جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   نزول القرآن (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=431)
-   -   نزول المعوذتين (http://jamharah.net/showthread.php?t=21929)

محمد أبو زيد 9 شعبان 1434هـ/17-06-2013م 04:03 PM

نزول المعوذتين
 
نزول المعوذتين

● هل المعوذتان مكيتان أو مدنيتان؟
... - من ذكر الخلاف في مكيتهما ومدنيتهما
... - أقوال العلماء في نزول المعوذات
... - من نص على أنهما مدنيتان
... - من نص على أن سورة الفلق مكية
... - من نص على أن سورة الناس مكية
... - من نص على أن سورة الفلق مدنية
... - من نص على أن سورة الناس مدنية
● ترتيب نزول سورة الفلق
● ترتيب نزول سورة الناس
● أسباب نزول المعوذتين
...- هل حادثة سحر لبيد بن الأعصم للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم صحيحة؟
...- هل كانت تلك الحادثة هي سبب نزول المعوذتين؟
● دراسة أحاديث ذات صلة بسبب نزول المعوذتين
...- حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
...- حديث العرزمي عن أبي بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة
...- حديث زيد بن أرقم
...- حديث الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
...- حديث عكرمة عن ابن عباس
...- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه
● أقوال المفسرين في سبب نزول المعوذتين
● أقوال أخرى في سبب نزول المعوذتين
● قول آخر في سبب نزول سورة الناس

محمد أبو زيد 9 شعبان 1434هـ/17-06-2013م 04:23 PM

هل المعوذتان مكيتان أو مدنيتان؟
من ذكر الخلاف في مكيتهما أو مدنيتهما:
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (112 - سورة الإخلاص، 113 - الفلق، 114 - الناس: اختلف المفسرون في تنزيلهن فقال بعضهم هي مدنيات وقال الضحاك والسدي هن مكيات). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 68] (م)
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( والفلق والناس من المدني، وقيل من المكي) [جمال القراء :1/20]

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (
اختلَفَ أهلُ العِلْمِ فِي نُزولِ المعوِّذَتينِ علَى قولينِ:
القول الأول: أنهما مكِّيتَانِ
قالَ بهِ: هودُ بنُ محكَّمٍ، والزجَّاجُ، والواحديُّ، وأبو المظفَّرِ السَّمعانيُّ، وابنُ عطيةَ، والنَّسَفيُّ، ونظامُ الدِّينِ النَّيسابوريُّ، وابنُ جُزَيءٍ الكَلبيُّ، وأبو حيَّانَ الأندلسيُّ، والبقاعِيُّ، والسيوطيُّ كمَا في الدرِّ المنثورِ، وأبو السُّعودِ، ومحمَّد عبده المصريُّ، والقاسميُّ، والمراغِيُّ، والسعديُّ، وابنُ عاشُورٍ.
وفي بعض نسخ تفسير السعدي أن سورة الفلق مكية وسورة الناس مدنية، وهو خطأ ظاهر.
القول الثاني: أنهما مدنيَّتانِ
وَقالَ بهِ: ابنُ وهبٍ الدِّينوريُّ، والليثُ بنُ نصرٍ السمرقنديُّ، والثعلبيُّ، وأبو عمرٍو الدانيُّ، وأبو مَعْشَرٍ الطبَريُّ، وَأبو محمَّدٍ البغويُّ، وابنُ الأبزاريِّ، والفخرُ الرازيُّ، والخازنُ، وابنُ كثيرٍ، والعَينيُّ في شَرْحِ سُنَنِ أبي دَاوودَ.
وَقَالَ الماورديُّ: (مَكِّيَّةٌ في قولِ الحَسَنِ وعِكْرِمَةَ وعَطاءٍ وجابرٍ، ومَدَنِيَّةٌ في أَحَدِ قَوْلَيِ ابنِ عبَّاسٍ وقَتادةَ).
وَتَبعَهُ علَى ذَلِك: القرطبيُّ، وَابنُ عادِلٍ الحنبليُّ، والخطيبُ الشربينيُّ، والشوكانيُّ، والآلُوسيُّ، وصِدِّيق حَسَن خَان.
وَمِمَّن حَكَى الخِلافَ وَلَمْ يُرَجِّحْ: ابنُ أبي زَمِنينَ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَة المقرئُ، وَالزمخشريُّ، وَعَلَمُ الدينِ السَّخَاوِيُّ، والعزُّ بنُ عبدِ السَّلامِ، وَالفَيروزآبادي، وَجَلالُ الدينِ المحليُّ، والثعالبيُّ، وَالقسطلانيُّ فِي إرشادِ السَّارِي، وَزَكَرِيَّا الأَنصارِيُّ، والمبارَكفوري في تحفةِ الأحوَذَيِّ.
فأمَّا القولُ الأوَّلُ فنُسِبَ إلى: ابنِ عبَّاسٍ، وَقتادَةَ، وَالحسنِ، وَعكرمةَ، وَعطاءٍ، وَجابرِ بنِ زيدٍ، وَالضحَّاكِ، وَالسُّدِّيِّ.
وَقَد تقدَّمَ بيانُ شيءٍ من ذَلِكَ فيمَا ذَكَرَهُ الماوردِيُّ وَمَن تَبعَهُ، وَيُضَافُ:
نَسَبَهُ أبو عبدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ حَزْمٍ للضحَّاكِ وَالسُّدِّيِّ، وَنَسَبهُ العَيْنِي للسُّدِّيِّ أيضًا.
وَنَسَبَهُ عبدُ الرَّزَّاقِ عَلي مُوسَى لابنِ المبارَكِ فِي مَوضِعَينِ مِن كُتُبهِ.
وَمِمَّا استُدِلَّ بهِ لهذَا القولِ:
1: مَا رَواه ابنُ الضُّرَيسِ في فضائلِ القرآنِ من طريقِ عُمَرَ بنِ هارُون عن عمرَ بنِ عطَاءٍ عَن أبيهِ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ فِي ترتيب نزولِ سُوَرِ القرآنِ؛ فَعَدَّهُمَا فِيمَا نَزَلَ فِي مَكَّةَ، وَعُمَرُ بنُ هَارُونَ مَتروكُ الحدِيثِ.
2: مَا رَوَاهُ ابنُ مُردويهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُنْزِلَ بمكةَ {قُلْ أَعُوذُ برَبِّ النَّاسِ}، ذكرهُ السيوطيُّ في الدرِّ المنثورِ، وَلَمْ أَقِفْ علَى إسنادِهِ.
-قالَ أَبو عُبيدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّم (ت:224هـ) فِي فَضَائِلِ القُرْآنِ: (حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ عَن مُعاويةَ بنِ صَالِحٍ عَن عَليِّ بنِ أَبي طَلْحَةَ...) فذكَرَ السُّورَ المكيَّةَ وَالمدَنيَّةَ وَجَعَلَهُمَا فِي المكيِّ.
-وقالَ مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ العَبْدِيُّ (ت: 223هـ): (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قالَ: (البَقَرةُ وآلُ عِمْرَانَ والنِّسَاءُ والمائِدَةُ والأَنْفَالُ وَبَرَاءَةٌ والرَعْدُ والنَّحْلُ والحِجْرُ والنُّورُ والأَحْزَابُ ومُحَمَّدُ وَالفَتْحُ والحُجُرَاتُ والرَّحْمَنُ والحَدِيدُ إِلَى {يَا أَيُّهَا النَّبيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ} عَشْرٌ مُتَوَالِيَاتٌ، وَ{إِذَا زُلْزِلَت} وَ{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ} قالَ: هَذَا مَدَنِيٌّ، وَسَائِرُ القُرْآنِ مَكِّيٌ).
وَنَسَبَ هذَا القولَ إِلَى قتادَةَ: ابنُ أبي زمِنينَ، وَأبو عمرٍو الدانيُّ، وَابنُ عطيَّةَ، وَالعَينيُّ
وَقَالَ العَينيُّ: (فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ وَسَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ: مَكِّيَّةٌ).
قلتُ: أمَّا رِوَايةُ همَّامٍ فتقدَّم ذكرُهَا، وَقَدْ أخرَجَهَا أَيضًا ابنُ الأنبارِيِّ وَالحارثُ المحاسِبيُّ فِي كِتَاب فَهمِ القُرْآنِ، وَأمَّا رِوَايَةُ سَعِيدٍ فأخرَجَهَا أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي فِي كِتَاب البَيَانِ فِي عَدِّ آيِ القُرآنِ.
وَنَسَبَ ابنُ الجوزيِّ إِلَى قتادَةَ القولَ بأنَّهُمَا مدَنيَّتَانِ.
وَحَكَى الماوَردِيُّ عَن قتادَةَ قولينِ فِي هذِهِ المسألةِ، وَتبعهُ علَى ذَلكَ جَمَاعَةٌ كمَا تَقَدَّمَ.
قالَ ابْنُ عَاشُورٍ فِي تفسيرِ سُورَةِ الفَلَقِ: (وَاختُلِفَ فيها: أمَكِّيَّةٌ هي أمْ مَدنِيَّةٌ؟ فقالَ جابرُ بنُ زَيدٍ والحسَنُ وعَطاءٌ وعِكرِمَةُ: مَكِّيَّةٌ، وَرَوَاه كُرَيْبٌ عنِ ابنِ عبَّاسٍ.
وقالَ قَتادةُ: هي مَدنِيَّةٌ، ورَواهُ أبو صالِحٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ.
والأَصَحُّ أنها مَكِّيَّةٌ؛ لأنَّ رِوايةَ كُرَيْبٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ مَقبولةٌ، بخِلافِ رِوايةِ أبي صالِحٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ؛ ففيها متكَلَّمٌ) ا.هـ.
وَأَمَّا القولُ الثاني فنُسِبَ إِلَى: ابنِ عباسٍ، وَابنِ الزُّبيرِ، وَقَتَادَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَسُفَيَانَ بنِ عُيينَةَ
نَسَبَهُ إِلَى ابنِ عبَّاسٍ: النحَّاسُ، وَأبو عمرٍو الدَّانِيُّ، وَابنُ عطيَّةَ.
قالَ أبو عمرٍو الدَّانِي: (مَدَنِيَّةٌ، هذا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ، وقال قَتَادَةُ: مَكِّيَّةٌ).
وَقَالَ العينيُّ: (وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ سُفْيَانَ)
قلتُ: يُرِيدُ بذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيدِ اللهِ المخزُومِيُّ عن سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ عَن هِشَامِ بنِ عُروةَ عَن أبيهِ عَن عَائِشَةَ فِي حادَثَةِ سَحْرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ، أَخْرَجَهَا اللالكائيُّ وأَبو القَاسِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَشَارَ إِلَيهَا الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ، وَفِيهَا تَفَرُّدٌ عَن جَميعِ رُواةِ هَذَا الحدِيثِ منَ الأَئِمَّةِ، وَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الحُفَّاظِ كَمَا سَيَأْتِي بيانُ ذلك إِن شَاءَ اللهُ.
وَمِمَّا اسْتُدِلَّ بهِ لِهَذَا القَوْلِ:
1: مَا رواه النحَّاسُ عَن يَمُوتَ بنِ المزَرِّعِ ابنِ أُخْتِ الجَاحِظِ عَن أَبي حَاتِمٍ السِّجِستانيِّ عَن أَبي عُبَيدةَ مَعْمَرِ بنِ المثنَّى عَن يونسَ بنِ حَبيبٍ عَن أَبي عَمْرِو بنِ العَلاءِ عَن مُجَاهِدٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ فِي خَبر تلخيصِ المكيِّ وَالمدنيِّ مِنَ القرآنِ أنَّهُمَا مدنيَّتَانِ.
2: وَقَال النَّحَّاسُ أيضًا: (قَالَ كُرَيْبٌ: وجَدْنَا فِي كِتَاب ابْنِ عبَّاسٍ أنَّ مِنْ سُورَةِ القَدْرِ إِلَى آخِرِ القُرْآنِ مَكِّيَّةٌ إِلا {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ}، و{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ}، و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ برَبِّ النَّاسِ} فإنَّهُنَّ مَدَنِيَّاتٌ).
3: مَا أخرَجَهُ ابنُ مَردويه عَن عبدِ اللهِ بنِ الزبيرِ قالَ: (أُنْزِلَ بالمَدِينَةِ {قُلْ أَعُوذُ برَبِّ النَّاسِ} ) ذكرَهُ السيوطيُّ في الدرِّ المنثورِ.
وَصَحَّحَ ابنُ الجوزيِّ أنَّهُمَا مدنيَّتَانِ لنزولِهِمَا بسبب حادِثَةِ سَحْرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا فِيهِ بإِذْنِ اللهِ تَعَالَى.
وَفَصْلُ الخِطَاب فِي هَذِهِ المسأَلَةِ مَا دَلَّ عَلَيهِ حَديثُ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ الجهَنِيِّ وَحَدِيثُ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَهُمَا حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ.
قَالَ الإمامُ مُسْلِمُ: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبى حَازِمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍقال: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ؟ {قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ} وَ{قُلْ أَعُوذُ برَبِّ النَّاسِ})).
وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ: ((أُنْزِلَ - أَوْ أُنْزِلَتْ - عَلَىَّ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ المُعَوِّذَتَيْنِ)).
وَالمرْفُوعُ مِنْهُ رَوَاهُ باللَّفْظِ الأَوَّلِ النَّسَائِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالبَيهَقِيُّ وَغَيرُهُم مِن طُرُقٍ عَن جَرِيرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيدِ بهِ.
وَرَوَاهُ باللَّفْظِ الثَّانِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالدَّارِمِيُّ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُم مِن طُرُقٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبي خَالِدٍ بهِ.
وَرَاوِي الحديثِ عُقْبةُ بنُ عَامِرٍ الجُهَنِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ بَعْدَ هِجْرَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المدِينَةِ، وَكَانَ مِن أَهْلِ الصُّفَّةِ.
وَقَوْلُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ((أُنزِلَتِ الليلَةَ)) يَدُلُّ عَلَى حَدَاثَةِ نُزُولِهَا عِندَ التَّحدِيثِ.
وَقَولُ عُقْبَةَ: (قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ) -فِيمَا انفرَدَ بهِ مُسْلِمٌ- يَنفِي احتمالَ مُرْسَلِ الصَّحَابيِّ.
وَقَوْلُهُ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ((لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ)) ينفِي احتمَالَ تَكَرُّرِ النُّزُولِ.
وَفِي رِوَايَةٍ عِندَ عبدِ الرَّزَّاقِ وَغَيرِهِ بإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: ((لَمْ يُسْمَعْ مِثْلُهُنَّ))
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ فقدْ رَوَاهُ التِّرمِذيُّ وَابنُ ماجَه وَالنَّسَائِيُّ مِن طرقٍ عَن سَعِيدِ بنِ إِيَاسٍ الجُرَيرِيِّ عَن أَبي نَضْرَةَ العَبْدِيِّ عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخدرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الجَانِّ وَعَيْنِ الإِنسَانِ حَتَّى نَزَلَتِ المُعَوِّذَتَانِ فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا.
هَذَا لَفْظُ الترمذيِّ، وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ منْ عينِ الإنسَانِ وعَينِ الجَانِّ حتَّى نَزَلَتِ المعوِّذَتَانِ فلَمَّا نَزَلَتا أَخَذَ بهِنَّ وتَرَكَ مَا سِوَاهُنَّ.
الجُرَيرِيُّ وَأبو نَضْرَةَ مِن رِجَال الصَّحِيحَينِ، وَالحديثُ صَحَّحَهُ الالبَانِيُّ فِي مَواضِعَ مِن كُتُبهِ.
وَأبو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ رَضِيَ اللهُ عنهُ مِن طَبَقَةِ صِغَارِ الأَنصَارِ مِن لِدَاتِ عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ وَأَنسِ بنِ مَالِكٍ، قَدِمَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ المدِينَةَ وَهُوَ غُلامٌ.
فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا مَدَنيَّتَانِ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ) ). [جمهرة التفاسير: 32-35]

أقوال العلماء في نزول المعوذات
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (سورَةُ الإِخْلاَصِ، الفَلَقِ، النَّاسِ.
اخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ فِي تَنْزِيلِهِنَّ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مَدَنِيَّاتٌ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ: هُن مَكِّيَّاتٌ). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 68] (م)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (بَابُ مَا بَقِيَ مِنَ الاخْتِلاَفِ بعِلَلِهِ مِنَ العَصْرِ إِلَى آخِرِ القُرْآنِ.
وَهُوَ مَكِّيٌّ كُلُّهُ إِلاَّ المُعَوِّذَتَيْنِ وَالنَّصْرَ فَإِنَّهُنَّ مَدَنِيَّاتُ، وَاخْتُلِفَ فِي {تَبَّتْ} وَ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فَقِيلَ مَدَنِيَّتَانِ، وَقِيلَ مَكِّيَّتَانِ). [الكشف:388]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (وَهُنَّ مَدَنِيَّاتٌ). [التبصرة:392]
قالَ أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (وفيها قولانِ:
أحدُهما: مَدنِيَّةٌ، رواهُ أبو صالحٍ عن ابنِ عبَّاسٍ، وبهِ قالَ قَتادةُ في آخَرِينَ.
والثاني: مَكِّيَّةٌ، رواهُ كُريبٌ عن ابنِ عبَّاسٍ، وبهِ قالَ الحسَنُ وعَطاءٌ وعِكرمةُ وجابرٌ.
والأوَّلُ أَصَحُّ، ويَدُلُّ عليهِ أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سُحِرَ وهوَ معَ عائشةَ، فنَزَلَتْ عليهِ المُعَوِّذَتَانِ). [زاد المسير: 9/270]
قالَ علمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ):(والفلقُ والنَّاسُ منَ المدَنِيِّ، وقيلَ منَ المكِّيِّ). [جمال القراء:1/152]
قَالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (أقولُ‏: هاتانِ السورتانِ نَزَلَتَا معًا، كما في الدلائلِ للبَيْهَقِيِّ). [تناسق الدرر:188]
قَالَ زَكَرِيَّا بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ (ت: 926هـ): (سُورَةُ الإِخْلاصِ هِيَ واللَّتَانِ بَعْدَهَا مَكِّيَّاتٌ أَوْ مَدَنِيَّات) [المقصد:115]
قال محمدُ عبدُ الرحمنِ بنِ عبدِ الرحيمِ المُبَارَكْفُوري (ت: 1353هـ): (وهما مَدَنِيَّتَانِ، وقيلَ: مَكِّيَّتَانِ). [تحفة الأحوذي: 9/244]

من نص على أنهما مدنيتان:
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (حدّثنا يموت، بإسناده عن ابن عبّاسٍ،: «أنّ سورة «القدر»، و«لم يكن»: مدنيّتان، وأنّ {إذا زلزلت الأرض زلزالها} إلى آخر {قل يا أيّها الكافرون} مكّيّةٌ، وأنّ {إذا جاء نصر اللّه} إلى آخر {قل أعوذ بربّ النّاس} مدنيّةٌ»). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 3/153] (م)
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ):
(وقال كريبٌ: وجدنا في كتاب ابن عبّاسٍ: «أنّ من سورة القدر إلى آخر القرآن مكّيّةٌ إلّا {إذا زلزلت الأرض}، و{إذا جاء نصر اللّه}، و{قل هو اللّه أحدٌ}، و{قل أعوذ بربّ الفلق}، و{قل أعوذ بربّ النّاس} فإنّهنّ مدنيّاتٌ»). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 3/153] (م)
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( والفلق والناس من المدني) [جمال القراء :1/20]م
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وهما مدنيّتان). [تفسير القرآن العظيم: 8/530]

من ذكر الخلاف في سورة الفلق في مكيتها أو مدنيتها:
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): (مدنية هذا قول ابن عباس ومجاهد وعطاء وقال قتادة مكية). [البيان: 297]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (مكية، وقيل: مدنية). [الكشاف: 6/464]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): (هذه السورة قال ابن عباس: (هي مدنية).
وقال قتادة:
(هي مكية)). [المحرر الوجيز: 30/714]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (وفيها قولان:
أحدهما:(مدنية) رواه أبو صالح عن ابن عباس وبه قال قتادة في آخرين.
والثاني:(مكية) رواه كريب عن ابن عباس وبه قال الحسن وعطاء وعكرمة وجابر.
والأول أصح ويدل عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر وهو مع عائشة فنزلت عليه المعوذتان.
فذكر أهل التفسير في نزولهما: أن غلاما من اليهود كان يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل به اليهود حتى أخذ مشاطة رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدة أسنان من مشطه فأعطاها اليهود فسحروه فيها وكان الذي تولى ذلك لبيد بن أعصم اليهودي، ثم دسها في بئر لبني زريق يقال لها: بئر ذروان، ويقال: ذي أروان
فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر شعر رأسه، وكان يرى أنه يأتي النساء وما يأتيهن ويخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، فبينا هو ذات يوم نائم أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال أحدهما للآخر:
(ما بال الرجل؟)
قال:
(طب)
قال:
(وما طب؟)
قال:
(سحر)
قال:
(ومن سحره؟)
قال:
(لبيد بن أعصم)
قال:
(وبم طبه؟)
قال:
(بمشط ومشاطه)
قال:
(وأين هو؟)
قال:
(في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان) والجوف: قشر الطلع والراعوفة: صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت فإذا أرادوا تنقية البئر جلس المنقي عليها.
فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
((يا عائشة أما شعرت أن الله أخبرني بدائي))
ثم بعث عليا والزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء تلك البئر ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجوف وإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان مشطه، وإذا وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبرة فأنزل الله تعالى المعوذتين، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة وجعل جبريل عليه السلام يقول:
(بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن حاسد وعين والله يشفيك).
فقالوا:
(يا رسول الله أفلا نأخذ الخبيث فنقتله؟).
فقال:
((أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن أثير على الناس شرا))). [زاد المسير: 9/270-272]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (وقد أخرج البخاري ومسلم في "الصحيحين" من حديث عائشة حديث سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بينا معنى أعوذ في أول كتابنا).[زاد المسير: 9/270-272]
قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ البَيْضَاوِيُّ (ت: 691هـ): (مختلف فيها). [أنوار التنزيل: 5/348]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ((وهي مدنيّة) في قول سفيان.
وفي رواية همام وسعيد عن قتادة (مكّيّة) وكذا قاله السّديّ). [عمدة القاري: 20/14]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): (مكية أو مدنية). [إرشاد الساري: 7/441]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وهي مكّيّةٌ في قول الحسن وعكرمة وعطاءٍ وجابرٍ، ومدنيّةٌ في أحد قولي ابن عبّاسٍ وقتادة). [فتح القدير: 5/701]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ):
(مكية في قول قتادة ومدنية(1) في قول ابن عباس ومجاهد وعطاء). [القول الوجيز: 362]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (واختلف فيها أمكّيّةٌ هي أم مدنيّةٌ؟.
فقال جابر بن زيدٍ والحسن وعطاءٌ وعكرمة: (مكّيّةٌ)، ورواه كريبٌ عن ابن عبّاسٍ.
وقال قتادة: هي
(مدنيّةٌ)، ورواه أبو صالحٍ عن ابن عبّاسٍ.
والأصحّ أنّها مكّيّةٌ؛ لأنّ رواية كريبٍ عن ابن عبّاسٍ مقبولةٌ بخلاف رواية أبي صالحٍ عن ابن عبّاسٍ ففيها متكلّمٌ).
[التحرير والتنوير: 30/624]

من ذكر الخلاف في سورة الناس في مكيتها أو مدنيتها:

قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (نزلت بالمدينة وقيل بمكّة والله أعلم). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 209]
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): (مدنية هذا قول ابن عباس ومجاهد وعطاء وقال قتادة مكية ). [البيان: 298]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (مكية، وقيل مدنية). [الكشاف: 6/468]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 546هـ): (قال ابن عباس وغيره:(هي مدنية).
وقال قتادة: (هي مكية)).[المحرر الوجيز: 30/717]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (وفيها قولان:
أحدهما: أنها (مدنية)رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أنها (مكية)رواه أبو كريب عن ابن عباس). [زاد المسير: 9/277]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت: 643هـ): (والفلق والناس من المدني، وقيل من المكي ) [جمال القراء :1/20]
قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ البَيْضَاوِيُّ (ت: 691هـ): (مختلف فيها).[أنوار التنزيل: 5/350]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): (مكية أو مدنية).[إرشاد الساري: 7/442]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (والخلاف في كونها مكّيّةً أو مدنيّةً كالخلاف الّذي تقدّم في سورة الفلق.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عبّاسٍ قال:(أنزل بمكّة{قل أعوذ بربّ النّاس}[الناس: 1]).
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزّبير قال:(أنزل بالمدينة{قل أعوذ بربّ النّاس}[الناس: 1])).[فتح القدير: 5/707]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (مدنية في قول ابن عباس وقتادة وابن المبارك ومكية عند بعض). [القول الوجيز: 362]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وهي مكّيّةٌ في قول الّذين قالوا في سورة الفلق: إنّها مكّيّةٌ، ومدنيّةٌ في قول الّذين قالوا في سورة الفلق: إنّها مدنيّةٌ.
والصّحيح أنّهما نزلتا متعاقبتين، فالخلاف في إحداهما كالخلاف في الأخرى).[التحرير والتنوير: 30/631]

من نص على أن سورة الفلق مكية:
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (مكّيّة) ). [معاني القرآن: 5/379]
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): (وقال قتادة مكية ). [البيان: 297]م
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (مكية). [الوسيط: 4/572]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ):
(مكية). [الكشاف: 6/464]م
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): (وقال قتادة: (هي مكية)). [المحرر الوجيز: 30/714]م
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): ((مكية) رواه كريب عن ابن عباس وبه قال الحسن وعطاء وعكرمة وجابر). [زاد المسير: 9/270-272]م
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): (مكية). [التسهيل: 2/526]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (وفي رواية همام وسعيد عن قتادة (مكّيّة) وكذا قاله السّديّ). [عمدة القاري: 20/14]م
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (مكية). [لباب النقول: 269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (مكية). [لباب النقول: 314]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): (مكية). [إرشاد الساري: 7/441]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وهي مكّيّةٌ في قول الحسن وعكرمة وعطاءٍ وجابرٍ). [فتح القدير: 5/701]م
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (مكية في قول قتادة ). [القول الوجيز: 362]م
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (قال جابر بن زيدٍ والحسن وعطاءٌ وعكرمة: (مكّيّةٌ)، ورواه كريبٌ عن ابن عبّاسٍ). [التحرير والتنوير: 30/624]م

من نص على أن سورة الناس مكية:
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): ( وقال قتادة مكية ). [البيان: 298]م
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (مكية). [الوسيط: 4/575]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (مكية). [الكشاف: 6/468]م
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 546هـ): (وقال قتادة: (هي مكية)). [المحرر الوجيز: 30/717]م
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): ( أنها (مكية) رواه أبو كريب عن ابن عباس). [زاد المسير: 9/277]م
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): (مكية). [التسهيل: 2/529]
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (مكية). [الدر المنثور: 15/806]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (مكية). [لباب النقول: 269]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (مكية). [لباب النقول: 314]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): (مكية). [إرشاد الساري: 7/442]م
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (والخلاف في كونها مكّيّةً أو مدنيّةً كالخلاف الّذي تقدّم في سورة الفلق.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عبّاسٍ قال: (أنزل بمكّة{قل أعوذ بربّ النّاس}[الناس: 1])). [فتح القدير: 5/707]م
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وهي مكّيّةٌ في قول الّذين قالوا في سورة الفلق: إنّها مكّيّةٌ، والصّحيح أنّهما نزلتا متعاقبتين، فالخلاف في إحداهما كالخلاف في الأخرى). [التحرير والتنوير: 30/631]م

من نص على أن سورة الفلق مدنية:
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (نزلت بالمدينة). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 208]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبيُّ (ت: 427هـ):
(مدنية). [الكشف والبيان: 10/337]
قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): (مدنيّةٌ). [معالم التنزيل: 8/593]
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): (مدنية هذا قول ابن عباس ومجاهد وعطاء ). [البيان: 297]م
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): ( وقيل: مدنية). [الكشاف: 6/464]م
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): (هذه السورة قال ابن عباس: (هي مدنية)). [المحرر الوجيز: 30/714]م
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): ( (مدنية) رواه أبو صالح عن ابن عباس وبه قال قتادة في آخرين). [زاد المسير: 9/270-272]م
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( (وهي مدنيّة) في قول سفيان). [عمدة القاري: 20/14]م
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): ( مدنية).
[إرشاد الساري: 7/441]م
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ):
(ومدنيّةٌ في أحد قولي ابن عبّاسٍ وقتادة). [فتح القدير: 5/701]م
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): ( ومدنية(1) في قول ابن عباس ومجاهد وعطاء). [القول الوجيز: 362]م
- قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلِيّ مُوسَى (ت: 1429هـ):( (1) القول المختار أنها مدنية لأن المعوذتان نزلتا في قصة سحر لبيد بن الأعصم كما أخرجه البيهقي في الدلائل، انظر الإتقان ج1/37). [التعليق على القول الوجيز: 362]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وقال قتادة: هي (مدنيّةٌ)، ورواه أبو صالحٍ عن ابن عبّاسٍ). [التحرير والتنوير: 30/624]م

من نص على أن سورة الناس مدنية:
قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبيُّ (ت: 427هـ): (مدنية). [الكشف والبيان: 10/341]
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ (ت: 444هـ): (مدنية هذا قول ابن عباس ومجاهد وعطاء ). [البيان: 298](م)
قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): (مدنيّةٌ).[معالم التنزيل: 8/599]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (وقيل مدنية). [الكشاف: 6/468]م
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 546هـ): (قال ابن عباس وغيره: (هي مدنية)).[المحرر الوجيز: 30/717]م
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (وفيها قولان:
أحدهما: أنها (مدنية)رواه أبو صالح عن ابن عباس).[زاد المسير: 9/277]م
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (وهي مدنيّة).[عمدة القاري: 20/15]
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (أَخْرَج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال:(أنزل بالمدينة{قل أعوذ برب الناس}[الناس: 1])).[الدر المنثور: 15/806]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): (مدنية).[إرشاد الساري: 7/442]م
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وأخرج ابن مردويه عن ابن الزّبير قال:(أنزل بالمدينة{قل أعوذ بربّ النّاس}[الناس: 1])).[فتح القدير: 5/707]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (مدنية في قول ابن عباس وقتادة وابن المبارك ). [القول الوجيز: 362] م
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (مدنيّةٌ في قول الّذين قالوا في سورة الفلق: إنّها مدنيّةٌ).[التحرير والتنوير: 30/631]م


محمد أبو زيد 9 شعبان 1434هـ/17-06-2013م 04:25 PM

ترتيب نزول سورة الفلق:
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): («نزلت بعد الفيل»). [الكشاف: 6/464]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): (نزلت بعد الفيل). [التسهيل: 2/526]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (ونزلت بعد سورة الفيل ونزلت بعدها سورة الناس). [القول الوجيز: 362]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وعدّت العشرين في عداد نزول السّور، نزلت بعد سورة الفيل وقبل سورة النّاس). [التحرير والتنوير: 30/624]


محمد أبو زيد 9 شعبان 1434هـ/17-06-2013م 04:25 PM


ترتيب نزول سورة الناس
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): ( [نزلت بعد الفلق]). [الكشاف: 6/468]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): (نزلت بعد الفلق). [التسهيل: 2/529]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (ونزلت بعد سورة الفلق ونزلت بعدها سورة الإخلاص). [القول الوجيز: 362]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وعلى الصّحيح من أنّها مكّيّةٌ فقد عدّت الحادية والعشرين من السّور، نزلت عقب سورة الفلق وقبل سورة الإخلاص). [التحرير والتنوير: 30/631]

محمد أبو زيد 10 شعبان 1434هـ/18-06-2013م 11:15 AM

أسباب نزول المعوذتين

هل حادثة سحر لبيد بن الأعصم للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم صحيحة؟
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (سَحَرَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم رجلٌ من بني زُريق يقال له: لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُخيَّل إليه أنَّه يفعل الشيءَ وما فعله ). وذكرت القصة.
والحديث رواه جمع من الأئمة في مصنفاتهم وهو حديث صحيح لا مطعن فيه.
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: (سَحَرَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلٌ من اليهود). رواه أحمد وعبد بن حميد والطحاوي والطبراني.
والحديث صحيح الإسناد، وصححه الحافظ العراقي، وقال الألباني: هو على شرط مسلم.
في الحديث الأول أن الذي سحره رجل من بني زريق.
وفي الحديث الثاني: الذي سحره رجل من اليهود.
والجمع بينهما ما بينته روايات صحيحة في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: (سحر رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يهوديٌّ من يهود بني زريق).
وبنو زريق بطن مشهور من الخزرج وهم من الأنصار، وقد أسلم أكثرهم بعد هجرة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم .
وكان لهم مسجد معروف في عهد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ؛ ففي صحيح البخاري من حديث ابن عمر أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم سابق بين الخيل التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق.
وكان كل من الأوس والخزرج لهم حلفاء من اليهود في الجاهلية.
قال ابن عباس: ( كانت المرأة تكون مِقْلاتاً فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوِّده [تلتمس بذلك طول بقائه، فجاء الإسلام ، وفيهم منهم] فلما أُجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار؛ فقالوا : لا ندع أبناءنا ؛ فأنزل الله عزَّ وجلَّ {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الْغَيِّ} [فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : « خيروا أصحابكم ، فإن اختاروكم ، فهم منكم ، وإن اختاروهم ، فهم منهم »]). رواه أبو داود والسياق له، والطحاوي وما بين المعكوفين له، ورواه أيضاً البيهقي وابن حبان بألفاظ مقاربة.
وقول اليهود: ( لا ندع أبناءنا ) يريدون أبناءهم من الرضاعة، ممن أرضعوهم فتهودوا من الأوس والخزرج قبل مجيء الإسلام.
فلذلك كان لبيد بن الأعصم يهودياً وهو من بني زريق.
وفي رواية في صحيح البخاري أن الذي سحره لبيد بن الأعصم رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقاً.
فيكون هذا الخبيث قد جمع أوصاف الخبث فهو يهودي منافق ساحر.
وقول عائشة: (حتى كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُخيَّل إليه أنَّه يفعل الشيءَ وما فعله)
جاء مفسراً من رواية أخرجها البخاري في صحيحه من طريق سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سُحِرَ حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن.
قال سفيان: (وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا).
وقد أنكر هذه الحادثة بعض المعتزلة ، وزعموا أن الإقرار بها قدح في عصمة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، وفيه موافقة للكفار في قولهم فيما حكى الله عنهم: {وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً}
وأجاب أهل العلم عن إيراد المعتزلة بأن المسحور في هذه الآية المراد به الذي أصابه جنون بسبب السحر فخبَّله السحر وأذهب عقله، أمَّا الذي لم يؤثر السحر في عقله وإدراكه ومنطقه فغير مراد هنا ولا حجة لهم في المنع من تصديق قوله بسبب هذا السحر.
والسحر الذي وقع للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم غير مؤثر في عقله وتبليغه الرسالة بلا خلاف بين أهل العلم.
قال السهيلي (ت:581هـ): (الحديث ثابت خرَّجه أهل الصحيح ، ولا مطعن فيه من جهة النقل، ولا من جهة العقل، لأن العصمة إنما وجبت لهم في عقولهم وأديانهم، وأما أبدانهم فإنهم يُبتلون فيها، ويُخلَصُ إليهم بالجراحة والضرب والسموم والقتل، والأُخذة التي أُخِّذَها رسول الله صلى الله عليه من هذا الفنِّ ، إنما كانت في بعض جوارحه دون بعض)ا.هـ.
الأُخذَة:السحر.
قال ابن القيم: (اتفق أصحاب الصحيحين على تصحيح هذا الحديث، ولم يتكلم فيه أحد من أهل الحديث بكلمة واحدة، والقصة مشهورة عند أهل التفسير والسنن والحديث والتاريخ والفقهاء ، وهؤلاء أعلم بأحوال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأيامه من المتكلمين)ا.هـ.
يقصد بالمتكلمين المعتزلة، وهم الذين اشتهر عنهم إنكار هذه القصة.
ومِنَ المعتزلة ومَن وافقهم في بعض أصولهم من ينكر هذه الحادثة لإنكاره حقيقة السحر أصلاً كما فعل ذلك الجصاص والنحاس، ونُقِل ذلك عن القاضي عبد الجبار وأبي بكر الأصم.
ومنهم من أعرض عن ذكرها في تفسيره كما فعل الزمخشري.
والماوردي حكى القولين وتوقف، وهو موافق للمعتزلة في بعض أصولهم.
ولا خلاف بين السلف في ثبوت هذه القصة ، كما أنه لا خلاف في أنها غير مؤثرة في تبليغه صلَّى الله عليه وسلَّم للرسالة).
[جامع أسئلة التفسير وعلوم القرآن:؟؟]

هل كانت تلك الحادثة هي سبب نزول المعوذتين؟
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (المسألة الثالثة: هل كانت تلك الحادثة هي سبب نزول المعوذتين؟
هذه المسألة وقع فيها لبس في كثير من كتب التفسير ، وهذا اللبس له أسباب سأبينها بإذن الله تعالى
لكن أمثل ما يستدل به في هذه المسألة ما أخرجه عبد بن حميد والطحاوي في مشكل الآثار كلاهما من طريق أحمد بن يونس قال: حدثنا: أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حَيَّان عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : سحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود.
قال: فاشتكى فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين، وقال: إن رجلا من اليهود سحرك، والسحر في بئر فلان.
قال: فأرسل علياً فجاءَ به.
قال: فأمرَه أن يحلَّ العُقَدَ، وتُقْرَأ آية؛ فجعلَ يقرأ ويحلُّ حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما أنشط من عقال.
قال: فما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك اليهوديِّ شيئا مما صنع به.
قال: ولا أراه في وجهه).
قوله: (فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين) هذا مما تفرد به أحمد بن يونس عن أبي معاوية ، وهو ثقة ثبت، روى عنه البخاري ومسلم في صحيحهما بلا واسطة، وقال الإمام أحمد لرجل يطلب الحديث: اخرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام.
وهذه الزيادة اختُلف فيها:
فمن صححها اعتبرها من زيادة الثقة كما فعل الألباني رحمه الله .
ومن نظر إلى مخالفتها لسائر طرق الحديث أعلها بالمخالفة.
فإن حديث زيد بن أرقم روي من أربعة طرق هذا بيانها:
الطريقُ الأوَّل: طريق جرير عن الأعمش عن ثمامة بن عقبة عن زيد بن أرقم، وقد أخرجه الطبراني في معجمه الكبير من طريق إسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة وعلي بن المديني ثلاثتهم عن جرير به، وأخرجه الحاكم في مستدركه من طريق أحمد بن حنبل عن جرير به، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وليس فيه ذكر نزول المعوذتين، وهو أقرب إلى رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
الطريق الثاني: طريق شيبان عن الأعمش عن ثمامة عن زيد بن أرقم بمثل رواية جرير أخرجه الطبراني في الكبير.
الطريق الثالث: طريق سفيان الثوري عن الأعمش عن ثمامة عن زيد بن أرقم أخرجه ابن سعد في الطبقات، والبزار في مسنده، وفي إسناده عندهما موسى بن مسعود وهو أبو حذيفة النهدي، وليس فيه ذكر نزول المعوذتين.
الطريق الرابع: طريق أبي معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم، واختلف فيه فرواه ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي والطبراني وأبو الشيخ الأصبهاني والبغوي من طرق عن أبي معاوية عن الأعمش به، وليس فيه عند جميعهم ذكر نزول المعوذتين.
ورواه عبد بن حميد والطحاوي في مشكل الآثار كلاهما من طريق أحمد بن يونس عن أبي معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم وذكر فيه نزول المعوذتين.
فهذه الزيادة تفرد بها أحمد بن يونس وهو إمام ثقة، لكنه خولف في هذه الزيادة فقد حدَّث بهذا الحديث عن أبي معاوية: أحمد بن حنبل وابن أبي شيبة وهناد بن السري ولم يذكروا هذه الزيادة.
فمن اعتبر هذه الزيادة مخالفة حكم عليها بالشذوذ لمخالفة أحمد بن يونس بقية الرواة عن أبي معاوية ثم مخالفة هذه الزيادة لطرق الحديث الأخرى، ومن اعتبرها من باب زيادة الثقة صححها كما فعل الألباني رحمه الله). [جامع أسئلة التفسير وعلوم القرآن:؟؟]


محمد أبو زيد 10 شعبان 1434هـ/18-06-2013م 11:18 AM

دراسة أحاديث ذات صلة بسبب نزول المعوذتين
 
دراسة أحاديث ذات صلة بسبب نزول المعوذتين

حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
قالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ (ت:256هـ): (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قالَتْ: سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبيدُ بنُ الأَعْصَمِ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ عِنْدِي لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا، ثُمَّ قَالَ: « يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِى رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: مَطْبُوبٌ.
قَالَ مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ: فِي أَيِّ شَىْءٍ؟ قَالَ: فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ.
قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بئْرِ ذَرْوَانَ ».
فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابهِ فَجَاءَ فَقَالَ: « يَا عَائِشَةُ كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أَسْتَخْرِجُهُ.
قَالَ: « قَدْ عَافَانِى اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا »
فَأَمَرَ بهَا فَدُفِنَتْ.
تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَابْنُ أَبى الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ.
وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ فِى مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ. يُقَالُ المُشَاطَةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ، وَالمُشَاقَةُ مِنْ مُشَاقَةِ الكَتَّانِ). [صحيح البخاري:؟؟]
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم رواه الشافعي والحميدي وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل والبخاري ومسلم وابن ماجه والنسائي والطحاوي وأبو يعلى وابن حبان والبيهقي والواحدي والبغوي، وليس فيه عند جميعهم ذكر نزول المعوذتين.
وروى اللالكائي في شرح السنة وأبو القاسم الأصبهاني في كتاب الحجة في بيان المحجة كلاهما من طريق أحمد بن إبراهيم العبسقي عن محمد بن إبراهيم بن عبد الله عن أبي عبيد الله المخزومي عن سفيان بن عيينة عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة فذكر الحديث بنحو رواية الجماعة وزاد في آخره: (قالت: ونزلت {قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ (1) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} حتى ختم السورة).
وذكر ابن حجر في التلخيص أن هذه الزيادة في تفسير سفيان بن عيينة رواية أبي عبيد الله عنه، وهي الرواية التي أخرجها اللالكائي وأبو القاسم الأصبهاني.
والذي يظهر لي أن هذه الزيادة مُعلَّة لأمور:
أولها: التفرد عن الأئمة الثقات الحفاظ وهم جمع كثير ومخرج الحديث واحد؛ فقد روى هذا الحديث عن هشامِ بنِ عروةَ: أبو أسامة الحافظ، وعبدُ اللهِ بن نمير، وعيسى بن يونس، وابن أبي الزناد، والليث بن سعد، وأبو ضمرة أنس بن عياض، ومعمر بن راشد، ويحيى القطان، ووهيب بن خالد، وعلي بن مسهر، ولم يذكروا فيه المعوذتين.
الأمر الثاني: أن الشافعي والحميدي وعبد الله بن محمد المسندي قد رووا هذا الحديث عن سفيان بن عيينة عن هشام به، وليس فيه هذه الزيادة، ورواية المسندي أخرجها البخاري في صحيحه، ورواية الحميدي في مسنده، ورواية الشافعي أخرجها البيهقي.
الأمر الثالث: أن ابن عيينة أول ما سمع هذا الحديث من عبد الملك بن جريج عن بعض آل عروة ثم سمعه من هشام، كما ذكر ذلك الحميدي في مسنده، وابن جريج كثير التدليس؛ فجائز أن تكون تلك الزيادة مما دخل عليه من حديث بعض آل عروة ولا نعرف حالهم، وجائز أن تكون عن بعض من قد يدلس عنهم ابن جريج، وجائز أن تكون مدرجة من بعضهم ثم أسندت خطأ، هذا إذا صحت نسبتها إلى سفيان ولم تكن مما أدرج من أحد رواة تفسيره.
الأمر الرابع: أن هذه الزيادة فيها نزول سورة الفلق مفردة، فخالفت ما صح من نزولهما جميعًا.
الأمر الخامس: أن ظاهر أحاديث عقبة بن عامر تدل على أن المعوذتين نزلتا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حال صحة وسفر،والله تعالى أعلم).

حديث العرزمي عن أبي بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة
قَالَ أحمدُ بنُ الحُسَينِ بنِ عليٍّ البَيْهَقِيُّ (ت: 458 هـ):(أخبرنا أبو الحسينِ عليُّ بنُ محمدٍ المقرئُ قالَ: أخبرَنَا الحسَنُ بنُ محمَّدِ بنِ إسحَاقَ قالَ: حدَّثَنَا يوسُفُ بنُ يعقُوبَ قالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ حَيَّانَ قالَ: حَدَّثَنَا يزيدُ بنُ هارونَ قالَ: أخبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ أبي بكرِ بنِ محمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عنْ عَائِشَةَ، قالَت: كَانَ لِرسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدِمُهُ، يُقَالُ لَهُ: لَبيدُ بْنُ أَعْصَمَ وكان تعجبه خدمته فَلَمْ تَزَلْ بهِ يَهُودُ حَتَّى سَحَرَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذُوبُ وَلا يَدْرِي مَا وَجَعُهُ.
فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ نَائِمٌ إِذْ أَتَاهُ مَلَكَانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ والآخرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ للذي عِنْدَ رِجْلَيْهِ: مَا وَجَعُهُ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبيدُ بْنُ أَعْصَمَ. قَالَ: بمَ طَبَّهُ؟ قَالَ: بمُشْطٍ ومُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ بذِي أَرْوَانَ، وَهِيَ تَحْتَ رَاعُوفَةِ البئْرِ.
فاسْتيقظَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فدَعَا عائشَةَ؛ فقالَ: ((يا عائشةُ أشَعَرتِ أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ قدْ أنبأني بوجَعِي))؟
فَلَمَّا أَصْبَحَ غدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغَدَا مَعَهُ أَصْحَابُهُ إِلَى البئْرِ، فإذَا ماؤُهَا كأنَّهُ نقوعُ الحنَّاءِ، وإذَا نخلُهَا الَّذِي يشْرَبُ مِنْ مَائِها قَدِ التوَى سَعَفُهُ كأنَّهُ رُؤوسُ الشَّياطِينِ.
قالَ: فَنَزَلَ رَجُلٌ فَاسْتَخْرَجَ جُفَّ طَلْعَةٍ مِنْ تَحْتِ الرَّاعُوفَةِ، فَإِذَا فِيهَا مُشْطُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وَمِنْ مُرَاطَةِ رَأْسِهِ، وإذا تِمْثَالٌ مِنْ شَمْعٍ تِمْثَالُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإذا فيها إِبَرٌ مَغْرُوزَةٌ، وَإِذَا وَتَرٌ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليهِ السلامُ بالمُعَوِّذَتَيْنِ. فقالَ: يا مُحَمَّدُ، {قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ}، وَحَلَّ عُقْدَةً{مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} وَحَلَّ عُقْدَةً. حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، [ثُمَّ قَالَ: {قُلْ أَعُوذُ برَبِّ النَّاسِ} وَحَلَّ عُقْدَهً، حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا]، وَحَلَّ العُقَدَ كُلَّهَا.
وَجَعَلَ لا يَنْزِعُ إِبْرَةً إلاَّ وجدَ لها أَلَمًا، ثُمَّ يَجِدُ بَعْدَ ذلكَ رَاحَةً، فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، لَوْ قَتَلْتَ اليَهُودِيَّ؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ: ((قَدْ عَافَانِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا وَرَاءَهُ مِنْ عَذَاب اللهِ أَشَدُّ)).
قالَ: فَأَخْرَجَهُ.
قدْ رُوِّينَا فِي هذا عن الكَلْبيِّ، عن أبي صالحٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ ببَعْضِ معناهُ وَرُوِّينَاهُ في الحديثِ الصحيحِ، عن هشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أَبيهِ، عنْ عَائِشَةَ في أبواب دَعَوَاتِهِ دونَ ذِكْرِ المُعَوِّذَتَيْنِ). [دلائل النبوة: 7/ 94]
قلتُ: (هذا الحديثُ رواهُ البيهقيُّ فِي الدَّلائلِ وابنُ مردويه كمَا فِي الدرِّ المنثورِ للسيوطيِّ، وفِي إسنادِهِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيدِ اللهِ العَرْزَمِيُّ، وهو متروكُ الحديثِ، وفِي حَدِيثِهِ هذا زيادَاتٌ مُنكَرَةٌ، وَضعَّفه الألبانيُّ جدًّا.
قالَ ابنُ المبارَكِ: العَرْزَمِيُّ مَتروك، وَقالَ ابنُ معينٍ: ليسَ بشيءٍ، وَقالَ النَّسائِيُّ: ليسَ بثقةٍ، وَقالَ وَكِيعٌ: كانَ العَرْزَمِيُّ رَجُلاً صَالِحًا ذَهَبَتْ كُتُبُهُ فَكَانَ يُحَدِّثُ حِفْظًا فَمِن ذلكَ أَتَى بالمناكِيرِ).

حديث زيد بن أرقم
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنبَلٍ الشَّيبَانِيُّ (ت:241هـ): (حَدَّثنا أَبو مُعَاوِيَةَ حَدَّثنا الأَعمشُ عَن يَزِيدَ بنِ حَيَّانَ عَن زيدِ بنِ أَرقمَ قالَ: سَحَرَ النَّبىَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ رجلٌ مِنَ اليهودِ.
قالَ: فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيامًا.
قالَ: فَجاءَهُ جِبرِيلُ عَليهِ السَّلامُ؛ فقالَ: إِنَّ رَجُلاً مِنَ اليهودِ سَحَرَكَ عَقَدَ لَكَ عُقَدًا عُقَدًا فِى بئرِ كَذا وَكذا فَأَرسِلْ إِلَيْهَا مَنْ يَجيءُ بهَا؛ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فَاسْتَخْرَجَهَا فَجَاءَ بهَا فَحَلَّلَهَا.
قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَمَا ذَكَرَ لِذَلِكَ اليَهُودِىِّ وَلاَ رَآهُ فِى وَجْهِهِ قَطُّ حَتَّى مَاتَ). [مسند الإمام أحمد:32/14]
قالَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ الكِسِّيُّ (ت:249هـ):(حدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ يونسَ، ثنَا أبو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعمشِ، عَن يزيدَ بنِ حَيَّانَ، عَن زيدِ بنِ أرقمَ، قالَ: سَحَرَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ اليهودِ.
قَالَ: فاشتكَى فأتَاه جبريلُ فنزَلَ عَلَيهِ بالمعوِّذَتينِ، وَقالَ: (إِنَّ رَجُلاً مِنَ اليَهُودِ سَحَرَكَ، وَالسِّحْرُ فِي بئرِ فُلان).
قال: فَأَرْسَلَ عَلِيًّا فَجَاءَ بهِ.
قالَ: فَأَمَرَهُ أَن يَحُلَّ العُقَدَ، وَتُقْرَأَ آيةٌ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَيَحُلُّ حَتَّى قَامَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّمَا أُنشِطَ مِن عِقَالٍ.
قالَ: فَمَا ذَكَر رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ اليهوديِّ شَيئًا مِمَّا صَنَعَ بهِ؟
قالَ: وَلا أَرَاهُ فِي وَجْهِهِ). [مسند عبد بن حميد:1/116 ]
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ (ت: 360هـ):(حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ إِسحَاقَ بنِ رَاهويه ثنا أَبي ح وَحدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عثمانَ بنِ أبي شَيبةَ ثنَا أبي ح وَحدَّثنا الحسينُ بنُ إِسحاقَ التُّسْتَرِيُّ ثنَا عثمان بنُ أبي شَيبةَ ح وَحدَّثنا أبو خَليفةَ ثنَا علِيُّ بنُ المدينيِّ قالوا ثنَا جَريرٌ عَنِ الأعمشِ عَن ثمامَةَ بنِ عُقبةَ عَن زيدِ بنِ أَرقمَ قالَ: كَانَ رَجُلٌ يَدخلُ علَى النبيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ فَعَقَدَ لَهُ عُقَدًا فَوَضَعَهُ فِي بئرِ رَجُلٍ مِنَ الأَنصَارِ؛ فَأَتَاهُ مَلَكَانِ يَعُودَانِهِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِندَ رَأسِهِ وَالآخَرُ عِندَ رِجْلَيهِ؛ فقالَ أَحدُهمَا: أَتدرِي ما وَجَعُهُ؟
قالَ: فُلانٌ الَّذِي يَدخلُ عَليهِ عَقَدَ لَهُ عُقَدًا فَألقَاهُ فِي بئرِ فُلانٍ الأَنصَارِيِّ فَلَوْ أُرسِلَ رَجُلٌ وَأَخذَ العُقَدَ لَوَجَدَ الماءَ قَدِ اصْفَرَّ.
قالَ: فبَعَثَ رَجُلاً فأخَذ العُقَدَ فحلَّها فبرَأ.
وَكانَ الرَّجُلُ بعدَ ذلكَ يَدخلُ عَلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ؛ فلَم يَذكُرْ لهُ شيئًا مِنهُ، وَلَمْ يُعَاتِبْهُ عَلَيهِ السَّلامُ). [المعجم الكبير: 5011]
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (حديثُ زيدِ بنِ أرقم رُوِيَ من طرق مدارها على الأعمش:
الطريقُ الأوَّل: طريق جرير عن الأعمش عن ثمامة بن عقبة عن زيد بن أرقم، وقد أخرجه الطبراني في معجمه الكبير من طريق إسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة وعلي بن المديني ثلاثتهم عن جرير به، وأخرجه الحاكم في مستدركه من طريق أحمد بن حنبل عن جرير به، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وليس فيه ذكر نزول المعوذتين، وهو أقرب إلى رواية هشام بن عروة.
الطريق الثاني: طريق شيبان عن الأعمش عن ثمامة عن زيد بن أرقم بمثل رواية جرير أخرجه الطبراني في الكبير.
الطريق الثالث: طريق سفيان الثوري عن الأعمش عن ثمامة عن زيد بن أرقم أخرجه ابن سعد في الطبقات، والبزار في مسنده، وفي إسناده عندهما موسى بن مسعود وهو أبو حذيفة النهدي، وليس فيه ذكر نزول المعوذتين.
الطريق الرابع: طريق أبي معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم، واختلف فيه فرواه ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي والطبراني وأبو الشيخ الأصبهاني والبغوي من طرق عن أبي معاوية عن الأعمش به، وليس فيه ذكر نزول المعوذتين.
ورواه عبد بن حميد والطحاوي في مشكل الآثار كلاهما من طريق أحمد بن يونس عن أبي معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم وذكر فيه نزول المعوذتين.
فهذه الزيادة تفرد بها أحمد بن يونس وهو إمام ثقة قال عنه أحمد بن حنبل: شيخ الإسلام، لكنه خولف في هذه الزيادة فقد روى الحديث عن أبي معاوية أحمد وابن أبي شيبة وهناد بن السري دون ذكر هذه الزيادة.
فمن صحح روايته ذهب إلى القول بموجبها واعتبرها من باب زيادة الثقة كما فعل الألباني، ومن اعتبرها مخالفة حكم عليها بالشذوذ لمخالفة أحمد بن يونس بقية الرواة عن أبي معاوية ثم مخالفة هذه الزيادة لطرق الحديث الأخرى.
والحديث إسناده صحيح وقد صححه الحافظ العراقي والألباني وقال: هو على شرط مسلم، وصحح إسناد هذه الزيادة).

حديث الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
قَالَ أحمدُ بنُ الحسينِ بنِ عليٍّ البَيْهَقِيُّ (ت: 458 هـ):(أخبرنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، وَأبو سعيدِ بنُ أَبي عَمْرو، قالا: حدَّثنا أبو العباسِ مُحَمَّدُ بنُ يعقوبَ، حدَّثنا يَحْيَى بنُ أَبي طَالِبٍ، أنبأنا عبدُ الوَّهَابِ بنُ عَطاءٍ، أَنبأنَا مُحَمَّدُ بنُ السَّائِبِ، عَن أبي صالِحٍ، عَنِ ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: مَرِضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ مَرَضًا شَدِيدًا فأتَاه ملكانِ فَقَعَدَا أحدُهُمَا عندَ رَأْسِهِ وَالآخَرُ عِندَ رِجْلَيهِ، فقالَ الَّذِي عندَ رِجليهِ للَّذِي عندَ رَأْسِهِ: مَا تَرى؟ قال: طُبَّ، قالَ: وَمَا طَبَّهُ؟ قالَ: سِحْرٌ، قالَ: وَمَا سَحَرَهُ؟ قالَ: لَبيدُ بنُ أَعْصَمَ اليهودِيُّ، قالَ: أَينَ هُوَ؟ قالَ: فِي بئرِ آلِ فُلان تَحْتَ صَخْرَةٍ فِي رَكِيَّةٍ فَأْتُوا الرَّكِيَّ فَانزَحُوا مَاءَهَا وارفَعُوا الصَّخْرَةَ ثُمَّ خُذُوا الكُرْبَةَ فاحرِقُوهُا؛ فلمَّا أَصبحَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَمَّارَ بنَ يَاسِرٍ فِي نَفَرٍ فَأََتَوُا الرَّكِيَّ فَإِذَا مَاؤُهَا مِثْلُ ماءَ الحنَّاءِ فَنَزَحُوا الماءَ ثُمَّ رَفَعُوا الصَّخْرَةَ وَأَخْرَجُوا الكُرْبَةَ فَأَحْرَقُوهَا فَإِذَا فِيهَا وَتَرٌ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً فَأُنزِلَتْ عَلَيْهِ هَاتَانِ السُّورَتَانِ؛ فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ}، {وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}). الاعتمادُ عَلَى الحَدِيثِ الأَوَّلِ). [دلائل النبوة: جماع أبواب دعوات نبينا صلى الله عليه وسلم]
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (قولُ البَيْهَقِيِّ: (الاعتمَادُ عَلَى الحَدِيثِ الأَوَّلِ) يُرِيدُ بهِ حَدِيثَ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا).

حديث عكرمة عن ابن عباس
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ لَبيدَ بْنَ الأَعْصَمِ اليهوديَّ سَحَرَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ فِيهِ تِمْثَالاً فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَأَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ وَجَعٌ شَدِيدٌ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ ومِيكَائِيلُ يَعُودَانِهِ، فَقَالَ ميكائيلُ: يَا جِبْرِيلُ، إِنَّ صَاحِبَكَ شَاكٍ؟ قَالَ: أَجَلْ. قَالَ: أَصَابَهُ لَبيدُ بْنُ الأعصمِ اليَهُودِيُّ، وَهُوَ فِي بئْرِ مَيْمُونٍ فِي كَرَبَةٍ تَحْتَ صخرةٍ في المَاءِ.
قَالَ: فَمَا دَوَاءُ ذَلِكَ؟ قَالَ: تُنْزَحُ البئْرُ، ثُمَّ تُقْلَبُ الصخرةُ فَتُؤْخَذُ الكَرَبَةُ فِيهَا تِمْثَالٌ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَتُحْرَقُ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بإذنِ اللَّهِ. فَأَرْسَلَ إِلَى رَهْطٍ فِيهِمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَنَزَحَ المَاءَ فَوَجَدُوهُ قَدْ صَارَ كَأَنَّهُ مَاءُ الحِنَّاءِ، ثُمَّ قُلِبَتِ الصخرةُ فإِذَا كَرَبَةٌ فِيهَا تِمثالٌ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{قُلْ} يَا مُحَمَّدُ { أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ}: الصُّبْحِ. فَانْحَلَّتْ عُقْدَةٌ {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}: مِن الجِنِّ وَالإِنْسِ. فَانْحَلَّتْ عقدةٌ، {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}: اللَّيْلِ وَمَا يَجِيءُ بهِ النَّهارُ، {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ} السَّحَّارَاتِ المُؤْذِيَاتِ فَانْحَلَّتْ عُقدةٌ، {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} ). [الدر المنثور: 15/794-795]

حديث أنس بن مالك رضي الله عنه
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (وأَخْرَجَ أبو نُعَيْمٍ في الدَّلائِلِ مِن طَرِيقِ أَبي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عن الرَّبيعِ بنِ أَنَسٍ، عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: صَنَعَتِ اليَهُودُ لرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَيْئًا، فأَصَابَهُ مِن ذَلِكَ وَجَعٌ شَدِيدٌ، فدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُه، فظَنُّوا أَنَّه لما به، فأَتَاهُ جِبْرِيلُ بالمُعَوِّذَتَيْنِ، فعَوَّذَهُ بهِمَا، فخَرَجَ إلى أَصْحَابه صَحِيحًا). [لباب النقول: 270]
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (لَمْ أجدْهُ فيمَا طُبعَ مِن دَلائلِ النبوةِ لأبي نُعيمٍ وَلا أَعْرِفُ الإِسنادَ إِلَى أَبي جَعْفَر الرَّازيِّ، وَعَلَى ذلك فَأبو جَعفر الرازيُّ لا يحتملُ تفرُّدُهُ بمثلِ هذَا الأمرِ لِسوءِ حفظهِ، وَاسمُه: عِيسَى بنُ عبدِ اللهِ بنِ ماهَانَ، قالَ عنهُ الحافظُ فِي التَّقريب: (صَدُوقٌ سيءُ الحفظِ)، وَقد طَعَن عدَدٌ مِنَ الأئِمَّةِ الحفَّاظِ فِي حفظِه كالإِمَامِ أحمدِ وَابنِ مَعينٍ فِي أحدِ قَوْلَيهِمَا فِيهِ، وَالنسَائِيِّ وابنِ خِرَاشٍ وَالسَّاجِيِّ وَعمرِو بنِ علِيٍّ وَابنِ حِبَّانَ وَالعِجْلِيِّ، وَجَرْحُهُم فِيهِ مُفَسَّرٌ، فَيُقَدَّمُ عَلَى تَوثِيقِ مَن وَثَّقَهُ مِنَ الأَئِمَّةِ) ). [جمهرة التفاسير: 36-42]

محمد أبو زيد 10 شعبان 1434هـ/18-06-2013م 11:21 AM

أقوال المفسرين في نزول المعوذتين
 
أقوال المفسرين في نزول المعوذتين

قَالَ عَبْدُ الخَالِقِ بْنُ الحَسَنِ ابنُ أَبي رُوبَا (ت:356هـ): حدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ ثابتٍ الثَّورِيُّ عن أَبيه عن الهُذَيْلِ بنِ حَبيبٍ عنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ البلخيِّ (ت:150هـ):
(وذلك أنَّ لَبيدَ بْنَ عاصِمِ بْنِ مالِكٍ، ويُقالُ: ابْنُ أَعْصَمَ اليَهودِيَّ، سَحَرَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً في وتَرٍ، فجَعَلَهُ في بئْرٍ لَها سَبْعُ موانِي في جُفِّ طَلْعَةٍ كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَنِدُ إِلَيْها فدَبَّ فِيهِ السِّحْرُ، واشْتَدَّ عَلَيْهِ ثَلاثَ لَيالٍ، حَتَّى مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا، وجَزِعَتِ النِّساءُ، فنَزَلَتِ المُعَوِّذَاتُ، فبَيْنَما رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نائِمٌ إِذْ رَأَى كَأَنَّ ملكَيْنِ قَدْ أتَيَاهُ، فقَعَدَ أحَدُهُما عِنْدَ رَأْسِهِ، والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ أحَدُهُما لِصاحِبهِ: ما شَكْواهُ؟ قَالَ: أصابَهُ طُِبٌّ -يَقُولُ: سِحْرٌ- قَالَ: فمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبيدُ بْنُ أَعْصَمَ اليَهودِيُّ، قَالَ: في أيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: تُنْزَفُ البئْرُ، ثُمَّ يُخْرَجُ قِشْرُ الطَّلْعَةِ فيَحْرِقُهُ، ثُمَّ يَحُلُّ العُقَدَ، كُلَّ عُقْدَةٍ بآيَةٍ مِنَ المُعَوِّذَتَيْنِ، فذلك شِفاؤُهُ، فلَمَّا اسْتَيْقَظَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَّهَ عَلِيَّ بْنَ أبي طالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى البئْرِ، فاسْتَخْرَجَ السِّحْرَ وجاءَ بهِ، فَأَحْرَقَ ذلكَ القِشْرَ، ويُقالُ: إِنَّ جِبْرِيلَ أخْبَرَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمَكانِ السِّحْرِ، وقالَ جِبْرِيلُ لِلنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُلَّ عُقْدَةً واقْرَأْ آيَةً. ففَعَلَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك، فجَعَلَ يَذْهَبُ عَنْهُ ما كانَ يَجِدُ حَتَّى بَرَأَ وانْتَشَرَ لِلنِّساءِ). [تفسير مقاتل بن سليمان: 3/537]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وكان النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قَدِ اشتَكَى شَكْوًا شَديدًا، فكانَ يَومًا بينَ النائمِ واليَقظانِ، فأَتاهُ ملَكانِ فقالَ أحَدُهما: ما عِلَّتُه؟ فقالَ الآخَرُ: به طبٌّ في بئْرٍ تحتَ صَخرةٍ فيها. فانتَبَهَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فبَعَثَ عمارَ بنَ ياسِرٍ في نفَرٍ إلى البئْرِ، فاستخرَجَ السِّحْرَ، وكانَ وَتَرًا فيه إحدى عَشْرَةَ عُقدَةً، فجَعَلوا كلَّما حَلُّوا عُقدةً وَجَدَ راحةً حتى حُلَّتِ العُقَدُ، فكأنه أُنْشِطَ مِن عِقالٍ، وأُمِرَ أنْ يَتعوَّذَ بهاتينِ السورَتَيْنِ، وهما إحدى عَشْرَةَ آيةً على عَدَدِ العُقَدِ. وكان الذي سَحَرَه لَبيدُ بنُ أَعصَمَ). [معاني القرآن: 3/301]
قالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيُّ (ت: 283هـ): ({مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} مِنَ الإنْسِ وَالجِنِّ، وذَلِكَ أَنَّ لَبيدَ بْنَ أَعْصَمَ اليَهُودِيَّ سَحَرَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في بئْرِ بَنِي بَيَاضَةَ، وكَانَ يَستندُ إِلَيْهَا فَاستندَ إِلَيْهَا فدَبَّ فِيهِ السِّحْر، فاشْتَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى المُعَوِّذَتَيْنِ، وأَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ – عَلَيْهِ السَّلامُ – بالسِّحْرِ، وأَخْرَجَ إِلَيْهَا رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابهِ فأَخْرَجَاهُ مِنَ البئْرِ، وجَاءَا بهِ إِلَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فجَعَلَ يَحُلُّ عُقْدَةً ويَقْرَأُ آيَةً، حَتَّى بَرِئَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَمَا خَتَمَ السُّورَتَيْنِ بلا مُهْلَةٍ، فكَانَ لَبيدٌ بَعْدَ ذَلِكَ يَأْتِي إِلَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فمَا رَأَى فِي وَجْهِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَلاَ ذَاكَرَهُ ذَلِكَ). [تفسير التستري: 210]
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ ابْنُ خَالويهِ (ت: 370هـ): (وَأَصْلُ ذَلِكَ أنَّ بَنَاتِ لَبيدِ بْنِ أَعْصَمَ سَحَرْنَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلْنَ السِّحْرَ فِي جُفِّ طَلْعَةٍ (أيْ: في قِشْرِهَا) تَحْتَ رَاعُوفَةِ بئْرٍ، وَكَانَ السِّحْرُ وَتَرًا فِيهِ إحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ النَّائِمِ واليَقْظَانِ إذْ أتَاهُ مَلَكَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ. فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ للَّذِي عِنْدَ رِجْلَيْهِ: مَا بهِ؟ قَالَ: بهِ طِبٌّ ـ وَالعَرَبُ تُسَمِّي السِّحْرَ طِبًّا ـ قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: بَنَاتُ لَبيدِ بْنِ أَعْصَمَ. قَالَ: وَأَيْنَ طِبُّهُ؟ قَالَ: فِي جُفِّ طَلْعَةٍ تَحْتَ رَاعُوفَةِ بئْرِ بَنِي فُلاَنٍ. فَانْتَبَهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ فَبَعَثَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَعَمَّارًا فَاسْتَخْرَجَا السِّحْرَ، فَجَعَلاَ كُلَّمَا حَلاَّ عُقْدَةً وَتَلَوا آيَةً مِنْ {قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ} وَ{قُلْ أَعُوذُ برَبِّ النَّاسِ} وهُمَا إحْدَى عَشْرَةَ آيَةً عَلَى عَدَدِ العُقَدِ، وَجَدَ رَسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ خِفَّةً؛ فَلَمَّا حُلَّتِ العُقَدُ وَتُلِيَتِ السُّورَتَانِ قَامَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ أُنْشِطُ مِنْ عِقَالٍ، وَأَمَرَ أَنْ يُتَعَوَّذَ بهِمَا، وَكَانَ يُعَوِّذُ بهِمَا الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ). [إعراب ثلاثين سورة: 235-236]
قالَ أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ (ت:375هـ): (ورُوِيَ في خبَرٍ آخَرَ أنَّ لَبيدَ بنَ أَعصَمَ اتَّخَذَ لُعبةً للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَخَذَ مِن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها فأَفْحَلَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فجَعَلَ في اللُّعْبَةِ إِحْدَى عَشَرَ عُقدةً، ثم أَلقَاها في بئْرٍ، والقَى فَوْقَها صَخرةً، فاشتَكَى مِن ذلك رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَكْوًا شَديدًا، فصارَتْ أَعضاؤُه مثلَ العُقَدِ، فبَيْنَما رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بينَ النائمِ واليَقظانِ إذ أَتاهُ مَلَكَانِ: أحَدُهما جَلَسَ عندَ رَأْسِه، والآخَرُ عندَ قَدَمَيْهِ، فالذي عندَ قَدَمَيْه يقولُ للذي عندَ رَأْسِه: ما شَكْوَاهُ؟ قالَ: السِّحْرُ. قالَ: مَن فَعَلَ به؟ قالَ: لَبيدُ بنُ أَعصَمَ اليَهوديُّ. قالَ: فأينَ صَنَعَ السِّحْرَ؟ قالَ: في بئْرِ كذا. قالَ: ماذا رأوه يَبْعَثُ إلى تلك البئْرِ فنَزَحَ ماءَها فإنه انتَهى إلى الصخرةِ، فإذا رآها فلْيَقْلَعْها؛ فإنَّ تَحتَها كُؤْبَةً، وهي كُؤْبَةٌ قد سقَطَتْ عُنُقُها، وفيه إحدى عشْرةَ عُقْدَةً، فيُحْرَقُ في النارِ، فيَبْرَأُ إنْ شاءَ اللهُ تعالى. فاستَيْقَظَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد فَهِمَ ما قالا، فبعَثَ عمارَ بنَ ياسِرٍ، وعَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عنهما إلى تلك البئْرِ في رَهْطٍ مِن أَصحابه، فوَجَدُوها كما وَصَفَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهم؛ فنَزلتْ هاتانِ السُّورتانِ، وهي إحدى عَشْرَةَ آيةً، فكُلَّما قَرَأَ آيةً حُلَّ منها عُقدةٌ حتى انْحَلَّتْ كُلُّها، ثم أَحْرَقَها بالنارِ، فبَرِئَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ). [بحر العلوم: 3/527]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ابْنُ أَبي زَمَنِينَ (ت: 399هـ): (نَزَلَتْ هِيَ و{قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ} مُعَوِّذَتَيْنِ للنَّبيِّ حِينَ سَحَرَتْهُ اليَهُودُ). [تفسير القرآن العزيز: 5/175] ).
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (نَزَلَتْ هذه السُّورَةُ والتي بَعْدَها لَمَّا سَحَرَ لَبيدُ بْنُ الأَعْصَمِ اليَهُودِيُّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فاشْتَكَى شَكْوَى شَدِيدَةً، فأَعْلَمَهُ اللهُ بمَا سُحِرَ به، وأَيْنَ هُو، فبَعَثَ مَن أَتَى به، وكَانَ وَتَرَ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فجَعَلُوا كُلَّمَا حَلُّوا عُقْدَةً وَجَدَ رَاحَةً حَتَّى حَلُّوا العُقَدَ كُلَّهَا، وأَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَتَعَوَّذَ بهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ، وهما إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً على عَدَدِ العُقَدِ). [الوجيز: 2/1242]
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قَالَ مُقَاتِلٌ وَالكَلْبيُّ: إِنَّ لَبيدَ بْنَ أَعْصَمَ اليَهُودِيَّ سَحَرَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً فِي حَبْلٍ مُعْقَدٍ، وَدَسَّهُ فِي بئْرٍ يُقَالُ لَهُ: ذَرْوَانُ. فَمَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ ثَلاثَ لَيَالٍ؛ فَنَزَلَتِ المُعَوِّذَتَانِ لِذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ بمَكَانِ السِّحْرِ.
فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَجَاءَ بهَا، فَقَالَ جِبْرِيلُ لِلنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حِلَّ عُقْدَةً وَاقْرَأْ آيَةً. فَفَعَلَ، وَجَعَلَ كُلَّمَا يَقْرَأُ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَذَهَبَ عَنْهُ مَا كَانَ يَجِدُ). [الوسيط: 4/572]
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت:468هـ): (قال الكلبي ومقاتل: (إن لبيد بن أعصم اليهودي، سحر النبي صلّى الله عليه وسلّم في إحدى عشرة عقدة في وتر، ودسه في بئر يقال لها: ذروان، فمرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، واشتد عليه ذلك ثلاث ليال، فنزلت المعوذتان لذلك، وأخبره جبريل بمكان السحر، فأرسل إليها عليًا رضي الله عنه، فجابها، فقال جبريل للنبي صلّى الله عليه وسلّم: حل عقدة واقرأ آية، ففعل، وجعل كلما يقرأ آية انحلت عقدة، وذهب عنه ما كان يجده).
وهذه القصة صحيحة والمعتزلة تنكرها، ويقولون: لا يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم مسحورا؛ لأن الكفار كانوا يعيرونه بذلك، فلو قلنا: إنه سحر، وجوزنا ذلك كنا قد جاوزنا ما عير به.
والجواب: أن هذه القصة قد ثبتت قصتها، وصحتها عند المفسرين، وأهل النقل، والعلم بالرواية، ودلت هذه السورة على ذلك، وهو قوله: {ومن شر النفاثات في العقد} [الفلق: 4] يعني اللاتي ينفثن بالرقى والعزائم، فلولا أن لشرهن تأثيرا وإلا لم يؤمر بالاستعاذة من شرهن.
ولا يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم مسحورا على الوجه الذي عيره به الكفار، فإنهم كانوا يريدون أنه مخدوع مجنون سحر بتخيل عقله، فلذلك خالفهم في الدعاء إلى توحيد الله، فأما أن يكون مسحورا بوصف يجده في بدنه، فذلك ما لا ينكره أحد، ولم يكن الله ليسلط عليه شيطانا أو جنيا أو إنسيا فيما يؤدي إلى الضرورة في الدين، والنبوة، ولا الرسالة، وبيان الدعوة، فأما على الإضرار ببدنه فقد صح أن وجهه شج، وأن رباعيته كسرت يوم أحد، ولم يقدح ذلك في نبوته كذلك السحر، والخيلة، والتوصل بالرقى الإضرار ببدنه لا ينكر). [البسيط: 24/451-454]

قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {قل أعوذ برب الفلق} إلى آخر السورة.
قوله تعالى: {قل أعوذ برب الناس} إلى آخر السورة.
قال المفسرون: كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدنت إليه اليهود ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدة أسنان من مشطه فأعطاها اليهود فسحروه فيها وكان الذي تولى ذلك لبيد بن الأعصم اليهودي ثم دسها في بئر لبني زريق يقال لها: ذروان فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتثر شعر رأسه ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن وجعل يذوب ولا يدري ما عراه فبينما هو نائم ذات يوم إذ أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال الذي عند رأسه: ما بال الرجل؟ قال: طب قال: وما الطب؟ قال: سحر قال: ومن سحره؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي قال: وبم طبه؟ قال: بمشط ومشاطة قال: وأين هو؟ قال: في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان.
والجف: قشر الطلع والراعوفة: حجر في أسفل البئر يقوم عليه المائح.
فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا عائشة أما شعرت أن الله أخبرني بدائي)) ثم بعث عليًا والزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأسه صلى الله عليه وسلم وأسنان مشطه وإذا فيه وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر فأنزل الله تعالى سورتي المعوذتين فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة فقام كأنما أنشط من عقال وجعل جبريل عليه السلام يقول: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن حاسد وعين الله يشفيك فقالوا: يا رسول الله أفلا نؤم الخبيث فنقتله؟ فقال: ((أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن أثير على الناس شرًا)) فهذا من حلم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن جعفر أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري أخبرنا أحمد بن علي الموصلي أخبرنا مجاهد بن موسى أخبرنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر النبي صلى الله عليه وسلم حتى إنه ليخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعل حتى إذا كان ذات يوم وهو عندي دعا الله ودعا ثم قال: ((أشعرت يا عائشة أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه)) قلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: ((أتاني ملكان)). وذكر القصة بطولها. رواه البخاري عن عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة.
ولهذا الحديث طريق في الصحيحين). [أسباب النزول:513- 516]

قالَ أَبُو المُظَفَّرِ مَنْصُورُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمْعَانِيُّ (ت: 489هـ): (واعْلَمْ أنَّ المفسِّرينَ قالُوا: إنَّ هذه السورةَ والتي تَلِيهَا نَزَلَتَا حينَ سُحِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَحَرَهُ لَبيدُ بنُ أَعصَمَ اليهوديُّ.
والنفَّاثاتُ في العقَدِ يقالُ: إنهن بناتُه، وكان لَبيدٌ قد سَحَرَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجعَلَ ذلك في بئْرِ (ذي أَرْوانَ) فاعْتَلَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واشتَدَّتْ عِلَّتُه وكان يُخَيَّلُ إليه أنه يَفعلُ الشيءَ ولا يَفعلُه، ثم إنَّ جِبريلَ ـ عليه السلامُ ـ أَنْزَلَ المُعَوِّذَتَيْنِ، ورُوِيَ أنه قالَ لعائشةَ هنا: (( وَأَنَا نَائِمٌ نَزَلَ عَلَيَّ مَلَكَانِ، فقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فقالَ أَحَدُهما لِصَاحِبهِ: مَا حَالُ الرجُلِ؟ فقالَ: مَطبوبٌ، قَالَ: ومَنْ طَبَّهُ؟ قالَ: لبيدُ بنُ أَعْصَمَ اليهوديُّ. فقالَ: وأينَ ذلك؟ فقالَ: في مُشْطٍ ومُشاطةٍ تَحتَ رَاعونةٍ في بئرِ ذي أَرْوانَ ))
ثم إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعثَ عَلِيًّا، وقيلَ: إنه بَعَثَ عَمَّارًا، وقيلَ: بَعَثَ أبا بكرٍ وعمرَ حتى اسْتَخْرَجُوا ذلك السحْرَ، وأَنْزَلَ اللهُ تعالى هاتينِ السورتينِ، وكان على ذاك الشيءِ إحدى عَشرةَ عُقدةً، فقالَ له جِبريلُ: اقرأْ آيةً فانْحَلَّتْ عُقدةٌ، وكان كُلَّما قَرأَ آيةً انْحَلَّتْ عُقدةٌ، حتى انْحَلَّت العُقَدُ كلُّها، وقامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنما أُنْشِطَ مِن عِقالٍ). [تفسير القرآن: 6/307]
قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): (قالَ مقَاتِلٌ والكلبيُّ: كان في وَتَرٍ عُقِدَ عليه إحدى عشرةَ عُقْدَةً.
وقيلَ: كانت العُقَدُ مَغروزةً بالإبرةِ، فأَنْزَلَ اللهُ هاتين السورتينِ، وهما إحدى عَشْرَةَ آيةً؛ سورةُ الفَلَقِ خَمْسُ آياتٍ، وسورةُ الناسِ ستُّ آياتٍ، كُلَّمَا قَرِئَتْ آيةٌ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، حتى انْحَلَّت العُقَدُ كُلُّها، فقامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنما نُشِطَ من عِقالٍ). [معالم التنزيل: 724]
قالَ مَحْمُودُ بنُ حَمْزَةَ بنِ نَصْرٍ الكِرْمَانِيُّ (ت: 525هـ): (سببُ نُزولِ السُّورَتَيْنِ: أنَّ غُلامًا كانَ يَخْدُمُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فدَسَّتْ إليه اليَهُودُ، ولم يَزالُوا به حتى أخَذَ مُشَاطَةَ رَأْسِه عليه السلامُ وعِدَّةَ أسنانٍ مِن مُشْطٍ، فأعطاها اليهودَ، فسَحَرُوهُ فيها، وكان الذي تَوَلَّى ذلك لَبيدَ بنَ أَعْصَمَ اليَهُودِيَّ، ثم دَسَّها في بئْرٍ يُقالُ له ذَرْوَانُ، فمَرِضَ عليه السلامُ مَرَضًا شَديدًا، وانتَشَرَ شَعْرُ رَأْسِه، وجَعَلَ يَذوبُ ولا يَدْرِي ما عَرَاهُ، فبَيْنَا هو نائمٌ، أتاه مَلَكانِ فقَعَدَ أحَدُهما عندَ رَأْسِه، والآخَرُ عندَ رِجْلِه، فقالَ الذي عندَ رِجْلِه لِلَّذِي عندَ رَأْسِه: ما بالُ الرَّجُلِ؟ قالَ: طُبَّ. قالَ: وما طُبَّ؟ قالَ: سُحِرَ. قالَ: ومَنْ سَحَرَه؟ قالَ: لَبيدُ بنُ أَعصَمَ. قالَ: فيمَ طَبَّهُ؟ قالَ: بمُشْطِه ومُشَاطِه.
قالَ: أينَ هُوَ؟ قالَ: في جُفِّ طَلْعَةٍ تحتَ رَاعُوفَةٍ في بئْرِ ذَرْوَانَ.
فانْتَبَهَ النبيُّ عليه السلامُ وقالَ: ((يا عائشةُ، أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ اللهَ أَخْبَرَنِي بدَائِي)).
ثم بَعَثَ علِيًّا والزُّبَيْرَ وعَمَّارَ بنَ ياسِرٍ، فنَزَحُوا ماءَ البئْرِ، كأنه نُقَاعَةُ الحِنَّا، ثم رَفَعُوا الصَّخْرَةَ وأَخْرَجوا الجُفَّ، فإذا فيه مُشَاطَةُ رَأْسِه وأَسنانُ مُشْطِهِ، وإذا وَتَرٌ فيه وعليه إحدى عَشْرةَ عُقدةً مَغروزةً بالإِبَرِ، فأَنزَلَ اللهُ هاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ إحدى عَشْرَةَ آيةً على عَدِّ العُقَدِ، فجَعَلُوا كُلَّمَا حَلُّوا عُقدَةً وجَدَ عليه السلامُ خِفَّةً حتى حَلُّوا العُقَدَ، فقامَ كأنما نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ.
وجَعَلَ جِبريلُ عليه السلامُ يقولُ: بسمِ اللهِ أَرْقِيكَ مِن كُلِّ شيءٍ يُؤْذِيكَ، ومِن حاسِدٍ وعينٍ، واللهُ يَشْفِيكَ.
الجُفُّ: قِشْرُ الطَّلْعِ، والرَّاعُوفَةُ: حَجَرٌ في أَسْفَلِ البئْرِ يَقومُ عليه المَائِحُ.
والمُشَاطَةُ: ما يَسْقُطُ مِنَ الشَّعْرِ مع المُشْطِ). [غرائب التفسير: 2/1411-1412]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ابْنُ العَرَبيِّ (ت: 543هـ): (سُورَةُ الفَلَقِ وَالنَّاسِ فِيهِمَا ثَلاثُ مَسَائِلَ:
المَسْأَلَةُ الأُولَى: فِي سَبَب نُزُولِهِمَا:
رُوِيَ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُحِرَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلَ إلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَلاَ يَفْعَلُهُ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ قَالَ: ((يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ أَتَانِي مَلَكَانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، قَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ: مَا شَأْنُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، فَقَالَ: فِي مَاذَا؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رَاعُوفَةٍ فِي بئْرِ ذِي أرْوَانَ، فَجَاءَ البئْرَ وَاسْتَخْرَجَهُ)). انْتَهَى الصَّحِيحُ.
زَادَ غَيْرُهُ: ((فَوَجَدَ فِيهَا إحْدَى عَشْرَ عُقْدَةً، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَيْهِ بالمُعَوِّذَتَيْنِ إحْدَى عَشْرَةَ آيَةً، فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، حَتَّى انْحَلَّت العُقَدُ، وَقَامَ كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ)). أَفَادَنِيهَا شَيْخُنَا الزَّاهِدُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَدْرَانَ الصُّوفِيُّ). [أحكام القرآن: 4/1996]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِب بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): (و(النَّفَّاثَاتِ في العُقَدِ): السواحرُ، ويُقالُ: إن الإشارةَ أولاً إلى بناتِ لَبيدِ بنِ الأعصمِ اليهوديِّ؛ كُنَّ ساحِرَاتٍ، وهُنَّ اللواتي سَحَرْنَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعَقَدْنَ له إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى إحدَى عَشْرَةَ آيةً بعَدَدِ العُقَدِ؛ هي المُعَوِّذَتَانِ، فشُفِيَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [المحرر الوجيز: 15/609-610]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ السُّهَيْلِيُّ (ت:581هـ): ([وَقَوْلُهُ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ} يَعْنِي السَّوَاحِرَ يَعْقِدْنَ فِي الحَرِيرِ وَغَيْرِهِ فِي سِحْرِهِنَّ وَيَنْفُثْنَ فِيهِ، وَيُرْوَى أَنَّ فِيهَا سَحَرْنَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى المُعَوِّذَتَيْنِ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً، وَالنَّفْثُ بالفَمِ قَرِيبٌ مِنَ النَّفْخِ وَلا يَكُونُ إِلا مَعَ رِيقٍ، وَالتَّفْلُ قَرِيبٌ مِنْهُ. قَالَ: إِنَّهُنَّ كُنَّ مِنَ اليَهُودِ يَعْنِي السَّوَاحِرَ المَذْكُورَاتِ، وَقِيلَ هُنَّ بَنَاتُ لَبيدِ بْنِ الأَعْصَمِ]). [التعريف والإعلام: 190] (م)
قالَ أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ (ت: 597هـ):(وفيها قولانِ:
أحدُهما: مَدنِيَّةٌ، رواهُ أبو صالحٍ عن ابنِ عبَّاسٍ، وبهِ قالَ قَتادةُ في آخَرِينَ.
والثاني: مَكِّيَّةٌ، رواهُ كُريبٌ عن ابنِ عبَّاسٍ، وبهِ قالَ الحسَنُ وعَطاءٌ وعِكرمةُ وجابرٌ. والأوَّلُ أَصَحُّ، ويَدُلُّ عليهِ أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سُحِرَ وهوَ معَ عائشةَ، فنَزَلَتْ عليهِ المُعَوِّذَتَانِ). [زاد المسير: 9/270]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بنِ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ (ت: 604هـ): (الفصلُ الثانِي: ذَكَروا في سبب نُزولِ هذه السورةِ وُجُوهًا:...
وثالثُها: وهو قَولُ جُمْهورِ المُفَسِّرِينَ، أَنَّ لَبيدَ بنَ أَعْصَمَ اليَهُودِيَّ سَحَرَ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم في إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً وفي وَتَرٍ دَسَّهُ في بئْرٍ يُقالَ لَها: ذَرْوانُ. فمَرِضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم واشْتَدَّ عليه ذلك ثَلاثَ ليالٍ، فنَزَلَتِ المُعَوِّذَتانِ لذلك، وأَخْبَرَه جِبْريلُ بمَوْضِعِ السِّحْرِ فأَرْسَلَ َعَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلامُ وطَلْحَةَ وجَاءَا به، وقالَ جِبْريلُ للنبيِّ: حُلَّ عُقْدَةً، واقْرَأْ آيةً فَفَعَلَ وكان كُلَّما قَرَأَ آيةً انْحَلَّتْ عُقْدةٌ، فكان يَجِدُ بَعْضَ الخِفَّةِ والرَّاحَةِ). [التفسير الكبير: 32/172] (م)
قَالَ حُسَيْنُ بنُ أَبي العِزِّ الهَمَذَانِيُّ (ت: 643هـ):(العُقَدُ جَمْعُ عُقْدَةٍ وهي التي يَعْقِدُها السَّوَاحِرُ على الخيطِ أو الشَّعَرِ إذا سَحَرْنَ، رُوِيَ أنَّهُنَّ نِسَاءٌ سَحَرْنَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ في إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فأنْزَلَ اللَّهُ تعالى المُعَوِّذَتَيْنِ إْحَدَى عَشْرَةَ آيَةً). [الفريد: 4/752] (م)
قالَ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ السُّلَمِيُّ (ت:660 هـ): (وَالأكثرونَ على أنَّ الرسولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُحِرَ وَاسْتَخْرَجَ وَتَرًا فيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَأُمِرَ بحَلِّهَا، فَكَانَ كُلَّمَا حُلَّتْ عُقْدَةٌ وَجَدَ رَاحَةً، حَتَّى حُلَّت العُقَدُ كُلُّهَا، فَكَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَنَزَلَت المُعَوِّذَتَانِ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً بعَدَدِ العُقَدِ، وَأُمِرَ أَنْ يَتَعَوَّذَ بهِمَا. وَمَنَعَ آخَرُونَ مِنْ تأثيرِ السحرِ في الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ جازَ في غيرِهِ؛ لِمَا في استمرارِهِ مِنْ خَبَلِ العقلِ، وَلإِنكارِ اللَّهِ تَعَالَى على مَنْ قَالَ: {إِنْ تَتَّبعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُورًا} [الإِسراء: 47]).[تفسير القرآن: 3/511]
قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ البَيْضَاوِيُّ (ت: 691هـ): (وتخصيصُه لِمَا رُوِيَ أنَّ يَهُودِيًّا سَحَر النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إحدى عشرةَ عُقْدَةً في وَتَرٍ دَسَّهُ في بئْرٍ، فَمَرِضَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونَزَلَت المُعَوِّذَتَانِ، وأَخْبَرَه جِبريلُ عليه الصلاةُ والسلامُ بمَوْضِعِ السِّحْرِ، فأرْسَلَ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ تعالى عنه فجاءَ به، فَقَرَأَهُما عليه، فكانَ كُلَّمَا قرأَ آيةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، ووَجَدَ بعضَ الخِفَّةِ). [أنوار التنزيل: 2/1180]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُودٍ النَّسَفِيُّ (ت: 710هـ):(رُوِيَ أنه عَلَيهِ السلامُ سُحِرَ؛ فمَرِضَ، فجاءَه مَلَكَانِ وهو نائِمٌ، فَقالَ أَحَدُهما لِصَاحِبه: ما بَالُه؟ فقال: طُبَّ. قال: ومَنْ طَبَّه؟ قال: لَبيدُ بنُ أَعْصَمَ اليهوديُّ. قال: وبمَ طَبَّه؟ قال: بمُشْطٍ ومُشَاطَةٍ في جُفِّ طَلْعَةٍ تَحتَ رَاعُوفَةٍ في بئرِ ذِي أَرْوانَ. فانْتَبَهَ صلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسلَّمَ فبعَثَ زُبَيْرًا وعَلِيًّا وعمَّارًا رضِيَ اللهُ عَنْهُم، فنَزَحُوا ماءَ البئرِ، وأخرَجوا الجُفَّ، فإذَا فيه مُشاطَةُ رَأسِه وأَسنانٌ مِن مُشْطِه، وإذَا فيه وَتَرٌ مُعَقَّدٌ فِيه إحدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً مَغْرُوزةً بالإبَرِ، فنَزَلَتْ هاتانِ السُّورتَانِ، فكُلَّمَا قرَأ جِبريلُ آيةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، حتَّى قام صلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسلَّمَ عندَ انْحلالِ العُقْدَةِ الأخيرةِ كأنَّمَا نُشِطَ من عِقالٍ، وجعَلَ جِبريلُ يَقولُ: باسمِ اللهِ أرْقِيكَ واللهُ يَشْفِيكَ من كلِّ داءٍ يُؤْذِيكَ.
ولهذَا جُوِّزَ الاسْتِرقاءُ بما كانَ مِن كِتاب اللهِ، وكلامِ رسولِه عليه السَّلامُ، لا بمَا كان بالسُّرْيَانِيَّةِ والعِبْرَانيَّةِ والهِنْدِيَّةِ؛ فإنَّه لا يَحِلُّ اعْتِقادُه والاعتمادُ عَلَيه). [مدارك التنزيل:3/2016]
قالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الخَازِنُ (ت: 725هـ):(ورُوِيَ أنَّهُ كانَ تحتَ صَخْرَةٍ في البئْرِ، فرَفَعُوا الصخْرَةَ وأخْرَجُوا جُفَّ الطَّلْعَةِ، فإذا فيهِ مُشَاطَةٌ مِنْ رَأْسِهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأسنانٌ مِنْ مُشْطِهِ.
وقيلَ: كانَ في وَتَرٍ عُقِدَ عليهِ إحدى عَشْرةَ عُقْدَةً. وقيلَ: كانَ مَغْرُوزًا بالإِبَرِ، فأَنْزَلَ اللَّهُ هاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ، وهما إحدى عَشْرةَ آيَةً؛ سورةُ الفَلَقِ خمسُ آياتٍ، وسورةُ الناسِ ستُّ آياتٍ، فكانَ كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، حتَّى انحلَّتِ العُقَدُ كلُّها، فقامَ النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كأَنَّما نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ. ورُوِيَ أنَّهُ لَبثَ سِتَّةَ أشْهُرٍ، واشتَدَّ عليهِ ذلكَ ثلاثَ ليالٍ، فنَزَلَتِ المُعَوِّذَتَانِ). [لباب التأويل: 4/500]
قالَ نِظَامُ الدِّينِ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ (ت: 728هـ): (وقالَ جمهورُ المُفَسِّرِينَ: إنَّ لَبيدَ بنَ الأعصمِ اليَهُودِيَّ سَحَرَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ في إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً في وَتَرٍ، ودَسَّه في بئْرِ ذِي أَرْوَانَ، فمَرِضَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ واشْتَدَّ ذلك عليهِ ثَلاثَ لَيالٍ؛ فنَزَلَتِ المُعَوِّذَتانِ، وأَخْبَرَهُ جَبْرَائِيلُ بمَوْضِعِ السِّحْرِ، فأرْسَلَ عليًّا بطَلَبه وجاءَ به، وقالَ جَبْرَائِيلُ: اقْرَأِ السُّورَتَيْنِ. فكانَ كلَّما يَقْرَأُ آيةً تَنْحَلُّ عُقْدَةٌ فيَجِدُ بَعْضَ الراحةِ والخِفَّةِ، حتى إذا أَتَمَّهَا فكَأنَّما أُنْشِطَ مِن عِقَالٍ). [غرائب القرآن: 30/224]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبيُّ (ت: 741هـ):{النَّفَّاثَاتِ} بناءُ مُبالَغَةٍ، والموصوفُ مَحذوفٌ، تقديرُه النساءُ النَّفَّاثَاتُ، والجماعةُ النَّفَّاثَاتُ أو النفوسُ النفاثاتُ، والأوَّلُ أَصَحُّ؛ لأنه رُوِيَ أنه إشارةٌ إلى بَناتِ لَبيدِ بنِ الأَعْصَمِ اليهوديِّ، وكُنَّ ساحراتٍ سَحَرْنَ هن وأبوهن رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وعَقَدْنَ له إحدى عَشَرَ عُقدةً، فأَنْزَلَ اللهُ المعوذتين إحدى عَشْرَةَ آيةً بعَدَدِ العُقَدِ، وشَفَى اللهُ رسولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ). [التسهيل: 225] (م)
قالَ أَبُو حَيَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الأندَلُسِيُّ (ت: 745هـ): (وَسببُ نُزُولِ المَعَوِّذَتَيْنِ قِصَّةُ سِحْرِ لَبيدِ بنِ الأَعْصَمِ اليَهُودِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهوَ جُفٌّ، وَالجُفُّ قِشْرُ الطَّلْعِ فيهِ مُشَاطَةُ رَأْسِهِ عَلَيْهِ الصلاةُ وَالسلامُ وَأَسْنَانُ مُشْطِهِ وَوَتَرٌ معقودٌ فيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً مَغْرُوزٌ بالإِبَرِ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ المُعَوِّذَتَانِ، فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَوَجَدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نفسِهِ خِفَّةً حتَّى انْحَلَّت العقدةُ الآخيرةُ فَقَامَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ). [البحر المحيط: 8/759-760]
قالَ أَبُو حَيَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الأندَلُسِيُّ (ت: 745هـ): (وَسَبَبُ نُزُولِ المُعَوِّذَتَيْنِ قِصَّةُ لَبيدٍ وَمَا حُكِيَ عَنْهُ). [النهر الماد: 1319]
قَالَ الحُسَينُ بنُ سُلَيْمَانَ بْنِ رَيَّانَ (ت: 770هـ): (سُؤَالٌ: {مِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ} ما وَجْهُ تَخْصِيصِهِنَّ؟
جَوَابٌ: لِمَا رُوِيَ أنَّ يَهُودِيًّا اسمُهُ لَبيدٌ سَحَرَ النَّبيَّ عليه السَّلامُ في وَتَرٍ دَسَّهُ في بئْرٍ فيه إحْدَى عَشْرَةَ عُقدَةً، فأعْلَمَهُ اللَّهُ بذلك وبمَحَلِّهِ بمجِيءِ جِبْرِيلَ بعْدَما اشْتَكَى ومَرِضَ لذَلِكَ أيَّامًا، وقد رُوِيَ ستَّةَ أشْهُرٍ ونزلَتِ المُعَوِّذَتَانِ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً فبعَثَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عنه فاسْتَخْرَجَهَا، فجاءَ بها، فكانَ كُلَّمَا قرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، ووجَدَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ خِفَّةً حتَّى انْحَلَّتِ العُقْدَةُ الأَخِيرَةُ قامَ عليْهِ الصلاةُ والسلامُ كأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ). [الروض الريان: 3/648]
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَلَنْسِيُّ (ت: 782هـ): (والإِشَارَةُ بـ (النَّفَّاثَاتِ في العُقَدِ) إلى بَنَاتِ لَبيدِ بْنِ الأَعْصَمِ اليَهُودِيِّ، وهُنَّ اللَّوَاتِي سَحَرْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَعَقَدْنَ لَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً، وهِي المُعَوِّذَتَانِ، فَشُفِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ). [صلة الجمع:760] (م)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الفَيْرُوزَآبَادِيُّ (ت: 817هـ): (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ الثِّقَةُ ابْنُ المَأْمُونِ الهَرَوِيُّ قالَ: أَخْبَرَنَا أَبي، قالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللهِ مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، قالَ: أَخْبَرَنَا عَمَّارُ بْنُ عَبْدِ المَجِيدِ الهَرَوِيُّ، قالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، عن مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنِ الكَلْبيِّ، عن أَبي صَالحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (نَزَلَتْ هَاتَانِ السُّورَتَانِ فِي شَأْنِ لَبيدِ بْنِ الأَعْصَمِ اليَهُودِيِّ الَّذِي سَحَرَ النَّبيَّ فَقَرَأَهُمَا النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سِحْرِهِ فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ). [تنوير المقباس: 604]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (وَقَالَ سُفْيَانُ: الفَلَقُ وَالنَّاسُ نَزَلَتَا فِيمَا كَانَ لَبيدُ بْنُ الأَعْصَمِ سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ فِي التَّفَاسِيرِ). [عمدة القاري: 20/10]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ المَحَلِّيُّ (ت: 864هـ): (نَزَلَتْ هَذِهِ السورةُ والتي بَعْدَهَا لَمَّا سَحَرَ لَبيدٌ اليَهُودِيُّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وَتَرٍ بهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَأَعْلَمَهُ اللَّهُ بذلكَ وَبمَحَلِّهِ، فَأُحْضِرَ بينَ يَدَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمِرَ بالتَّعَوُّذِ بالسُّورَتَيْنِ، فَكَانَ كُلَّمَا قَرَأَ آيةً مِنْهَا انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ وَوَجَدَ خِفَّةً، حَتَّى انْحَلَّتِ العُقَدُ كُلُّهَا، وَقَامَ كَأَنَّمَا نُشِطَ منْ عِقَالٍ) [تفسير الجلالين: 604]
قالَ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بْنِ عَادِلٍ الدِّمَشْقِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت: 880هـ): (قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ} هَذِهِ السُّورَةُ، وسُورَةُ "النَّاسِ" و"الإِخْلاصِ" نَزَلَتْ عَلَى رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَحَرَتْهُ اليَهُودُ). [اللباب: 20/569]
قَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمُ بنُ عُمَرَ البِقَاعِيُّ (ت: 885هـ): (وَسَبَبُ نُزُولِ ذلكَ أنَّ يَهُودِيًّا سَحَرَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرِضَ كما يَأْتِي تَخْرِيجُهُ، فإِنَّ السحرَ يُؤَثِّرُ بإِذنِ اللَّهِ تعالى المَرَضَ وَيَصِلُ إِلى أنْ يَقْتُلَ، فَإِذَا أَقَرَّ السَّاحِرُ أَنَّهُ قَتَلَ بسِحْرِهِ وَهو مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا قُتِلَ بذلكَ عندَ الشَّافِعِيِّ، وَلا يُنَافِي قولَهُ تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: 67]. كَمَا مَضَى بيانُهُ في المائدةِ). [نظم الدرر: 8/606]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الإِيجِيُّ الشَّافِعِيُّ (ت: 905 هـ):(وقد صَحَّ أنَّ يَهُودِيًّا سَحَرَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، ودَسَّهُ في بئْرٍ، فاشْتَكَى ومَرِضَ عليه السلامُ لذلكَ أيَّامًا، وقد رُوِيَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فجاءَهُ جِبْرِيلُ وأَخْبَرَهُ بالسِّحْرِ والساحِرِ، ومَوْضِعِه، ونَزَلَتِ المُعَوِّذَتَانِ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً، فبَعَثَ عليه السلامُ فاسْتَخْرَجَهَا، فجاءَ بها، فكانَ كلَّما قَرَأَ آيةً، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فحينَ انْحَلَّتِ العُقْدَةُ الأخيرةُ قامَ عليه السلامُ، كأنَّما نُشِطَ مِن عِقَالٍ). [جامع البيان: 4/546]
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (صنعت اليهود بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئا فأصابه منه وجع شديد فدخل عليه أصحابه فخرجوا من عنده وهم يرون أنه ألم به فأتاه جبريل بالمعوذتين فعوذه بهما ثم قال: بسم الله أرقيك من كل شر يؤذيك ومن كل عين ونفس حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك)). [الدر المنثور: 15/795]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): ( (ك)، أخرج البيهقي في دلائل النبوة من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضا شديدا فأتاه ملكان، فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما ترى؟ قال: طب قال: وما طب؟ قال: سحر قال: ومن سحره؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي، قال: أين هو؟ قال: في بئر آل فلان تحت صخرة في كرية، فأتوا الركية فانزحوا ماءها وارفعوا الصخرة ثم خذوا الكرية واحرقوها، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمار بن ياسر في نفر فأتوا الركية فإذا ماؤها مثل ماء الحناء فنزحوا الماء ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الكرية وأحرقوها فإذا فيها وتر فيه إحدى عشرة عقدة. وأنزلت عليه هاتان السورتان فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة: {قل أعوذ برب الفلق} {قل أعوذ برب الناس}.
لأصله شاهد في الصحيح بدون نزول السورتين وله شاهد بنزولهما.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك قال: صنعت اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فأصابه من ذلك وجع شديد فدخل عليه أصحابه فظنوا أنه لما به. فأتاه جبريل بالمعوذتين فعوذه بهما فخرج إلى أصحابه صحيحا). [لباب النقول: 314]

قالَ الخَطِيبُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الشِّرْبينِيُّ (ت: 977هـ):(واختُلِفَ في سبب نُزولِ سُورةِ {قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ} فَقَالَ ابنُ عبَّاسٍ وعائشةُ رَضِيَ اللَّهُ عنهمْ: كانَ غلامٌ مِنَ اليَهودِ يَخدُمُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدَنَتْ إليهِ اليَهودُ فلمْ يَزالُوا بهِ حتى أَخَذَ مُشَاطَةَ رأسِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِدَّةَ أسنانٍ مِن مُشطِهِ وأعطاها اليَهودَ فسَحَرُوهُ فيها، وَتَولَّى ذلك لبيدُ بنُ الأعْصَمِ رجلٌ منَ اليهودِ فنزَلَتْ هذهِ، و{قُلْ أَعُوذُ برَبِّ النَّاسِ} فيهِ). [تفسير القرآن الكريم: 4/ 611]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيمِ الأَشْمُونِيُّ (ت: ق11هـ): (وسببُ نُزُولِ السُّورَتَيْنِ أنَّهُ كانَ غلامٌ مِنَ اليهودِ يَخْدُمُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يَزَلْ بهِ اليهودُ حتَّى أَخَذَ مُشَاطَةَ رأسِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأَسْنَانَ مُشْطِهِ فأعطاهُ لليهودِ فَسَحَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والَّذِي تَوَلَّى ذلك لَبيدُ بْنُ أَعْصَمَ اليَهُودِيُّ ثمَّ دَسَّهَا في بئرِ بنِي زُرَيْقِ يقالُ لها ذَرْوَانُ فمَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وانْتَثَرَ شَعْرُ رَأْسِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكَانَ يَرَى أنه يَأْتِي النِّسَاءَ، وما يأتيهنَّ ويُخَيَّلُ إليه أنه يفعلُ الشيءَ وما يفعلُهُ، فبينمَا هو نائمٌ ذاتَ يومٍ أتاهُ مَلَكَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ والآخَرُ عند رِجْلَيْهِ فقالَ أحدُهَمَا لصاحبهِ: ما بَالُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: طُبَّ. قَالَ: وما طُبَّ؟ قَالَ: سُحِرَ ورُوِيَ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ فقالَ: مَطْبُوبٌ فَقَالَ: ومَنْ سَحَرَهُ؟ قَالَ: لَبيدُ ابنُ أَعْصَمَ قَالَ: في ماذا؟ قَالَ: في مُشْطٍ ومُشَاطَةٍ وجُفِّ طَلْعَةٍِ ذَكَرٍ –جُفُّ الطَّلْعَةِ: وِعَاؤُهَا- قَالَ: وأَيْنَ هو؟ قَالَ: في ذَرْوَانَ تحتَ راعُوفَةِ البئْرِ – والرَاعُوفَةُ: صَخْرَةٌ تُتْرَكُ في أَسْفَلِ البئرِ إذا احْتُفِرَتْ، فإذا أَرَادُوا تَنْقِيَةَ البئْرِ جَلَسَ عليها المُنَقِّي ويقالُ لها أُرْعُوفَةُ- فانْتَبَهَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقَالَ: يَا عَائِشةُ، أما شَعُرْتِ، إِنَّ اللَّهَ أخبرنِي بدَائِي. ثمَّ بعثَ عَلِيًّا والزُبَيْرَ وعَمَّارًا وَثَوْبَانَ، فأخرجُوا الجُفَّ وإذا فيه مُشَاطَةُ رَأْسِهِ وأَسْنانُ مُشْطِهِ، وإذا وَتَرٌ مُعَقَّدٌ فيه إحدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً ورُوِيَ أنَّها كانتْ مَغْرُوزَةً بالإِبَرِ. اهـ كَوَاشِيِّ). [منار الهدى:310-311]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وأخرج عبد بن حميدٍ في "مسنده"، عن زيد بن أرقم قال: (سحر النبيّ رجلٌ من اليهود، فاشتكى، فأتاه جبريل، فنزل عليه بالمعوّذتين، وقال: إنّ رجلًا من اليهود سحرك، والسّحر في بئر فلانٍ، فأرسل عليًّا، فجاء به، فأمره أن يحلّ العقد، ويقرأ آيةً ويحلّ، حتّى قام النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كأنّما نشط من عقالٍ).
وأخرجه ابن مردويه والبيهقيّ من حديث عائشة مطوّلًا، وكذلك أخرجه من حديث ابن عبّاسٍ). [فتح القدير: 5/702]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وقال الواحديّ: قال المفسّرون: إنّها نزلت بسبب أنّ لبيد بن الأعصم سحر النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وليس في "الصّحاح" أنّها نزلت بهذا السّبب، وبنى صاحب "الإتقان" عليه ترجيح أنّ السّورة مدنيّةٌ وسنتكلّم على قصّة لبيد بن الأعصم عند قوله تعالى: {ومن شرّ النّفّاثات في العقد} [الفلق: 4].
وقد قيل إنّ سبب نزولها والسّورة بعدها: (أنّ قريشًا ندبوا، أي ندبوا من اشتهر بينهم أنّه يصيب النّبي صلّى الله عليه وسلّم بعينه فأنزل اللّه المعوّذتين ليتعوّذ منهم بهما).
ذكره الفخر عن سعيد بن المسيّب ولم يسنده). [التحرير والتنوير: 30/624]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وقالَ الوَاحِدِيُّ: قالَ المُفَسِّرُونَ: (إنها نَزلتْ بسَبَب أنَّ لَبيدَ بنَ الأَعْصَمِ سحَرَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)، وليسَ في الصِّحَاحِ أنها نَزلَتْ بهذا السَّبَب، وبَنَى صاحِبُ الإتقانِ عليه تَرجيحَ أنَّ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ، وسنتكَلَّمُ على قِصَّةِ لَبيدِ بنِ الأَعْصَمِ عندَ قولِه تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ} ). [التحرير والتنوير: 30/624]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وقالَ في (الإتقانِ): إنَّ سببَ نُزولِها قِصَّةُ سِحْرِ لَبيدِ بنِ الأَعْصَمِ، وأنها نَزلتْ مع (سُورةِ الفَلَقِ) وقد سَبَقَه على ذلك القُرْطُبيُّ والواحِدِيُّ، وقد عَلِمْتَ تَزييفَه في سُورَةِ الفَلَقِ) [التحرير والتنوير: 30/631]
قالَ عَطِيَّة مُحَمَّد سَالِم (ت: 1420هـ): (وأَجْمَعَ المُفَسِّرُونَ: أنَّها نَزَلَتْ في لَبيدِ بنِ الأَعْصَمِ، لَمَّا سَحَرَ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ ثم أتاهُ جِبْريلُ عليهِ السلامُ وأَخْبَرَهُ). [تتمة أضواء البيان: 9/342]
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (انظر: مَسَائِل فِي حَادِثَةِ سَحْرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الجُزْءِ المُلْحَقِ بتَفْسِيرِ المعَوِّذَتَينِ) ). [جمهرة التفاسير: 42-50]

محمد أبو زيد 10 شعبان 1434هـ/18-06-2013م 11:21 AM

أقوال أخرى في سبب نزول المعوذتين
 
أقوال أخرى في سبب نزول المعوذتين
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): ({وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ}... قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُنَّ بَنَاتُ لَبيدِ بْنِ أَعْصَمَ اليَهُودِيِّ سَحَرْنَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [الوسيط: 4/574]
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (لَمْ أَجِدْه فِي كِتَاب أَبي عُبَيْدَةَ، وَلوْ صَحَّ عَنهُ لَم يَكُن حُجَّةً لِمُخَالَفتهِ مَا ثبَتَ فِي الأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ مِن أَنَّ الَّذِي سَحَرَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ هُو لَبيدُ بنُ الأَعْصَمِ لا بناتُهُ).
قالَ أَبُو المُظَفَّرِ مَنْصُورُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمْعَانِيُّ (ت: 489هـ): (واعْلَمْ أنَّ المفسِّرينَ قالُوا: إنَّ هذه السورةَ والتي تَلِيهَا نَزَلَتَا حينَ سُحِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَحَرَهُ لَبيدُ بنُ أَعصَمَ اليهوديُّ، والنفَّاثاتُ في العقَدِ يقالُ: إنهن بناتُه). [تفسير القرآن: 6/307]
قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): ({وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ}، يَعْنِي السَّواحِرَ اللاتي يَنْفُثْنَ في عُقَدِ الخيْطِ حين يَرْقِينَ عليها، قالَ أبو عُبيدةَ: هنَّ بناتُ لَبيدِ بنِ الأعصَمِ سَحَرْنَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [معالم التنزيل: 726]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِب بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): (و(النَّفَّاثَاتِ في العُقَدِ): السواحرُ، ويُقالُ: إن الإشارةَ أولاً إلى بناتِ لَبيدِ بنِ الأعصمِ اليهوديِّ؛ كُنَّ ساحِرَاتٍ، وهُنَّ اللواتي سَحَرْنَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعَقَدْنَ له إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى إحدَى عَشْرَةَ آيةً بعَدَدِ العُقَدِ؛ هي المُعَوِّذَتَانِ، فشُفِيَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [المحرر الوجيز: 15/609-610]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ السُّهَيْلِيُّ (ت:581هـ): ( [وَقَوْلُهُ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ} يَعْنِي السَّوَاحِرَ يَعْقِدْنَ فِي الحَرِيرِ وَغَيْرِهِ فِي سِحْرِهِنَّ وَيَنْفُثْنَ فِيهِ، وَيُرْوَى أَنَّ فِيهَا سَحَرْنَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى المُعَوِّذَتَيْنِ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً، وَالنَّفْثُ بالفَمِ قَرِيبٌ مِنَ النَّفْخِ وَلا يَكُونُ إِلا مَعَ رِيقٍ، وَالتَّفْلُ قَرِيبٌ مِنْهُ. قَالَ: إِنَّهُنَّ كُنَّ مِنَ اليَهُودِ يَعْنِي السَّوَاحِرَ المَذْكُورَاتِ، وَقِيلَ هُنَّ بَنَاتُ لَبيدِ بْنِ الأَعْصَمِ]). [التعريف والإعلام: 190]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القُرْطُبيُّ (ت: 671هـ): (ورُوِيَ أنَّ نِساءً سَحَرْنَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً، فأَنْزَلَ اللهُ المُعَوِّذَتَيْنِ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً.
قالَ ابنُ زَيْدٍ: كُنَّ مِنَ اليهودِ. يعني: السَّوَاحِرَ المذكوراتِ. وقِيلَ: هُنَّ بَنَاتُ لَبيدِ بنِ الأَعْصَمِ). [الجامع لأحكام القرآن: 20/259]

- قول آخر
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بنِ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ (ت: 604هـ): (الفصلُ الثانِي: ذكَروا فِي سَبب نُزولِ هذه السورةِ وُجُوهًا:
أحدَها: رُوِيَ أَنَّ جِبْريلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أتاهُ وَقالَ: إنَّ عِفْرِيتًا مِن الجنِّ يَكِيدُكَ، فقالَ: إذا أَوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ قُلْ: أَعُوذُ برَبِّ السُّورَتَيْنِ). [التفسير الكبير: 32/172]
قالَ نِظَامُ الدِّينِ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ (ت: 728هـ): (يُرْوَى أنَّ جَبْرَائِيلَ أَتَاهُ وقالَ: إنَّ عِفْريتًا مِنَ الجِنِّ يَكِيدُكَ، فقُلْ إِذَا أَتَيْتَ على فِرَاشِكَ: أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ، أَعُوذُ برَبِّ الناسِ). [غرائب القرآن: 30/223]
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (قال ابن أبي شيبة في مصنفه: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ مُصْعَب بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، قَالَ : كَانَ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ يفْزَعُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى يَخْرُجَ وَمَعَهُ سَيْفُهُ، فَخُشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِي:((إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ يَكِيدُكَ فَقُلْ: أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ الَّتِي لاَ يُجَاوِزُهنَّ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلاَّ طَارِقًا يَطْرُقُ بخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ)) فَقَالَهُنَّ خَالِد، فَذَهَب ذَلِكَ عَنهُ.
وَرَوَاهُ عبدُ الرَّزَّاقِ وَالبَيهَقِيُّ فِي شُعَب الإِيمَانِ مِن طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَن قَتَادَةَ عَنْ أَبي رَافِعٍ بنَحْوِه.
وَرَوَى ابنُ قتيبة فِي تَأوِيلِ مُختَلِفِ الحَدِيثِ وَابنُ مَروانَ الدِّينوَرِيُّ فِي المجالَسَةِ مِن طَرِيقِ بشْرِ بْنِ المُفَضَّلِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الحَسَنِ؛ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَتَانِي، فَقَالَ : إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ يَكِيدُكَ، فَإِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ؛ فَقُلِ: {اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحي القيوم}[البقرة: 255] حَتَّى تَخْتِمَ آيَةَ الكُرْسِيِّ)).
فَلَعَلَّ الأَمْرَ التَبَسَ عَلَى الرَّازِي، أَوْ نَقَلَهُ عَن بَعْضِ التَّفَاسِيرِ المفقُودَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ).

- قول آخر
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بنِ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ (ت: 604هـ): (وثانيها: أنَّ اللَّهَ تعالى أَنْزَلَهما عليه ليَكُونا رُقْيَةً مِن العَيْنِ، وعن سَعِيدِ بنِ المُسَيِّب أَنَّ قُرَيْشًا قالُوا: تَعَالَوْا نَتَجَوَّعْ فنَعِينَ مُحَمَّدًا ففَعَلوا، ثُمَّ أَتَوْه وقالُوا: مَا أَشَدَّ عَضُدَكَ، وأَقْوَى ظَهْرَكَ وأَنْضَرَ وَجْهَكَ، فأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى المُعَوِّذَتَيْنِ). [التفسير الكبير: 32/172] (م)
قالَ نِظَامُ الدِّينِ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ (ت: 728هـ): (وعن سعيدِ بنِ المُسَيِّب: أنَّ قُرَيْشًا قالوا: نَتَجَوَّعُ فَنَعِينُ مُحمَّدًا. ففَعَلُوا، ثم أَتَوْهُ وقالوا: مَا أَشَدَّ عَضُدَكَ وأَقْوَى ظَهْرَكَ وأَنْضَرَ وَجْهَكَ؛ فأنْزَلَ اللَّهُ المُعَوِّذَتَيْنِ). [غرائب القرآن: 30/223]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وقد قِيلَ: إنَّ سَببَ نُزُولِها والسُّورةِ بعْدَها: أنَّ قُرَيْشًا نَدَبُوا -أيْ: نَدَبُوا مَنِ اشتَهَرَ بينَهم أنه يُصيبُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَيْنِه- فأَنزَلَ اللهُ المُعَوِّذَتَيْنِ؛ ليَتَعَوَّذَ منهم بهما. ذكَرَه الفخْرُ عن سعيدِ بنِ المُسَيِّب، ولم يُسْنِدْهُ). [التحرير والتنوير: 30/624]
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (وَلَمْ أَجدْ أَحَدًا أَسْنَدَهُ) ). [جمهرة التفاسير: 50-52]

محمد أبو زيد 10 شعبان 1434هـ/18-06-2013م 11:27 AM

سبب آخر لنزول سورة الناس
 
سبب آخر لنزول سورة الناس
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وقد قدّمنا في سورة الفلق ما ورد في سبب نزول هذه السّورة، وما ورد في فضلها، فارجع إليه). [فتح القدير: 5/707]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وقال في "الإتقان": إنّ سبب نزولها قصّة سحر لبيد بن الأعصم، وأنّها نزلت مع "سورة الفلق" وقد سبقه إلى ذلك القرطبيّ والواحديّ، وقد علمت تزييفه في سورة الفلق). [التحرير والتنوير: 30/631]


الساعة الآن 11:31 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة