يحيى بن أبي كثير اليمامي (ت:129هـ)
يحيى بن أبي كثير اليمامي(ت:129هـ) أبو نصر، مولى طيء، اختلف في اسم أبيه فقال خليفة بن خياط: (اسم أبي كثير يسار)، وقال ابن سعد عن رجل من تميم من أهل العلم لم يسمّه (كان اسم أبي كثير ديناراً)، وذكره ابن أبي حاتم. كان يحيى أحد الأئمة الأعلام، وأوعية العلم الكبار الذين تدور عليهم الأسانيد. نشأ بالبصرة، ورأى أنس بن مالك، وأخذ العلم عن جماعة من علماء التابعين بالبصرة، وارتحل إلى الشام والحجاز وأخذ عن جماعة من أهل العلم بها، ثم استقرّ باليمامة، وبثّ العلم فيها. روى عن: أبي قلابة الجرمي، أبي نضرة العبدي، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وثابت بن أبي قتادة الأنصاري، وسليمان بن يسار، وبعجة بن عبد الله الجهني، وعكرمة مولى ابن عباس، ونافع مولى ابن عمر، وأبي النجاشي مولى رافع بن خديج، وأبي كثير السحيمي، وغيرهم. وروى عنه: ابنه عبد الله، وأيوب السختياني، ومعمر بن راشد، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والأوزاعي، وهشام الدستوائي، وعلي بن المبارك، وأبان بن يزيد العطار، وحرب بن شداد، وهمام بن يحيى، وعكرمة بن عمار اليمامي، ويحيى بن عبد العزيز الأردني، والقاضي أيوب بن النجار اليمامي، وجرير بن حازم، وغيرهم. - قال هشيم بن بشير، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن يحيى بن أبي كثير، قال: (رأيت أنس بن مالك يصلّي وفي يديه سهم). رواه ابن أبي خيثمة. - وقال عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: (رأيت أنس بن مالك في المسجد الحرام قد نصب عصا يصلّي إليها). رواه ابن أبي شيبة. - وقال ابن سعد: (يحيى بن أبي كثير مولى لطيء، كان من أهل البصرة؛ فتحوّل إلى اليمامة). - وقال أبو داود السجستاني: (يحيى بن أبي كثير بصري خرج إلى اليمامة بعد ما حدّث، سمع منه الأوزاعي بالبصرة وباليمامة). - وقال الدوري عن يحيى بن معين: (يحيى بن أبي كثير كان عطاراً باليمامة). - وقال إسحاق بن وهب العلاف: حدثنا حفص بن عمر الإمام، قال: حدثنا عامر بن يساف، قال: «كان يحيى بن أبي كثير حسن اللباس حسن الهيئة، مات ولم يترك إلا ثلاثين درهما كفنوه بها». رواه أبو نعيم في الحلية. - وقال محمد بن حماد: حدثنا عبد الرزاق، قال: (أوّل من صنّف الكتب ابن جريج، وصنّف الأوزاعي حين قدم على يحيى علي بن أبي كثير كُتبَه). رواه الخطيب البغدادي في "أخلاق الراوي". - وقال ضمرة بن ربيعة عن بشير بن صالح عن يحيى بن أبي كثير قال: لقيت عطاءً فسألته عن شيء؛ فقال: أين تسكن؟ فقلت: اليمامة. قال: فأين أنت عن يحيى بن أبي كثير؟ قال يحيى: (فما بَرِحَت من نفسي زماناً). رواه أبو زرعة الدمشقي. وروى هذه الحكاية يحيى بن معين عن نعيم بن حماد عن ضمرة بنحوها، ثم قال يحيى بن معين: (يعنى العُجْب). - قال وهيب بن خالد: سمعت أيوب السختياني يقول: (ما بقي على وجه الأرض مثل يحيى بن أبي كثير). رواه ابن سعد، والبخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي خيثمة، وابن أبي حاتم. - وقال يحيى بن سعيد القطان: سمعت شعبة يقول: (يحيى بن أبي كثير أحسن حديثاً من الزهري). رواه ابن أبي حاتم وابن أبي خيثمة. - وقال عبد الرحمن بن الحكم بن بشير: (كان شعبة يقدّم يحيى بن أبي كثير على الزهري). رواه ابن أبي حاتم. - وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه قال: (يحيى بن أبي كثير من أثبت الناس، إنما يعدّ مع الزهري ويحيى بن سعيد، فإذا خالفه الزهري فالقول قول يحيى). - وقال سفيان بن عيينة: قال أيوب: (ما علمت أحداً كان أعلم بحديث أهل المدينة - بعد الزهري - من يحيى بن أبي كثير). رواه ابن أبي حاتم وابن عديّ. - وقال سهل بن عبد المؤمن بن يحيى بن أبي كثير عن يحيى [أي القطان] عن شعبة قال: (أقام يحيى بن أبى كثير بالمدينة عشر سنين - لا أعلمه إلا قال - في طلب العلم). رواه ابن أبي حاتم. - وقال محمد بن أحمد بن البراء: قال علي ابن المديني: (نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة: الزهري، وعمرو بن دينار، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، وأبو إسحاق الهمداني، والأعمش). رواه ابن أبي حاتم. - وقال أبو زرعة الرازي: سمعت عليَّ ابن المديني يقول: (دار حديث الثقات على ستة: رجلين بالبصرة، ورجلين بالكوفة، ورجلين بالحجاز؛ فأما اللذان في البصرة فقتادة ويحيى بن أبي كثير، وأما اللذان بالكوفة فأبو إسحاق والأعمش، وأما اللذان بالحجاز فالزهري وعمرو بن دينار). رواه ابن عدي. - وقال عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي قال: (دفع إليَّ يحيى بن أبي كثير صحيفةً فقال: اروها عني، ودفع إليَّ الزهري صحيفةً فقال: اروها عني). رواه أبو زرعة الدمشقي. - وقال عبد الرزاق عن معمر قال: كنت عند يحيى بن أبي كثير لكَتْبِ الحديث عنه، فحدّثته فقال لي: (اكتب لي حديث كذا وحديث كذا). قلت: يا أبا نصر وما تصنع بالكتاب؟ قال: (اكتب أيها الرجل؛ فإن لم تكن كتبت فقد عجزت، أو قال: ضيعت). رواه أبو زرعة الدمشقي. - وقال أبو الحسن العجلي: (ثقة، حسن الحديث، يكنى أبا نصر، وكان يعدّ من أصحاب الحديث، ولم يسمع من عروة شيئاً). - وقال أبو حاتم الرازي: (يحيى بن أبى كثير إمام لا يحدّث إلا عن ثقة). - وقال الوليد بن مزيد: حدثني يزيد بن عبد الله بن صالح البيروتي قال: كان سبب طلب الأوزاعي العلم أنه ضُرب عليه بعث [يعني إلى اليمامة] فلما دخلوا مسجدها ويحيى بن أبي كثير جالسٌ في المسجد؛ فنظر إليهم؛ فقال: أما إنّه إن كان عند أحد من هؤلاء القوم خير؛ فهو عند هذا الفتى - يعني الأوزاعي -، ثم مرّ به وهو قائم يصلّي فقال لجلسائه: (ما رأيتُ مصلياً قطّ أشبهَ بعمر بن عبد العزيز بصلاته من هذا الفتى!). قال: فلقيه شيخ كان جليساً ليحيى؛ فقال: يا فتى! إنّ شيخنا لا يزال يُحْسِنُ ذكرَك! قال: (فأتاه الأوزاعيُّ كأنّه أراد أن يقضيَ ذِمَامه؛ فلما سمع العلم ونَشَقَهُ قلبُه رفضَ الديوانَ وأقبل على يحيى [يعني ابن أبي كثير]). رواه ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل. وكان يحيى من أئمة أهل السنة المعدودين له أقوال مأثورة عنه في كتب الاعتقاد المسندة، وكان شديد التحذير من المرجئة والقدرية. - قال أبو إسحاق الفزاري: قال الأوزاعي: كان يحيى بن أبي كثير وقتادة يقولان: «ليس من الأهواء شيء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء» رواه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة، وأبو نعيم في الحلية، واللالكائي. - وقال أبو إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، قال: (إذا لقيتَ صاحبَ بدعةٍ في طريق؛ فخذ في غيره). رواه أبو بكر الفريابي في القدر، والآجري في الشريعة، وابن بطة في الإبانة، وغيرهم. - وقال موسى بن إسماعيل: حدثنا خالد بن يزيد الهدادي، قال: (كنا عند يحيى بن أبي كثير، وقد بسط لنا شاذروان؛ فجاء عمرو بن عبيد فنحّى الشاذروان برجله ثم جلس). رواه ابن أبي خيثمة. - وقال أحمد بن إسحاق الحضرمي، قال: حدثنا عكرمة بن عمار، قال: سألت يحيى بن أبي كثير عن القدرية؟ قال: (الذين يقولون: إن الله لم يقدر المعاصي). رواه ابن أبي خيثمة واللالكائي. ورواه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن عكرمة بن عمار قال: سألنا يحيى بن أبي كثير عن القدرية، فقال: «هم الذين يقولون إن الله لم يقدر الشر». - وقال أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الرزاق قال معمر: (أُريدَ يحي بن أبي كثير على البيعةِ لبعض بني أمية فأبى، حتى ضُرِبَ وفُعِلَ به كما فُعِلَ بابن المسيّب). رواه ابن أبي خيثمة، ويعقوب بن سفيان. - وقال ابن حبّان: (كان يحيى بن أبي كثير من العباد إذا رأى جنازة لم يتعشّ تلك الليلة، ولا قدر أحد من أهله أن يكلمه). - وقال الأوزاعي عن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير قال: (كان أبي يدخل حزينا ويخرج حزينا). رواه أبو زرعة الدمشقي. له مقولات سائرة ووصايا جليلة جديرة بالجمع والتصنيف والنشر، وسأذكر ما انتخبتُه منها. - قال عبد الله بن يحيى بن أبي كثير: سمعت أبي يقول: «لا يستطاع العلم براحة الجسم». رواه مسلم في صحيحه. - وقال الوليد بن شجاع: حدثني الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير قال: (العلماء مثل الملح، بهم صلاحُ كلِّ شيء؛ فإذا فسد الملح لم يصلحه شيء، وينبغي أن يوطأ بالأقدام). رواه ابن أبي خيثمة، وأبو نعيم في الحلية. - وقال الوليد بن مسلم: قال الأوزاعي: سمعت يحيى بن أبي كثير يقول: (إن تذكرك حسناتك ونسيانك سيئاتك غرة). رواه ابن أبي خيثمة، وأبو نعيم في الحلية. - وقال مسدد: حدثنا عبد الله ابن أبي كثير، قال: سمعت أبي يقول: (ميراث العلم خير من ميراث الذهب، واليقين الصالح خير من اللؤلؤ). رواه أبو نعيم في الحلية. - وقال الوليد بن مسلم: حدثنا أبو عمرو الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، قال: «العالم مَن يخشى الله عزَّ وجلَّ». رواه أبو نعيم في الحلية. - وقال الوليد بن مزيد: سمعت الأوزاعيَّ يقول: سمعت يحيى بن أبي كثير، يقول: (أفضل العمل الورع، وخير العبادة التواضع). رواه البيهقي في شعب الإيمان. - وقال عيسى بن يونس: حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، قال: «ما وجدتُ عالمين إلا كان أكثرهما توسعاً أكثرهما علماً». رواه أبو زرعة الدمشقي، وأبو نعيم في الحلية ووقع في روايته "فقهاً" بدل قوله: "علماً" - وقال الهيثم بن عبد الله: حدثنا عامر بن يساف، عن يحيى بن أبي كثير، قال: (تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل). رواه أبو نعيم في الحلية. - وقال الوليد بن مسلم: قال الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، قال: «ما صلح منطق رجل إلا عرفت ذلك في سائر عمله، ولا فسد منطقه إلا عرفت ذلك في سائر عمله». رواه ابن حبان في روضة العقلاء، وأبو نعيم في الحلية. - وقال عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير قال: (يفسد النمام في ساعة ما لا يفسد الساحر في شهر). رواه أبو نعيم في الحلية. - وقال الوليد بن مسلم، عن أبي عمرو الأوزاعي، قال: كان يحيى بن أبي كثير يدعو حضرة شهر رمضان: (اللهم سلمني لرمضان وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً). رواه أبو نعيم في الحلية. - وقال الوليد بن مسلم: حدثنا أبو عمرو الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير في قوله تعالى {في روضة يحبرون} قال: (هو السماع فإذا أخذ أهل الجنة في السماع لم يبق في الجنة شجرة إلا ورّدت) رواه أبو نعيم في الحلية، ورواه ابن أبي شيبة مختصراً من طريق عيسى بن يونس عن الأوزاعي. ورواه الترمذي في سننه من طريق روح بن عبادة عن الأوزاعي به. قال أبو عيسى الترمذي: (ومعنى السماع مثل ما ورد في الحديث أن الحور العين يرفعن بأصواتهن). - وقال الوليد بن مسلم، عن أبي عمرو الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير قال: (ثلاث لا تكون في بيت إلا نزعت منه البركة: السَّرَفُ، والزنا، والخيانة). رواه أبو نعيم في الحلية. - وقال أبو المغيرة: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: (قال سليمان لابنه: لا تكثر الغيرة على أهلك، ولم تر منها سوءا فترمى بالشر من أجلك، وإن كانت منه بريئة). رواه أبو نعيم في الحلية. - وقال الوليد بن مسلم: (حدثنا أبو عمرو، عن يحيى بن أبي كثير أن سليمان، قال لابنه: يا بني لا تعجب ممن هلك كيف هلك، ولكن اعجب ممن نجا كيف نجا، يا بني لا غنى أفضل من صحة جسم، ولا نعيم أفضل من قرة عين). رواه أبو نعيم في الحلية. اختلف في سنة وفاته: - فقال أبو نعيم الفضل بن دكين، وأحمد بن حنبل، وأبو حفص الفلاس، وأبو زرعة الدمشقي: مات سنة تسع وعشرين ومائة. - وقال دحيم: سنة 130هـ أو نحوها. - وقال علي ابن المديني: سنة 132هـ. |
الساعة الآن 02:22 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة