تفسير سورة القصص [ من الآية (43) إلى الآية (46) ]
{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)} |
جمهرة تفاسير السلف
تفسير السلف تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) ) قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدًى ورحمةً لعلّهم يتذكّرون}. يقول تعالى ذكره: ولقد آتينا موسى التّوراة من بعد ما أهلكنا الأمم الّتي كانت قبله، كقوم نوحٍ وعادٍ وثمود وقوم لوطٍ وأصحاب مدين. {بصائر للنّاس} يقول: ضياءً لبني إسرائيل فيما بهم إليه الحاجة من أمر دينهم. {وهدى} يقول: وبيانًا لهم ورحمةً لمن عمل به منهم {لعلّهم يتذكّرون} يقول: ليتذكّروا نعم اللّه بذلك عليهم، فيشكروه عليها ولا يكفروا. وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى} قال أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّدٌ، وعبد الوهّاب، قالا: حدّثنا عوفٌ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: ما أهلك اللّه قومًا بعذابٍ من السّماء ولا من الأرض بعد ما أنزلت التّوراة على وجه الأرض غير القرية الّتي مسخوا قردةً، ألم تر أنّ اللّه يقول: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدًى ورحمةً لعلّهم يتذكّرون} ). [جامع البيان: 18/258-259] قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدًى ورحمةً لعلّهم يتذكّرون (43) قوله تعالى: ولقد آتينا موسى تقدم تفسير آتينا أعطينا. قوله تعالى: الكتاب - حدّثنا أبي، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أوتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سبعًا من المثاني وأوتي موسى ستًّا من المثاني. - حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا هوذة بن خليفة، ثنا عوفٌ، عن أبى نضرة، عن أبى سعيدٍ الخدريّ قال: ما أهلك اللّه أمّةً من الأمم ولا قرنًا من القرون، ولا قريةً من القرى لا من السّماء ولا من الأرض، منذ أنزل التّوراة على وجه الأرض غير القرية الّتي مسخهم اللّه قردةً، ألم تر أنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدًى ورحمة الآية. قوله تعالى: بصائر للنّاس - حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: بصائر أي بيّنةً. - حدّثنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: بصائر للنّاس قال: البصائر: الهدى ما في قلوبهم لدينهم وليست ببصائر الرّؤوس وقرأ: فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور وقال: هذا الدّين بصره وسمعه في هذا القلب. قوله تعالى: هدى ورحمة لعلهم يتذكرون تقدم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 9/2981] قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن كاملٍ القاضي ببغداد، ثنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ، ثنا روح بن عبادة، ثنا عوفٌ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: " ما أهلك اللّه قومًا، ولا قرنًا، ولا أمّةً، ولا أهل قريةٍ منذ أنزل التّوراة على وجه الأرض بعذابٍ من السّماء غير أهل القرية الّتي مسخت قردةً ألم تر إلى قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدًى ورحمةً لعلّهم يتذكّرون} [القصص: 43] «صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/442] قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون} [القصص: 43]. - عن أبي سعيدٍ رفعه إلى «النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: " ما أهلك اللّه - تبارك وتعالى - قومًا بعذابٍ من السّماء ولا من الأرض إلّا بعد موسى "، ثمّ قرأ: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى} [القصص: 43]». رواه البزّار موقوفًا ومرفوعًا ولفظه " «ما أهلك اللّه قومًا قطّ بعذابٍ من السّماء ولا من الأرض إلّا بعد ما أنزلت التّوراة» " يعني ما مسخت قريةٌ. ورجالهما رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/88] قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا عمرو بن عليٍّ، ثنا يحيى بن سعيدٍ، ثنا عوفٌ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ، قال: «ما أهلك اللّه قومًا قطّ بعذابٍ من السّماء ولا من الأرض، إلا بعدما أنزلت التّوراة» - يعني: ما مسخت قريةٌ -. قال البزّار: هكذا رواه يحيى موقوفًا، ورفعه عبد الأعلى). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/64] قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا نصر بن عليٍّ، أبنا عبد الأعلى، ثنا عوفٌ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ رفعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: «ما أهلك اللّه تبارك وتعالى قومًا بعذابٍ من السّماء ولا من الأرض، إلا بعد موسى»، ثمّ قرأ: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى} [القصص: 43]. قال البزّار: إن شاء اللّه - يعني: بمثل الحديث الأوّل). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/64-65] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولقد أتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون. أخرج البزار، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أهلك الله قوما ولا قرنا ولا أمة ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل التوراة على وجه الأرض غير القرية التي مسخت قردة، ألم تر إلى قوله {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى} وأخرجه البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي سعيد موقوفا). [الدر المنثور: 11/471] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بصائر للناس} قال: بينة). [الدر المنثور: 11/471] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: البصائر الهدى، بصائر ما في قلوبهم لذنوبهم). [الدر المنثور: 11/471] تفسير قوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) ) قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله بجانب الغربي قال يعني جبلا غربيا كان). [تفسير عبد الرزاق: 2/91] قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كنت بجانب الغربيّ إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشّاهدين}. يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وما كنت} يا محمّد {بجانب} غربيّ الجبل، {إذ قضينا إلى موسى الأمر} يقول: إذ فرغنا إلى موسى الأمر فيما ألزمناه وقومه، وعهدنا إليه من عهدٍ، {وما كنت من الشّاهدين} يقول: وما كنت لذلك من الشّاهدين. وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما كنت} يا محمّد {بجانب الغربيّ} يقول: بجانب غربيّ الجبل {إذ قضينا إلى موسى الأمر}. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: غربيّ الجبل. - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا الضّحّاك بن مخلدٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن عليّ بن مدركٍ، عن أبي زرعة بن عمرٍو، قال: إنّكم أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم قد أجبتم قبل أن تسألوا، وقرأ: {وما كنت بجانب الغربيّ إذ قضينا إلى موسى الأمر} ). [جامع البيان: 18/259-260] قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما كنت بجانب الغربيّ إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشّاهدين (44) قوله تعالى: وما كنت بجانب الغربيّ - حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: وما كنت بجانبٍ الغربيّ يقول: ما كنت بجانب غربيّ البلد إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشّاهدين - أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن قتادة قوله: بجانب الغربيّ قال: يعني جبلا قريبًا كان). [تفسير القرآن العظيم: 9/2982] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين * ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين. أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما كنت بجانب الغربي} قال: جانب غربي الجبل). [الدر المنثور: 11/471] تفسير قوله تعالى: (وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) ) قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولكنّا أنشأنا قرونًا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويًا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنّا كنّا مرسلين}. يعني تعالى ذكره بقوله: {ولكنّا أنشأنا قرونًا} ولكنّا خلقنا أممًا فأحدثناها من بعد ذلك {فتطاول عليهم العمر}. وقوله: {وما كنت ثاويًا في أهل مدين} يقول: وما كنت مقيمًا في أهل مدين، يقال: ثويت بالمكان أثوي به ثواءً، قال أعشى ثعلبة: أثوى وقصّر ليله ليزوّدا = فمضى وأخلف من قتيلة موعدا وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وما كنت ثاويًا في أهل مدين} قال: الثّاوي: المقيم. {تتلو عليهم آياتنا} يقول: تقرأ عليهم كتابنا، {ولكنّا كنّا مرسلين} يقول: لم تشهد شيئًا من ذلك يا محمّد، ولكنّا كنّا نحن نفعل ذلك ونرسل الرّسل). [جامع البيان: 18/260-261] قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ولكنّا أنشأنا - حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ أنشأنا خلقنا. قوله تعالى: قرونًا فتطاول عليهم العمر [الوجه الأول] - حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصيّ، ثنا سلامة بن جوّاسٍ، ثنا محمّد بن القاسم الطّائيّ أنّ عبد اللّه بسرٍ قال: قلت: يا رسول اللّه، كم القرن؟ قال: مائة سنةٍ. الوجه الثّاني: - حدّثنا أبي، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا حمّاد بن سلمة، عن أبي محمّدٍ، عن زرارة بن أوفى قال: القرن: عشرون ومائة سنةٍ. - حدّثنا أبي، ثنا أبو الجماهر محمّد بن عثمان، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة قال: القرن سبعون سنةً. - حدّثنا أبي ثنا أبو بشرٍ إسماعيل بن مسلمة بن قعنبٍ، ثنا أبو عبيدة النّاجيّ، عن الحسن، قال: القرن: ستّون سنةً. - حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا حفصٌ، عن الحجّاج، عن الحكم، عن إبراهيم قال: القرن أربعون سنةً. - حدّثنا أبي ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا محمّد بن عقبة الرفاعي، ثنا مالك ابن دينارٍ قال: سألت الحسن، عن القرن، فقال: عشرون سنة. قوله تعالى: وما كنت ثاويًا في أهل مدين - أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: وما كنت ثاويًا قال: الثّاوي: المقيم. قوله تعالى: تتلوا عليهم آياتنا - حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: آياتنا يعني: القرآن. قوله تعالى: ولكنّا كنّا مرسلين - حدّثنا محمّد بن عوفيٍّ الحمصيّ، ثنا أبو المغيرة، ثنا معان بن رفاعة، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قلت: يا رسول اللّه، كم الأنبياء؟ قال: مائة ألفٍ وأربعةٌ وعشرون ألفًا، الرّسل من ذلك ثلاثمائةٍ وخمسة عشر جمًّا غفيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 9/2982-2983] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وما كنت ثاويا} قال: الثاوي المقيم). [الدر المنثور: 11/471] تفسير قوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) ) قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن الأعمش عن أبي مدرك عن أبي زرعة بن عمرو ابن جرير رفع الحديث في قوله تعالى وما كنت بجانب الطور إذ نادينا قال نودوا يا أمة محمد أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني قال فذلك قوله وما كنت بجانب الطور إذ نادينا). [تفسير عبد الرزاق: 2/91] قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا} قال: يا محمّد قد أعطيتكم قبل أن تدعوني وأجبتكم من قبل أن تسألوني [الآية: 46]). [تفسير الثوري: 233] قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا عليّ بن حجرٍ، أخبرنا عيسى وهو ابن يونس، عن حمزة الزّيّات، عن الأعمش، عن عليّ بن مدركٍ، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا} [القصص: 46]، قال: " نودي: أن يا أمّة محمّدٍ، أعطيتكم قبل أن تسألوني، وأجبتكم قبل أن تدعوني "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/209] قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا ولكن رحمةً من ربّك لتنذر قومًا ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك لعلّهم يتذكّرون}. يقول تعالى ذكره: وما كنت يا محمّد بجانب الجبل إذ نادينا موسى بأن {سأكتبها للّذين يتّقون ويؤتون الزّكاة والّذين هم بآياتنا يؤمنون. الّذين يتّبعون الرّسول النّبيّ الأمّيّ} الآية. - كما حدّثنا عيسى بن عثمان بن عيسى الرّمليّ، قال: حدّثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن عليّ بن مدركٍ، عن أبي زرعة، في قول اللّه: {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا} قال: نادى يا أمّة محمّدٍ، أعطيتكم قبل أن تسألوني، وأجبتكم قبل أن تدعوني. - حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا} قال: نودوا: يا أمّة محمّدٍ، أعطيتكم قبل أن تسألوني، واستجبت لكم قبل أن تدعوني. - حدّثني ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حرملة بن قيسٍ النّخعيّ، قال: سمعت هذا الحديث من أبي زرعة بن عمرو بن جريرٍ، عن أبي هريرة، {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا} قال: نودوا يا أمّة محمّدٍ، أعطيتكم قبل أن تسألوني، واستجبت لكم قبل أن تدعوني. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا معتمرٌ، عن سليمان، وسفيان، عن سليمان، وحجّاجٌ، عن حمزة الزّيّات، عن الأعمش، عن عليّ بن مدركٍ، عن أبي زرعة بن عمرٍو، عن أبي هريرة، في قوله: {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا} قال: نودوا يا أمّة محمّدٍ، أعطيتكم قبل أن تسألوني، واستجبت لكم قبل أن تدعوني، قال: وهو قوله حين قال موسى {واكتب لنا في هذه الدّنيا حسنةً وفي الآخرة}. الآية. - قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، مثل ذلك. وقوله: {ولكن رحمةً من ربّك} يقول تعالى ذكره: لم تشهد شيئًا من ذلك يا محمّد فتعلمه، ولكنّا عرّفناكه، وأنزلنا إليك، فاقتصصنا ذلك كلّه عليك في كتابنا، وابتعثناك بما أنزلنا إليك من ذلك رسولاً إلى من ابتعثناك إليه من الخلق رحمةً منّا لك ولهم. - كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولكن رحمةً من ربّك} ما قصصنا عليك {لتنذر قومًا} الآية. - حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {ولكن رحمةً من ربّك} قال: كان رحمةً من ربّك النّبوّة. وقوله: {لتنذر قومًا ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك} يقول تعالى ذكره: ولكن أرسلناك بهذا الكتاب وهذا الدّين لتنذر قومًا لم يأتهم من قبلك نذيرٌ، وهم العرب الّذين بعث إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، بعثه اللّه إليهم رحمةً لينذرهم بأسه على عبادتهم الأصنام، وإشراكهم به الأوثان والأنداد. وقوله: {لعلّهم يتذكّرون} يقول: ليتذكّروا خطأ ما هم عليه مقيمون من كفرهم بربّهم، فينيبوا إلى الإقرار للّه بالوحدانيّة، وإفراده بالعبادة دون كلّ ما سواه من الآلهة. وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل. ذكر من قال ذلك: - حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، {ولكن رحمةً من ربّك} قال: الّذي أنزلنا عليك من القرآن {لتنذر قومًا ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك} ). [جامع البيان: 18/261-264] قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا ولكن رحمةً من ربّك لتنذر قومًا ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك لعلّهم يتذكّرون (46) قوله تعالى: وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا - حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو يحيى الرّازيّ، عن صالح بن سعيدٍ، عن مقاتل بن حيّان وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا قال: ما كنت يا محمّد، بجانب الطّور. قوله تعالى: إذ نادينا [الوجه الأول] - حدّثنا جعفر بن النّضر أبو الفضل الواسطيّ، ثنا أبو قطنٍ، عن حمزة الزّيّات، عن الأعمش، عن عليّ بن مدركٍ، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة في قوله: وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا قال: نودي يا أمّة محمّدٍ، استجبت لكم قبل أن تدعوني، وأعطيتكم قبل أن تسألوني. الوجه الثّاني: - حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو يحيى الرّازيّ، عن صالح بن سعيدٍ، عن مقاتل بن حيّان وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا أمّتك وهم في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت. الوجه الثّالث: - حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا أي إذ نادينا موسى صلّى اللّه عليه وسلّم وفي قوله: ولكن رحمةً من ربّك أي ما قصصنا عليك لتنذر قومًا ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك لعلّهم يتذكّرون). [تفسير القرآن العظيم: 9/2983-2984] قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو الوليد الفقيه، ثنا الحسن بن سفيان الشّيبانيّ، ثنا عقبة بن مكرمٍ الضّبّيّ، ثنا أبو قطنٍ عمرو بن الهيثم بن قطن بن كعبٍ، ثنا حمزة الزّيّات، عن سليمان الأعمش، عن عليّ بن مدركٍ، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا} [القصص: 46] قال: «نودوا يا أمّة محمّدٍ استجبت لكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/443] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون. أخرج الفريابي والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} قال: نودوا يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني واستجبت لكم قبل أن تدعوني، وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا). [الدر المنثور: 11/472] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ان رب العزة نادى يا أمة محمد ان رحمتي سبقت غضبي ثم أنزلت هذه الآية في سورة موسى وفرعون {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} ). [الدر المنثور: 11/472] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل وأيو نصر السجزي في الابانة والديلمي عن عمرو بن عبسة قال: سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك} ما كان النداء وما كانت الرحمة قال كتاب كتبه الله قبل أن يخلق خلقه بالفي عام ثم وضعه على عرشه ثم نادى: يا أمة محمد سبقت رحمتي غضبي أعيتكم قبل أن تسألوني وغفرت لكم قبل أن تستغفروني فمن لقيني منكم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبدي ورسولي صادقا أدخلته الجنة. وأخرج الحلي في الديباج عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعا، مثله). [الدر المنثور: 11/472-473] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته قبل أن يسألني، وذلك في قوله {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} قال: نودوا يا أمة محمد ما دعوتمونا إلا استجبنا لكم ولا سألتمونا إلا أعطيناكم). [الدر المنثور: 11/473] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لما قرب الله موسى إلى طور سينا نجينا قال: أي رب هل أحد أكرم عليك مني قربتني نجيا وكلمتني تكليما قال: نعم، محمد أكرم علي منك، قال: فان كان محمد أكرم عليك مني فهل أمة محمد أكرم من بني اسرائيل فلقت لهم البحر وأنجيتهم من فرعون وعمله وأطعمتهم المن والسلوى، قال: نعم، أمة محمد أكرم علي من بني اسرائيل، قال: الهي أرنيهم قال: انك لن تراهم وان شئت أسمعتك صوتهم، قال: نعم، الهي فنادى ربنا: أمة محمد أجيبوا ربكم فاجابوا وهم في أصلاب آبائهم وأرحام امهاتهم إلى يوم القيامة، فقالوا: لبيك، أنت ربنا حقا ونحن عبيدك حقا قال: صدقتم وأنا ربكم وأنتم عبيدي حقا قد غفرت لكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني فمن لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله دخل الجنة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم أراد أن يمن عليه بما أعطاه وبما أعطى امته فقال: يا محمد {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} ). [الدر المنثور: 11/473-474] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو نصر السجزي في الابانة عن مقاتل {وما كنت بجانب الطور} يقول: وما كنت أنت يا محمد بجانب الطور اذ نادينا أمتك وهم في أصلاب آبائهم ان يؤمنوا بك اذا بعثت). [الدر المنثور: 11/474] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} قال: اذ نادينا موسى {ولكن رحمة من ربك} أي مما قصصنا عليك). [الدر المنثور: 11/474-475] |
التفسير اللغوي تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) } قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد آتينا موسى الكتاب} [القصص: 43] التّوراة. {من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدًى ورحمةً لعلّهم يتذكّرون} [القصص: 43]، يعني: يتفكّروا فكانت التّوراة أوّل كتابٍ نزل فيه الفرائض والحدود والأحكام. وقوله: {من بعد ما أهلكنا القرون الأولى} [القصص: 43] قرنًا من بعد قرنٍ كقوله على مقرإ هذا الحرف: {وكذلك أخذ ربّك إذا أخذ القرى وهي ظالمةٌ} [هود: 102] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/595] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدى ورحمة لعلّهم يتذكّرون} فكان خاتمة إهلاك القرون بالعذاب في الدّنيا : أن جعل المكذبين بموسى الذين عدوا في السبت قردة خاسئين عند تكذيبهم بموسى عليه السلام. وقوله: {بصائر للنّاس} أي : مبينا للناس، المعنى: ولقد آتينا موسى الكتاب بصائر للناس , أي : هذه حال إيتائنا إياه الكتاب مبيناً، نبينه للناس. {وهدى ورحمة) عطف على {بصائر}، ولو قرئت بالرفع على معنى : فهو هدى ورحمة , جاز والنصب أجود, ولا أعلم أحدا قرأ بالرفع , فلا تقرأنّ بها). [معاني القرآن: 4/146] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر} أي: بيانا). [معاني القرآن: 5/181] تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44)} قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما كنت} [القصص: 44] يا محمّد. {بجانب الغربيّ} [القصص: 44] غربيّ الجبل. {إذ قضينا إلى موسى الأمر} [القصص: 44] الرّسالة. وقال السّدّيّ: يعني: عهدنا إلى موسى، فأوصيناه إلى فرعون وقومه. {وما كنت من الشّاهدين} [القصص: 44]، أي: لم تكن شاهدًا يومئذٍ لذلك. وقال السّدّيّ: يعني: {من الشّاهدين} [القصص: 44]، يعني: من الحاضرين). [تفسير القرآن العظيم: 2/595] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({بجانب الغربيّ}: وهو حيث تغرب الشمس , والنجوم , والقمر.). [مجاز القرآن: 2/106] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما كنت بجانب الغربيّ إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشّاهدين} أي : وما كنت بجانب الجبل الغربي.). [معاني القرآن: 4/146] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر} قال قتادة : هو جبل). [معاني القرآن: 5/181] تفسير قوله تعالى: {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45)} قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولكنّا أنشأنا} [القصص: 45] خلقنا. {قرونًا فتطاول عليهم العمر} [القصص: 45] كان بين عيسى ومحمّدٍ عليهما السّلام خمس مائة سنةٍ. قال: وقال قتادة: ستّ مائة سنةٍ. قال: {وما كنت ثاويًا} [القصص: 45] ساكنًا. {في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا} [القصص: 45] وقال السّدّيّ: لم تكن يا محمّد مقيمًا بمدين، فتعلم كيف كان أمرهم، فتخبر أهل مكّة بشأنهم وأمرهم. قال: {ولكنّا كنّا مرسلين} [القصص: 45] كقوله: {أمرًا من عندنا إنّا كنّا مرسلين} [الدخان: 5] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/596] قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولكنّا أنشأنا قروناً }: أي: خلقنا قروناً، أي : أمماً. { العمر }, العمر واحد , وهما لغتان , وهما مثل :و الضعف والضعف , والمكث والمكث. {ثاوياً في أهل مدين }:أي : مقيماً، قال الأعشى: أثوى وقصّر ليلة ليزوّدا= فمضت وأخلف من قتيلة موعدا
ويروى أثوى الثوى الصيف، قال العجاج: فبات حتى يدخل الثّوى= مجرمزاً وليله قسيّ).
[مجاز القرآن: 2/107]قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ثاويا}: مقيما). [غريب القرآن وتفسيره: 292] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما كنت ثاوياً في أهل مدين} :أي :مقيماً, يقال: ثوبت بالمكان، إذا أقمت به, ومنه قيل للضيف: الثّويّ). [تفسير غريب القرآن: 333] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولكنّا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنّا كنّا مرسلين} أي: ما كنت مقيما ًفي أهل مدين.). [معاني القرآن: 4/146-147] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله: {وما كنت ثاويا} أي: مقيما}). [معاني القرآن: 5/181] قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({ثاويًا} أي: مقيماً.). [ياقوتة الصراط: 400] قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ثَاوِيًا} أي: مقيماً.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182] قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {ثَاوِيًا}: مقيماً.). [العمدة في غريب القرآن: 234] تفسير قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)} قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما كنت بجانب الطّور} [القصص: 46] الجبل. {إذ نادينا} [القصص: 46] أبو عبد اللّه الشّاميّ قال: وأخبرنيه محرزٌ، عن الأعمش، عن أبي زرعة بن عمرو بن جريرٍ البجليّ قال: نودي: يا أمّة محمّدٍ، أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني. قال: {ولكن رحمةً من ربّك لتنذر قومًا} [القصص: 46]، يعني: قريشا، تفسير السّدّيّ. {ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك لعلّهم يتذكّرون} [القصص: 46]، أي: لكي يتذكّروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/596] قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا ولكن رّحمةً مّن رّبّك لتنذر قوماً مّا أتاهم مّن نّذيرٍ مّن قبلك لعلّهم يتذكّرون} وقال: {ولكن رّحمةً مّن رّبّك}, فنصب {رحمةً} على: "ولكن رحمك ربّك رحمةً".). [معاني القرآن: 3/23-24] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا ولكن رحمة من ربّك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلّهم يتذكّرون}يعني : نادينا موسى. {ولكن رحمة من ربّك}المعنى : إنك لم تشاهد قصص الأنبياء، ولا تليت عليك، ولكن أوحيناها إليك، وقصصناها عليك، رحمةً من ربّك لتنذر قوما، أي : لتعرفهم قصص من أهلك بالعذاب، ومن فاز بالثواب. ولو قرئت {ولكن رحمة}: لكان جائزا على معنى : ولكن فعل ذلك رحمة من ربك، والنصب على معنى : فعلنا ذلك للرحمة، كما تقول: فعلت ذلك ابتغاء الخير، أي : فعلته لابتغاء الخير، فهو مفعول له.). [معاني القرآن: 4/147] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} روى عبد الرزاق , عن الثوري , عن الأعمش , عن علي بن مدرك , عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير رفع الحديث في قوله جل وعز: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} . قال : نودوا: يا أمة محمد , أجبتكم قبل أن تدعوني , وأعطيتكم قبل أن تسألوني , فذلك قوله: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} . وقوله جل وعز: {ولكن رحمة من ربك} أي : لم تشهد قصص الأنبياء , ولا تليت عليك , ولكنا بعثناك , وأوحيناها إليك للرحمة لتنذر قوماً، فتعرفهم هلاك من هلك، وفوز من فاز، لعلهم يتذكرون). [معاني القرآن: 5/182] |
التفسير اللغوي المجموع [ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس] تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) } تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) } تفسير قوله تعالى: {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) } قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والثواء الإقامة من ثويت). [المقصور والممدود: 86] قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وثويت عنده وأثويت من الإقامة). [الغريب المصنف: 2/568] قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عمر رضي الله عنه أنه قال: فرقوا عن المنية واجعلوا الرأس رأسين ولا تلثوا بدار معجزة وأصلحوا مثاويكم وأخيفوا الهوام قبل أن تخيفكم، وقال: اخشوشنوا واخشوشبوا وتمعددوا. ... وقوله: «ولا تلثوا بدار معجزة»، فالإلثاث: الإقامة، يقول: لا تقيموا ببلد قد أعجزكم فيه الرزق، ولكن اضطربوا في البلاد، وهذا شبيه بحديثه الآخر: «إذا اتجر أحدكم في شيء ثلاث مرات فلم يرزق منه فليدعه». وقد يفسر هذا تفسيرا آخر، يقال: إنه أراد الإقامة بالثغور مع العيال. يقول: فليس بموضع ذرية، فهذا هو الإلثاث بدار معجزة. وقوله: وأصلحوا مثاويكم، المثاوي: المنازل، يقال: ثويت بالمكان: إذا نزلت به وأقمت، ولهذا قيل لكل نازل: ثاو. وهذا معنى قراءة عبد الله: (لنثوينهم من الجنة غرفا) أي: لننزلنهم. قال: وهكذا كان يقرأ الكسائي). [غريب الحديث: 4/223-225] قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عمر رضي الله عنه أنه كتب إليه في رجل قيل له: متى عهدك بالنساء؟ فقال: البارحة، قيل: من؟ قال: أم مثواي، فقيل له: قد هلكت، قال: ما علمت أن الله حرم الزنا. فكتب عمر أن يستحلف: ما علم أن الله حرم الزنا ثم يخلى سبيله. قال: حدثناه مروان بن معاوية الفزاري ويزيد عن حميد بن بكر بن عبد الله عن عمر. قوله: «أم مثواي» يعني: ربة منزله، والعرب تقول للرجل الذي هم نزول عليه: هذا أبو منزلنا وأبو مثوانا، وللمرأة: هذه أم منزلنا وأم مثوانا، والثواء: هو النزول بالمكان، يقال: ثويت بالمكان وأثويت لغتان). [غريب الحديث: 4/259-260] قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : ( فإن تمس في رمس برهوة ثاويا = أنيسك أصداء القبور تصيح
...(ثاويا) مقيما، ليس لك أنيس إلا الهام التي في القبور. و(المثوى) المقام، الموضع الذي يثوي فيه. و(الثواء) الإقامة). [شرح أشعار الهذليين: 1/150] قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : ( من كان يعنيه مقاذعة امرئ = ثاو بمعركة فما يعنيني
ثاو: مقيم). [شرح أشعار الهذليين: 1/419]قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وقالت ألا تثوي فتقضي لبانة = أبا حسن فينا وتأتي مواعدي
ويروى فتبلو مواعدي، الثواء: الإقامة يقال ثوى وأثوى بمعنى واحد، واللبانة الحاجة لا يتكلم منها بفعل، ويروى فتقضى لبانة، واللبان الصدر واللبان الكندر، قال أحمد يقال ثوى ولا يقال أثوى، ويروى: أبا حسن منا وتبلو موعدي، وسكن الياء من قوله فتقضي لأنه لم يرد الجواب ولكنه جعله نسقًا كأنه قال ألا تثوي ألا تقضي). [شرح المفضليات: 129]قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وبقية النؤي الذي رفعت = أعضاده فثوى له جذم
النؤي: الحاجز الذي يرفع حول البيت لئلا يدخله الماء، ويقال النؤي: الحفيرة تحفر حول الخيمة لترد الماء عنها، وجمعه أنآء ونؤي، وأعضاد النؤي جوانبه، وثوى: أقام يقال ثوى يثوي وأثوى يثوي). [شرح المفضليات: 209-210]قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( سئم الإقامة بعد طول ثوائه = وقضى لبانته فليس بناظر
ويروى ثواية، والسآمة: الإعياء والملل، أي: مل إقامته، والثواء الإقامة يقال ثوى بالمكان وأثوى، واللبانة الحاجة، والناظر: المنتظر، يقال نظرت الرجل إذا انتظرته وقال أحمد ثوى الرجل ولا يقال أثوى، واحتج من حكى أثوى ببيت الأعشى: أثوى وقصر ليله ليزودا، واحتج به أحمد ورواه للاستفهام). [شرح المفضليات: 255]قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ثوت في سباء الدن عشرين حجةً = يطان عليها قرمد وتروح
ثوت: أقامت يقال ثوى وأثوى بمعنى واحد). [شرح المفضليات: 495]قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( طال الثواء فقربا لي بازلا = وجناء تقطع بالردافى السبسبا
قال الضبي السبسب والبسبس القفر لا نبت فيها وقال أحمد بن عبيي الثواء الإقامة يقال ثوى يثوي ثواء: قال الله عز وجل: {والنار مثوى لهم} قال: ولم أستمع أثوى: وأنشدني بيت الأعشى بالاستفهام: أثوى وقصر ليله ليزودا = فمضى وأخلف من قتيلة موعدا
وأنشدني أحمد لأوس بن حجر: والله لولا قرزل إذ نجا = لكان مثوى خدك الأحزما
قرزل: فرس الطفيل بن مالك: يقول لولا أنه نجا بك لقتلت حتى يقع خدك على الأحزم وهو ما غلظ من الأرض وقال يعقوب: يقال ثوى وأثوى وأنشد بيت الأعشى على الخبر: أثوى وقصر ليله ليزودا، قال أحمي لم نسمع أحدا قرأ: (والنار مُثوى لهم): ولا سمعنا (مُثوى) (في بيت أوس) وهما شاهدان لأثوى: وقال الله تعالى: {وما كنت ثاويا}). [شرح المفضليات: 604] (م) قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وثوى: أقام يثوي ثواءً فهو ثاوٍ وأنكر أحمد أثوى يثوي واحتج بقول الله تعالى: {وما كنت ثاويًا في أهل مدين} وبقوله جل وعلا: {فالنار مثوىً لهم}. قال يعقوب بن السكيت: يقال ثوى وأثوى وأنشد بيت الأعشى: أثوى وقصر ليله ليزودا = فمضى وأخلف من قتيلة موعدا
أنشده بسكون الثاء على الخبر، وأنشده أحمد بن عبيد عن أبي عمرو وغيره: أثوى بفتح الثاء على الاستفهام). [شرح المفضليات: 730-731]تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) } |
تفاسير القرن الرابع الهجري ... |
تفاسير القرن الخامس الهجري ... |
تفاسير القرن السادس الهجري تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) } قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {من بعد ما أهلكنا القرون الأولى} إخبار عن أنه أنزل التوراة على موسى بعد إهلاك فرعون وقومه، وبعد هذه الأمم التي تقدم ذكرها من عاد وثمود وقرية قوم لوط وغيرها، والقصد بهذا الإخبار التمثيل لقريش بما تقدم في غيرها من الأمم، وقالت فرقة: الآية متضمنة أن إنزال التوراة على موسى هو بعد أن رفع الله تعالى عذاب الأمم، فلم يعذب أمة بعد نزول التوراة، إلا القرية التي مسخت قردة فيما روي. وقوله: "بصائر" نصب على الحال، أي: طرائق هادية وقوله تعالى: {لعلهم يتذكرون} أي: على ترج، وما تعطيه تأميل من تأميل، وروي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: ما أهلك الله تعالى أمة بعذاب بعد أن أنزل التوراة إلى الأرض غير القرية التي مسخت قردة، أي: الذين تعدوا في السبت، وهذا التعذيب من سبب شرع موسى، فكأنه لا ينقص فضيلة التوراة برفع العذاب عن الأرض). [المحرر الوجيز: 6/ 594-595] تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) } قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون} المعنى: لم تحضر يا محمد هذه الغيوب التي نخبر بها، ولكنها صارت إليك بوحينا، أي: فكان الواجب أن يسارع إلى الإيمان بك، ولكن تطاول الأمر على القرون التي أنشأناها زمنا زمنا، فعزبت حلومهم، واستحكمت جهالتهم وضلالتهم. و "قضينا" معناه: أنفذنا وصرفنا، و"الأمر" يعني التوراة. وقالت فرقة: يعني به ما أعلمه الله تبارك وتعالى من أمر محمد صلى الله عليه وسلم. قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا تأويل حسن يلتئم معه ما بعده من قوله: {ولكنا أنشأنا قرونا}. و "الثاوي": المقيم). [المحرر الوجيز: 6/ 595] تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) } قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {وما كنت بجانب الطور} يريد: وقت إنزال التوراة إلى موسى، وقوله تعالى: {إذ نادينا}، روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه نودي يومئذ من السماء: "يا أمة محمد، استجبت لكم قبل أن تدعوني، وغفرت لكم قبل أن تسألوني، فحينئذ يسأل موسى عليه السلام أن يكون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فالمعنى: إذ نادينا بأمرك، وأخبرناك بنبوتك. وقوله: "رحمة" نصب على المصدر، أو على المفعول من أجله، وقوله: "ولكن" جعلناك وأنفذنا أمرك قديما رحمة من ربك، أي: ويكون المعنى: ولكن أعلمناك رحمة منا لك وإفضالا، وقرأ الناس: "رحمة" بالنصب، وقرأ عيسى: "رحمة" بالرفع. ويريد بالقوم "الذين لم يأتهم نذير" معاصريه من العرب، وباقي الآية بين، وقال الطبري: "معنى قوله: {إذ نادينا} بأن الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا الآية). [المحرر الوجيز: 6/ 595-596] |
تفاسير القرن السابع الهجري ... |
تفاسير القرن الثامن الهجري تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) } قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للنّاس وهدًى ورحمةً لعلّهم يتذكّرون (43)}. يخبر تعالى عمّا أنعم به على عبده ورسوله موسى الكليم، عليه من ربّه الصّلاة والتّسليم، من إنزال التّوراة عليه بعدما أهلك فرعون وملأه. وقوله: {من بعد ما أهلكنا القرون الأولى} يعني: أنّه بعد إنزال التّوراة لم يعذّب أمّةً بعامّةٍ، بل أمر المؤمنين أن يقاتلوا أعداء اللّه من المشركين، كما قال: {وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة * فعصوا رسول ربّهم فأخذهم أخذةً رابيةً} [الحاقّة: 9، 10]. وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا محمّدٌ وعبد الوهّاب قالا حدّثنا عوف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ الخدري قال: ما أهلك اللّه قومًا بعذابٍ من السّماء ولا من الأرض بعدما أنزلت التّوراة على وجه الأرض، غير القرية الّتي مسخوا قردةً، ألم تر أنّ اللّه يقول: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى}. ورواه ابن أبي حاتمٍ، من حديث عوف بن أبي جميلة الأعرابيّ، بنحوه. وهكذا رواه أبو بكرٍ البزّار في مسنده، عن عمرو بن عليٍّ الفلّاس، عن يحيى القطّان، عن عوفٍ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ موقوفًا. ثمّ رواه عن نصر بن عليٍّ، عن عبد الأعلى، عن عوف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد -رفعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم -قال:"ما أهلك اللّه قومًا بعذابٍ من السّماء ولا من الأرض إلّا قبل موسى"، ثمّ قرأ: {ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى}. وقوله: {بصائر للنّاس} أي: من العمى والغيّ، {وهدًى} إلى الحقّ، {ورحمةً} أي: إرشادًا إلى الأعمال الصّالحة، {لعلّهم يتذكّرون} أي: لعلّ النّاس يتذكّرون به، ويهتدون بسببه). [تفسير ابن كثير: 6/ 239] تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) } قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما كنت بجانب الغربيّ إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشّاهدين (44) ولكنّا أنشأنا قرونًا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويًا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنّا كنّا مرسلين (45) وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا ولكن رحمةً من ربّك لتنذر قومًا ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك لعلّهم يتذكّرون (46) ولولا أن تصيبهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم فيقولوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك ونكون من المؤمنين (47)}. يقول تعالى منبّهًا على برهان نبوّة محمّدٍ، صلوات اللّه وسلامه عليه، حيث أخبر بالغيوب الماضية، خبرًا كأنّ سامعه شاهدٌ وراءٍ لما تقدّم، وهو رجلٌ أمّيٌّ لا يقرأ شيئًا من الكتب، نشأ بين قومٍ لا يعرفون شيئًا من ذلك، كما أنّه لـمّا أخبره عن مريم وما كان من أمرها، قال تعالى: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون} [آل عمران: 44]، أي: ما كنت حاضرًا لذلك، ولكنّ اللّه أوحاه إليك. وهكذا لما أخبره عن نوحٍ وقومه، وما كان من إنجاء اللّه له وإغراق قومه. ثمّ قال تعالى: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إنّ العاقبة للمتّقين} [هودٍ: 49] وقال في آخر السّورة {ذلك من أنباء القرى نقصّه عليك} [هودٍ: 100]، وقال بعد ذكر قصّة يوسف: {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون} [يوسف: 102]، وقال في سورة طه: {كذلك نقصّ عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنّا ذكرًا} [طه: 99] وقال ها هنا -بعدما أخبر عن قصّة موسى من أوّلها إلى آخرها، وكيف كان ابتداء إيحاء اللّه إليه وتكليمه له -: {وما كنت بجانب الغربيّ إذ قضينا إلى موسى الأمر} يعني: يا محمّد، ما كنت بجانب الجبل الغربيّ الّذي كلّم اللّه موسى من الشّجرة الّتي هي شرقيّةٌ على شاطئ الوادي، {وما كنت من الشّاهدين} لذلك، ولكنّ اللّه سبحانه وتعالى أوحى إليك ذلك، ليجعله حجّةً وبرهانًا على قرونٍ قد تطاول عهدها، ونسوا حجج اللّه عليهم، وما أوحاه إلى الأنبياء المتقدّمين. وقوله: {وما كنت ثاويًا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا} أي: وما كنت مقيمًا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا، حين أخبرت عن نبيّها شعيبٍ، وما قال لقومه، وما ردّوا عليه، {ولكنّا كنّا مرسلين} أي: ولكن نحن أوحينا إليك ذلك، وأرسلناك للنّاس رسولًا). [تفسير ابن كثير: 6/ 239-240] تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) } قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا} -قال أبو عبد الرحمن النسائي، في التفسير من سننه: أخبرنا عليّ بن حجر، أخبرنا عيسى -وهو ابن يونس -عن حمزة الزّيّات، عن الأعمش، عن عليّ بن مدرك، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا}، قال: نودوا: يا أمّة محمّدٍ، أعطيتكم قبل أن تسألوني، وأجبتكم قبل أن تدعوني. وهكذا رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ، من حديث جماعةٍ، عن حمزة -وهو ابن حبيبٍ الزّيّات -عن الأعمش. ورواه ابن جريرٍ من حديث وكيعٍ ويحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن عليّ بن مدرك، عن أبي زرعة -وهو ابن عمرو بن جريرٍ -أنّه قال ذلك من كلامه، واللّه أعلم. وقال مقاتل بن حيّان: {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا}: أمّتك في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت. وقال قتادة: {وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا} موسى. وهذا -واللّه أعلم -أشبه بقوله تعالى: {وما كنت بجانب الغربيّ إذ قضينا إلى موسى الأمر}. ثمّ أخبر هاهنا بصيغةٍ أخرى أخصّ من ذلك، وهو النّداء، كما قال تعالى: {وإذ نادى ربّك موسى} [الشّعراء: 10]، وقال: {إذ ناداه ربّه بالواد المقدّس طوًى} [النّازعات: 16]، وقال: {وناديناه من جانب الطّور الأيمن وقرّبناه نجيًّا} [مريم: 52]. وقوله: {ولكن رحمةً من ربّك} أي: ما كنت مشاهدًا لشيءٍ من ذلك، ولكنّ اللّه أوحاه إليك وأخبرك به، رحمةً منه لك وبالعباد بإرسالك إليهم، {لتنذر قومًا ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك لعلّهم يتذكّرون} أي: لعلّهم يهتدون بما جئتهم به من اللّه عزّ وجلّ). [تفسير ابن كثير: 6/ 240-241] |
الساعة الآن 01:52 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة