابة كذلك لينتفع به أو لينفع به غيره كلاهما يثاب عليه .
وأخرج ابن أبى داود فى المصاحف بسنده عن مالك بن دينار قال (" دخل على جابر بن زيد وأنا أكتب مصحفا , فقلت له : كيف ترى صنعتى هذه يا أبا الشعثاء ؟ فقال: نعم الصنعة صنعتك , وما أحسن هذا تنقل كتاب الله من ورقة إلى ورقة , وآية إلى آية , وكلمة إلى كلمة , هذا الحلال لا بأس به ) .
وأخرجه من وجه آخر عن مالك بن دينار أيضا قال : ( دخل على جابر بن زيد وأنا أكتب المصحف , فقال لى : مالك صنعة إلا أن تنقل كتاب الله من ورقة إلى {155} ورقة , هذا والله كسب الحلال , وهذا والله كسب الحلال).
وأخرجه من وجه ثالث من طريق يعقوب بن سفيان عن عبد الملك بن شداد الأزدى قال : ( دخل أبو الشعثاء على مالك بن دينار فقال : يا أبا الشعثاء , كيف ترى صنعتى هذه ؟ . فقال : نعمت الصنعة صنعتك , تنقل كتاب الله من ورقة إلى ورقة , ونعمت الصنعة صنعتك فالزمها ).
وقد مضى فى مسألة الاحتساب فى كتابة المصاحف طرف من هذا , وقد يأتى له مزيد بيان فى غير موضع من هذا البحث ككتابة المصاحف , والاشتغال بها فى المساجد وحال الاعتكاف .
وذكر الغزالى فى الإحياء أن كتابة المصحف تكون كفارة لإثم مسه على غير طهارة , قال : ( ويكفر مس المصحف محدثا بإكرام المصحف , وكثرة قراءة القرآن منه , وكثرة تقبيله بأن يكتب مصحفا ويجعله وقفا ) . كذا وقعت الباء موقع الواو). {156}

جمهرة علوم القرآن 20 جمادى الآخرة 1440هـ/25-02-2019م 11:14 PM

الزيادة في المصحف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (الزيادة في المصحف أخرج الترمذي بسنده من حديث عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبي كان، الزائد في كتاب الله.." الحديث، وأخرجه ابن حبان في صحيحه والطبراني في معجمه.
فلا خلاف بين أهل العلم في أنه لا يجوز لأحد أن يزيد في المصحف حرفا واحدا، وأن من تعمد ذلك يكون كافرا، وقد جرى التنويه عن مثل هذا مشفوعا بما يؤيده من الآثار وأقوال السلف في مواطن كثيرة من هذا البحث كمسائل تجريد
[621]
المصحف، وتخميسه، وجحد شيء منه، وحاشيته، والتفسير فيه، وتعشيره، وتشكيله ونقطه، مما أغنى عن إعادته هنا.
وقد مر أيضا الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حول آية الرجم المنسوخة التلاوة وقوله: " والله لولا أن يقول قائلون زاد عمر في كتاب الله لأثبتها كما أنزلت".
[622]

جمهرة علوم القرآن 20 جمادى الآخرة 1440هـ/25-02-2019م 11:17 PM

الغلط في المصحف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (مر في مسألة إصلاح الخطأ في المصحف طرف مما يتعلق بحكم تصويب الخطأ فيه، كما مر في المسألة ذاتها تفنيد دعوى اللحن في المصحف الإمام، وبقي هنا الكلام على مسألة المصحف إذا حصل فيه غلط من كاتبه وترتب الإثم على ذلك، وحكم بيع المصحف إذا كان ملحونا على أنه تقدم في مسألة إتلاف المصاحف الكلام على وجوب إتلاف المصحف متى كثرت الأخطاء فيه وتعذر إصلاحه، أو كان مكتوبا بخط رديء لا يتأتى معه الانتفاع به، أو كان ظاهر المخالفة لما عليه رسم المصحف الإمام.
وقد سئل أبو الوليد ابن رشد رحمه الله عن رجل اشترى مصحفا أو كتابا فوجده ملحونا كثير الخطأ غير صحيح، ويريد أن يبيعه هل عليه أن يبين؟ وإن بين لم يشتر منه؟
فأجاب على ذلك بأن قال: لا يجوز أن يبيع حتى يبين ذلك.
وسئل ابن رشد أيضا عن الرجل يكتب القرآن يكتسب به، فربما غلط في بعض المواضع، أو ضبطه ملحونا، فهل إذا قرأه كذلك من يعتمد على ذلك الضبط يأثم بذلك الكاتب أم لا؟ .
فأجاب: ( لا يجوز لمن لا يعرف ضبط القرآن أن يضبط لما في ذلك من تضليل
[640]
الجهال، وإذا كان عالما فصدر منه ما لا شعور له به لم يأثم إذ لا يخلو من مثل هذا أحد إلا المتبحرين في علم العربية، والأولى به أن يتفقد ما كتبه ليصلح ما عساه أن يتفق فيه من لحن واختلال). وقد يأتي لهذه المسألة مزيد بيان في مسألة النقص في المصحف.
[641]

جمهرة علوم القرآن 20 جمادى الآخرة 1440هـ/25-02-2019م 11:18 PM

كتابة المصاحف حال الاعتكاف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا ريب أن كتابة المصاحف عمل من أعمال البر وباب من أبواب القرب وضرب من ضروب العبادات لا سيما إذا قام بها فاعلها محتسبا، لكن لما كان الاعتكاف مقتضيا لترك الاشتغال بغير العبادات المختصة به فقد اختلف أهل العلم في مسألة الاشتغال بكتابة المصاحف حال الاعتكاف، فمنهم من منع ذلك مطلقا، ومنهم من قيد المنع بما كان حرفة وتكسبا، ومنهم من لم ير بكتابة المصاحف حال الاعتكاف بأسا ولو كان ذلك على سبيل الاحتراف والتكسب لكون النفع في كتابة المصاحف متعديا وجانب التعبد فيه غالبا، ومنهم من صرح بكون ذلك مستحبا. وقد ذهب إلى القول الأول الإمام مالك في المشهور عنه، وذكره بعض أصحابنا الحنابلة تخريجا.
وذهب إلى القول الثاني جمهور الحنفية، وهو اختيار طائفة من الشافعية منهم الغزالي والرافعي، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو مقتضى قول أبي بكر الخلال من أصحابنا الحنابلة.
وذهب إلى القول الثالث جمهور الشافعية والحنابلة، وهو أشهر الروايتين عن الإمام أحمد.. وهاك بيان ما كان مجملا.
صرح غير واحد من شراح الهداية للمرغيناني الحنفي: أن للمعتكف أن يكتب الأمور الدينية وليس له كتابة المصحف بأجر. وقال الإمام مالك عن المعتكف: يكتب المصحف إن أحب. قال ابن رشد: (" قوله ويكتب المصحف إن أحب" معناه ويكتب المصاحف قبل أن يدخل إن أحب، وهذا على مذهب ابن القاسم، وروايته
[681]
عن مالك الذي يرى أن الاعتكاف يختص من أعمال البر بذكر الله تعالى وقراءته القرآن والصلاة، وأما على مذهب ابن وهب الذي يبيح للمعتكف جميع أعمال البر المختصة بالآخرة، فيجوز له أن يكتب المصاحف للثواب لا ليتمولها، ولا على أجرة يأخذها، إلا ليقرأ فيها وينتفع بها من احتاج إليها.
وعد خليل في مكروهات الاعتكاف: اشتغاله بعلم، وكتابته مصحفا إن كثر.
قال الخرشي: (أما اليسير من العلم والكتابة فلا بأس به لكن الأولى الترك وبالغ على المصحف لئلا يتوهم أن كتابته كتلاوته).
وقيد العدوي الكراهة بما لم يكن لمعاشه، ووافقه الزرقاني.
ونقل المناوي نحوا مما ذكر ابن رشد ثم قال: (وهو يدل على أن كتب المصحف لا يباح للمعتكف على المشهور).
وفي الإفصاح للوزير ابن هبيرة عن الإمام مالك: (لا بأس أن يكتب المعتكف).
وعند الشافعية يباح للمعتكف كتابة العلم ولو حرفة، وله المطالعة في مباح على ما اختاره النووي، والأنصاري والسيوطي، والهيتمي، خلافا لما ذكره الغزالي والرافعي.
[682]
وعند الحنابلة تجوز الكتابة للمعتكف على الصحيح من المذهب، وقيده بعضهم بما لم يكن تكسبا.
قال حرب: (سئل الإمام أحمد عن العمل في المسجد نحو الخياط وغيره، فكأنه كرهه ليس بذلك التشديد).
وقال المروزي: (سألته عن الرجل يكتب بالأجرة فيه؟ قال: أما الخياط وشبهه فلا يعجبني، إنما بني لذكر الله تعالى. وقال في رواية الأثرم: ما يعجبني مثل الخياط والإسكاف وشبهه، وسهل في الكتابة. قال الحارثي: خص الكتابة لأنه نوع تحصيل علم، فهي في معنى الدراسة، وهذا يوجب التقيد بما لا يكون تكسبا، وإليه أشار بقوله: فليس ذلك كل يوم).
قال المرداوي: (وظاهر ما نقل الأثرم – وقد قطع المصنف في باب الاعتكاف أنه لا يجوز للمعتكف أن يتكسب بالصنعة- التسهيل في الكتابة مطلقا). ونقل ابن مفلح في الاعتكاف قول أبي بكر: (لا يقرأ ولا يكتب الحديث واقتصر عليه).
وحكاه المرداوي في الإنصاف، ثم نقل قول أبي الخطاب: (يستحب إذا قصد به الطاعة). واختاره المجد وغيره.
وذكر الآمدي وغيره في استحباب ذلك روايتين، فعلى المذهب: فعله لذلك أفضل من الاعتكاف لتعدي نفعه..
قال المجد بن تيمية: (ويتخرج على أصلنا في كراهة أن يقضي القاضي بين الناس وهو معتكف إذا كان يسيرا: وجهان، بناء على الإقراء، وتدريس العلم فإنه في معناه).
وجزم البهوتي بعدم استحباب كتابة الحديث للمعتكف، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف
[683]
فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به، ولأن الاعتكاف عبادة من شروطها المسجد فلم يستحب فيها ذلك كالطواف...ثم ذكر اختيار أبي الخطاب السابق ووجهه..والله أعلم بالصواب.
[684]


الساعة الآن 11:28 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة