جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   تفسير سورة محمد (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=878)
-   -   تفسير سورة محمد [ من الآية (1) إلى الآية (6) ] (http://jamharah.net/showthread.php?t=21012)

ساجدة فاروق 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م 05:43 PM

تفسير سورة محمد [ من الآية (1) إلى الآية (6) ]
 
تفسير سورة محمد
[من الآية (1) إلى الآية (6) ]


الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)


ساجدة فاروق 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م 05:25 PM

جمهرة تفاسير السلف


تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم (1) والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وآمنوا بما نزّل على محمّدٍ وهو الحقّ من رّبّهم كفّر عنهم سيّئاتهم وأصلح بالهم}.
قال أبو جعفرٍ: يقول تعالى ذكره: الّذين جحدوا توحيد اللّه وعبدوا غيره وصدّوا من أراد عبادته والإقرار بوحدانيّته، وتصديق نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم عن الّذي أراد من الإسلام والإقرار والتّصديق {أضلّ أعمالهم} يقول: جعل اللّه أعمالهم ضلالاً على غير هدًى وغير رشادٍ؛ لأنّها عملت في سبيل الشّيطان وهي على غير استقامةٍ). [جامع البيان: 21/180]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الزّاهد الأصبهانيّ، ثنا أحمد بن مهران، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم} [محمد: 1] قال: «منهم أهل مكّة» {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} [محمد: 2] قال: «هم الأنصار». قال: {وأصلح بالهم} [محمد: 2] قال: «أمرهم» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/496]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال الحارث ابن أبي أسامة: حدثنا أبو نعيمٍ، ثنا طلحة - هو ابن عمرو - عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا أخرج من مكّة: " إنّي لأخرج منك، وإنّي لأعلم أنّك لأخير بلاد اللّه عزّ وجلّ، وأكرمه عليه، ولولا أنّ أهلك أخرجوني منك لما خرجت. يا بني عبد منافٍ، إن كنتم ولاة هذا الأمر بعدي فلا تمنعوا طائفًا ببيت الله تعالى ساعةً من ليلٍ أو نهارٍ ".
- وقال أبو يعلى: حدثنا محمود بن خداشٍ، ثنا محمّد بن عبيدٍ، ثنا طلحة، به). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/220-221]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 1 – 3
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم} قال: هم أهل مكة قريش نزلت فيهم {والذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال: هم أهل المدينة الأنصار {وأصلح بالهم} قال: أمرهم). [الدر المنثور: 13/348-348]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {أضل أعمالهم} قال: كانت لهم أعمال فاضلة لا يقبل الله مع الكفر عملا). [الدر المنثور: 13/349]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وأصلح بالهم قال حالهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/220]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} يقول تعالى ذكره: والّذين صدّقوا اللّه وعملوا بطاعته، واتّبعوا أمره ونهيه {وآمنوا بما نزّل على محمّدٍ} يقول: وصدّقوا بالكتاب الّذي أنزل اللّه على محمّدٍ {وهو الحقّ من رّبّهم كفّر عنهم سيّئاتهم} يقول: محا اللّه عنهم بفعلهم ذلك سيّئ ما عملوا من الأعمال، فلم يؤاخذهم به، ولم يعاقبهم عليه {وأصلح بالهم} يقول: وأصلح شأنهم وحالهم في الدّنيا عند أوليائه، وفي الآخرة بأن أورثهم نعيم الأبد والخلود الدّائم في جنانه. وذكر أنّه عنى بقوله: {الّذين كفروا} الآية أهل مكّة، {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} الآية، أهل المدينة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني إسحاق بن وهبٍ الواسطيّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: خبّرنا إسرائيل، عن أبي يحيى القتّات، عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، في قوله: {الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه} قال: نزلت في أهل مكّة {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} قال: الأنصار.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله: {وأصلح بالهم} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني إسحاق بن وهبٍ الواسطيّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي يحيى القتّات، عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، {وأصلح بالهم} قال: أمرهم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وأصلح بالهم} قال: شأنهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وأصلح بالهم} قال: أصلح حالهم
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {وأصلح بالهم} قال: حالهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وأصلح بالهم} قال حالهم.
والبال: كالمصدر مثل الشّأن لا يعرف منه فعلٌ، ولا تكاد العرب تجمعه إلاّ في ضرورة شعرٍ، فإذا جمعوه قالوا بالاتٌ). [جامع البيان: 21/180-182]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وأصلح بالهم قال يعني شأنهم). [تفسير مجاهد: 2/597]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الزّاهد الأصبهانيّ، ثنا أحمد بن مهران، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم} [محمد: 1] قال: «منهم أهل مكّة» {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} [محمد: 2] قال: «هم الأنصار». قال: {وأصلح بالهم} [محمد: 2] قال: «أمرهم» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/496] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 1 – 3
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم} قال: هم أهل مكة قريش نزلت فيهم {والذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال: هم أهل المدينة الأنصار {وأصلح بالهم} قال: أمرهم). [الدر المنثور: 13/348-348] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {وأصلح بالهم} قال: أصلح حالهم). [الدر المنثور: 13/349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله {وأصلح بالهم} قال: شأنهم، وفي قوله {ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل} قال: الشيطان). [الدر المنثور: 13/349]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّ الّذين كفروا اتّبعوا الباطل وأنّ الّذين آمنوا اتّبعوا الحقّ من ربّهم كذلك يضرب اللّه للنّاس أمثالهم}.
يقول تعالى ذكره: هذا الّذي فعلنا بهذين الفريقين من إضلالنا أعمال الكافرين، وتكفيرنا عن الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات، جزاءً منّا لكلّ فريقٍ منهم على فعله أمّا الكافرون فأضللنا أعمالهم، وجعلناها على غير استقامةٍ وهدًى، بأنّهم اتّبعوا الشّيطان فأطاعوه، وهو الباطل.
- كما: حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة، وعبّاس بن محمّدٍ، قالا: حدّثنا حجّاج بن محمّدٍ، قال: قال ابن جريجٍ: أخبرني خالدٌ، أنّه سمع مجاهدًا، يقول {ذلك بأنّ الّذين كفروا اتّبعوا الباطل} قال: الباطل: الشّيطان.
وأمّا المؤمنون فكفّرنا عنهم سيّئاتهم، وأصلحنا لهم حالهم بأنّهم اتّبعوا الحقّ الّذي جاءهم من ربّهم، وهو محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، وما جاءهم به من عند ربّه من النّور والبرهان {كذلك يضرب اللّه للنّاس أمثالهم} يقول عزّ وجلّ: كما بيّنت لكم أيّها النّاس فعلي بفريق الكفر والإيمان، كذلك نمثّل للنّاس الأمثال، ونشبّه لهم الأشباه، فنلحق بكلّ قومٍ من الأمثال أشكالاً). [جامع البيان: 21/182]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله {وأصلح بالهم} قال: شأنهم، وفي قوله {ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل} قال: الشيطان). [الدر المنثور: 13/349] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عبد الكريم الجزري في قوله فإما منا بعد وإما فداء أنه كتب إلى أبي بكر في أسير أسر فذكر أنهم التمسوه بفداء كذا وكذا فقال أبو بكر اقتلوه لقتل رجل من المشركين أحب إلي من كذا وكذا وأتي أبو بكر برأس فقال قد بغيتم). [تفسير عبد الرزاق: 2/220]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر قال أخبرني رجل من أهل الشام ممن كان يحرس عمر بن عبد العزيز وهو من بني أسد قال ما رأيت عمر قتل أسيرا إلا واحد من الترك كان جيء بأسارى من الترك فأمر بهم يسترقوا فقال رجل ممن جاء بهم يا أمير المؤمنين لو كنت رأيت هذا لأحدهم وهو يقتل المسلمين لكثر بكاؤك عليهم فقال له عمر فدونك فاقتله فقام إليه فقتله). [تفسير عبد الرزاق: 2/220]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وكان الحسن يقول لا يقتل الأسارى إلا في الحرب يهيب بهم العدو). [تفسير عبد الرزاق: 2/220]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن المهلب عن عمران بن حصين أن النبي فادى رجلين من أصحابه برجل من المشركين أسر). [تفسير عبد الرزاق: 2/220]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وكان عمر بن عبد العزيز يفاديهم أيضا الرجل بالرجلين). [تفسير عبد الرزاق: 2/221]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وكان الحسن يكره أن يفادوا بالمال قال معمر ولم أسمع أحدا يرخص في ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 2/221]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فإما منا بعد وإما فداء قال نسخها قوله تعالى فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/221]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (سمعت أبا عثمان الثقفي يحدث معمرا قال كنت مع مجاهد في غزاة فأبق أسير من رجل فتبعه فقتله فعاب ذلك عليه مجاهد). [تفسير عبد الرزاق: 2/221]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى حتى تضع الحرب أوزارها قال حتى لا يكون شرك والحرب من كان يقاتله سماهم حربا). [تفسير عبد الرزاق: 2/221]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعملهم قال الذين قتلوا يوم أحد). [تفسير عبد الرزاق: 2/221]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({أوزارها} [محمد: 4] : «آثامها، حتّى لا يبقى إلّا مسلمٌ»). [صحيح البخاري: 6/134]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أوزارها آثامها حتّى لا يبقى إلّا مسلمٌ قال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله حتّى تضع الحرب أوزارها قال حتّى لا يكون شركٌ قال والحرب من كان يقاتله سماهم حربًا قال بن التّين لم يقل هذا أحدٌ غير البخاريّ والمعروف أنّ المراد بأوزارها السّلاح وقيل حتّى ينزل عيسى بن مريم انتهى وما نفاه قد علمه غيره قال بن قرقولٍ هذا التّفسير يحتاج إلى تفسيرٍ وذلك لأنّ الحرب لا آثام لها فلعلّه كما قال الفرّاء آثام أهلها ثمّ حذف وأبقى المضاف إليه أو كما قال النّحّاس حتّى تضع أهل الآثام فلا يبقى مشركٌ انتهى ولفظ الفرّاء الهاء في أوزارها لأهل الحرب أي آثامهم ويحتمل أن يعود على الحرب والمراد بأوزارها سلاحها انتهى فجعل ما ادّعى بن التّين أنّه المشهور احتمالًا). [فتح الباري: 8/579]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أوزارها آثامها حتّى لا يبقى إلاّ مسلمٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {فأما منا بعد وإمّا فداء حتّى تضع الحرب أوزارها} (محمّد: 4) وفسّر: (أوزارها) بقوله: (آثامها) فعلى تفسيره الأوزار جمع وزر والآثام جمع أثم، وقال ابن التّين: لم يقل هذا أحد غير البخاريّ، والمعروف أن المراد بأوزارها الأسلحة. قلت: فعلى هذا الأوزار جمع وزر الّذي هو السّلاح، وفي (المغرب) الوزن بالكسر الحمل الثقيل، ومنه قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} (الأنعام: 461) أي: حملها من الإثم وقولهم: وضعت الحرب أوزارها عبارة عن انقضائها لأن أهلها يضعون أسلحتهم حينئذٍ، وسمى السّلاح وزرا لأنّه يثقل على لابسه قال الأعشى:
(واعددت للحرب أوزارها ... رماحا طوالًا وخيلاً طوالًا)
وهذا كله يقوي كلام ابن التّين لا مثل ما قاله بعضهم: إن لكلام ابن التّين احتمالا ويعضد كلام البخاريّ ما قاله الثّعلبيّ: آثامها وأجرامها، فيرتفع وينقطع الحرب لأن الحرب لا يخلو من الإثم في أحد الجانبين والفريقين، ثمّ قال: وقيل: حتّى تضع الحرب آلتها وعدتها، وآلتهم وأسلحتهم فيمسكوا عن الحرب، والحرب القوم المحاربون كالركب، وقيل: معناه حتّى يضع القوم المحاربون أوزارها وآثامها بأن يتوبوا من كفرهم ويؤمنوا باللّه ورسوله انتهى. فعرفت من هذا أن لكل من كلام البخاريّ. وكلام ابن التّين وجها). [عمدة القاري: 19/171]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({أوزارها}) في قوله تعالى: {فإما منًّا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها} [محمد: 4] أي (آثامها) أو آلاتها وأثقالها وهو من مجاز الحذف أي حتى تضع أمة الحرب أو فرقة الحرب أوزارها والمراد انقضاء الحرب بالكلية (حتى لا يبقى إلا مسلم) أو مسالم والمعنى حتى يضع أهل الحرب شركهم ومعاصيهم وهو غاية للضرب أو الشدّ أو للمن والفداء أو للمجموع يعني أن هذه الأحكام جارية فيهم حتى لا يكون حرب مع المشركين بزوال شوكتهم وقيل بنزول عيسى وأسند الوضع إلى الحرب لأنه لو أسنده إلى أهله بأن كان يقول حتى تضع أمة الحرب جاز أن يضعوا الأسلحة ويتركوا الحرب وهي باقية كقول القائل:
خصومتي ما انفصلت ولكن = تركتها في هذه الأيام). [إرشاد الساري: 7/341-342]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإذا لقيتم الّذين كفروا فضرب الرّقاب حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً حتّى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء اللّه لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعضٍ والّذين قتلوا في سبيل اللّه فلن يضلّ أعمالهم}.
يقول تعالى ذكره لفريق الإيمان به وبرسوله: {فإذا لقيتم الّذين كفروا} باللّه ورسوله من أهل الحرب، فاضربوا رقابهم.
وقوله: {حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق} يقول: حتّى إذا غلبتموهم وقهرتم من لم تضربوا رقبته منهم، فصاروا في أيديكم أسرى {فشدّوا الوثاق} يقول: فشدّوهم في الوثاق كيلاً يقتلوكم، فيهربوا منكم.
وقوله: {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} يقول: فإذا أسرتموهم بعد الإثخان، فإمّا أن تمنّوا عليهم بعد ذلك بإطلاقكم إيّاهم من الأسر، وتحرّروهم بغير عوضٍ ولا فديةٍ، وإمّا أن يفادوكم فداءً بأن يعطوكم من أنفسهم عوضًا حتّى تطلقوهم، وتخلّوا لهم السّبيل.
واختلف أهل العلم في قوله: {حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} فقال بعضهم: هو منسوخٌ نسخه قوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} وقوله {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، وابن عيسى الدّامغانيّ، قالا: حدّثنا ابن المبارك، عن ابن جريجٍ، أنّه كان يقول في قوله: {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} نسخها قوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} قال: نسخها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} نسخها قوله: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فإذا لقيتم الّذين كفروا} إلى قوله: {وإمّا فداءً} كان المسلمون إذا لقوا المشركين قاتلوهم، فإذا أسروا منهم أسيرًا، فليس لهم إلاّ أن يفادوه، أو يمنّوا عليه، ثمّ يرسلوه، فنسخ ذلك بعد قوله: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم} أي عظ بهم من سواهم من النّاس لعلّهم يذّكّرون.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن عبد الكريم الجزريّ، قال: كتب إلى أبي بكرٍ رضي اللّه عنه في أسيرٍ أسر، فذكر أنّهم التمسوه بفداء كذا وكذا، فقال أبو بكرٍ: اقتلوه لقتل رجلٍ من المشركين أحبّ إليّ من كذا وكذا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فإذا لقيتم الّذين كفروا فضرب الرّقاب} إلى آخر الآية، قال: الفداء منسوخٌ، نسختها: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم} إلى {كلّ مرصدٍ} قال: فلم يبق لأحدٍ من المشركين عهدٌ ولا حرمةٌ بعد براءة، وانسلاخ الأشهر الحرم.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} هذا منسوخٌ، نسخه قوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} فلم يبق لأحدٍ من المشركين عهدٌ ولا ذمّةٌ بعد براءة.
وقال آخرون: هي محكمةٌ وليست بمنسوخةٍ، وقالوا: لا يجوز قتل الأسير، وإنّما يجوز المنّ عليه والفداء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا أبو عتّابٍ سهل بن حمّادٍ، قال: حدّثنا خالد بن جعفرٍ، عن الحسن، قال: أتي الحجّاج بأسارى، فدفع إلى ابن عمر رجلاً يقتله، فقال ابن عمر: ليس بهذا أمرنا، قال اللّه عزّ وجلّ {حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق، فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} قال: البكاء بين يديه فقال الحسن: لو كان هذا وأصحابه لابتدروا إليهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، وابن عيسى الدّامغانيّ، قالا: حدّثنا ابن المبارك، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، أنّه كان يكره قتل المشرك صبرًا، قال: ويتلو هذه الآية {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً}.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسن، قال: لا تقتل الأسارى إلاّ في الحرب يهيب بهم العدوّ.
- قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: كان عمر بن عبد العزيز يفديهم الرّجل بالرّجل، وكان الحسن يكره أن يفادى بالمال.
- قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن رجلٍ من أهل الشّام ممّن كان يحرس عمر بن عبد العزيز، وهو من بني أسدٍ، قال: ما رأيت عمر رحمه اللّه قتل أسيرًا إلاّ واحدًا من التّرك كان جيء بأسارى من التّرك، فأمر بهم أن يسترقّوا، فقال رجلٌ ممّن جاء بهم: يا أمير المؤمنين، لو كنت رأيت هذا لأحدهم وهو يقتل المسلمين لكثر بكاؤك عليهم، فقال عمر: فدونك فاقتله، فقام إليه فقتله.
والصّواب من القول عندنا في ذلك أنّ هذه الآية محكمةٌ غير نسوخةٍ، وذلك أنّ صفة النّاسخ والمنسوخ ما قد بيّنّا في غير موضعٍ من كتبنا أنّه ما لم يجز اجتماع حكميهما في حالٍ واحدةٍ، أو ما قامت الحجّة بأنّ أحدهما ناسخ الآخر، وغير مستنكرٍ أن يكون جعل الخيار في المنّ والفداء والقتل إلى الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم، وإلى القائمين بعده بأمر الأمّة، وإن لم يكن القتل مذكورًا في هذه الآية، لأنّه قد أذن بقتلهم في آيةٍ أخرى، وذلك قوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية بل ذلك كذلك، لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كذلك كان يفعل فيمن صار أسيرًا في يده من أهل الحرب، فيقتل بعضًا، ويفادي ببعضٍ، ويمنّ على بعضٍ، مثل يوم بدرٍ قتل عقبة بن أبي معيطٍ وقد أتي به أسيرًا، وقتل بني قريظة، وقد نزلوا على حكم سعدٍ، وصاروا في يده سلمًا، وهو على فدائهم والمنّ عليهم قادرٌ، وفادى بجماعة أسارى المشركين الّذين أسروا ببدرٍ، ومنّ على ثمامة بن أثالٍ الحنفيّ، وهو أسيرٌ في يده، ولم يزل ذلك ثابتًا من سيره في أهل الحرب من لدن أذن اللّه له بحربهم، إلى أن قبضه إليه صلّى اللّه عليه وسلّم دائمًا ذلك فيهم، وإنّما ذكر جلّ ثناؤه في هذه الآية المنّ والفداء في الأسارى، فخصّ ذكرهما فيها، لأنّ الأمر بقتلهما والإذن منه بذلك قد كان تقدّم في سائر آي تنزيله مكرّرًا، فأعلم نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم بما ذكر في هذه الآية من المنّ والفداء ما له فيهم مع القتل.
وقوله: {حتّى تضع الحرب أوزارها} يقول تعالى ذكره: فإذا لقيتم الّذين كفروا فاضربوا رقابهم، وافعلوا بأسراهم ما بيّنت لكم، حتّى تضع الحرب آثامها وأثقال أهلها، المشركين باللّه بأن يتوبوا إلى اللّه من شركهم، فيؤمنوا به وبرسوله، ويطيعوه في أمره ونهيه، فذلك وضع الحرب أوزارها، وقيل: {حتّى تضع الحرب أوزارها} والمعنى: حتّى تلقي الحرب أوزار أهلها وقيل: معنى ذلك: حتّى يضع المحارب أوزاره.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {حتّى تضع الحرب أوزارها} قال: حتّى يخرج عيسى ابن مريم، فيسلم كلّ يهوديٍّ ونصرانيٍّ وصاحب ملّةٍ، وتأمن الشّاة من الذّئب، ولا تقرض فأرةٌ جرابًا، وتذهب العداوة من الأشياء كلّها، ذلك ظهور الإسلام على الدّين كلّه، وينعم الرّجل المسلم حتّى تقطر رجله دمًا إذا وضعها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {حتّى تضع الحرب أوزارها} حتّى لا يكون شركٌ.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {حتّى تضع الحرب أوزارها} قال: حتّى لا يكون شركٌ.
ذكر من قال: عنى بالحرب في هذا الموضع: المحاربون.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {حتّى تضع الحرب أوزارها} قال الحرب: من كان يقاتلهم سمّاهم حربًا.
وقوله: {ذلك ولو يشاء اللّه لانتصر منهم} يقول تعالى ذكره: هذا الّذي أمرتكم به أيّها المؤمنون من قتل المشركين إذا لقيتموهم في حربٍ، وشدّهم وثاقًا بعد قهرهم، وأسرهم، والمنّ والفداء {حتّى تضع الحرب أوزارها} هو الحقّ الّذي ألزمكم ربّكم ولو يشاء ربّكم ويريد لانتصر من هؤلاء المشركين الّذين بيّن هذا الحكم فيهم بعقوبةٍ منه لهم عاجلةٍ، وكفاكم ذلك كلّه، ولكنّه تعالى ذكره كره الانتصار منهم، وعقوبتهم عاجلاً إلاّ بأيديكم أيّها المؤمنون {لّيبلو بعضكم ببعضٍ} يقول: ليختبركم بهم، فيعلم المجاهدين منكم والصّابرين، ويبلوهم بكم، فيعاقب بأيديكم من شاء منهم، ويعظ من شاء منهم بمن أهلك بأيديكم من شاء منهم حتّى ينيب إلى الحقّ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولو يشاء اللّه لانتصر منهم} إي واللّه بجنوده الكثيرة، كلّ خلقه له جندٌ، ولو سلّط أضعف خلقه لكان جندًا.
وقوله: (والّذين قاتلوا في سبيل اللّه) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الحجاز والكوفة: (والّذين قاتلوا)، بمعنى: حاربوا المشركين، وجاهدوهم، بالألف.
وكان الحسن البصريّ فيما ذكر عنه يقرأه (قتّلوا) بضمّ القاف وتشديد التّاء، بمعنى: أنّه قتلهم المشركون بعضهم بعد بعضٍ، غير أنّه لم يسمّ الفاعلون وذكر عن الجحدريّ عاصمٍ أنّه كان يقرأه والّذين قتلوا بفتح القاف وتخفيف التّاء، بمعنى: والّذين قتلوا المشركين باللّه وكان أبو عمرٍو يقرأه {قتلوا} بضمّ القاف وتخفيف التّاء بمعنى: والّذين قتلهم المشركون، ثمّ أسقط الفاعلين، فجعلهم لم يسمّ فاعل ذلك بهم.
وأولى القراءات بالصّواب قراءة من قرأه (والّذين قاتلوا) لاتّفاق الحجّة من القرّاء، وإن كان لجميعها وجوهٌ مفهومةٌ.
وإذ كان ذلك أولى القراءات عندنا بالصّواب، فتأويل الكلام: والّذين قاتلوا منكم أيّها المؤمنون أعداء اللّه من الكفّار في دين اللّه، وفي نصرة ما بعث به رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم من الهدى، فجاهدوهم في ذلك {فلن يضلّ أعمالهم} فلن يجعل اللّه أعمالهم الّتي عملوها في الدّنيا ضلالاً عليهم كما أضلّ أعمال الكافرين.
وذكر أنّ هذه الآية عني بها أهل أحدٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {والّذين قتلوا في سبيل اللّه فلن يضلّ أعمالهم}.
ذكر لنا أنّ هذه الآية أنزلت يوم أحدٍ ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الشّعب، وقد فشت فيهم الجراحات والقتل، وقد نادى المشركون يومئذٍ: أعل هبل، فنادى المسلمون: اللّه أعلى وأجلّ، فنادى المشركون: يومٌ بيومٍ، إنّ الحرب سجالٌ، إنّ لنا عزّى، ولا عزّى لكم، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: اللّه مولانا ولا مولى لكم، إنّ القتلى مختلفةٌ، أمّا قتلانا فأحياءٌ يرزقون، وأمّا قتلاكم ففي النّار يعذّبون.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {والّذين قتلوا في سبيل اللّه فلن يضلّ أعمالهم} قال: الّذين قتلوا يوم أحدٍ). [جامع البيان: 21/182-191]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا شريك عن سالم الأفطس عن مجاهد حتى تضع الحرب أوزارها يعني نزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم). [تفسير مجاهد: 2/597]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يعني حتى ينزل عيسى بن مريم فيسلم له كل يهودي وكل نصراني وكل صاحب ملة وتأمن الشاة الذئب ولا تقرض فأرة جرابا وتذهب العداوة من الأشياء كلها وذلك ظهور الإسلام على الدين كله وينعم الرجل المسلم حتى تقطر رجلاه وما إذا وضعهما من النعمة). [تفسير مجاهد: 2/597-598]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا الربيع ابن صبيح عن محمد بن سيرين عن عائشة قالت يوشك أن ينزل عيسى بن مريم عليه السلام إماما مهديا وحكما عدلا فيقتل الخنزير ويكسر الصليب وتوضع الجزية وتضع الحرب أوزارها). [تفسير مجاهد: 2/598]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 4 - 6.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} قال: مشركي العرب يقول {فضرب الرقاب} قال: حتى يقولوا لا إله إلا الله). [الدر المنثور: 13/349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله {حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق} قال: لا تأسروهم ولا تفادوهم حتى تثخنوهم بالسيف). [الدر المنثور: 13/349-350]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النحاس عن ابن عباس في قوله {فإما منا بعد وإما فداء} قال: فجعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالخيار في الأسرى إن شاؤوا قتلوهم وإن شاؤوا استعبدوهم وإن شاؤوا فادوهم). [الدر المنثور: 13/350]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {فإما منا بعد وإما فداء} قال: هذا منسوخ نسختها (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين) (التوبة الآية 5) ). [الدر المنثور: 13/350]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فإما منا بعد وإما فداء} قال: فرخص لهم أن يمنوا على من شاؤوا منهم نسخ الله ذلك بعد في براءة فقال: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (التوبة الآية 5) ). [الدر المنثور: 13/350]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فإما منا بعد وإما فداء} قال: كان المسلمون إذا لقوا المشركين قاتلوهم فإذا أسروا منهم أسيرا فليس لهم إلا أن يفادوه أو يمنوا عليه ثم نسخ ذلك بعد (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم) (الأنفال 57) ). [الدر المنثور: 13/350]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وعبد بن حميد، وابن جرير عن الضحاك ومجاهد في قوله {فإما منا بعد وإما فداء} قالا: نسختها (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم).
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن السدي مثله). [الدر المنثور: 13/350-351]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأدى رجلين من أصحابه برجلين من المشركين أسروا). [الدر المنثور: 13/351]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أشعث قال: سألت الحسن وعطاء عن قوله {فإما منا بعد وإما فداء} قال: أحدهما يمن عليه أو لا يفادى وقال الآخر: يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم يمن عليه أو لا يفادى). [الدر المنثور: 13/351]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن الحسن رضي الله عنه قال: أتى الحجاج بأسارى فدفع إلى ابن عمر رضي الله عنهما رجلا يقتله فقال ابن عمر: ليست بهذا أمرنا إنما قال الله {حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء}). [الدر المنثور: 13/351-352]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما أعتق ولد زنية وقال: قد أمرنا الله ورسوله أن نمن على من هو شر منه قال الله {فإما منا بعد وإما فداء}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وابن المنذر، وابن مردويه عن ليث رضي الله عنه قال: قلت لمجاهد: بلغني أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا يحل قتل الأسارى لأن الله تعالى قال {فإما منا بعد وإما فداء} فقال مجاهد: لا تعبأ بهذا شيئا أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم ينكر هذا ويقول: هذه منسوخة إنما كانت في الهدنة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين فأما اليوم فلا يقول الله (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) ويقول {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} فإن كانوا من مشركي العرب لم يقبل منهم شيء إلا الإسلام فإن لم يسلموا فالقتل وأما من سواهم فإنهم إذا أسروا فالمسلمون فيهم بالخيار إن شاؤوا قتلوهم وإن شاؤوا استحيوهم وإن شاؤوا فادوهم إذا لم يتحولوا عن دينهم فإن أظهروا الإسلام لم يفادوا ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الصغير والمرأة والشيخ الفاني). [الدر المنثور: 13/352]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال: نسخت (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (النساء 89) ما كان قبل ذلك من فداء أو من). [الدر المنثور: 13/352]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عطاء رضي الله عنه أنه كان يكره قتل أهل الشرك صبرا ويتلو {فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء} ثم نسختها {فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم} ونزلت زعموا في العرب خاصة وقتل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط يوم بدر صبرا). [الدر المنثور: 13/352-353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن أيوب رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الوصفاء والعسفاء). [الدر المنثور: 13/353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه قال: نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والولدان إلا من عدا منهم بالسيف). [الدر المنثور: 13/353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن القاسم بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال: بعث النّبيّ صلى الله عليه وسلم سرية فطلبوا رجلا فصعد شجرة فأحرقوها بالنار فلما قدموا على النّبيّ صلى الله عليه وسلم أخبروه بذلك فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إني لم أبعث أعذب بعذاب الله إنما بعثت بضرب الرقاب وشد الوثاق، أما قوله تعالى: {حتى تضع الحرب أوزارها}). [الدر المنثور: 13/353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {حتى تضع الحرب أوزارها} قال: حتى لا يكون شرك). [الدر المنثور: 13/354]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه {حتى تضع الحرب أوزارها} قال: حتى يعبد الله ولا يشرك به). [الدر المنثور: 13/354]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في "سننه" عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {حتى تضع الحرب أوزارها} قال: حتى يخرج عيسى بن مريم عليه السلام فيسلم كل يهودي ونصراني وصاحب ملة وتأمن الشاة من الذئب ولا تقرض فأرة جرابا وتذهب العداوة من الناس كلها ذلك ظهور الإسلام على الدين كله وينعم الرجل المسلم حتى تقطر رجله دما إذا وضعها). [الدر المنثور: 13/354]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى بن مريم إماما مهديا وحكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير وتوضع الجزية وتضع الحرب أوزارها). [الدر المنثور: 13/354-355]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {حتى تضع الحرب أوزارها} قال: خروج عيسى بن مريم عليه السلام). [الدر المنثور: 13/355]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد وأحمد والنسائي والبغوي والطبراني، وابن مردويه عن سلمة بن نفيل رضي الله عنه قال: بينما أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله: إن الخيل قد سيبت ووضع السلاح وزعم أقوام أن لا قتال وأن قد وضعت الحرب أوزارها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبوا فالآن جاء القتال ولا تزال طائفة من أمتي يقاتلون في سبيل الله لا يضرهم من خالفهم يزيغ الله قلوب قوم ليرزقهم منهم ويقاتلون حتى تقوم الساعة ولا تزال الخيل معقودا في نواصيها الخير حتى تقوم الساعة ولا تضع الحرب أوزارها حتى يخرج يأجوج ومأجوج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: فتح لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتح فقلت يا رسول الله اليوم ألقى الإسلام بجرانه ووضعت الحرب أوزارها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن دون أن تضع الحرب أوزارها خلالا ستا أولهن موتى ثم فتح بيت المقدس ثم فئتان من أمتي دعواهم واحدة يقتل بعضهم بعضا ويفيض المال حتى يعطي الرجل المائة دينار فيتسخط وموت يكون كقعاص الغنم وغلام من بني الأصفر ينبت في اليوم كنبات الشهر وفي الشهر كنبات السنة فيرغب فيه قومه فيملكونه يقولون نرجو أن ير بك علينا ملكنا فيجمع جمعا عظيما ثم يسير حتى يكون فيما بين العريش وأنطاكية وأميركم يومئذ نعم الأمير فيقول لأصحابه: ما ترون فيقولون نقاتلهم حتى يحكم الله بيننا وبينهم فيقول لا أرى ذلك نحرز ذرارينا وعيالنا ونخلي بينهم وبين الأرض ثم نغزوهم وقد أحرزنا ذرارينا فيسيرون فيخلون بينهم وبين أرضهم حتى يأتوا مدينتي هذه فيستهدون أهل الإسلام فيهدونهم ثم يقول لا ينتدبن معي إلا من يهب نفسه لله حتى نلقاهم فنقاتل حتى يحكم الله بيني وبينهم فينتدب معه سبعون ألفا ويزيدون على ذلك فيقول حسبي سبعون ألفا لا تحملهم الأرض وفيهم عين لعدوهم فيأتيهم فيخبرهم بالذي كان فيسيرون إليهم حتى إذا التقوا سألوا أن يخلي بينهم وبين من كان بينهم وبينه نسب فيدعونهم فيقولون ما ترون فيما يقولون فيقول: ما أنتم بأحق بقتالهم ولا أبعد منهم فيقول: فعندكم فأكسروا أغمادكم فيسل الله سيفه عليهم فيقتل منهم الثلثان ويقر في السفن الثلث وصاحبهم فيهم حتى إذا تراءت لهم جبالهم بعث الله عليهم ريحا فردتهم إلى مراسيهم من الشام فأخذوا فذبحوا عند أرجل سفنهم عند الساحل فيومئذ تضع الحرب أوزارها، أما قوله تعالى: {ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم}). [الدر المنثور: 13/355-357]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم} قال: أي والله بجنوده الكثيرة كل خلقه له جند فلو سلط أضعف خلقه لكان له جندا). [الدر المنثور: 13/357]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ذلك {ولو يشاء الله لانتصر منهم} قال: لأرسل عليهم ملكا فدمر عليهم وفي قوله {والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم} قال: نزلت فيمن قتل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم أحد). [الدر المنثور: 13/357-358]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ والذين قاتلوا بالألف). [الدر المنثور: 13/358]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم} الآية، قال: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في يوم أحد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب وقد فشت فيهم الجراحات والقتل وقد نادى المشركون يومئذ: أعل هبل ونادى المسلمون الله أعلى وأجل ففادى المشركون يوم بيوم بدر وإن الحرب سجال لنا عزى ولا عزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا الله مولانا ولا مولى لكم إن القتلى مختلفة أما قتلانا فأحياء يرزقون وأما قتلاكم ففي النار يعذبون). [الدر المنثور: 13/358]

تفسير قوله تعالى: (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {سيهديهم ويصلح بالهم (5) ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم (6) يا أيّها الّذين آمنوا إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبّت أقدامكم}.
يقول تعالى ذكره: سيوفّق اللّه تعالى ذكره للعمل بما يرضى ويحبّ، هؤلاء الّذين قاتلوا في سبيله، {ويصلح بالهم} ويصلح أمرهم وحالهم في الدّنيا والآخرة). [جامع البيان: 21/191]

تفسير قوله تعالى: (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله الجنة عرفها لهم قال عرفهم منازلهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/221]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال إذا نجى الله المؤمنين من النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فاقتص بعضهم من بعض من مظالم كانت بينهم في الدنيا ثم يؤذن لهم أن يدخلوا الجنة فإذا دخلوها فما كان المؤمن بأدل بمنزله في الدنيا منه بمنزله في الجنة حين يدخلها). [تفسير عبد الرزاق: 2/221-222]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({عرّفها} [محمد: 6] : «بيّنها»). [صحيح البخاري: 6/134]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله عرّفها بيّنها قال أبو عبيدة في قوله عرّفها لهم بيّنها لهم وعرّفهم منازلهم). [فتح الباري: 8/579]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (عرّفها بينها
أشار به إلى قوله تعالى: {ويدخلهم الجنّة عرفها لهم} (محمّد: 6) وفسّر: (عرفها) بقوله: (بينها) وقال الثّعلبيّ: أي بين لهم منازلهم فيها حتّى يهتدوا إليها ودرجاتهم الّتي قسم الله لا يخطئون ولا يستدلون عليها أحدا كأنّهم سكانها منذ خلقوا). [عمدة القاري: 19/171]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({عرفها}) في قوله تعالى: {ويدخلهم الجنة عرّفها لهم} [محمد: 6] أي (بينها) لهم وعرفهم منازلها بحيث يعلم كل واحد منهم منزله ويهتدي إليه كأنه كان ساكنة منذ خلق أو طيبها لهم من العرف وهو طيب الرائحة). [إرشاد الساري: 7/342]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم} يقول: ويدخلهم اللّه جنّته عرّفها، يقول: عرّفها وبيّنها لهم، حتّى إنّ الرّجل ليأتي منزله منها إذا دخلها كما كان يأتي منزله في الدّنيا، لا يشكل عليه ذلك.
- كما: حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: إذا نجّى اللّه المؤمنين من النّار حبسوا على قنطرةٍ بين الجنّة والنّار، فاقتصّ بعضهم من بعضٍ مظالم كثيرةً كانت بينهم في الدّنيا، ثمّ يؤذن لهم بالدّخول في الجنّة، قال: فما كان المؤمن بأدلّ بمنزله في الدّنيا منه بمنزله في الجنّة حين يدخلها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم} قال: أي منازلهم فيها.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم} قال: يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم، وحيث قسم اللّه لهم لا يخطئون، كأنّهم سكّانها منذ خلقوا لا يستدلّون عليها أحدًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم} قال: بلغنا عن غير واحدٍ قال: يدخل أهل الجنّة الجنّة، ولهم أعرف بمنازلهم فيها من منازلهم في الدّنيا الّتي يختلفون إليها في عمر الدّنيا؛ قال: فتلك قول اللّه جلّ ثناؤه {ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم}). [جامع البيان: 21/191-192]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله الجنة عرفها لهم قال يمشي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم وما قسم الله عز وجل لهم فيها لا يخطئون شيئا منها كأنهم ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا). [تفسير مجاهد: 2/598]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {ويدخلهم الجنة عرفها لهم} قال: يهدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم وحيث قسم الله لهم منها لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا). [الدر المنثور: 13/358]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {عرفها لهم} قال: عرفهم منازلهم فيها). [الدر المنثور: 13/359]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله {ويدخلهم الجنة عرفها لهم} قال: بلغنا أن الملك الذي كان وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه في الجنة ويتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له فيعرفه كل شيء أعطاه الله في الجنة فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنة دخل إلى منزله وأزواجه وانصرف الملك عنه). [الدر المنثور: 13/359]

ساجدة فاروق 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م 05:56 PM

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}: أبطلها و[أصل «الضلال»: الغيبوبة]. يقال ضل الماء في اللبن، إذا [غاب] وغلب عليه، فلم يتبين). [تفسير غريب القرآن: 409]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ(1)}
قوله عزّ وجلّ: ({أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}) أحبطها فلا يرون في الآخرة لها جزاء، والمعنى أن حبط ما كان من صدقاتهم وصلتهم الرحم وأبواب البر بكفرهم، كما قال عزّ وجلّ: ( {كذلك يُريهمُ اللّهُ أعمالهم حَسَراتٍ عليهم}) وقوله ({كسراب بقيعة})
وهؤلاء هم الذين صدوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والدليل على ذلك قوله: ( {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)} ). [معاني القرآن: 5/5]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( من ذلك قوله جل وعز: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } [آية: 1]
روى أبو يحيى عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} قال أهل مكة والذين آمنوا وعملوا الصالحات قال الأنصار وأصلح بالهم قال أمرهم
قال أبو جعفر معنى أضلّ أعْمالَهم أبطلها كما قال تعالى: {وقالوا أئذا ضللنا في الأرض} والمعنى لم نثبهم على ما عملوا لكفرهم ومعنى كفر عنهم سيئاتهم غطى عليها ولم يؤاخذهم بما عملوا وقت كفرهم). [معاني القرآن: 6/459-460]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ("{وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} " حالهم). [مجاز القرآن: 2/214]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وأصلح بالهم}: أي حالهم). [غريب القرآن وتفسيره: 339]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أي سترها، وأصلح بالهم أي حالهم). [تفسير غريب القرآن: 409]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: ({وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)} أي كفّر عنهم وما اقترفوه وهم كافرون لمّا آمنوا باللّه وبالنبي عليه السلام وسائر الأنبياء أجمعين.
وقوله عزّ وجلّ: {وَأَصْلَحَ بَالَهُم} أي أصلح أمرهم وحالهم). [معاني القرآن: 5/5]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَالَهُمْ}: حالهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 231]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَالَهُمْ}: حالهم). [العمدة في غريب القرآن: 274]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ( {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3)}
أي الأمر ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل. وجائز أن يكون ذلك الإضلال لاتباعهم الباطل، وتلك الهداية والكفارات باتباع المؤمنين الحق، ثم قال عزّ وجلّ: ({كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} ).
أي كذلك يبين الله للناس أمثال حسنات المؤمنين وسيئات الكافرين أي كالبيان الذي ذكر، ومعنى قول القائل: ضربت لك مثلا، أي بينت لك ضربا من الأمثال، أي صنفا منها). [معاني القرآن: 5/5-6]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } [آية: 3]
المعنى كذلك يبين الله أمر الحسنات والسيئات
ومعنى ضربت له مثلا بينت له ضربا من الأمثال أي نوعا منها). [معاني القرآن: 6/460]

تفسير قوله تعالى: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ...} نصب على الأمر، والذي نصب به مضمر، وكذلك كل أمر أظهرت فيه الأسماء، وتركت الأفعال فانصب فيه الأسماء، وذكر: أنه أدبٌ من الله وتعليم للمؤمنين للقتال.
وقوله: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ...} منصوب أيضاً على فعل مضمر، فإمّا أن تمنّوا، وإما أن تفدوا، فالمن: أنت تترك الأسير بغير فداء، والفداء: أن يفدي المأسور نفسه.
وقوله: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ...} آثامها وشركها حتى لا يبقى إلاّ مسلم، أو مسالم. والهاء التي في أوزارها تكون للحرب وأنت تعني: أوزار أهلها، وتكون لأهل الشرك خاصةً، كقولك: حتى تنفي الحرب أوزار المشركين.
وقوله: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ...} بملائكة غيركم، ويقال: بغير قتال: ولكن ليبلو بعضكم ببعض، المؤمن بالكافر، والكفر بالمؤمن.
وقوله: {والّذينَ قاتلوا في سَبيلِ اللّهِ...}.
قرأها الأعمش وعاصم وزيد بن ثابت ، حدثني بذلك محمد بن الفضل الخراساني عن [عطاء عن أبي] عبد الرحمن عن زيد بن ثابت: {قاتلوا}، وقرأها الحسن: {قتّلوا} مشددة، وقد خففها بعضهم فقال: {قتلوا} مخفف، وكل ذلك صواب). [معاني القرآن: 3/57-58]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ("{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}" كقول العرب: يا نفسي صبراً قال حرى بن ضمرة بن ضمرة النهشلي:
يا نفس صبراً على ما كان من مضضٍ = إذ لم أجد لفضول القول أقرانا

ولغة بني تميم يا نفس ويا عين، في موضع يا نفس اصبري.
"{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}" نصبهما لأنهما في موضع فعلهما مجازها فإما أن تمنوا وإما تفادوا مثل سقياً ورعياً إنما هو سقيت ورعيت مثل قولك: مهلاً للأنثى والذكر والاثنين والجميع وهي في موضع أمهل وقد فعلوا هذا في غير مصدر أمروا به). [مجاز القرآن: 2/214]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} أي يضع أهل الحرب السلاح.
قال الأعشى:
وأعددت للحرب أوزارها رماحا طوالا، وخيلا ذكورا
ومن نسج داود يحدي بها على أثر الحي، عيرا فعيرا
وأصل «الوزر» ما حملته، فسمي السلاح «أوزارا» لأنه يحمل ). [تفسير غريب القرآن: 409]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان: 29] تقول العرب إذا أرادت تعظيم مهلك رجل عظيم الشأن، رفيع المكان، عامّ النفع، كثير الصنائع: أظلمت الشمس له، وكسف القمر لفقده، وبكته الرّيح والبرق والسماء والأرض.
يريدون المبالغة في وصف المصيبة به، وأنها قد شملت وعمّت. وليس ذلك بكذب، لأنّهم جميعا متواطئون عليه، والسّامع له يعرف مذهب القائل فيه.
وهكذا يفعلون في كل ما أرادوا أن يعظّموه ويستقصوا صفته. ونيّتهم في قولهم: أظلمت الشمس، أي كادت تظلم، وكسف القمر، أي كاد يكسف.
ومعنى كاد: همّ أن يفعل ولم يفعل. وربما أظهروا كاد، قال ابن مفرّغ الحميريّ يرثي رجلا:
الرِّيحُ تبكِي شَجْوَهُ = والبرق يَلْمَعُ في غَمَامَه
وقال آخر:
الشَّمسُ طالعةٌ ليست بكاسفةٍ = تبَكي عليكَ نُجومَ اللَّيلِ والقَمَرا
أراد: الشمس طالعة تبكي عليك، وليست مع طلوعها كاسفة النجوم والقمر، لأنّها مظلمة، وإنما تكسف بضوئها، فنجوم الليل بادية بالنهار.
وهذا كقوله النابغة وذكر يوم حرب:
تبدوا كواكبه والشمس طالعة = لا النّور نورٌ ولا الإظلامُ إظلام
ونحوه قول طرفة في وصف امرأة:
إِنْ تُنَوِّلْهُ فَقَد تَمْنَعُهُ = وُتِرِيهِ النَّجْمَ يَجري بالظُّهُر
يقول: تشقّ عليه حتى يظلم نهاره فيرى الكواكب ظهرا.
والعامة تقول: أراني فلانّ الكواكب بالنّهار، إذا برَّح به.
وقال الأعشى:
رجعت لما رمت مستحسرا = ترى للكواكب ظُهْرًا وَبِيصَا
أي: رجعت كئيبا حسيرا، قد أظلم عليك نهارك، فأنت ترى الكواكب تعالي النّهار بريقا.
وقد اختلف الناس في قول الله عز وجل: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: 29].
فذهب به قوم مذاهب العرب في قولهم: بكته الريح والبرق. كأنه يريد أنّ الله عز وجل حين أهلك فرعون وقومه وغرّقهم وأورث منازلهم
وجنّاتهم غيرهم- لم يبك عليهم باك، ولم يجزع جازع، ولم يوجد لهم فقد.
وقال آخرون: أراد: فما بكى عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض. فأقام السماء والأرض مقام أهلهما، كما قال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82]، أراد أهل القرية.
وقال: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4]، أي يضع أهل الحرب السّلاح.
وقال ابن عباس: لكل مؤمن باب في السماء يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه، فإذا مات بكى عليه الباب، وبكت عليه آثاره في الأرض ومصلّاه. والكافر لا يصعد له عمل، ولا يبكي له باب في السماء ولا أثره في الأرض). [تأويل مشكل القرآن: 167-170] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الضرب: باليد، كقوله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4] وقوله: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34]). [تأويل مشكل القرآن: 497]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( وقوله عزّ وجلّ: ({فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)}
معناه فاضربوا الرقاب ضربا، منصوب على الأمر، وتأويله فإذا لقيتم الذين كفروا فاقتلوهم، ولكن أكثر مواقع القتل ضرب العنق، فأعلمهم اللّه - عزّ وجلّ - كيف القصد، وكيف قال: ({واضرِبوا منهُم كلّ بَنان}) أي فليس يتوهم بهذا أن الضّرب محظور إلّا على الرقبة فقط.
وقوله عزّ وجلّ: ({حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ}).
({أَثْخَنْتُمُوهُمْ}) أكثرتم فيهم القتل، كما قال: {ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض}، فالأسر بعد المبالغة في القتل.
ثم قال: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} أي بعد أن تأسروهم إما مننتم عليهم منّا، وإما أطلقتموهم بفداء.
وقوله: ({حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}) ({حَتَّى}) موصولة بالقتل والأسر، المعنى فاقتلوهم وأسروهم حتى تضع الحرب أوزارها.
والتفسير حتى يؤمنوا ويسلموا، فلا يجب أن تحاربوهم، فما دام الكفر فالجهاد والحرب قائمة أبدا.
وقوله: ({ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} ،{ذَلِكَ}) في موضع رفع، المعنى الأمر ذلك، ويجوز أن يكون منصوبا على معنى افعلوا ذلك.
{وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} أي لو يشاء اللّه لعذّبهم وأهلكهم لأنه قادر على ذلك.
{وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} المعنى ولكن أمركم بالحرب ليبلو بعضكم ببعض، أي ليمحّص اللّه المؤمنين ويمحق الكافرين.
وقوله: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}.
ذكر في أول السورة: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أضلّ أَعْمَالَهُمْ} وأعلم أن الذين قاتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم.
ويقرأ على أربعة أوجه:
قاتلوا في سبيل اللّه، وقتلوا في سبيل اللّه، على ما لم يسمّ فاعله، ويقرأ قتّلوا بتشديد التاء، ويقرأ قتلوا في سبيل اللّه، بفتح القاف). [معاني القرآن: 5/6-7]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [آية: 4]
أي فاقتلوهم وذكرت الرقاب لأن القتل أكثر ما يقع بها
ثم قال جل وعز: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [آية: 4]
قال سعيد بن جبير لا ينبغي أن يقع أسر حتى يثخن بالقتل في العدو كما قال جل وعز: {ما كان النبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض}
[معاني القرآن: 6/461]
ثم قال جل وعز: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [آية: 4]
قال أبو جعفر في هذه الآية اختلاف
قال ابن جريج كان عطاء يكره قتل الأسير صبرا لقول الله جل وعز: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} وقال امنن أو فاد ولا تقتل وقال قتادة الآية منسوخة نسخها قوله تعالى: {فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم}
وروى شعبة عن الحكم قال سألني مغيرة عن آية غامضة منسوخة وهي قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}
[معاني القرآن: 6/462]
وقال الضحاك هي ناسخة نسخت قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} قال أبو جعفر البين في الآية أنها ليست بمنسوخة ولا ناسخة وإنما هذا إباحة وكذلك القتل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل وفادى وذكر القتل في آية أخرى وهو فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم فاجتزأ بذلك
وقوله جل وعز: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [آية: 4]
قال قتادة أي حتى يسلم أهل الشرك فسماهم حربا قال سعيد بن جبير ومجاهد في قوله تعالى: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} حتى ينزل عيسى بن مريم فيكسر الصليب
[معاني القرآن: 6/463]
ويقتل الخنزير وتزول الأديان إلا دين الإسلام وتكون الملة واحدة
قال أبو جعفر فهذا قول في الآية أي حتى يضع أهل الحرب أوزارهم فيسلموا أو يسالموا
وقيل يعني بالأوزار ههنا السلاح كما قال الشاعر:
وأعددت للحرب أوزارها = رماحا طوالا وخيلا ذكورا
والمعنى على هذا فشدوا الوثاق حتى تضع الحرب أوزارها فإما منا بعد وإما فداء
[معاني القرآن: 6/464]
وقوله جل وعز: {وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ }[آية: 4]
أي ليمحص المؤمنين ويمحق الكافرين
ثم قال جل وعز: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} [آية: 4] ويقرأ قتلوا وقتلوا وقتلوا). [معاني القرآن: 6/465]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) أي: سلاحها). [ياقوتة الصراط: 469]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}: الأوزار: السلاح وأصل الوزر ما حملته وعنى بذلك أن الحرب للأهل الشرك واجبة حتى ينزل عيسى "عليه السلام" فيصير الدين واحداً وتزول الحروب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 231]

تفسير قوله تعالى: (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ({سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5)}
يصلح لهم أمر معاشهم في الدنيا مع ما يجازيهم به في الآخرة، كما قال - عزّ وجلّ -: {ولو أنّهم أقاموا التّوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربّهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم}
أي لو أنهم قبلوا ما فيها وما في الكتب وعملوا به لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، وكما قال:
{استغفروا ربّكم إنّه كان غفّارا (10) يرسل السّماء عليكم مدرارا (11) ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنّات ويجعل لكم أنهارا (12)}
فوعد الله عزّ وجلّ المؤمنين إصلاح شأنهم وبالهم في الدنيا والآخرة). [معاني القرآن: 5/7]

تفسير قوله تعالى: (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ...}.
يعرفون منازلهم إذا دخلوها، حتى يكون أحدهم أعرف بمنزله في الجنة منه بمنزله إذا رجع من الجمعة). [معاني القرآن: 3/58]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" {عَرَّفَهَا لَهُمْ} " بينها لهم وعرفهم منازلهم). [مجاز القرآن: 2/214]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({عرفها لكم}: بينها لهم وعرفهم منازلهم). [غريب القرآن وتفسيره: 339]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} يقال في التفسير: «بينها لهم، وعرفهم منازلهم منها».
[تفسير غريب القرآن: 409]
وقال أصحاب اللغة. «عَرَّفَهَا لَهُمْ »: طيبها. يقال: طعام معرف، أي مطيب. قال الشاعر:
فتدخل أيد في حناجر، أقنعت = لعادتها من الخزير المعرف
). [تفسير غريب القرآن: 410]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } [آية: 6]
في معناه ثلاثة أقوال:
قال مجاهد عرفهم بيوتها ومساكنها وقسمهم منها فلا يغلط أحد منهم فيدخل إلى موضع غيره ولا يحتاج أن يستدل
وقال سلمة بن كهيل عرفها لهم عرفهم طرقها فهذا قول
وقيل عرفها طيبها
وقيل عرفها رفعها
قال أبو جعفر القول الأول وإن كان بعض أهل اللغة قد أنكره وقال لو كان كذا لقال عرفهم بها أحسن الأقوال وأصحها ولا يلزم هذا الرد . والمعنى بينها لهم فتبينوها
والقول الثاني ليس بممتنع لأنه يقال طعام معرف أي مطيب
والقول الثالث مأخوذ من العرف لارتفاعه
وقيل أي عرف المكلفين من عباده بأنها لهم). [معاني القرآن: 6/465-467]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عَرَّفَهَا لَهُمْ}: طيبها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 231]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عَرَّفَهَا}: بينها). [العمدة في غريب القرآن: 274]

ساجدة فاروق 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م 05:59 PM

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وحدّثنا من لا نتهم أنه سمع من العرب من يقول رويد نفسه جعله مصدراً كقوله: {فضرب الرقاب}. وكقوله
عذير الحي). [الكتاب: 1/245-246]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنّه ليس كلّ حرف يظهر بعده الفعل يحذف فيه الفعل ولكنّك تضمر بعد ما أضمرت فيه. العرب من الحروف والمواضع وتظهر ما أظهروا
وتجرى هذه الأشياء التي هي على ما يستخفون بمنزلة ما يحذفون من نفس الكلام وممّا هو الكلام على ما أجروا فليس كل حرفٍ يحذف منه شيء ويثبت فيه نحو يك ويكن ولم أبل وأبال لم يحملهم ذاك على أن يفعلوه بمثله ولا يحملهم إذا كانوا يثبتون فيقولون في مر أمر أن يقولوا في خذ أوخذ وفى كل أكل. فقف على هذه الأشياء حيث وقفوا ثم فسر. وأمّا قول الشّاعر:
لقد كذبتك نفسك فاكذبنها=فإن جزعاً وإن إجمال صبر
فهذا على إمّا وليس إن الجزاء كقولك إن حقّا وإن كذبا
فهذا على إمّا محمولٌ. ألا ترى أنّك تدخل الفاء ولو كانت على إن الجزاء وقد استقبلت الكلام لاحتجت إلى الجواب. فليس قوله فإن جزعاً كقوله إن حقّا وإن كذبا ولكنّه على قوله تعالى: {فإما منا بعد وإما فداء} ). [الكتاب: 1/265-267]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ونظير ما انتصب قول الله عزّ وجلّ في كتابه: {فإما منا بعد وإما فداء} إنّما انتصب على فإمّا تمنّون منًّا وإمّا تفادون فداءً ولكنّهم حذفوا الفعل لما ذكرت لك). [الكتاب: 1/336]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإِمّا بالخبر بمنزلة أَو، وبينهما فصل.
وذلك أنك إذا قلت: جاءني زيد، أو عمرو، وقع الخبر في زيد يقينا حتّى ذكرت أَوْ فصار فيه وفي عمرو شكّ؛ وإِمّا تبتدئ بها شاكّاً. وذلك قولك: جاءني إمّا زيدٌ، وإمّا عمرو: أي: أحدهما. وكذلك وقوعها للتخيير؛ تقول: اضرب إمّا عبد الله، وإمّا خالدا. فالآمر لم يشكّ ولكنّه خيّر المأمور؛ كما كان ذلك في أَوْ. ونظيره قول الله عزّ وجلّ: {إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكراً وإمّا كفورا} وكقوله: {فإمّا منّا بعد وإمّا فداء} ). [المقتضب: 1/149] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإنما كان الحذف في الأمر جائزاً؛ لأن الأمر لا يكون إلا بفعل. قال الله عز وجل: {فإما منا بعد وإما فداءً} وقال: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب}. فالمصدر المأمور به يكون نكرة، وبالألف واللام، ومضافاً. كل ذلك مطرد في الأمر، وكل شيءٍ كان في معنى المصدر فمجراه مجرى المصدر، وسنبين ذلك إن شاء الله). [المقتضب: 3/216]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإنما كان الحذف في الأمر جائزاً؛ لأن الأمر لا يكون إلا بفعل. قال الله عز وجل: {فإما منا بعد وإما فداءً} وقال: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب}. فالمصدر المأمور به يكون نكرة، وبالألف واللام، ومضافاً. كل ذلك مطرد في الأمر، وكل شيءٍ كان في معنى المصدر فمجراه مجرى المصدر، وسنبين ذلك إن شاء الله). [المقتضب: 3/216] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن المصدر كسائر الأسماء إلا أنه اسم للفعل، فإذا نصبت فعلى إضمار الفعل. فمن المصادر ما يكثر استعماله، فيكون بدلاً من فعله ومنها ما لا يكون له حق الاسم. فأما ما كثر استعماله حتى صار بدلاً من الفعل فقولك: حمداً وشكراً، لا كفراً. وعجباً إنما أردت: أحمد الله حمداً. فلولا الاستعمال الذي أبان عن ضميرك لم يجز أن تضمر؛ لأنه موضع خبر، وإنما يحسن الإضمار ويطرد في موضع الأمر؛ لأن الأمر لا يكون إلا بفعل. نحو قولك: ضرباً زيدا. إنما أردت: اضرب ضربا. وكذلك ضرب زيد. نصبت الضرب باضرب، ثم أضفته إلى زيد لما حذفت التنوين؛ كما تقول: هذا ضارب زيد غدا. والأصل إثبات التنوين وحذفه استخافٌ لعلم المخاطب. ألا ترى أن الاسم المضاف إلى معرفة على نية التنوين لا يكون إلا نكرة؛ لأن التنوين في النية، نحو قوله عز وجل: {هذا عارضٌ ممطرنا} و{هدياً بالغ الكعبة}. هو وصف للنكرة، وتدخل عليه رب كما تدخل على النكرة. وقد مضى تفسير هذا في بابه. قال الشاعر:

يا رب غابطنا لو كان يطلبكملاقى مباعدةً منكم وحرمانـا

يريد: غابطٍ لنا. ومن ذلك قوله عز وجل: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} وإنما التقدير - والله أعلم -: فضرباً الرقاب. فهذا يدل على ما بعده، وما يرد من جنسه ونظائره). [المقتضب: 3/226-227] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإن قلت: سقياً قلت بعده: لفلان؛ لتبين ما تعني، وإن علم من تعني. فإن شئت أن تحذفه حذفته. ومن ذلك قول عز وجل: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} إنما هو: فاضربوا الرقاب ضرباً، ثم أضاف. وكذلك قوله، تبارك وتعالى: {فإما مناً بعد وإما فداءً} إنما تقديره: فإما مننتم مناً، وإما فاديتم فداءً. وكذلك {وعد الله حقاً} و{صنع الله} ). [المقتضب: 3/267-268]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإن قلت: سقياً قلت بعده: لفلان؛ لتبين ما تعني، وإن علم من تعني. فإن شئت أن تحذفه حذفته. ومن ذلك قول عز وجل: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} إنما هو: فاضربوا الرقاب ضرباً، ثم أضاف. وكذلك قوله، تبارك وتعالى: {فإما مناً بعد وإما فداءً} إنما تقديره: فإما مننتم مناً، وإما فاديتم فداءً. وكذلك {وعد الله حقاً} و{صنع الله} ). [المقتضب: 3/267-268] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (أما ما كان في معنى الأمر فإنما كان حقه أن يكون موقوفاً؛ لأنه معدول عن مصدر فعل موقوف موضوع في موضعه، فإنما مجازه مجاز المصدر، إلا أنها المصادر التي يؤمر بها؛ نحو: ضرباً زيدا؛ كما قال الله عز وجل: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} إلا أن المصدر مقدر مؤنثاً علماً لهذا المعنى وذلك نحو قوله:
تراكها من إبل تراكها ). [المقتضب: 3/368-369]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأما قوله:
فندلاً زريق المال ندل الثعالب
فزريق قبيلة. وقوله" ندلاً" مصدر، يقول، اندلي ندلاً يا زريق المال، والندل: أن تجذبه جذبًا، يقال: ندل الرجلا الدلو ندلاً إذا كان يجذبها مملوءة من البئر، فنصب" ندلاً "بفعل مضمر وهو" أندلي "وهذا في الأمر، تقول: ضربًا زيدًا، وشتما عبد الله، لأن الأمر لا يكون إلا بفعل، فكان الفعل فيه أقوى، فلذلك أضمرته، ودل المصدر على الفعل المضمر، ولو كان خبرًا لم يجز فيه الإضمار، لأن الخبر يكون بالفعل وغيره، والأمر لا يكون إلا بالفعل، قال الله عز وجل: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}. فكان في موضع "اضربوا"، حتى: كان القائل قال: فاضربوا، ألا ترى أنه ذكر بعده محضًا في قوله: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} ولو نون منون في غير القرآن لنصب "الرقاب" وكذلك كل موضع هو بالفعل أولى). [الكامل: 1/241-242]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأما قوله:
فندلاً زريق المال ندل الثعالب
فزريق قبيلة. وقوله" ندلاً" مصدر، يقول، اندلي ندلاً يا زريق المال، والندل: أن تجذبه جذبًا، يقال: ندل الرجلا الدلو ندلاً إذا كان يجذبها مملوءة من البئر، فنصب" ندلاً "بفعل مضمر وهو" أندلي "وهذا في الأمر، تقول: ضربًا زيدًا، وشتما عبد الله، لأن الأمر لا يكون إلا بفعل، فكان الفعل فيه أقوى، فلذلك أضمرته، ودل المصدر على الفعل المضمر، ولو كان خبرًا لم يجز فيه الإضمار، لأن الخبر يكون بالفعل وغيره، والأمر لا يكون إلا بالفعل، قال الله عز وجل: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}. فكان في موضع "اضربوا"، حتى: كان القائل قال: فاضربوا، ألا ترى أنه ذكر بعده محضًا في قوله: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} ولو نون منون في غير القرآن لنصب "الرقاب" وكذلك كل موضع هو بالفعل أولى). [الكامل: 1/241-242] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} قال: الذي تسمع لصوته نقيضًا من ثقله. {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} قال: لا أذكر إلا ذكرت معي.
قال: الوزر: كل ما احتمل الرجل على ظهره. وإنما سمى الوزير وزيرًا لأنه يحمل أثقال صاحبه، وهو ها هنا حمل الإثم. {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}. قال: تسقط آثام أهلها عنهم، أي إذا قاتلوا فاستشهدوا وضعت أوزارهم ومحصت عنهم الذنوب). [مجالس ثعلب: 225-226] (م)


جمهرة التفاسير 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م 10:59 PM

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

جمهرة التفاسير 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م 10:59 PM

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

جمهرة التفاسير 24 صفر 1440هـ/3-11-2018م 04:29 PM

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم * والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم * ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم}
قوله تعالى: {الذين كفروا} الآية، إشارة إلى أهل مكة الذين أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله: {والذين آمنوا} الآية، إشارة إلى الأنصار أهل المدينة الذين آووه، وفي الطائفتين نزلت الآية، قاله ابن عباس، ومجاهد. ثم هي بعد تعم كل من دخل تحت ألفاظها.
وقوله تعالى: {وصدوا عن سبيل الله} يحتمل أن يريد الفعل المجاوز، فيكون المعنى: وصدوا غيرهم، ويحتمل أن يكون الفعل غير متعد، فيكون المعنى: وصدوا أنفسهم، و"سبيل الله": شرعه وطريقه الذي دعا إليه، وقوله تعالى: {أضل أعمالهم} أي:
أتلفها، ولم يجعل لها غاية خير ولا نفعا، وروي أن هذه الآية نزلت بعد بدر، وأن الإشارة بقوله: {أضل أعمالهم} هي إلى الإنفاق الذي أنفقوه في سفرتهم إلى بدر، وقيل: المراد بالأعمال أعمالهم البرة في الجاهلية، من صلة رحم ونحوه، واللفظ يعم جميع ذلك.
وقرأ الناس: "نزل" بضم النون وشد الزاي، وقرأ الأعمش: "أنزل" معدى بالهمزة، وقوله تعالى: {وأصلح بالهم}، قال قتادة: معناه: حالهم، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما: أمرهم، وقال مجاهد: شأنهم، وتحرير التفسير في اللفظة أنها بمعنى الفكر والموضع الذي فيه نظر الإنسان وهو القلب، فإذا صلح ذلك صلحت حاله، فكأن اللفظة مشيرة إلى صلاح عقيدتهم، وغير ذلك من الحال تابع، فقولك: "خطر في بالي كذا" وقولك: "أصلح الله بالك"، المراد بهما واحد، ذكره المبرد، و"البال": مصدر كالحال والشأن، ولا يستعمل منها فعل، وكذلك عرفه أن لا يثنى ولا يجمع، وقد جاء مجموعا لكنه شاذ; فإنهم قالوا: بالات). [المحرر الوجيز: 7/ 638-639]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "كذلك" إشارة إلى الاتباع المذكور من الفريقين، أي: كما اتبعوا على هذين السبيلين كذلك يبين أمر كل فرقة، ويجعل لها ضربها من القول وصنفا، وضرب المثل مأخوذ من الضريب والضرب الذي هو بمعنى النوع). [المحرر الوجيز: 7/ 639]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم * سيهديهم ويصلح بالهم * ويدخلهم الجنة عرفها لهم * يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم * والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم * ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم}
قال ابن عباس، وقتادة، وابن جريج، والسدي، والضحاك: إن هذه الآية منسوخة بآية السيف التي في (براءة): فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وإن الأسر والمن والفداء مرتفع، فمتى وقع أسر فإنما معه القتل ولا بد، وروي نحوه عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وقال ابن عمر، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم، وعطاء ما معناه: إن هذه الآية محكمة مبينة لتلك، والمن والفداء ثابت، وقد من رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمامة بن أثال، وفادى أسرى بدر، وقاله الحسن، وقال: لا يقتل الأسير إلا في الحرب، يهيب بذلك على العدو، وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يفادي رجلا برجل، ومنع الحسن أن يفادوا بالمال، وقد أمر عمر بن عبد العزيز بقتل أسير من الترك ذكر له أنه قتل مسلمين، وقالت فرقة: هذه الآية خصصت من الأخرى بأهل الكتاب فقط، ففيهم المن والفداء، وعباد الأوثان ليس فيهم إلا القتل.
وعلى قول أكثر العلماء الآيتان محكمتان، وقوله تعالى هنا: {فضرب الرقاب} بمثابة قوله تعالى هناك: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}، وصرح هنا بذكر المن والفداء، ولم يصرح به هناك وهو أمر مقرر، وهذا هو القول القوي.
وقوله تعالى: {فضرب الرقاب} مصدر بمعنى الفعل، أي: فاضربوا رقابهم، وعين من أنواع القتل أشهره وأعرفه فذكره، والمراد: اقتلوهم بأي وجه أمكن، وقد زادت آية أخرى: واضربوا منهم كل بنان، وهي من أنكى ضربات الحرب، لأنها تعطل من المضروب جميع جسده; إذ البنان أعظم آلة المقاتل وأصلها. وأثخنتموهم معناه: بالقتل. و"الإثخان" في القوم أن يكثر فيهم القتلى والجرحى، والمعنى: فشدوا الوثاق بمن لم يقتل ولم يترتب عليه إلا الأسر، و"منا" و"فداء" مصدران منصوبان بفعلين مضمرين. وقرأ جمهور الناس: "فداء"، وقرأ شبل عن ابن كثير: "فدى"، مقصورا.
وإمام المسلمين مخير في أسراه في خمسة أوجه: القتل أو الاسترقاق أو ضرب الجزية أو الفداء، ويترجح النظر في أسير أسر بحسب حاله من إذاية المسلمين أو ضد ذلك.
وقوله تعالى: {حتى تضع الحرب أوزارها} معناه: حتى تذهب وتزول أثقالها، و"الأوزار" جمع وزر - الأثقال فيها والآلات لها، ومنه قول عمرو بن معد يكرب الزبيدي:
وأعددت للحرب أوزارها ... رماحا طوالا وخيلا ذكورا
وقال الثعلبي: وقيل: الأوزار في هذه الآية الآثام، جمع وزر؛ لأن الحرب لا بد أن يكون فيها آثام في أحد الجانبين.
واختلف المتأولون في الغاية التي عندها تضع الحرب أوزارها، فقال قتادة: حتى يسلم الجميع فتضع الحرب أوزارها، وقال حذاق أهل النظر: حتى تغلبوهم وتقتلوهم، وقال مجاهد: حتى ينزل عيسى ابن مريم عليهما السلام.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وظاهر الآية أنها استعارة يراد لها التزام الأمر أبدا، وذلك أن الحرب بين المؤمنين والكافرين لا تضع أوزارها، فجاء هذا كما تقول: أنا أفعل كذا إلى يوم القيامة، فإنما ترد أن تفعله دائما.
وقوله تعالى: "ذلك" تقديره: الأمر ذلك، ثم قوله تعالى: {ولو يشاء الله لانتصر منهم} أي بعذاب من عنده يهلكهم به في حين واحد، ولكنه تعالى أراد اختبار المؤمنين، وأن يبلو بعض الناس ببعض. وقرأ جمهور القراء: "قاتلوا"، وقرأ عاصم، الجحدري - بخلاف عنه -: "قتلوا" بفتح القاف والتاء، وقرأ أبو عمرو، وحفص عن عاصم، والأعرج، وقتادة، والأعمش: "قتلوا" بضم القاف وكسر التاء، وقرأ زيد بن ثابت، والحسن والجحدري، وعيسى، وأبو رجاء هكذا وشددوا التاء، والقراءة الأولى أعمها وأوضحها معنى.
وقال قتادة: نزلت هذه الآية فيمن قتل يوم أحد). [المحرر الوجيز: 7/ 639-642]

تفسير قوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "سيهديهم" أي: إلى طريق الجنة، وقد تقدم القول في إصلاح البال).[المحرر الوجيز: 7/ 642]

تفسير قوله تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقد روى عباس بن المفضل عن أبي عمرو: "ويدخلهم" بسكون اللام، وفي التغابن يوم يجمعكم، وفي سورة الإنسان إنما نطعمكم بسكون الطاء والميم.
وقوله تعالى: {عرفها لهم}، قال أبو سعيد الخدري، وقتادة، ومجاهد: معناه: بينها لهم، أي: جعلهم يعرفون منازلهم منها، وفي نحو هذا المعنى هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لأحدكم بمنزله في الجنة أعرف منه بمنزله في الدنيا"، وقالت فرقة: معناه: سماها لهم ورسمها، كل منزل باسم صاحبه، فهذا نحو من التعريف، وقالت فرقة: معناه: شرفها لهم ورفعها وعلاها، وهذا من الأعراف التي هي الجبال وما أشبهها، ومنه أعراف الخيل، وقال مؤرج وغيره: معناه: طيبها، مأخوذ من العرف، ومنه طعام معرف، أي: مطيب، وعرفت القدر، أي: طيبتها بالملح والتوابل). [المحرر الوجيز: 7/ 642]

جمهرة التفاسير 24 صفر 1440هـ/3-11-2018م 05:08 PM

تفاسير القرن السابع الهجري
...

جمهرة التفاسير 24 صفر 1440هـ/3-11-2018م 07:24 PM

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم (1) والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وآمنوا بما نزّل على محمّدٍ وهو الحقّ من ربّهم كفّر عنهم سيّئاتهم وأصلح بالهم (2) ذلك بأنّ الّذين كفروا اتّبعوا الباطل وأنّ الّذين آمنوا اتّبعوا الحقّ من ربّهم كذلك يضرب اللّه للنّاس أمثالهم (3) }
يقول تعالى: {الّذين كفروا} أي: بآيات اللّه، {وصدّوا} غيرهم {عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم} أي: أبطلها وأذهبها، ولم يجعل لها جزاءً ولا ثوابًا، كقوله تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثورًا} [الفرقان: 23]). [تفسير ابن كثير: 7/ 306]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} أي: آمنت قلوبهم وسرائرهم، وانقادت جوارحهم وبواطنهم وظواهرهم، {وآمنوا بما نزل على محمّدٍ}، عطف خاصٍّ على عامٍّ، وهو دليلٌ على أنّه شرطٌ في صحّة الإيمان بعد بعثته صلوات اللّه وسلامه عليه.
وقوله: {وهو الحقّ من ربّهم} جملةٌ معترضةٌ حسنةٌ؛ ولهذا قال: {كفّر عنهم سيّئاتهم وأصلح بالهم} قال ابن عبّاسٍ: أي أمرهم. وقال مجاهدٌ: شأنهم. وقال قتادة وابن زيدٍ: حالهم. والكلّ متقاربٌ. وقد جاء في حديث تشميت العاطس: "يهديكم اللّه ويصلح بالكم"). [تفسير ابن كثير: 7/ 306]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {ذلك بأنّ الّذين كفروا اتّبعوا الباطل} أي: إنّما أبطلنا أعمال الكفّار، وتجاوزنا عن سيّئات الأبرار، وأصلحنا شؤونهم؛ لأنّ الّذين كفروا اتّبعوا الباطل، أي: اختاروا الباطل على الحقّ، {وأنّ الّذين آمنوا اتّبعوا الحقّ من ربّهم كذلك يضرب اللّه للنّاس أمثالهم} أي: يبيّن لهم مآل أعمالهم، وما يصيرون إليه في معادهم). [تفسير ابن كثير: 7/ 306]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فإذا لقيتم الّذين كفروا فضرب الرّقاب حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً حتّى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء اللّه لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعضٍ والّذين قتلوا في سبيل اللّه فلن يضلّ أعمالهم (4) سيهديهم ويصلح بالهم (5) ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم (6) يا أيّها الّذين آمنوا إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبّت أقدامكم (7) والّذين كفروا فتعسًا لهم وأضلّ أعمالهم (8) ذلك بأنّهم كرهوا ما أنزل اللّه فأحبط أعمالهم (9) }
يقول تعالى مرشدًا للمؤمنين إلى ما يعتمدونه في حروبهم مع المشركين: {فإذا لقيتم الّذين كفروا فضرب الرّقاب} أي: إذا واجهتموهم فاحصدوهم حصدًا بالسّيوف، {حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا} أي: أهلكتموهم قتلًا {فشدّوا} [وثاق] الأسارى الّذين تأسرونهم، ثمّ أنتم بعد انقضاء الحرب وانفصال المعركة مخيّرون في أمرهم، إن شئتم مننتم عليهم فأطلقتم أساراهم مجّانًا، وإن شئتم فاديتموهم بمالٍ تأخذونه منهم وتشاطرونهم عليه. والظّاهر أنّ هذه الآية نزلت بعد وقعة بدرٍ، فإنّ اللّه، سبحانه، عاتب المؤمنين على الاستكثار من الأسارى يومئذٍ ليأخذوا منهم الفداء، والتّقلّل من القتل يومئذٍ فقال: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض تريدون عرض الدّنيا واللّه يريد الآخرة واللّه عزيزٌ حكيمٌ لولا كتابٌ من اللّه سبق لمسّكم فيما أخذتم عذابٌ عظيمٌ} [الأنفال: 67، 68].
ثمّ قد ادّعى بعض العلماء أنّ هذه الآية -المخيّرة بين مفاداة الأسير والمنّ عليه- منسوخةٌ بقوله تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كلّ مرصدٍ]} الآية [التّوبة: 5]، رواه العوفيّ عن ابن عبّاسٍ. وقاله قتادة، والضّحّاك، والسّدّيّ، وابن جريج.
وقال الآخرون -وهم الأكثرون-: ليست بمنسوخةٍ.
ثمّ قال بعضهم: إنّما الإمام مخيّر بين المنّ على الأسير ومفاداته فقط، ولا يجوز له قتله.
وقال آخرون منهم: بل له أن يقتله إن شاء، لحديث قتل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم النّضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط من أسارى بدرٍ، وقال ثمامة بن أثالٍ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين قال له: "ما عندك يا ثمامة؟ " فقال: إن تقتل تقتل ذا دمٍ، وإن تمنن تمنن على شاكرٍ، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت.
وزاد الشّافعيّ، رحمه اللّه، فقال: الإمام مخيّرٌ بين قتله أو المنّ عليه، أو مفاداته أو استرقاقه أيضًا. وهذه المسألة محرّرة في علم الفروع، وقد دلّلنا على ذلك في كتابنا "الأحكام"، وللّه الحمد والمنّة.
وقوله: {حتّى تضع الحرب أوزارها} قال مجاهدٌ: حتّى ينزل عيسى ابن مريم [عليه السّلام]. وكأنّه أخذه من قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا تزال طائفةٌ من أمّتي ظاهرين على الحقّ حتّى يقاتل آخرهم الدّجّال".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا الحكم بن نافعٍ، حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن إبراهيم بن سليمان، عن الوليد بن عبد الرّحمن الجرشي، عن جبير بن نفير؛ أنّ سلمة بن نفيل أخبرهم: أنّه أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إنّي سيّبت الخيل، وألقيت السّلاح، ووضعت الحرب أوزارها، وقلت: "لا قتال" فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "الآن جاء القتال، لا تزال طائفةٌ من أمّتي ظاهرين على النّاس يزيغ اللّه قلوب أقوامٍ فيقاتلونهم: ويرزقهم اللّه منهم، حتّى يأتي أمر اللّه وهم على ذلك. ألا إنّ عقر دار المؤمنين الشّام، والخيل معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة".
وهكذا رواه النّسائيّ من طريقين، عن جبير بن نفير، عن سلمة بن نفيل السّكونيّ، به.
وقال أبو القاسم البغويّ: حدّثنا داود بن رشيد، حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، عن محمّد بن مهاجرٍ، عن الوليد بن عبد الرّحمن الجرشي، عن جبير بن نفير، عن النّوّاس بن سمعان قال: لمّا فتح على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فتح فقالوا: يا رسول اللّه، سيّبت الخيل، ووضعت السّلاح، ووضعت الحرب أوزارها، قالوا: لا قتال، قال: "كذبوا، الآن، جاء القتال، لا يزال اللّه يرفّع قلوب قومٍ يقاتلونهم، فيرزقهم منهم، حتّى يأتي أمر اللّه وهم على ذلك، وعقر دار المسلمين بالشّام".
وهكذا رواه الحافظ أبو يعلى الموصليّ عن داود بن رشيد، به. والمحفوظ أنّه من رواية سلمة بن نفيل كما تقدّم. وهذا يقوّي القول بعدم النّسخ، كأنّه شرّع هذا الحكم في الحرب إلى ألّا يبقى حربٌ.
وقال قتادة: {حتّى تضع الحرب أوزارها} حتّى لا يبقى شركٌ. وهذا كقوله تعالى: {وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنةٌ ويكون الدّين للّه} [البقرة: 193]. ثمّ قال بعضهم: {حتّى تضع الحرب أوزارها} أي: أوزار المحاربين، وهم المشركون، بأن يتوبوا إلى اللّه عزّ وجلّ. وقيل: أوزار أهلها بأن يبذلوا الوسع في طاعة اللّه، عزّ وجلّ.
وقوله: {ذلك ولو يشاء اللّه لانتصر منهم} أي: هذا ولو شاء اللّه لانتقم من الكافرين بعقوبةٍ ونكال من عنده، {ولكن ليبلو بعضكم ببعضٍ} أي: ولكن شرع لكم الجهاد وقتال الأعداء ليختبركم، ويبلو أخباركم. كما ذكر حكمته في شرعيّة الجهاد في سورتي "آل عمران" و "براءة" في قوله: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولـمّا يعلم اللّه الّذين جاهدوا منكم ويعلم الصّابرين} [آل عمران: 142].
وقال في سورة براءة: {قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب اللّه على من يشاء واللّه عليمٌ حكيمٌ} [التّوبة: 14، 15].
ثمّ لـمّا كان من شأن القتال أن يقتل كثيرٌ من المؤمنين، قال: {والّذين قتلوا في سبيل اللّه فلن يضلّ أعمالهم} أي: لن يذهبها بل يكثّرها وينمّيها ويضاعفها. ومنهم من يجري عليه عمله في طول برزخه، كما ورد بذلك الحديث الّذي رواه الإمام أحمد في مسنده، حيث قال:
حدّثنا زيد بن يحيى الدّمشقيّ، حدّثنا ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحولٍ، عن كثير بن مرّة، عن قيسٍ الجذاميّ -رجلٍ كانت له صحبةٌ-قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "يعطى الشّهيد ستّ خصالٍ عند أوّل قطرةٍ من دمه: يكفر عنه كلّ خطيئةٍ، ويرى مقعده من الجنّة، ويزوّج من الحور العين، ويؤمّن من الفزع الأكبر، ومن عذاب القبر، ويحلّى حلّة الإيمان". تفرّد به أحمد رحمه اللّه.
حديثٌ آخر: قال أحمد أيضًا: حدّثنا الحكم بن نافعٍ، حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن بحير ابن سعيدٍ، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معد يكرب الكنديّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ للشّهيد عند اللّه ستّ خصالٍ: أن يغفر له في أوّل دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنّة، ويحلّى حلّة الإيمان، ويزوّج من الحور العين، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خيرٌ من الدّنيا وما فيها، ويزوّج اثنتين وسبعين زوجةً من الحور العين، ويشفّع في سبعين إنسانًا من أقاربه".
وقد أخرجه التّرمذيّ وصحّحه ابن ماجه.
وفي صحيح مسلمٍ عن عبد اللّه بن عمرو، وعن أبي قتادة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: "يغفر للشّهيد كلّ شيءٍ إلّا الدّين". وروي من حديث جماعةٍ من الصّحابة، وقال أبو الدّرداء: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يشفّع الشّهيد في سبعين من أهل بيته". ورواه أبو داود. والأحاديث في فضل الشّهيد كثيرةٌ جدًّا). [تفسير ابن كثير: 7/ 307-309]

تفسير قوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {سيهديهم} أي: إلى الجنّة، كقوله تعالى: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات يهديهم ربّهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنّات النّعيم} [يونس: 9].
وقوله: {ويصلح بالهم} أي: أمرهم وحالهم). [تفسير ابن كثير: 7/ 309-310]

تفسير قوله تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم} أي: عرّفهم بها وهداهم إليها.
قال مجاهدٌ: يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم، وحيث قسم اللّه لهم منها، لا يخطئون كأنّهم ساكنوها منذ خلقوا، لا يستدلّون عليها أحدًا. وروى مالكٌ عن ابن زيد بن أسلم نحو هذا.
وقال محمّد بن كعبٍ: يعرفون بيوتهم إذا دخلوا الجنّة، كما تعرفون بيوتكم إذا انصرفتم من الجمعة.
وقال مقاتل بن حيّان: بلغنا أنّ الملك الّذي كان وكّل بحفظ عمله في الدّنيا يمشي بين يديه في الجنّة، ويتبعه ابن آدم حتّى يأتي أقصى منزلٍ هو له، فيعرّفه كلّ شيءٍ أعطاه اللّه في الجنّة، فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنّة دخل [إلى] منزله وأزواجه، وانصرف الملك عنه ذكرهنّ ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه.
وقد ورد الحديث الصّحيح بذلك أيضًا، رواه البخاريّ من حديث قتادة، عن أبي المتوكّل النّاجي، عن أبي سعيدٍ الخدريّ [رضي اللّه عنه] ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: "إذا خلص المؤمنون من النّار حبسوا بقنطرةٍ بين الجنّة والنّار، يتقاصّون مظالم كانت بينهم في الدّنيا، حتّى إذا هذّبوا ونقّوا أذن لهم في دخول الجنّة، والّذي نفسي بيده، إنّ أحدهم بمنزله في الجنّة أهدى منه بمنزله الّذي كان في الدّنيا"). [تفسير ابن كثير: 7/ 310]


الساعة الآن 01:59 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة