جمهرة العلوم

جمهرة العلوم (http://jamharah.net/index.php)
-   تفسير سورة النمل (http://jamharah.net/forumdisplay.php?f=858)
-   -   تفسير سورة النمل [ من الآية (89) إلى الآية (93) ] (http://jamharah.net/showthread.php?t=20761)

أسماء الشامسي 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م 09:34 AM

تفسير سورة النمل [ من الآية (89) إلى الآية (93) ]
 
{ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ (89) وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (90) إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)}



محمد أبو زيد 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م 10:20 AM

جمهرة تفاسير السلف
 
تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ (89) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني شبيب بن سعيد عن يحيى بن أبي أنيسة أنه سأل عطاء بن أبي رباح عن قول الله: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون}، قال عطاء: من جاء بالتوحيد فله خيرٌ وقوةٌ، {ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار}، فقال عطاء: من جاء بالشرك؛ قال: وسمعت عطاء يقول: ألم تسمع لقوله: {من أعطى واتقى وصدق بالحسنى}، يقول: من صدق بالتوحيد، {وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى}، كذب بالتوحيد). [الجامع في علوم القرآن: 1/42-43]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا عمر بن زيد قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر ابن عبد الله وسئل عن الموجبتين فقال من لقي الله لا يشرك به دخل الجنة ومن لقي الله يشرك به دخل النار). [تفسير عبد الرزاق: 2/86]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله تعالى من جاء بالحسنة فله خير منها قال من جاء بلا إله إلا الله فإن له خيرا ومن جاء بالسيئة يقول بالشرك فكبت وجوههم في النار). [تفسير عبد الرزاق: 2/86]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون (89) ومن جاء بالسّيّئة فكبّت وجوههم في النّار هل تجزون إلاّ ما كنتم تعملون}.
يقول تعالى ذكره: {من جاء} اللّه بتوحيده والإيمان به، وقول لا إله إلاّ اللّه موقنًا به قلبه، {فله} من هذه الحسنة عند اللّه {خيرٌ} يوم القيامة، وذلك الخير أن يثيبه اللّه {منها} الجنّة، ويؤمّنه {من فزعٍ} الصّيحة الكبرى وهي النّفخ في الصّور). [جامع البيان: 18/139]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون (89)
قوله تعالى: من جاء بالحسنة
- حدّثنا عمرو بن عبد اللّه الأوديّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن الأعمش، عن شمر بن عطيّة، عن رجلٍ من التّيم، عن أبي ذرٍّ قال: قلت: يا رسول اللّه، لا إله إلا اللّه من الحسنات؟ قال: هي من أحسن الحسنات.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن الأجلح، ثنا ابن فضيلٍ، عن الحسن ابن عبيد اللّه، عن جامع بن شدّادٍ، عن الأسود بن هلالٍ، عن عبد اللّه قوله: من جاء بالحسنة قال لا إله إلا اللّه.
وروي عن ابن عبّاسٍ وأبي هريرة وعليّ بن الحسين وسعيد بن جبيرٍ والحسن وعطاءٍ ومجاهدٍ وأبي صالحٍ ومحمّد بن كعبٍ والنّخعيّ والضّحّاك والزّهريّ وعكرمة وزيد بن أسلم وقتادة نحو ذلك.
قوله تعالى: فله خيرٌ منها
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: فله خيرٌ منها قال: خير ثوابٍ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سعيد بن يحيى الأمويّ حدّثني أبي، ثنا ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها له منها خيرٌ- وروي عن سعيد بن جبيرٍ والحسن ومجاهدٍ نحو ذلك.
- حدّثنا أبو هشام بن خالدٍ الأزرق، ثنا محمّد بن شعيبٍ أخبرني زرعة ابن إبراهيم في قول اللّه: من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها لا إله إلا اللّه خيرٌ، ليس شيءٌ خيرًا من لا إله إلا اللّه، وروي عن عكرمة نحو ذلك.
قوله تعالى: وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون
- قرئ على أحمد بن محمّد بن عثمان الدّمشقيّ، ثنا محمد بن شعيب ابن شابور أنبأ أبو رافعٍ المدينيّ إسماعيل بن رافعٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة أنّه قال: حدّثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: الشّهداء هم أحياءٌ، عند ربّهم يرزقون، وقاهم اللّه فزع ذلك وآمنهم منه). [تفسير القرآن العظيم: 9/2934-2935]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمثنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد من جاء بالحسنة قال هي كلمة الإخلاص هي لا إله إلا الله ومن جاء بالسيئة قال هو الشرك). [تفسير مجاهد: 476]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد عن الحسن البصري في قوله من جاء بالحسنة قال لا إله إلا الله ومن جاء بالسيئة قال الشرك). [تفسير مجاهد: 476]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا ميمون بن إسحاق الهاشميّ، ببغداد، ثنا أحمد بن عبد الجبّار، ثنا حفص بن غياثٍ، عن الأعمش، والحسن بن عبد اللّه، عن الأسود بن هلالٍ، عن عبد اللّه، {من جاء بالحسنة} [الأنعام: 160] قال: «من جاء بلا إله إلّا اللّه» {ومن جاء بالسّيّئة} [الأنعام: 160] قال: «بالشّرك» صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم {من جاء بالحسنة فله خير منها} قال: هي لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار} قال: هي الشرك). [الدر المنثور: 11/416]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن جابر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الموجبتين قال {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون (89) ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} قال: من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقي الله يشرك به دخل النار). [الدر المنثور: 11/416]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم في الكني عن صفوان بن عسال قال: قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك يجثوان بين يدي الرب فيقول الله للايمان: انطلق أنت وأهلك إلى الجنة، ويقول للشرك: انطلق أنت وأهلك إلى النار ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {من جاء بالحسنة فله خير منها} يعني: قول لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة} يعني: الشرك {فكبت وجوههم في النار} ). [الدر المنثور: 11/416-417]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة وأنس بن مالك عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: يجيء الاخلاص والشرك يوم القيامة فيجثوان بين يدي الرب فيقول الرب للاخلاص: انطلق أنت وأهلك إلى الجنة ثم يقول للشرك انطلق أنت وأهلك إلى النار ثم تلا هذه الآية {ومن جاء بالسيئة} بالشرك {فكبت وجوههم في النار} ). [الدر المنثور: 11/417]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه والديلمي عن كعب بن عجرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله الله {من جاء بالحسنة فله خير منها} يعني بها شهادة ان لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة} يعني بها الشرك يقال: هذه تنجي، وهذه تردي). [الدر المنثور: 11/417]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الاسماء والصفات والخارئطي في مكارم الاخلاق عن ابن مسعود {من جاء بالحسنة} قال: لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة} قال: بالشرك). [الدر المنثور: 11/417-418]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن الشعبي قال: كان حذيفة جالسا في حلقة فقال: ما تقولون في هذه الآية {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون (89) ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار} فقالوا: نعم يا حذيفة من جاء بالحسنة ضعفت له عشرا أمثالها، فأخذ كفا من حصى يضرب به الأرض وقال: تبا لكم، وكان حديدا وقال: من جاء بلا إله إلا الله وجبت له الجنة ومن جاء بالشرك وجبت له النار). [الدر المنثور: 11/418]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس {من جاء بالحسنة} قال: بلا إله إلا الله {فله خير منها} قال: منها وصل إلى الخير {ومن جاء بالسيئة} قال: الشرك). [الدر المنثور: 11/418]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {من جاء بالحسنة} قال: لا إله إلا الله {من جاء بالحسنة} قال: الشرك.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وابراهيم وأبي صالح وسعيد بن جبير وعطاء وقتادة ومجاهد، ومثله). [الدر المنثور: 11/418-419]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {فله خير منها} قال: ثواب). [الدر المنثور: 11/419]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة {من جاء بالحسنة} قال شهادة ان لا إله إلا الله {فله خير منها} قال ج يعطي به الجنة). [الدر المنثور: 11/419]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ثمن الجنة لا إله إلا الله). [الدر المنثور: 11/419]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زرعة بن إبراهيم {من جاء بالحسنة} قال: لا إله إلا الله {فله خير منها} قال: لا إله إلا الله خير، ليس شيء أخير من لا إله إلا الله). [الدر المنثور: 11/419]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ {وهم من فزع يومئذ آمنون} ينون فزع وينصب يومئذ). [الدر المنثور: 11/419]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (90) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني شبيب بن سعيد عن يحيى بن أبي أنيسة أنه سأل عطاء بن أبي رباح عن قول الله: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون}، قال عطاء: من جاء بالتوحيد فله خيرٌ وقوةٌ، {ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار}، فقال عطاء: من جاء بالشرك؛ قال: وسمعت عطاء يقول: ألم تسمع لقوله: {من أعطى واتقى وصدق بالحسنى}، يقول: من صدق بالتوحيد، {وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى}، كذب بالتوحيد). [الجامع في علوم القرآن: 1/42-43] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {ومن جاء بالسّيّئة} يقول: ومن جاء بالشّرك به يوم يلقاه، وجحود وحدانيّته {فكبّت وجوههم} في نار جهنّم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ، قال: حدّثني الفضل بن دكينٍ، قال: حدّثنا يحيى بن أيّوب البجليّ، قال: سمعت أبا زرعة، قال: قال أبو هريرة، قال يحيى: أحسبه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون} قال: وهي لا إله إلاّ اللّه {ومن جاء بالسّيّئة فكبّت وجوههم في النّار} قال: وهي الشّرك.
- حدّثنا موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، قال: حدّثنا أبو يحيى الحمّانيّ، عن النّضر بن عربيٍّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون} قال: من جاء بلا إله إلاّ اللّه، {ومن جاء بالسّيّئة فكبّت وجوههم في النّار}، قال: بالشّرك.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها} يقول: من جاء بلا إله إلاّ اللّه {ومن جاء بالسّيّئة} وهو الشّرك.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومن جاء بالسّيّئة} قال: بالشّرك.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {من جاء بالحسنة} قال: كلمة الإخلاص {ومن جاء بالسّيّئة} قال: الشّرك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ بنحوه.
- قال ابن جريجٍ: وسمعت عطاءً يقول فيها: الشّرك، يعني: في قوله: {ومن جاء بالسّيّئة}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن أبي المحجّل، عن أبي معشرٍ، عن إبراهيم، قال: كان يحلف ما يستثني، أنّ {من جاء بالحسنة} قال: لا إله إلاّ اللّه، {ومن جاء بالسّيّئة} قال: الشّرك.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عبد الملك، عن عطاءٍ، مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، قال: حدّثنا موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ: {ومن جاء بالسّيّئة فكبّت وجوههم في النّار} قال: الشّرك.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا حفصٌ، قال: حدّثنا سعد بن سعيدٍ، عن عليّ بن الحسين، وكان رجلاً غزّاء، قال: بينا هو في بعض خلواته حتّى رفع صوته: لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ؛ قال: فردّ عليه رجلٌ: ما تقول يا عبد اللّه؟ قال: أقول ما تسمع، قال: أما إنّها الكلمة الّتي قال اللّه: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {من جاء بالحسنة} قال: الإخلاص {ومن جاء بالسّيّئة} قال: الشّرك.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {ومن جاء بالسّيّئة} يعني: الشّرك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن الحسن: {ومن جاء بالسّيّئة} يقول: الشّرك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {ومن جاء بالسّيّئة فكبّت وجوههم في النّار} قال: السّيّئة: الشّرك الكفر.
- حدّثني سعد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثنا حفص بن عمر العدنيّ، قال: حدّثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، قوله: {من جاء بالحسنة} قال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه {ومن جاء بالسّيّئة} قال: السّيّئة: الشّرك.
قال الحكم: قال عكرمة: كلّ شيءٍ في القرآن السّيّئة فهو الشّرك.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله: {فله خيرٌ منها} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {فله خيرٌ منها} فمنها وصل إليه الخير، يعني ابن عبّاسٍ بذلك: من الحسنة وصل إلى الّذي جاء بها الخير.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا روح بن عبادة، قال: حدّثنا حبيب بن الشّهيد، عن الحسن: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها} قال: له منها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن الحسن، قال: من جاء بلا إله إلاّ اللّه، فله منها خيرًا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فله خيرٌ منها} يقول: له منها حظٌّ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها} قال: له منها خيرٌ؛ فأمّا أن يكون له خيرًا من الإيمان فلا، ولكن منها خيرٌ: يصيب منها خيرًا.
- حدّثنا سعد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثنا حفص بن عمر، قال: حدّثنا الحكم، عن عكرمة، قوله: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها} قال: ليس شيءٌ خيرًا من لا إله إلاّ اللّه، ولكن له منها خيرٌ.
وكان ابن زيدٍ يقول في ذلك ما:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها} قال: أعطاه اللّه بالواحدة عشرًا، فهذا خيرٌ منها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون} فقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة: (وهم من فزع يومئذٍ آمنون)، بإضافة (فزعٍ) إلى اليوم. وقرأ ذلك جماعة قرّاء أهل الكوفة: {من فزعٍ يومئذٍ}، بتنوين {فزعٍ}.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، غير أنّ الإضافة أعجب إليّ، لأنّه فزعٌ معلومٌ.
وإذا كان ذلك كذلك كان معرفةً على أنّ ذلك في سياق قوله: {ويوم ينفخ في الصّور ففزع من في السّموات ومن في الأرض إلاّ من شاء اللّه} فإذا كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أنّه عني بقوله: {وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون} من الفزع الّذي قد جرى ذكره قبله. وإذا كان كذلك، كان لا شكّ أنّه معرفةٌ، وأنّ الإضافة إذا كان معرفةً به أولى من ترك الإضافة؛ وأخرى أنّ ذلك إذا أضيف فهو أبين أنّه خبرٌ عن أمانه من كلّ أهوال ذلك اليوم منه إذا لم يضف ذلك، وذلك أنّه إذا لم يضف كان الأغلب عليه أنّه جعل الأمان من فزع بعض أهواله.
وقوله: {هل تجزون إلاّ ما كنتم تعملون} يقول تعالى ذكره. يقال لهم: هل تجزون أيّها المشركون إلاّ ما كنتم تعملون، إذ كبّكم اللّه لوجوهكم في النّار، وإلاّ جزاء ما كنتم تعملون في الدّنيا بما يسخط ربّكم؛
وترك يقال لهم اكتفاءً بدلالة الكلام عليه). [جامع البيان: 18/139-145]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومن جاء بالسّيّئة فكبّت وجوههم في النّار هل تجزون إلّا ما كنتم تعملون (90)
قوله تعالى: ومن جاء بالسّيّئة
- حدّثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن موسى، ثنا يحيى بن أيّوب البجليّ، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة في قوله: ومن جاء بالسّيّئة قال: الشّرك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ومن جاء بالسّيّئة قال: بالشّرك- وروي، عن عبد اللّه بن مسعودٍ وأنس بن مالكٍ وأبي وائل وعطاءٍ والحسن وسعيد بن جبيرٍ وعكرمة والنّخعيّ وأبي صالحٍ والزّهريّ وزيد بن أسلم ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ والسّدّيّ وقتادة والضّحّاك مثله.
قوله تعالى: فكبّت وجوههم في النّار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون
- حدّثنا أبي، ثنا أبو نصرٍ التّمّار، ثنا سلام بن مسكينٍ، عن أبي ظلالٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ عبدًا في جهنّم ينادي ألف سنةٍ: يا حنّان يا منّان فيقول اللّه تبارك وتعالى: يا جبريل اذهب فأتني بعبدي هذا، فيذهب فيجد أهل النّار منكبّين على وجوههم يبكون، فيرجع إلى ربّه فيخبره فيقول: اذهب فأتني بعبدي فيقول: هو في موضع كذا وكذا، فيذهب فيجيء به، فيوقف بين يدي اللّه تعالى، فيقول: عبدي كيف ومكانك، وكيف وجدت مقيلك؟
فيقول: يا ربّ شرّ مقيلٍ وشرّ مكانٍ. فيقول ردّوا عبدي. فيقول: يا ربّ ما كنت أرجو إذ أخرجتني منها أن تعيدني إليها فيقول: دعوا عبدي). [تفسير القرآن العظيم: 9/2935-2936]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد من جاء بالحسنة قال هي كلمة الإخلاص هي لا إله إلا الله ومن جاء بالسيئة قال هو الشرك). [تفسير مجاهد: 476]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد عن الحسن البصري في قوله من جاء بالحسنة قال لا إله إلا الله ومن جاء بالسيئة قال الشرك). [تفسير مجاهد: 476] (م)
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا ميمون بن إسحاق الهاشميّ، ببغداد، ثنا أحمد بن عبد الجبّار، ثنا حفص بن غياثٍ، عن الأعمش، والحسن بن عبد اللّه، عن الأسود بن هلالٍ، عن عبد اللّه، {من جاء بالحسنة} [الأنعام: 160] قال: «من جاء بلا إله إلّا اللّه» {ومن جاء بالسّيّئة} [الأنعام: 160] قال: «بالشّرك» صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/441] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم {من جاء بالحسنة فله خير منها} قال: هي لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار} قال: هي الشرك). [الدر المنثور: 11/416] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن جابر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الموجبتين قال {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون (89) ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} قال: من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقي الله يشرك به دخل النار). [الدر المنثور: 11/416] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم في الكني عن صفوان بن عسال قال: قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك يجثوان بين يدي الرب فيقول الله للايمان: انطلق أنت وأهلك إلى الجنة، ويقول للشرك: انطلق أنت وأهلك إلى النار ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {من جاء بالحسنة فله خير منها} يعني: قول لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة} يعني: الشرك {فكبت وجوههم في النار} ). [الدر المنثور: 11/416-417] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة وأنس بن مالك عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: يجيء الاخلاص والشرك يوم القيامة فيجثوان بين يدي الرب فيقول الرب للاخلاص: انطلق أنت وأهلك إلى الجنة ثم يقول للشرك انطلق أنت وأهلك إلى النار ثم تلا هذه الآية {ومن جاء بالسيئة} بالشرك {فكبت وجوههم في النار} ). [الدر المنثور: 11/417] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه والديلمي عن كعب بن عجرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله الله {من جاء بالحسنة فله خير منها} يعني بها شهادة ان لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة} يعني بها الشرك يقال: هذه تنجي، وهذه تردي). [الدر المنثور: 11/417] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الاسماء والصفات والخارئطي في مكارم الاخلاق عن ابن مسعود {من جاء بالحسنة} قال: لا إله إلا الله {ومن جاء بالسيئة} قال: بالشرك). [الدر المنثور: 11/417-418] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن الشعبي قال: كان حذيفة جالسا في حلقة فقال: ما تقولون في هذه الآية {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون (89) ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار} فقالوا: نعم يا حذيفة من جاء بالحسنة ضعفت له عشرا أمثالها، فأخذ كفا من حصى يضرب به الأرض وقال: تبا لكم، وكان حديدا وقال: من جاء بلا إله إلا الله وجبت له الجنة ومن جاء بالشرك وجبت له النار). [الدر المنثور: 11/418] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس {من جاء بالحسنة} قال: بلا إله إلا الله {فله خير منها} قال: منها وصل إلى الخير {ومن جاء بالسيئة} قال: الشرك). [الدر المنثور: 11/418] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {من جاء بالحسنة} قال: لا إله إلا الله {من جاء بالحسنة} قال: الشرك.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وابراهيم وأبي صالح وسعيد بن جبير وعطاء وقتادة ومجاهد، ومثله). [الدر المنثور: 11/418-419] (م)

تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها وله كلّ شيءٍ وأمرت أن أكون من المسلمين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد قل {إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة} وهي مكّة {الّذي حرّمها} على خلقه أن يسفكوا فيها دمًا حرامًا، أو يظلموا فيها أحدًا، أو يصاد صيدها، أو يختلى خلاها دون الأوثان الّتي تعبدونها أيّها المشركون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها} يعني: مكّة.
وقوله: {وله كلّ شيءٍ} يقول: ولربّ هذه البلدة الأشياء كلّها ملكًا. فإيّاه أمرت أن أعبد، لا من لا يملك شيئًا.
وإنّما قال جلّ ثناؤه: {ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها} فخصّها بالذّكر دون سائر البلدان، وهو ربّ البلاد كلّها، لأنّه أراد تعريف المشركين من قوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، الّذين هم أهل مكّة بذلك نعمته عليهم، وإحسانه إليهم، وأنّ الّذي ينبغي لهم أن يعبدوه هو الّذي حرّم بلدهم، فمنع النّاس منهم، وهم في سائر البلاد يأكل بعضهم بعضًا، ويقتل بعضهم بعضًا، لا من لم تجرّ له عليهم نعمةٌ، ولا يقدر لهم على نفعٍ ولا ضرٍّ.
وقوله: {وأمرت أن أكون من المسلمين} يقول: وأمرني ربّي أن أسلم وجهي له حنيفًا، فأكون من المسلمين الّذين دانوا بدين خليله إبراهيم وجدّكم أيّها المشركون، لا من خالف دين جدّه المحقّ، ودان دين إبليس عدوّ اللّه). [جامع البيان: 18/145-146]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها وله كلّ شيءٍ وأمرت أن أكون من المسلمين (91)
قوله: إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها
- حدّثنا أبي، ثنا أبو عمر الدّوريّ، ثنا يحيى بن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ أن أعبد ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها يعني مكّة
- وروي، عن قتادة أنّها مكّة.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية في قوله: إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها إنّها منًى.
قوله تعالى: وله كلّ شيءٍ
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء، ثنا عثمان بن سعيدٍ، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ قال: قال جبريل عليه السّلام: يا محمّد للّه الخلق كلّه السّموات كلّهنّ ومن فيهنّ، والأرضون كلّهنّ ومن فيهنّ، وما بينهنّ ممّا يعلم وممّا لا يعلم.
قوله تعالى: وأمرت أن أكون من المسلمين
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: المسلمين يقول موحدين). [تفسير القرآن العظيم: 9/2936]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة التي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين * وأن اتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين * وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أن أعبد رب هذه البلدة} قال: مكة.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة، مثله). [الدر المنثور: 11/420]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: زعم الناس انها مكة). [الدر المنثور: 11/420]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: هي منى). [الدر المنثور: 11/420]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فقل إنّما أنا من المنذرين}.
يقول تعالى ذكره: قل {إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة} و{أن أكون من المسلمين، وأن اتلو القرآن، فمن اهتدى} يقول: فمن تبعني وآمن بي وبما جئت به، فسلك طريق الرّشاد {فإنّما يهتدي لنفسه} يقول: فإنّما يسلك سبيل الصّواب باتّباعه إيّاي، وإيمانه بي، وبما جئت به لنفسه، لأنّه بإيمانه بي، وبما جئت به يأمن نقمته في الدّنيا وعذابه في الآخرة.
وقوله: {ومن ضلّ} يقول: ومن جار عن قصد السّبيل بتكذيبه بي وبما جئت به من عند اللّه {فقل إنّما أنا من المنذرين} يقول تعالى ذكره: فقل يا محمّد لمن ضلّ عن قصد السّبيل، وكذّبك، ولم يصدّق بما جئت به من عندي، إنّما أنا ممّن ينذر قومه عذاب اللّه وسخطه على معصيتهم إيّاه، وقد أنذرتكم ذلك معشر كفّار قريشٍ، فإن قبلتم وانتهيتم عمّا يكرهه اللّه منكم من الشّرك به، فحظوظ أنفسكم تصيبون، وإنّ رددتم وكذّبتم فعلى أنفسكم جنيتم، وقد بلّغتكم ما أمرت بإبلاغه إيّاكم، ونصحت لكم). [جامع البيان: 18/146-147]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: أن أتلوا القرآن فمن اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فقل....
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله:
ومن ضلّ يقول: أخطأ.
قوله تعالى: فقل إنّما أنا من المنذرين
- حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الهرويّ، ثنا أبو داود الحفريّ، عن سفيان، عن السّدّيّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قوله: منذرٌ هو النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم
- وروي، عن عليّ بن أبي طالبٍ وسعيد بن جبيرٍ ومجاهدٍ وأبي صالحٍ وعكرمة وأبي الضّحى وأبي جعفرٍ محمّد بن عليّ بن الحسين والسّدّيّ والضّحّاك وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم أنّ المنذر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 9/2936-2937]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن هرون قال في حرف ابن مسعود (وأن اتل القرآن) على الامر وفي حرف أبي بن كعب (واتل عليهم القرآن) ). [الدر المنثور: 11/420]

تفسير قوله تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقل الحمد للّه سيريكم آياته فتعرفونها وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وقل يا محمّد لهؤلاء القائلين لك من مشركي قومك: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين، {الحمد للّه} على نعمته علينا بتوفيقه إيّانا للحقّ الّذي أنتم عنه عمون، سيريكم ربّكم آيات عذابه وسخطه، فتعرفون بها حقيقة نصحي كان لكم، ويتبيّن صدق ما دعوتكم إليه من الرّشاد.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {سيريكم آياته فتعرفونها} قال: في أنفسكم، وفي السّماء والأرض والرّزق.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاج، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {سيريكم آياته فتعرفونها} قال: في أنفسكم والسّماء والأرض والرّزق.
وقوله: {وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون} يقول تعالى ذكره: وما ربّك يا محمّد بغافلٍ عمّا يعمل هؤلاء المشركون، ولكن لهم أجلٌ هم بالغوه، فإذا بلغوه فلا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون. يقول تعالى ذكره لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فلا يحزنك تكذيبهم إيّاك، فإنّي من وراء إهلاكهم، وإنّي لهم بالمرصاد، فأيقن لنفسك بالنّصر، ولعدوّك بالذّلّ والخزي). [جامع البيان: 18/147-148]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقل الحمد للّه سيريكم آياته فتعرفونها وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون (93)
قوله تعالى: وقل الحمد لله
تقدّم تفسيره غير مرّةٍ.
قوله تعالى: سيريكم آياته فتعرفونها
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: سيريكم آياته فتعرفونها في أنفسكم، وفي السّماء وفي الأرض وفي الرّزق.
قوله تعالى: وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون
- ذكر، عن أبي عمر الحوضيّ حفص بن عمر، ثنا أبو أميّة بن يعلى الثّقفيّ، ثنا سعيد بن أبي سعيدٍ المقبريّ قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: يا أيّها النّاس لا يغترّنّ أحدكم باللّه، فإنّ اللّه لو كان غافلا شيئا لا غفل البعوضة والخردلة والذّرّة.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ نصر بن عليٍّ قال: أبي أخبرني، عن خالد ابن قيسٍ، عن مطرٍ، عن عمر بن عبد العزيز قال: فلو كان اللّه مغفلا، عن شيءٍ لأغفل الرّياح من أثر قدمي ابن آدم). [تفسير القرآن العظيم: 9/2937]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (إبراهيم ثنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله سيريكم آياته فتعرفونها قال يعني في أنفسكم وفي السماء والأرض والرزق). [تفسير مجاهد: 476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم عن مجاهد {سيريكم آياته فتعرفونها} قال: في أنفسكم وفي السماء وفي الأرض وفي الرزق). [الدر المنثور: 11/420]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما كان في القرآن {وما الله بغافل عما تعملون} بالتاء وما كان {وما ربك بغافل عما يعملون} بالياء). [الدر المنثور: 11/420]

أم سهيلة 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م 07:20 AM

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {ألَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ألم يروا أنّا جعلنا اللّيل ليسكنوا فيه والنّهار مبصرًا} [النمل: 86] منيرًا.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون} [النمل: 86] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/569]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {والنّهار مبصراً }: مجازه : مجاز ما كان العمل، والفعل فيه لغيره، أي يبصر فيه، ألا ترى أن البصر إنما هو في النهار والنهار لا يبصر، كما أن النوم في الليل ولا ينام الليل، فإذا نيم فيه، قالوا: ليله قائم، ونهاره صائم .

قال جرير:
لقد لمتنا يا أمّ غيلان في السّرى= ونمت وما ليل المطيّ بنائم).
[مجاز القرآن: 2/96]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم ينفخ في الصّور} [النمل: 87] والصّور قرنٌ.
قال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: قرنٌ كهيئة البوق.
{ففزع من في السّموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه} [النمل: 87] قال: وهذه النّفخة الأولى.
وتفسير الحسن في قوله: {إلا من شاء اللّه} [النمل: 87] قال: استثنى اللّه طوائف من أهل السّماء يموتون بين النّفختين.
- وعن خالدٍ، عن عبد الرّحمن بن زيادٍ، عن عمارة بن غرابٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {إلا من شاء اللّه} [النمل: 87]، الشّهداء، يقولون: ما أحسن هذا الصّوت.
{ثمّ نفخ فيه أخرى فإذا هم قيامٌ ينظرون} [الزمر: 68] قال: يقولون: سبحان اللّه ما أحسن هذا الصّوت، كأنّه الأذان في الدّنيا، فلم يفزعوا ولم يموتوا إلا الموتة الأولى.
[تفسير القرآن العظيم: 2/569]
- وعن المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة، وأنا أوّل من تنشقّ عنه الأرض، فأجد موسى متعلّقًا بالعرش، فلا أدري أصعق فيمن صعق أم أجزته الصّعقة الأولى».
- وعن عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أنا أوّل من تنشقّ عنه الأرض، فأجد موسى متعلّقًا بالعرش، فلا أدري أصعق فيمن صعق أم أجزته الصّعقة الأولى».
- وعن أبي الأشهب، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة، وأنا أوّل شافعٍ، وأوّل من تنشقّ عنه الأرض، فأجد موسى متعلّقًا بالعرش، فلا أدري أحوسب بالصّعقة الأولى أم خرج قبلي».
قوله: {وكلٌّ أتوه داخرين} [النمل: 87] صاغرين، تفسير سعيدٍ عن قتادة، يعني: النّفخة الآخرة.
- وعن المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: لطم رجلٌ من المسلمين عين رجلٍ من اليهود، فشكاه اليهوديّ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: لم لطمته؟ قال: قلت: والّذي اصطفى محمّدًا على البشر، فقال: ما اصطفى اللّه محمّدًا إنّما اصطفى اللّه موسى، فأثنى رسول اللّه
[تفسير القرآن العظيم: 2/570]
صلّى اللّه عليه وسلّم على موسى ثمّ قال: «غير أنّي سيّد ولد آدم يوم القيامة، وأوّل من تنشقّ
عنه الأرض، فأجد موسى متعلّقًا بالعرش، فلا أدري أصعق فيمن صعق أو أجزته الصّعقة الأولى».
قوله عزّ وجلّ: {وكلٌّ أتوه داخرين} [النمل: 87] قال قتادة: صاغرين، يعني: النّفخة الآخرة.
- عن أبيه، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «بين النّفختين أربعون، الأولى يميت اللّه بها كلّ حيٍّ، والأخرى يحيي اللّه بها كلّ ميّتٍ».
الحسن بن دينارٍ، عن أبي مسعودٍ الجزريّ، عن عكرمة قال: النّفخة الأولى من الدّنيا، والثّانية عن الآخرة.
- وعن عاصم بن حكيمٍ، عن سليمان التّيميّ، عن أسلم العجليّ، عن مراية العجليّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: النّافخان في السّماء الدّنيا اثنان، رأس أحدهما بالمشرق ورجلاه في المغرب، ورأس أحدهما بالمغرب ورجلاه بالمشرق.
قال يحيى: وبلغني عن الشّعبيّ أنّه بلغه أنّ رجلا كان يقول: إنّ للّه صورين، فقال: كذب، قال اللّه: {ونفخ في الصّور فصعق من في السّموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه ثمّ نفخ فيه أخرى} [الزمر: 68] إنّما هو صورٌ واحدٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/571]
قال يحيى: وبلغني عن ابن مسعودٍ قال: يقوم ملكٌ بين السّماء والأرض فينفخ فيه.
وتفسير سعيدٍ، عن قتادة أنّ المنادي، وهو صاحب الصّور، ينادي من الصّخرة من بيت المقدس). [تفسير القرآن العظيم: 2/572]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله:{ويوم ينفخ في الصّور ففزع...}: ولم يقل فيفزع، فجعل فعل مردودة على يفعل.

وذلك أنه في المعنى: وإذا نفخ في الصّور ففزع؛ ألا ترى أن قولك: أقوم يوم تقوم، كقولك: أقوم إذا تقوم، فأجيبت بفعل، لأن فعل ويفعل تصلحان مع إذا.
فإن قلت : فأين جواب قوله: {ويوم ينفخ في الصّور}؟ قلت: قد يكون في فعل مضمر مع الواو، كأنه قال: وذلك يوم ينفخ في الصور، وإن شئت قلت: جوابه متروك، كما قال: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت}، وقوله: {ولو يرى الذين ظلموا} قد ترك جوابه، والله أعلم.
وقوله: {وكلٌّ أتوه داخرين}، القرّاء على تطويل الألف يريدون: فاعلوه، وقصرها حمزة .
... حدثني عدة منهم : المفضل الضبي , وقيسٌ وأبو بكر، وكلهم، عن جحش بن زياد الضبي، عن تميم بن حذلمٍ قال:
قرأت على عبد الله بن مسعود : {وكلٌّ آتوه داخرين} بتطويل الألف، فقال: {وكلٌّ أتوه} بغير تطويل الألف، وهو وجه حسن مردود على قوله: {ففزع}، كما تقول في الكلام:
رآني ففزّ وعاد وهو صاغر، فكان ردّ فعل على مثلها أعجب إليّ مع قراءة عبد الله.
... وحدثني عبد الله بن إدريس، عن الأعمش، عن تميم، عن عبد الله بمثل حديث أبي بكرٍ، وأصحابه ).
[معاني القرآن: 2/300-301]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وكلٌّ أتوه داخرين}: أي : صاغرين خاضعين، {كل ٌ} لفظه لفظ واحد، ومعناه جميع، فهذه الآية في موضع جميع،
وقد يجوز في الكلام أن تجعله في موضع واحد فتقول: كل آتيه ذاخراً ). [مجاز القرآن: 2/96]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وكلّ أتوه داخرين} وأتاه داخرين، من وحّد فللفظ كل، ومن جمع فلمعناها ). [معاني القرآن: 4/130]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله}
حدثنا أحمد بن محمد البراثي، قال: حدثنا علي بن الجعد، عن مقاتل بن حيان في قوله تعالى: {إلا من شاء الله} قال : جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت.
وحدثنا الحسين بن عمر الكوفي قال : حدثنا هناد بن السري، قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن عمارة بن أبي حفصة، عن حجر الهجرين عن سعيد بن جبير في قوله
{إلا من شاء لله} قال: هم الشهداء، هم ثنية الله جل وعز متقلدو السيوف حول العرش؛ ثم قال جل وعز: {وكل أتوه داخرين}، قال قتادة: أي: صاغرين). [معاني القرآن: 5/149]

تفسير قوله تعالى: ({وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وترى الجبال تحسبها جامدةً} [النمل: 88] ساكنةً.
{وهي تمرّ مرّ السّحاب} تكون {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5] كالصّوف المنفوش وتكون {كثيبًا مهيلا} [المزمل: 14] وتبسّ بسًّا كما يبسّ السّويق، وتكون سرابًا، ثمّ تكون {هباءً منبثًّا} [الواقعة: 6] فذلك حين تذهب من أصولها فلا يرى منها شيءٌ، فتصير الأرض كلّها مستويةً.
{صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيءٍ} [النمل: 88] أحكم كلّ شيءٍ.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: أحسن كلّ شيءٍ.
قرّة بن خالدٍ، عن الحسن أنّه قرأ هذه الآية، فقال: ألم تر إلى كلّ دابّةٍ كيف تتّقي على نفسها.
قال يحيى: ليس، يعني: الحسن أتقن تتقي، ولكن من الإتقان أن جعل كلّ دابّةٍ تتّقي على نفسها.
قال: {إنّه خبيرٌ بما تفعلون} [النمل: 88] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/572]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وترى الجبال تحسبها جامدةً} أي : واقفة، {وهي تمرّ مرّ}: تسير سير السّحاب هذا إذا نفخ في الصّور،

يريد: أنها تجمع وتسيّر، فهي لكثرتها كأنها جامدة، وهي تسير، وقد بينا هذا في كتاب «تأويل المشكل» ). [تفسير غريب القرآن: 327]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (قوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}
يريد: أنها تجمع وتُسَيّر، فهي لكثرتها كأنها جامدة واقفة في رأي العين، وهي تسير سير السحاب.
وكل جيش غصّ الفضاء به، لكثرته وَبُعْدِ ما بين أطرافه، فقصر عنه البصر؛ فكأَنَّه في حسبان الناظر واقف وهو يسير.
وإلى هذا المعنى ذهب الجعديّ في وصف جيش فقال:
بأرعنَ مثل الطّودِ تحسب أنهم = وقوف لِحَاجٍ والرّكاب تُهَمْلِجُ).
[تأويل مشكل القرآن: 6]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمرّ مرّ السّحاب صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيء إنّه خبير بما تفعلون}
{صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيء}: القراءة النصب، ويجوز الرفع: صنع، فمن نصب فعلى معنى المصدر، لأن قوله: {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمرّ مرّ السّحاب}،
دليل على الصنعة، كأنّه قيل صنع اللّه ذلك صنعاً.
ومن قال: {صنع الله} بالرفع، فالمعنى: ذلك صنع اللّه). [معاني القرآن: 4/130]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب} : لأنها قد بست، وجمعت ). [معاني القرآن: 5/149]

أم سهيلة 25 رجب 1434هـ/3-06-2013م 07:22 AM

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ (89) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا}: تضاعف له). [مجالس ثعلب: 117]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (90) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92) }

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93) }

جمهرة التفاسير 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م 08:41 PM

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

جمهرة التفاسير 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م 08:42 PM

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

جمهرة التفاسير 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م 08:44 PM

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ (89)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الحسنة": الإيمان، وقال الحسن، وابن عباس، والنخعي، وقتادة: هي لا إله إلا الله، وروي عن علي بن الحسين أنه قال: كنت في بعض خلواتي، فرفعت صوتي بـ "لا إله إلا الله"، فسمعت قائلا يقول: إنها الكلمة التي قال الله فيها: من جاء بالحسنة فله خير منها، وقوله: {خير منها} يحتمل أن يكون للتفضيل، ويكون في قوله: "منها" حذف مضاف تقديره: خير من قدرها أو استحقاقها، بمعنى أن الله تعالى تفضل عليه بفوق ما تستحق حسنته، قال ابن زيد: يعطى بالواحدة عشرة، والداعية إلى هذا التقدير أن الحسنة لا يتصور بينها وبين الثواب تفضيل، ويحتمل أن يكون "خير" ليس للتفضيل، بل اسم للثواب والنعمة، ويكون قوله: "منها" لابتداء الغاية، أي: هذا الجزاء الذي يكون له هو من حسنته وبسببها، هذا قول الحسن، وابن جريج، وقال عكرمة: ليس شيء خيرا من لا إله إلا الله، وإنما له الخير منها،.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: "من فزع يومئذ" بالإضافة، ثم اختلفوا في فتح الميم وكسرها من "يومئذ"، فقرأ أكثرهم بفتح الميم على بناء الظرف لما أضيف إلى غير ممكن، وقرأ إسماعيل بن جعفر عن نافع بكسر الميم على إعمال الإضافة; وذلك أن الظروف إذا أضيفت إلى غير ممكن جاز بناؤها وإعمال الإضافة فيها، ومن ذلك قول الشاعر:
على حين عاتبت المشيب على الصبا ... وقلت ألما أصح والشيب وازع
فإنه يروى: "على حين" بفتح النون، و"على حين" بكسرها، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: "من فزع" بالتنوين وترك الإضافة، ولا يجوز -مع هذه القراءة- إلا فتح الميم من "يومئذ"). [المحرر الوجيز: 6/ 565-566]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (90) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "السيئة" التي هي في هذه الآية هي الكفر والمعاصي ممن حتم الله تعالى عليه من أهل المشيئة بدخول النار، و"كبت" معناه: تلت في النار، وجاء هذا كبا من حيث خلقها في الدنيا يعطي ارتفاعها، وإذا كبت الوجوه فسائر البدن أدخل في النار; إذ الوجه موضع الشرف والحواس. وقوله: {هل تجزون} بمعنى: فقال لهم ذلك، وهذا على جهة التوبيخ). [المحرر الوجيز: 6/ 566]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {إنما أمرت} بمعنى: قل يا محمد لقومك: إنما أمرت، و"البلدة المشار إليها مكة، وقرأ جمهور الناس: "الذي حرمها"، وقرأ ابن عباس، وابن مسعود: "التي حرمها"، وأضاف -في هذه الآية- التحريم إلى الله تعالى من حيث ذلك بقضائه وسابق علمه، وأضاف النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إلى إبراهيم في قوله: إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة من حيث كان ظاهر ذلك بدعائه ورغبته وتبليغه لأمته، فليس بين الآية والحديث تعارض. وفي قوله: "حرمها" تعديد نعمته على قريش في رفع الله تعالى عن بلدهم الغارات والفتن الشائعة في جميع بلاد العرب.
وقوله تعالى: {وله كل شيء} معناه: بالملك والعبودية. وقرأ جمهور الناس: "أن أتلو" عطفا على قوله: " أن أكون "، وقرأ ابن مسعود: "وأن اتل القرآن" بمعنى: وأن قيل لي: اتل القرآن، و"اتل" معناه: تابع بقراءتك بين آياته واسرد. وتلاوة القرآن سبب الاهتداء إلى كل خير.
وقوله تعالى: {فمن اهتدى} معناه: من تكسب الهدى والإيمان ونظر نظرا ينجيه فلنفسه سعيه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فنسبة الهدى والضلال إلى البشر من هذه الآية إنما هي بالتكسب والحرص والحال التي عليها يقع الثواب والعقاب، والكل أيضا من الله تعالى بالاختراع). [المحرر الوجيز: 6/ 566-567]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {سيريكم آياته} توعد بعذاب الدنيا كبدر والفتح ونحوه، وبعذاب الآخرة. وقرأ جمهور القراء: "عما يعملون" بالياء، وقرأ نافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم: "عما تعملون" بالتاء من فوق على مخاطبتهم.
كمل تفسير سورة النمل والحمد لله رب العالمين).[المحرر الوجيز: 6/ 567]

جمهرة التفاسير 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م 09:16 PM

تفاسير القرن السابع الهجري
...

جمهرة التفاسير 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م 09:20 PM

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ (89)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ):(ثمّ بيّن تعالى حال السّعداء والأشقياء يومئذٍ فقال: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها} -قال قتادة: بالإخلاص. وقال زين العابدين: هي لا إله إلّا اللّه -وقد بيّن في المكان الآخر أنّ له عشر أمثالها {وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون}، كما قال في الآية الأخرى: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} [الأنبياء: 103]، وقال: {أفمن يلقى في النّار خيرٌ أم من يأتي آمنًا يوم القيامة} [فصّلت: 40]، وقال: {وهم في الغرفات آمنون} [سبأٍ: 37]). [تفسير ابن كثير: 6/ 217]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (90)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقوله: {ومن جاء بالسّيّئة فكبّت وجوههم في النّار} أي: من لقي اللّه مسيئًا لا حسنة له، أو: قد رجحت سيّئاته على حسناته، كلٌّ بحسبه ؛ ولهذا قال: {هل تجزون إلا ما كنتم تعملون}.
وقال ابن مسعودٍ وأبو هريرة وابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهم، وأنس بن مالكٍ، وعطاءٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، ومجاهدٌ، وإبراهيم النّخعي، وأبو وائلٍ، وأبو صالحٍ، ومحمّد بن كعبٍ، وزيد بن أسلم، والزّهريّ، والسّدّي، والضّحّاك، والحسن، وقتادة، وابن زيدٍ، في قوله: {ومن جاء بالسّيّئة} يعني: بالشرك). [تفسير ابن كثير: 6/ 217]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها وله كلّ شيءٍ وأمرت أن أكون من المسلمين (91) وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فقل إنّما أنا من المنذرين (92) وقل الحمد للّه سيريكم آياته فتعرفونها وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون (93)}.
يقول تعالى مخبرًا رسوله وآمرًا له أن يقول: {إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها وله كلّ شيءٍ}، كما قال: {قل يا أيّها النّاس إن كنتم في شكٍّ من ديني فلا أعبد الّذين تعبدون من دون اللّه ولكن أعبد اللّه الّذي يتوفّاكم} [يونس: 104].
وإضافة الرّبوبيّة إلى البلدة على سبيل التّشريف لها والاعتناء بها، كما قال: {فليعبدوا ربّ هذا البيت. الّذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ} [قريشٍ: 3، 4].
وقوله: {الّذي حرّمها} أي: الّذي إنّما صارت حرامًا قدرًا وشرعًا، بتحريمه لها، كما ثبت في الصّحيحين عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم فتح مكّة: "إنّ هذا البلد حرّمه اللّه يوم خلق السّموات والأرض، فهو حرامٌ بحرمة اللّه إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفّر صيده، ولا يلتقط لقطته إلّا لمن عرّفها، ولا يختلى خلاها" الحديث بتمامه. وقد ثبت في الصّحاح والحسان والمسانيد من طرق جماعةٍ تفيد القطع، كما هو مبيّنٌ في موضعه من كتاب الأحكام، وللّه الحمد.
وقوله: {وله كلّ شيءٍ}: من باب عطف العامّ على الخاصّ، أي: هو ربّ هذه البلدة، وربّ كلّ شيءٍ ومليكه، {وأمرت أن أكون من المسلمين} أي: الموحّدين المخلصين المنقادين لأمره المطيعين له).[تفسير ابن كثير: 6/ 218]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وأن أتلو القرآن} أي: على النّاس أبلّغهم إيّاه، كقوله: {ذلك نتلوه عليك من الآيات والذّكر الحكيم} [آل عمران: 58]، وكقوله: {نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحقّ لقومٍ يؤمنون} [القصص: 3] أي: أنا مبلّغٌ ومنذرٌ، {فمن اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فقل إنّما أنا من المنذرين} أي: لي سويّة الرّسل الّذين أنذروا قومهم، وقاموا بما عليهم من أداء الرّسالة إليهم، وخلصوا من عهدتهم، وحساب أممهم على اللّه، كقوله تعالى: {فإنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب} [الرّعد: 40]، وقال: {إنّما أنت نذيرٌ واللّه على كلّ شيءٍ وكيلٌ} [هودٍ: 12]). [تفسير ابن كثير: 6/ 218]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقل الحمد للّه سيريكم آياته فتعرفونها}، أي: للّه الحمد الّذي لا يعذّب أحدًا إلّا بعد قيام الحجّة عليه، والإعذار إليه؛ ولهذا قال: {سيريكم آياته فتعرفونها} كما قال تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ} [فصّلت: 53].
وقوله: {وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون} أي: بل هو شهيدٌ على كلّ شيءٍ.
قال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن أبي عمر الحوضيّ حفص بن عمر: حدّثنا أبو أميّة بن يعلى الثّقفيّ، حدّثنا سعيد بن أبي سعيدٍ، سمعت أبا هريرة يقول: قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا أيّها النّاس، لا يغترّنّ أحدكم باللّه؛ فإنّ اللّه لو كان غافلًا شيئًا لأغفل البعوضة والخردلة والذّرّة".
[قال أيضًا]: حدّثنا محمّد بن يحيى، حدّثنا نصر بن عليٍّ، قال أبي: أخبرني خالد بن قيسٍ، عن مطرٍ، عن عمر بن عبد العزيز قال: فلو كان اللّه مغفلًا شيئًا لأغفل ما تعفّي الرّياح من أثر قدمي ابن آدم.
وقد ذكر عن الإمام أحمد، رحمه اللّه، أنّه كان ينشد هذين البيتين، إمّا له أو لغيره:
إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل = خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبن اللّه يغفل ساعةً = ولا أنّ ما يخفى عليه يغيب).[تفسير ابن كثير: 6/ 218-219]


الساعة الآن 10:03 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة